شام

شام @sham_1

مستشاره بعالم حواء -

قضايا تهم المغتربات & الراغبات بالسفر

المواضيع المميزة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إن شاء الله سأسافر، قريباً، إلى إحدى الدول الأجنبية، لإكمال دراستي فيها، وأريد من سيادتكم بعض التوجيهات، والأعمال التي تعينني بإذن الله، على المحافظة على ديني وخلقي، وفي نفس الوقت تعينني في دعوة هؤلاء القوم، في حدود ما أعلم.

وأنا مع الأسف لا أعلم الكثير، ولكنني أحب ربي، وأريد أن أرضيه بدعوتي المحدودة ... و جزاكم الله خيرا.


يجيب عل ىالسؤال عدة مستشارين في موقع إسلام أون لاين:


الأخ الحبيب
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بك، وشكر الله لك ثقتك بإخوانك في شبكة "إسلام أون لاين.نت"، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، وأن يتقبل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها لمخلوق حظا،...آمين...
ثم أما بعد:

يقول الأستاذ أحمد زين من فريق الاستشارات الإيمانية بمصر:

أخي الكريم .. كريم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حين قرأت رسالتك تذكرت ذات مرة، وأنا مسافر من الإسكندرية إلى القاهرة، حيث كان منتهى الحافلة التي أستقلها مطار القاهرة، وجلس قريبا مني شاب ودعه أهله منذ دقائق ليكمل دراسته في دولة أوربية، كان الشاب ينهج وهو جالس، يفكر في مستقبله، كنت أسمع أنفاسه تتلاحق، كان قد حلق رأسه تماما، واكتسى بالعزيمة كلها.

صلى الفجر جالسا، ثم أخذ يردد أذكارا وأدعية بتضرع يلفت الانتباه . كان الشاب في حوالي التاسعة عشرة من عمره، وكنت أكبره بعدة سنوات، تحيرت في أمره، هل أقول : ما أشقاه ؟، وقد خلف أهله وهو في سن صغيرة، وذهب للمجهول، أناس لا يعرفهم، وأماكن لم يطأها من قبل، ولغة لم يعتادها.

أم أقول ما أسعده؟، عوالم جديدة تتفتح أمامه، خبرات واسعة يمكنه أن ينهل منها، أناس جدد بأفكار جديدة وعقليات جديدة، ودراسات وجامعات ومكتبات، ومتاحف ومساجد وحدائق وغابات.

مازلت أدعو لهذا الشاب كلما تذكرته أن يظل محافظا على صلاته وورده، وسأدعو لك إن شاء الله بمثله.

أخي الحبيب:
أتصور أنك تحتاج إلى ورقة وقلم .. ورقة كبيرة لتكتب فيها أهدافك الكبيرة .. التي ستحققها إن شاء الله في هذه الرحلة .. أقترح عليكم أهدافا مثل: العمل والدراسة، التعرف على مسلمين من أنحاء العالم، الاحتكاك الفكري والعقل، الدعوة إلى الله، أعطاء القدوة والمثل، الثبات، أن تكون عالما مسلما، بارزا في تخصصك، الخبرات والمهارات المختلفة، تعلم لغة وإتقانها، الوقوف على أسباب القوة في هذا البلد.

كما أقترح عليك أيضا ألا تنس تدوين مذكراتك، ربما ييسر الله لك نشرها يوما ما، ولتكن بعنوان : (مذكرات طالب مسلم في سنة 2005).

وصدقني – أخي الحبيب- كلما كبرت أهدافك، كلما نضجت أنت و استويت بإذن الله، أقول هذا لأنني لم يعجبني ولا يعجبني أن يكون هاجس كل شاب مسافر إلى الخارج المحافظة على دينه وخلقه والتزامه الشخصي، لأننا بهذا نقلل جدا من سقف إمكانياتنا.

وإذا كنا قد أمرنا بسؤال الله تعالى الفردوس الأعلى، فإنما ذلك لنطلب معالي الأمور في كل شيء، ليقل كل منا لن أذهب وأنا مرتجف من الارتكاس بل سيكون همي الارتقاء والنماء والتبشير بما أحمل من قيم ورائدي في ذلك قوله تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ).

لا شك أن الصحبة الطيبة أمر يكتسب أهمية خاصة في الأيام الأولى لك هناك، والحمد لله على نعمة الإنترنت التي جعل الله بها تواصلك مع صحبتك الطيبة في بلدك أمرا متاحا وميسورا، ولذلك لا تنس أن تحصل على أرقام هواتف وعناوين البريد الإلكتروني (الإيميلات) لمن تحب أن تتواصل معهم من هناك، وأعلم أن صديقك من صدقك، وهو أيضا من ذكرك بربك.

أخيراً.. تحتاج وأنت في عمرك الزاهر أن تعرف الكثير عن الدعوة، وأنصحك أخي أن تتأنى وأن تسمع أكثر مما تتكلم، خاصة في شهورك الأولى، لأن الاشتباك قبل المعرفة وقبل الإدراك متعب جدا، وربما أعطى صورة خاطئة عن القيم التي تحب أن تدعو إليها.

الحقيقة لا أريد أن أدعك، أريد أن أظل أتحدث معك كثيرا كثيرا، ولكنني سأتركك مع هدية صغيرة، ووصية أخيرة، وهي ألا تنسى أن تردد دعاء السفر بتدبر وفهم، نعم قله وأنت تتدبر كلماته ومعانيه ردد: "اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل "، وكلما حزنت أو خرجت تذكر هذا الدعاء.

ويقول الأستاذ همام عبد المعبود:

جزى الله أخي الأستاذ أحمد زين خيرا، على هذه النصائح التي قدمها، وليأذن لي أن أشاركه الأجر، بهذه الإضافة المتواضعة، وأقول وبالله التوفيق:

أوصيك أخي ببعض النصائح، العملية، التي يمكن أن تستعين بها في سفرك وهي:
1- تصحيح النية:
صحّح نيَّتك من سفرك، واجعل سفرك لطلب العلم ومعرفة ما يفيد المسلمين من العلوم، فإنك بهذا تؤجر، فعن أمير المؤمنين أبي حفصٍ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

2- تقوى الله:
اتق الله حيثما كنت، واعلم أنه يراك في كل أحوالك، فاجتهد ألا يراك على معصية، وكن دائم الصلة به سبحانه، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب).

3- المحافظة على الصلاة:
حافظ على الصلوات في أوقاتها، ولا تضيّع منها واحدة إلا لعذرٍ شديد، قال تعالى: (وأقم الصلاة إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، واعلم أن الصلاة نور.. فأنر بها ظلام غربتك. فقد روى مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور).

4- كن من أهل القرآن:
اتخذ لك من القرآن وردًا وحافظ عليه.. فهو شفاء ورحمة، وإن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تعالى أهلين من الناس)، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: (هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته) صحيح الجامع.

5- الذكر والاستغفار:
احرص على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأنك كله، واجعل لسانك رطبا بذكر الله دائمًا، والزم الاستغفار.. فإن الله يغفر به الذنوب ويفرج به الهموم، فقد روى أبو داود وابن ماجه والحاكم بسندٍ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ ضيقٍ مخرجا، ومن كلِّ همٍّ فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب).

6- الصديق الصالح:
ابتعد عن قرناء السوء، واجتهد أن تتخير أصدقاءك وزملاءك، على أن يكونوا من أهل الإيمان، المحافظين على الطاعات، قال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا).

وروى أحمد وأبو داود بسند صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، ولا تستهن بهذا الأمر.. فهذا هو رسولنا الحبيب يبين لنا أهمية اختيار الجليس فيقول فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبى موسى الأشعرىِّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير.. فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخُ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا منتنة).

7- غض البصر:
غُض بصرك عما يغضب الله، ولا تطلق لبصرك العنان، واعلم أن النظرة –كما روي- سهمٌ مسموم من سهام إبليس من تركها مخافة الله أبدله الله عنها إيمانا يجد حلاوته في قلبه، فغض البصر أمر من الله واجب التنفيذ، قال تعالى في سورة النور: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون).

8- الدعاء:
أكثر من الدعاء والابتهال إلى الله أن يوفقك، ولا تنس أن الدعاء سلاح فعال له أثر كبير في حفظ المرء، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)، وقال أيضا: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي).

9- تحديد الهدف:
اعلم أن لك من رحلتك هدفا، من أجله سافرت وتركت الأهل والبلد والصاحب، فلا تنشغل عنه بغيره، واجعله نصب عينيك، واعلم أن من مئون الفقه –أي قوته وتمامه- أن تعرف أن "واجب الوقت" يحتم عليك أن تولي المذاكرة والدرس وطلب العلم "الطب" غالب وقتك، لتنجح وتتفوق، فتقر بذلك عيني، ويهدأ قلبي.. واحرص على وقتك، فإنما هو رأس مالك فلا تضيع جزءًا منه في غير فائدة، واستثمره فيما من أجله سافرت واغتربت، فإن لم تقضه في طاعة فلا تقضه في المعصية،

10- كن خير صورة لدينك:
لا تنس أنه يجب عليك أن تكون قدوة صالحة لدينك ودعوتك، وإياك أن تكون قدوة سيئة، وتذكر أنك – بأقوالك وأفعالك– ترسم صورة وتترك انطباعا لدى من تعايشهم عن دينك، فأحسن عرض سلعتك فربما هدى الله على يديك رجلاً واحدًا فكان ذلك خيرا لك من الدنيا وما فيها.

وختاما؛
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يفقهك في دينك، وأن يعينك على طاعته، وأن يصرف عنك معصيته، وان يرزقك رضاه و الجنة، وأن يعيذك من سخطه والنار، وأن يهدينا وإياك إلى الخير، وأن يصرف عنا وعنك شياطين الإنس والجن إنه سبحانه خير مأمول...
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
21
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شام
شام


في الغربة ضاع إيماني ..!!!



السلام عليكم ورحمة الله،
لا أدري كيف أصف حالي، كنت قوي الإيمان، قوي الإرادة، عظيم الثقة في المنهج والطريق، كان الإسلام في دمي، كنت حافظا لكتاب الله، كنت أجعل الصلاة أكبر همي، كنت إذا رأيت ما يغضب الله ولو منظرا صغيرا أحس وكأنني اقترفت شيئا كبيرا، كنت أراجع كتاب الله دوما، كنت وكنت!!!! .

كل هذا حتى وصلت إلى أرض المهجر كندا، بقيت عاما أو ربما أكثر بهذا الإيمان القوي، عدت إلى بلدي، حدثت معي ظروف قاسية جدا، وبعون الله وحفظه عدت إلى كندا بعدما كادت أن تحدث مصيبة في بلدي تدمر مستقبلي، ولكن: لا أدري ماذا حصل بعد عودتي، صرت أكره الرجوع إلى بلدي، بلد الإسلام، لم أعد أراجع كتاب الله، قراءتي له صارت نادرة، ذنوبي كثرت.

ويا ليت الأمر توقف عن هذا الحد، بل دخلت أفكار شيطانية في رأسي، وصرت ماديا بحتا، كنت سلفيا قحا، وانتقلت إلى منهج عقلي بحت، لا أحب مخالفة الدليل بالطبع، لكن المشكلة أن شيئا ما في داخلي صار يشككني فيما أنا عليه سائر، لم أعد أصدق أن إيماني وثقتي في الله ضعفت إلى هذه الدرجة، فلا تجد مني سوى المحافظة على الصلاة، وترك المحرمات، مع عصيان الله قليلا، لا أعصي الله إلا في رؤية الحرام، لا أصف نفسي مدمنا، ولكني أقع في هذا المأزق أحيانا، ثم أستغفر الله، وأتوب إليه.

ونظرا لما وصلت إليه، لم أعد كما كنت من قبل، أكاد أجن... أفكر جدياً في ترك المدينة التي أعيش فيها، و الانتقال إلى مدينة أخرى، حتى تخف علاقاتي الاجتماعية وأعطي وقتا لربي أكثر، ولكن رغم هذا، أريد حلا لمشكلتي، أريد حلا لهذا الإيمان الذي خبا بريقه، لكتاب الله الذي يضيع من صدري، فكرت في الزواج، ولكن سحقا لمجتمعي الذي يظن نفسه مسلما، رفض الكثيرون فكرتي، سواء على مستوى أهلي، أم غير أهلي.

تقدمت إلى أكثر من عائلة، ورفضت لهذا السبب، صغر سني، وأني ما زلت طالبا، رغم أني لو كنت متزوجا فإني بإذن الله قادر على فتح بيت وإدارته، سواء ماليا أو وقتيا، فالعيش هنا ميسر بحمد الله، أردت الزوجة، لتكون حفظا لي، ولتعينني على طاعة الرحمن، ومن اليأس الذي أصابني صرت أفكر في الزواج من مسلمة أجنبية، ولو لم أجد، صرت أفكر أحيانا وأطرد الأفكار من رأسي طبعا أن أتزوج نصرانية كندية.

ذاك أنا من الداخل، أما من الخارج فأنا شاب متدين، محبوب من الجميع، الكل يحترمني، ويظن في أفضل مما أنا عليه، نرجو منكم الحل يا أساتذتنا، كيف أرجع إلى ما كنت عليه؟ و جزاكم الله خيرا.




تقول الأستاذة شيرين الشيمي، من فريق الاستشارات الإيمانية بمصر:

أخي في الله،
لقد كان لرسالتك هذه كبير الأثر في نفسي. تألم قلبي وشعرت بضرورة وقوفي بجانبك، بعد الله سبحانه وتعالى، لكي نستطيع معًا تخطي هذه المرحلة على خير بإذن الله. وأسأل الله أن يجعلني سببًا في تفريج كربك وتفريح قلبك.

بداية، أقول لك أن ما أنت فيه هو ابتلاء، وليس أي ابتلاء بل ابتلاء شديد. فكلنا معرضون لمثل ما حدث لك، وأذكرك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" رواه مسلم وروى أبو داود والترمذي. فنسأل الله ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وألا يجعل مصيبتنا في ديننا.

وأود أن أطمئن قلبك وأبشرك خيرًا، فأنت أخي الكريم بشعورك بالذنب والندم قد تخطيت أول خطوة في طريق العلاج، فكما يقول الحسن البصري رحمه الله: "لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله"، لأن أول طرق العلاج العلم بأسباب المشكلة، بل تعدى ذلك إلى أن يكون نوعًا من العلاج، كما قال زاهد مكة وهيب بن ورد: "إن من صلاح نفسي علمي بفسادها"، فلنستعن بالله ولنبدأ ثاني خطوة في طريق العلاج بتقسيم المشكلة إلى ثلاثة عناصر رئيسية كما بينها الشيخ محمد صالح المنجد ونجملها في :

أولاً: مظاهر ضعف الإيمان :
أ) المعاصي وقسوة القلب.
2) عدم إتقان العبادات والتكاسل عن الطاعات.
3) ضيق الصدر وعدم التأثر بالقرآن.
4) التعلق بالدنيا.


ثانيًا: أسباب ضعف الإيمان:
1) الابتعاد عن الأجواء الإيمانية.
2) وجودك في وسط يعج بالمعاصي.
4) الإغراق في الاشتغال بالدنيا.


ثالثًا: علاج ضعف الإيمان:
1) الزاد اليومي:

- تخصيص ورد يومي من القرآن للتلاوة مع التدبر؛ عش مع القرآن، تذكَّر أنه كلام الله تعالى، وأن الله يحادثك مباشرة، تذوَّق جماله اللفظي والبياني، تدبّر معانيه ودلالاته، اتله بصوتك واجتهد الالتزام بأحكام التجويد، فإن ذلك أحرى أن تستشعر جماله، وتفهم معانيه.

- كثرة الذكر والاستغفار، فهما سبيل اتصال القلب الدائم بالله سبحانه وتعالى.

- تحصين النفس من خلال المحافظة على أذكار الصباح والمساء.

- الدعاء في السجود وتحري أوقات الإجابة (الثلث الأخير من الليل، بين الأذان والإقامة، يوم الجمعة).

- الحرص على ركعتي سنة الفجر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم.

- قيام الليل وما له من أثر كبير، فأوصيك ونفسي به، فيا لروعة القيام والناس نيام، استشعر نزول الرحمن في الثلث الأخير نزولاً يليق بجلاله وهو ينادي: "هل من سائلٍ يُعطَى؟ هل من داعٍ يستجاب له؟ هل من مستغفرٍ يُغفَر له؟ حتى ينفجر الصبح" رواه البخاري ومسلم.

ويخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بفضل القيام فقال: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" رواه أبو داود وابن حبان وابن خزيمة. والقائمون هم رجال الليل الذين اختصهم ربنا بالفضل العظيم.

- التصدق: كن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: "رجل تصدق حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" رواه البخاري.

- الالتزام بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم كما أوصى أبا هريرة "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام" متفق عليه.

2) ذكر ملاقاة الله :
- تخيل الوقوف بين يدي الله سبحانه يوم لا ينفع العبد إلا عمله الصالح.


- التفكر في الجنة ونعيمها والنار وعذابها.

- الشوق لرؤية وجه الله سبحانه وإنه لمن أكبر نِعَم أهل الجنة.

3) إيمان المعاملة:
استشعار أن كل ما تقوم به من عمل مهما بدا صغيرًا عبادة، فتبسمك في وجه أخيك صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، أناقة المظهر دعوة، وإتقان العمل أمانة.

وأؤكد لك أخي الكريم أن أهم دور في العلاج هو دورك أنت. نعم دورك أنت. فعلى قدر عزيمتك وإصرارك على قدر جدوى العلاج وكما يقول المثل الإنجليزي : “If there's a will there's a way"، "إذا كان هناك عزم، فبالتأكيد هناك طريق".

انهض وأوقد شعلة الحماس تجد نور الإيمان يضئ حياتك.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم

وبعد ما عرضته عليك، ألم يطمئن قلبك قليلاً؟ حسناً لنكمل الحديث: لقد شعرت من خلال رسالتك أنك تفتقد الصحبة الصالحة، وللصحبة دور كبير في حياة الفرد، والالتزام بها فائدته عظيمة، قال الله تعالى في كتابه الكريم: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا".

ولقد أوصانا خير البشر صلى الله عليه وسلم بالصحبة فقال: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" رواه أبو داود في سننه.

ومن هنا يظهر لنا أهمية الصحبة ودورها في حماية الفرد من كثير من المخاطر، فالتزامك بالصحبة يا أخي يعني وجود من يقدمون لك العون دائمًا وأبدًا، كما يعني وجود من يحرصون على مصلحتك فيوجهونك للصواب ويبعدونك عن الخطأ، ويمدون لك يد العون متى احتجت إليهم. فالغاية التي تجمعكم واحدة وهي مرضاة الله عز وجل.

أول ما عليك القيام به هو البحث عن مجتمعك الصغير الذي يعينك على التقرب من الله وعلى تحلية مرارة الغربة وعلى إطفاء نيران الفتن في ظل مجتمع تسوده مبادئ بعيدة تمامًا عن مبادئنا الإسلامية، وهم- كما فهمت من رسالتك كثير- والحمد لله.

وعليك بعد ذلك بعد ذلك البحث عن زوجة صالحة تسكن إليها وتعينك على طاعة الله وتذكرك بواجباتك وتهيئ لك الجو المناسب والراحة التامة لمزيد من العطاء والعمل. ويقول لنا الرسول صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" رواه أحمد ومسلم والنسائي.

وانظر يا أخي الكريم كيف وصف لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الزوجة الصالحة إذ قال: "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته" رواه أبو داود، فابحث حولك عن ذات الدين وسيجمعك الله سبحانه وتعالى بها قريبًا ما دامت نيتك هي التعفف والتقرب من الله.

فقد أكد لنا الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: "ثلاثة كلهم حق على الله: عونه الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد التعفف". رواه ابن ماجة في سننه.

فقط أحسن البحث، وحاول إقناع أهلك بضرورة زواجك، وثق بأن الله معك. كل ما سبق ذكره هو أقل واجب أستطيع القيام به تجاهك أخي الفاضل، وتذكر دائمًا أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الله تعالى قد تكفل بالنجاح لمن بذل جهده، فقال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين".

وثق- أخي الكريم- بأنك بخير، فهدئ من روعك، ضع البرامج العملية التي تعيدك إلى ما كنت عليه بل وأحسن، التزم الصحبة الطيبة، وتعاون معهم على الطاعات فيشجع بعضكم بعضا، ويرفع بعضكم بعضا، وابحث عن الرفيق الصالح "الزوجة المؤمنة"، لتعود كما كنت: حافظا لكتاب الله، مشتعل الجذوة الدعوية، من الداخل أحسن من الخارج.

وأخيراً؛
أرجو أن تطمئنا على أحوالك في أقرب وقت، ومرحباً بك دائما على صفحات الحبيبة "إسلام أون لاين.نت". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شام
شام
شام شام :
في الغربة ضاع إيماني ..!!! السلام عليكم ورحمة الله، لا أدري كيف أصف حالي، كنت قوي الإيمان، قوي الإرادة، عظيم الثقة في المنهج والطريق، كان الإسلام في دمي، كنت حافظا لكتاب الله، كنت أجعل الصلاة أكبر همي، كنت إذا رأيت ما يغضب الله ولو منظرا صغيرا أحس وكأنني اقترفت شيئا كبيرا، كنت أراجع كتاب الله دوما، كنت وكنت!!!! . كل هذا حتى وصلت إلى أرض المهجر كندا، بقيت عاما أو ربما أكثر بهذا الإيمان القوي، عدت إلى بلدي، حدثت معي ظروف قاسية جدا، وبعون الله وحفظه عدت إلى كندا بعدما كادت أن تحدث مصيبة في بلدي تدمر مستقبلي، ولكن: لا أدري ماذا حصل بعد عودتي، صرت أكره الرجوع إلى بلدي، بلد الإسلام، لم أعد أراجع كتاب الله، قراءتي له صارت نادرة، ذنوبي كثرت. ويا ليت الأمر توقف عن هذا الحد، بل دخلت أفكار شيطانية في رأسي، وصرت ماديا بحتا، كنت سلفيا قحا، وانتقلت إلى منهج عقلي بحت، لا أحب مخالفة الدليل بالطبع، لكن المشكلة أن شيئا ما في داخلي صار يشككني فيما أنا عليه سائر، لم أعد أصدق أن إيماني وثقتي في الله ضعفت إلى هذه الدرجة، فلا تجد مني سوى المحافظة على الصلاة، وترك المحرمات، مع عصيان الله قليلا، لا أعصي الله إلا في رؤية الحرام، لا أصف نفسي مدمنا، ولكني أقع في هذا المأزق أحيانا، ثم أستغفر الله، وأتوب إليه. ونظرا لما وصلت إليه، لم أعد كما كنت من قبل، أكاد أجن... أفكر جدياً في ترك المدينة التي أعيش فيها، و الانتقال إلى مدينة أخرى، حتى تخف علاقاتي الاجتماعية وأعطي وقتا لربي أكثر، ولكن رغم هذا، أريد حلا لمشكلتي، أريد حلا لهذا الإيمان الذي خبا بريقه، لكتاب الله الذي يضيع من صدري، فكرت في الزواج، ولكن سحقا لمجتمعي الذي يظن نفسه مسلما، رفض الكثيرون فكرتي، سواء على مستوى أهلي، أم غير أهلي. تقدمت إلى أكثر من عائلة، ورفضت لهذا السبب، صغر سني، وأني ما زلت طالبا، رغم أني لو كنت متزوجا فإني بإذن الله قادر على فتح بيت وإدارته، سواء ماليا أو وقتيا، فالعيش هنا ميسر بحمد الله، أردت الزوجة، لتكون حفظا لي، ولتعينني على طاعة الرحمن، ومن اليأس الذي أصابني صرت أفكر في الزواج من مسلمة أجنبية، ولو لم أجد، صرت أفكر أحيانا وأطرد الأفكار من رأسي طبعا أن أتزوج نصرانية كندية. ذاك أنا من الداخل، أما من الخارج فأنا شاب متدين، محبوب من الجميع، الكل يحترمني، ويظن في أفضل مما أنا عليه، نرجو منكم الحل يا أساتذتنا، كيف أرجع إلى ما كنت عليه؟ و جزاكم الله خيرا. تقول الأستاذة شيرين الشيمي، من فريق الاستشارات الإيمانية بمصر: أخي في الله، لقد كان لرسالتك هذه كبير الأثر في نفسي. تألم قلبي وشعرت بضرورة وقوفي بجانبك، بعد الله سبحانه وتعالى، لكي نستطيع معًا تخطي هذه المرحلة على خير بإذن الله. وأسأل الله أن يجعلني سببًا في تفريج كربك وتفريح قلبك. بداية، أقول لك أن ما أنت فيه هو ابتلاء، وليس أي ابتلاء بل ابتلاء شديد. فكلنا معرضون لمثل ما حدث لك، وأذكرك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" رواه مسلم وروى أبو داود والترمذي. فنسأل الله ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وألا يجعل مصيبتنا في ديننا. وأود أن أطمئن قلبك وأبشرك خيرًا، فأنت أخي الكريم بشعورك بالذنب والندم قد تخطيت أول خطوة في طريق العلاج، فكما يقول الحسن البصري رحمه الله: "لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله"، لأن أول طرق العلاج العلم بأسباب المشكلة، بل تعدى ذلك إلى أن يكون نوعًا من العلاج، كما قال زاهد مكة وهيب بن ورد: "إن من صلاح نفسي علمي بفسادها"، فلنستعن بالله ولنبدأ ثاني خطوة في طريق العلاج بتقسيم المشكلة إلى ثلاثة عناصر رئيسية كما بينها الشيخ محمد صالح المنجد ونجملها في : أولاً: مظاهر ضعف الإيمان : أ) المعاصي وقسوة القلب. 2) عدم إتقان العبادات والتكاسل عن الطاعات. 3) ضيق الصدر وعدم التأثر بالقرآن. 4) التعلق بالدنيا. ثانيًا: أسباب ضعف الإيمان: 1) الابتعاد عن الأجواء الإيمانية. 2) وجودك في وسط يعج بالمعاصي. 4) الإغراق في الاشتغال بالدنيا. ثالثًا: علاج ضعف الإيمان: 1) الزاد اليومي: - تخصيص ورد يومي من القرآن للتلاوة مع التدبر؛ عش مع القرآن، تذكَّر أنه كلام الله تعالى، وأن الله يحادثك مباشرة، تذوَّق جماله اللفظي والبياني، تدبّر معانيه ودلالاته، اتله بصوتك واجتهد الالتزام بأحكام التجويد، فإن ذلك أحرى أن تستشعر جماله، وتفهم معانيه. - كثرة الذكر والاستغفار، فهما سبيل اتصال القلب الدائم بالله سبحانه وتعالى. - تحصين النفس من خلال المحافظة على أذكار الصباح والمساء. - الدعاء في السجود وتحري أوقات الإجابة (الثلث الأخير من الليل، بين الأذان والإقامة، يوم الجمعة). - الحرص على ركعتي سنة الفجر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم. - قيام الليل وما له من أثر كبير، فأوصيك ونفسي به، فيا لروعة القيام والناس نيام، استشعر نزول الرحمن في الثلث الأخير نزولاً يليق بجلاله وهو ينادي: "هل من سائلٍ يُعطَى؟ هل من داعٍ يستجاب له؟ هل من مستغفرٍ يُغفَر له؟ حتى ينفجر الصبح" رواه البخاري ومسلم. ويخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بفضل القيام فقال: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" رواه أبو داود وابن حبان وابن خزيمة. والقائمون هم رجال الليل الذين اختصهم ربنا بالفضل العظيم. - التصدق: كن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: "رجل تصدق حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" رواه البخاري. - الالتزام بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم كما أوصى أبا هريرة "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام" متفق عليه. 2) ذكر ملاقاة الله : - تخيل الوقوف بين يدي الله سبحانه يوم لا ينفع العبد إلا عمله الصالح. - التفكر في الجنة ونعيمها والنار وعذابها. - الشوق لرؤية وجه الله سبحانه وإنه لمن أكبر نِعَم أهل الجنة. 3) إيمان المعاملة: استشعار أن كل ما تقوم به من عمل مهما بدا صغيرًا عبادة، فتبسمك في وجه أخيك صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، أناقة المظهر دعوة، وإتقان العمل أمانة. وأؤكد لك أخي الكريم أن أهم دور في العلاج هو دورك أنت. نعم دورك أنت. فعلى قدر عزيمتك وإصرارك على قدر جدوى العلاج وكما يقول المثل الإنجليزي : “If there's a will there's a way"، "إذا كان هناك عزم، فبالتأكيد هناك طريق". انهض وأوقد شعلة الحماس تجد نور الإيمان يضئ حياتك. على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم وبعد ما عرضته عليك، ألم يطمئن قلبك قليلاً؟ حسناً لنكمل الحديث: لقد شعرت من خلال رسالتك أنك تفتقد الصحبة الصالحة، وللصحبة دور كبير في حياة الفرد، والالتزام بها فائدته عظيمة، قال الله تعالى في كتابه الكريم: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا". ولقد أوصانا خير البشر صلى الله عليه وسلم بالصحبة فقال: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" رواه أبو داود في سننه. ومن هنا يظهر لنا أهمية الصحبة ودورها في حماية الفرد من كثير من المخاطر، فالتزامك بالصحبة يا أخي يعني وجود من يقدمون لك العون دائمًا وأبدًا، كما يعني وجود من يحرصون على مصلحتك فيوجهونك للصواب ويبعدونك عن الخطأ، ويمدون لك يد العون متى احتجت إليهم. فالغاية التي تجمعكم واحدة وهي مرضاة الله عز وجل. أول ما عليك القيام به هو البحث عن مجتمعك الصغير الذي يعينك على التقرب من الله وعلى تحلية مرارة الغربة وعلى إطفاء نيران الفتن في ظل مجتمع تسوده مبادئ بعيدة تمامًا عن مبادئنا الإسلامية، وهم- كما فهمت من رسالتك كثير- والحمد لله. وعليك بعد ذلك بعد ذلك البحث عن زوجة صالحة تسكن إليها وتعينك على طاعة الله وتذكرك بواجباتك وتهيئ لك الجو المناسب والراحة التامة لمزيد من العطاء والعمل. ويقول لنا الرسول صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" رواه أحمد ومسلم والنسائي. وانظر يا أخي الكريم كيف وصف لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الزوجة الصالحة إذ قال: "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته" رواه أبو داود، فابحث حولك عن ذات الدين وسيجمعك الله سبحانه وتعالى بها قريبًا ما دامت نيتك هي التعفف والتقرب من الله. فقد أكد لنا الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: "ثلاثة كلهم حق على الله: عونه الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد التعفف". رواه ابن ماجة في سننه. فقط أحسن البحث، وحاول إقناع أهلك بضرورة زواجك، وثق بأن الله معك. كل ما سبق ذكره هو أقل واجب أستطيع القيام به تجاهك أخي الفاضل، وتذكر دائمًا أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الله تعالى قد تكفل بالنجاح لمن بذل جهده، فقال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين". وثق- أخي الكريم- بأنك بخير، فهدئ من روعك، ضع البرامج العملية التي تعيدك إلى ما كنت عليه بل وأحسن، التزم الصحبة الطيبة، وتعاون معهم على الطاعات فيشجع بعضكم بعضا، ويرفع بعضكم بعضا، وابحث عن الرفيق الصالح "الزوجة المؤمنة"، لتعود كما كنت: حافظا لكتاب الله، مشتعل الجذوة الدعوية، من الداخل أحسن من الخارج. وأخيراً؛ أرجو أن تطمئنا على أحوالك في أقرب وقت، ومرحباً بك دائما على صفحات الحبيبة "إسلام أون لاين.نت". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الغربة ضاع إيماني ..!!! السلام عليكم ورحمة الله، لا أدري كيف أصف حالي، كنت قوي الإيمان،...
في الغربة : جبل من صخر أم تل من تراب ؟



السلام عليكم ورحمة الله لا أعرف من أين أبدأ، ولكن أقول لكم إني لم أعد أتحمل الغربة.. القلق دائم رغم أني عندي 3 أطفال وأشعر بفراغ مملل، شغل البيت فهو لا ينتهي فعلا، وأنا دائما بالبيت، أكتفي بنزهة بسيطة في الأسبوع مرة أو أكثر.

أما الآن لا أدري لم أحتمل ولا أدري ماذا أفعل؟ إلا أني اقترحت لنفسي لكي أخرج لأي مكان كالسوق أو حديقة، أو المسجد كنوع من برنامج لتغيير نمط حياتي وحياة أطفالي بالدرجة الأولى لأنهم قلقون أكثر مني. ولكن تأتي المشكلة وهي زوجي –سامحه الله- عندما أكلمه عن الخروج يتغير ويتحجج ويقول: أريد أن أدرس، واليوم مطر ، ولا أبالغ إن قلت تصبح مشاكل، وأحيانا نخرج، ولكن لا يوجد صفاء، طول الوقت نكد، وأنا لا أحب هذا، أتمنى أن تكون النزهة ترويحا عن النفس وليس نكدا ...

أرجو نصحي ماذا أفعل فأنا بين نارين نار المرض والقلق النفسي وإرضاء زوجي الغريب الذي لا يحس بي مع العلم أني دائما أسايره 9 سنوات زواج وهناك مشاكل غريبة يمر بها وأقف معه، وهذا واجبي، ولا أحب أن أخوض في هذا الأمر.

ولكن مشكلتي لماذا لا يعترف لي بهذا؟ لا أكذب إنه يصرح شفويا عندما نتحدث عن أشخاص أي عندما يجرنا الحديث، ولكن معاملته جافة وأشعر أن بها نوعا من الأنانية، ولا يحب الصرف رغم أني أحترمه ودائما لا آخذ شيئا حتى ولو كنت محتاجة له إلا برضاه، أرى الزوجة التي تعمل ما يحلو لها (أي تخرج لوحدها، وتشتري كل ما تريد) هي المرتاحة والمبسوطة والتي تطيع زوجها لا يحترمها.

مشكلتي أني لم أعد أشعر بالطمأنينة مع زوجي في كل شيء لدرجة أني تنتابني حالة عصبية ، أتقيأ ويأتيني إسهال وأعصابي تطرب، أقرأ قرآنا وأحدث نفسي بأن أصبر وسيتغير الحال، الدنيا جميلة وغدا نخرج نمرح، ولكن يصيبني الإحباط، وأرجع لمشكلتي مع زوجي الذي أطلب منه مسايرتي ولو لأسبوع أرى نفسي وبهذه الحيلة ربما أتخلص من هذا القلق، ولكن كأنني لم أتكلم بل يزيد على كلامه كلام ماذا أفعل أكاد أجن؟ أدعو الله أن يسترنا في هذه الغربة، ودائما أذكره يجب أن نكون صورة جميلة لأسرة مسلمة في أوربا.

أعلمكم زوجي ملتزم وحافظ لكتاب الله ولهذا تزوجته، وتركت الأقارب والآخرين الذين عندما يتقدمون لي منهم من يقول عندي فيلا كاملة حتى الملاعق فضة، والآخر عنده عمارة وبعثة للخارج ولكني كنت متشددة، وأحب أن يكون زوجي ملتزما، والحمد لله كما أعلمكم أني لم أر أهلي من 3 سنوات ونصف فنحن في غربة مفروضة، السلام عليكم ورحمة الله


تجيب الدكتورة :ليلى أحمد الاحدب




أختي الغالية..
أهم نصيحة أوجهها لك في البداية هي أن تحددي بالضبط ما هو هدفك من الحياة التي تعيشينها ؟ ثم تتجهي إلى هدفك هادئة مطمئنة بخطى واثقة. فإذا تعددت أهدافك في الحياة دون أن يكون بينها تعارض فهذا شيء جيد، وإن تضاربت أهدافك بعضها مع بعض، فعليك أن تضحي بالهدف الأدنى أهمية لقاء أن تحوزي على الهدف الأسمى، أو أن تخططي بحيث يتم إنجاز الهدف مرحليا كي يتم التفرغ إلى الهدف الذي يليه.

وبما أنك امرأة متزوجة فيجب ألا تنفصل أهدافك عن أهداف زوجك، ولا بد أن طموحاتكما مشتركة بتحقيق مستقبل أفضل. عبارة "غربة مفروضة" التي وردت في مشكلتك ، وعدم رؤيتك لأهلك مدة ثلاث سنوات ونصف تشكل غموضا بعض الشيء في مشكلتك، ولكنني سأمر عليها مر الكرام وأعتبرها من الظروف القاهرة أو قدرا مقدورا لا حيلة لك ولا لزوجك في تغييرها، وإن كنت أتمنى لو شرحت أكثر هل هي غربة مفروضة بشكل دائم أم أنها وقتية مرتبطة بظرف موجود ستزول مع زواله؟ أي هل ستنتهي غربتك مع انتهاء زوجك من دراسته أم أن رجوعكما إلى بلدكما أمر مستحيل؟! طبعا أسئلتي حول هذه النقطة بالذات يمكن أن تساعدني أجوبتها في إدراك سبب القلق الذي تعيشين فيه، إذ لا يكفي بنظري عدم خروجك أو استمتاعك بالنزهات بالشكل الذي ترغبين به ليكون سببا للقلق والمرض النفسي، ما لم تكوني أساسا ذات تربة نفسية تؤهل للإصابة بهما، وهي غالبا موجودة لديك وأستنتج ذلك من طريقة سردك لمشكلتك، وأيضا من ملاحظاتك التي ذكرت فيها أنك كنت متشددة، وأنا أشكر لك صراحتك؛ لأنها تعينني وتعينك على الإحاطة بأسباب المشكلة؛ وبالتالي تمكنني أكثر من مساعدتك. فالتشدد يا أختي العزيزة هو الغلو والتطرف، وكما أنه لا ينشأ في بيئة اجتماعية متوازنة كذلك هو لا ينمو في تربة نفسية طبيعية، ومن هنا أخشى أنك بحاجة لشيء من الدعم النفسي أكبر مما في استطاعتي تقديمه عبر هذه الصفحة، ومع ذلك فسأحاول جهدي ما استطعت أن أصل بك إلى بر الأمان بإذن الله.

أعود لموضوع الهدف: بما أن الغربة مرحلة تعيشينها بغض النظر إذا كانت دائمة أو لا، فيفترض أن توجهي لنفسك السؤال التالي: لماذا أنا في الغربة وماذا أفعل هنا؟ أنت في الغربة مرافقة لزوجك أليس كذلك؟ حسنا يا أختي الكريمة، هناك مثل شعبي بسيط جدا، ولكنه قيم جدا، وهو من كلمتين: "المُرافق موافق"، أي إذا تبرعت أن ترافقي أحدا في طريق ما أو وجدت نفسك معه في هذا الطريق، فعليك أن تحاولي جهدك أن توافقيه حتى تعبري هذا الطريق بأقل نسبة ممكنة من المشاكل والهموم، وأنت رفيقة درب لزوجك سواء في الغربة أو في الحياة، ولديك ثلاثة أطفال يملئون حياتك، ويزيدون في ضرورة موافقتك لرفيقك في طريق الحياة؛ ومن هنا عليك الانطلاق لتغيري نظرتك إلى أمور حياتك كلها، وبالأخص حياتك الزوجية لتصلي إلى التفاهم مع زوجك.

إذا كنت مللت من عمل المنزل فمن برأيك سيقوم بهذا الواجب عنك؟ لا أعتقد أن زوجك هو الشخص الأنسب فكما فهمت من رسالتك هو يعمل ويدرس في نفس الوقت، كما لا أظن أن أطفالك قادرون على حمل هذا العبء عنك، وأكبرهم لم يتجاوز الثامنة على ما أظن، فلماذا لا يكون عملك المنزلي حافزا على النجاة من شراك القلق؟ ما أعلمه أن التشاغل هو أفضل علاج للقلق إذ إن العقل البشري مقدرته محدودة فهو لا يستطيع أن يفكر بأكثر من شيء في وقت واحد، فإذا ما شغلت نفسك سواء بالعمل المنزلي أو بالقراءة والمطالعة أو بتعليم أولادك وتدريسهم فلن يكون هناك متسع للانشغال بالأمور التي تقلقك التي لا أراها أنا شخصيا إلا تلًّا من تراب، وليس كما تتصورينها أنت جبلا من الصخر!

لماذا لا تنظمين وقتك بحيث يكون جزء منه العمل في البيت، وجزء آخر لأطفالك، وجزء ثالث لزوجك، ورابع لتختلي بنفسك في قراءة مفيدة أو عبادة تقربك إلى ربك سبحانه وتعالى؟ ذكرت أن أولادك يعانون من القلق مثلك فهل تظنين يا عزيزتي أنني سأضع اللوم على زوجك؟

أرجو ألا تغضبي إذا أخبرتك أنك أنت الملومة الأولى في هذه المعاناة لدى هؤلاء الأطفال الأبرياء، لأن الطفل يمتص مشاعر الآخرين كما يمتص الإسفنج الماء، لكن إذا كان الإسفنج يستطيع الاحتفاظ بالماء، فالطفل ليس كذلك بل لا بد أن يخرج ما امتص بأعراض متباينة وأمراض مختلفة وبدرجات متفاوتة. ولأزيدك من الشعر بيتًا كما يقولون أخبرك أنه ما من شيء يؤثر في نفسية الطفل كما تؤثر الأم في طفلها، فالعلاقة بين الأم والطفل سر من أسرار الوجود، وكما لم يستطع أحد أن يعرف سر انجذاب برادة الحديد إلى المغناطيس كذلك لم يدرك أحد سر انجذاب الطفل إلى أمه وتأثره بمغناطيسها، فكيف تتوقعين أن يكون أطفالك وهم يرون أمامهم أمًّا مريضة تنتابها الحالات العصبية والأعراض الهيستريائية؟

قرأت رسالتك أكثر من مرة لعلي أجد صفة إيجابية في زوجك تشجعني على أن أطلب منك الاستمرار معه فلم أجد شيئا، فهو لا يشعر بك، ولا يرغب بالخروج، وينكد عليك، ولا يعترف بفضلك عليه، ومعاملته جافة وأناني وبخيل، فهل تراه زوجك كما قال الشاعر:
جمعت اللؤم لا حياك ربي **** وأصناف الغواية والضلال

أم أنك أنت من يصدق عليك حديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام- عندما قال في النساء : "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، وفسرها عليه الصلاة والسلام فقال: "تكثرن اللعن وتكفرن العشير".

ما قرأت هذا الحديث يوما إلا وراودتني أمنية -غصبا عني- ألا أكون امرأة، وأرجو أن يسامحني الله على ذلك، لكنني مع ذلك لست ناقصة عقل لأسمع بأذن واحدة، أو لأصدر حكما غيابيا على أحد، وقد ورد في الأثر عن أحد القضاة، أن رجلا جاءه فاشتكى أن شخصا قد قلع له عينه، فقال له: وما أدراني أنك لم تقلع عيني خصمك ؟ وأنا أقول لك يا عزيزتي: ما أدراني أن زوجك سيقول عنك أكثر مما تقولين عنه؟ وكيف لي أن أعلم أن تصرفات زوجك هي نابعة من شخصيته فعلا، أم أن لها من الأسباب ما يبررها؟ لذلك أرجو معذرتك إذ سأحكم عليك أنت؛ لأنك أنت من تلجئين إلينا وتطلبين النصح، فاسمحي لي أن أقول لك إنك تتعاملين مع مشكلتك بطريقة غير سليمة، وتظلمين زوجك ونفسك وأطفالك، وهذا واضح من ردود أفعالك الظاهرة في النتائج الخاطئة التي وصلت إليها، فأنت برأيك أن المرأة التي تفعل ما يحلو لها وتخرج وتشتري ما تريد هي المرتاحة والمبسوطة!! وترين أن التي تطيع زوجها لا يحترمها!!

هذه النتائج يجب أن تعترفي أنها خاطئة لأنها لا تصدر عمن تريد أن تعطي صورة مشرقة عن الإسلام كما تنصحين زوجك؛ إذ من المفترض قبل أن تفكري بإعطاء هذه الصورة أن تكون لديك قناعات راسخة لا تبدلها الأيام ولا الظروف بأن دينك يحض المرأة على طاعة زوجها ما لم يأمرها بمعصية، فكيف استنتجت أن من تطيع زوجها هي غير محترمة؟ استنتاجك الخاطئ هذا يعني أن دين الإسلام يجعل المرأة غير محترمة في نظر زوجها، فكيف ستعطين صورة ناصعة عن الإسلام يا سيدتي وأنت لم تقتنعي بصلاحيته للمرأة والرجل على حد سواء؟! وكيف يمكن أن أصدق اتهاماتك لزوجك ونظرتك للأمور العامة بهذا الحيف؟.

ثم نظرتك إلى الذين تقدموا إليك سابقا ومقارنتك المادية لهم مع زوجك بعد مضي تسع سنوات على زواجك لا تعني فقط أنك تحسنين العيش في الماضي أكثر منه في الحاضر، لكنها تدل على أن نظرتك للأمور مادية بحتة، فماذا تعني العمارات وملاعق الفضة لامرأة مسلمة مقابل أن يكون زوجها ملتزما؟! كأنك يا أختي الحبيبة لست راسخة في إيمانك بل إن إيمانك هش غير ثابت، فهل أنت كذلك أساسا أم أنها الحياة المادية في أوربا هي التي جعلت إيمانك بهذا الشكل مشوها مضطربا ممسوخا؟

هل نسيت أن رسولنا الكريم –عليه الصلاة والسلام- أوصانا أن ننظر إلى من هو أعلى منا في الدين وأقل منا في الدنيا كي لا نحتقر نعم الله علينا، فهل تراك فكرت في نعم الله عليك؟ اقرئي هذا الحديث : "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، فهل تأملت معناه جيدا؟ هل تراك تتذكرين المحرومين من نعمة الصحة من المشلولين والمعاقين والمصابين بالسرطان وغيره من الأمراض؟ هل ترين صور الذين يعانون من تدمير الصهاينة لبيوتهم كل يوم فلا يعرفون نعمة الأمن يوما واحدا؟
هل تفكرين في الذين يموتون من الجوع في أفريقيا وغيرها من بقاع العالم؟ أم أنك تدورين في فلك نفسك فقط أيتها الأخت العزيزة؟ أرجو ألا تظني أنني متحاملة عليك، فأنا لا أريد إلا نصحك ولا أتمنى إلا الخير لك، وما أحاول فعله فقط هو أن أساعدك كي تضعي يدك على نقاط الضعف في شخصيتك لتتمكني من تجاوزها، إذ أستطيع بسهولة أن أستنتج من رسالتك أنك لم تبلغي سن النضج بعد رغم أن بياناتك تدل على أنك تجاوزته، وما ذاك إلا لأن النضج ليس بالعمر بقدر ما هو بالفكر.

أؤكد لك أنك لن تستطيعي أن تغيري زوجك ما لم تبدئي بتغيير نفسك، وأنت بحاجة فعلا إلى تغيير طريقتك في التفكير فليست نهاية العالم أنك تخرجين مرة واحدة في الأسبوع، بل بالعكس قد تعطيك هذه العزلة فرصة لتتعرفي على قدراتك الروحية وتستخرجيها، وكما قلت سابقا أعيد هنا: إن القرب من الله هو أفضل استثمار للعزلة، وهنيئا لمن حاز على قرب الله ورضاه من دون العالمين.
ورحم الله رابعة العدوية عندما أنشدت:
فليتك تحلو والحياة مريرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ***وبيني وبين العالمين خراب

ولذلك أفضل أن أقول لك الجئي إلى ربك سبحانه ليمدك بالإيمان الصحيح الراسخ لتتغلبي على قلقك الذي لا سبب له سوى أوهام النفس ووساوس الشيطان من أن أقول لك الجئي إلى طبيب نفسي ليعالجك من أعراض القلق العصبية، وعلاجه لن يكون إلا بالعقاقير المهدئة التي قد تصبحين من المدمنين عليها، أما علاج ربك سبحانه فليتني وإياك نصل إلى إدمانه لأن فيه عافية الدين والدنيا، وفيه الهدى والهدوء قال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)، وقال:( ويزيد الله الذين اهتدوا هدى). ضعي لنفسك برنامجا للعبادة، وزيدي في عبادتك وعندما تقرئين القرآن يجب أن يكون بتدبر وخشوع حتى يؤتي نتائجه في شفاء الروح (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، وأذكر لك ما ورد عن الشاعر الحكيم محمد إقبال عندما رآه والده يقرأ القرآن، فقال له: (يا بني اقرأ القرآن كأنه أنزل عليك)، والعبادة هي طريق لتزكية النفس وتصفيتها من شوائبها ووساوسها، ووسيلة لنيل رضا الله سبحانه، والإيمان أقوى علاج للقلق، والسعادة الحقيقية هي في الرضا بقضاء الله سبحانه.

إذن يا أختي العزيزة خطوتك الأولى بأن تكفي عن التفكير في الماضي وتمتنعي عن عقد أية مقارنات بين زوجك وخطابك السابقين، ثم زيادة زادك الإيماني، وبعدها إذا وجدت راحة في نفسك وهدوءا في بالك واستقرارا في أحوالك، فهنا يمكن أن تناقشي زوجك في تصرفاته بهدوء وبعيدا عن الأطفال، وأؤكد لك أنك إذا استطعت أن تعملي بما نصحتك به من اللجوء إلى الله سبحانه لا بد أن تشعري بأن ردود فعلك تجاه تصرفات زوجك قد تغيرت، مما يجعلك أهدأ في مواجهته وأقدر على المطالبة بحقوقك، فأنا أقدر أن النفس البشرية ملولة ولذلك فإن التنويع فطرة فيها وأدرك أن الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة، لكن لا يمكنني أن أجد حلا لك ما لم تبدئي بتغيير نفسك بالطريقة التي ذكرتها لك، فإن استطعت فقد نلت خيري الدنيا والآخرة بإذن الله، وإن وجدت كلامي صعب التطبيق أو لم يأت بالنتيجة المتوقعة فلا عليك أن تلجئي إلى طبيب نفسي إذ لا يحق لي أن أنكر دور الطب النفسي الذي قد يتمكن من الغوص في أعماق نفسك والوصول إلى الأسباب الخفية الكامنة وراء خلفيات فعلك التي أوصلتك إلى حالة القلق التي تعيشين فيها إذا كنت قد وصلت إلى المرحلة التي تتطلب ذلك.

وفقك الله وكان عونا لك في غربتك وأصلح ما بينك وبين زوجك. أنصحك بمراجعة المشاكل التالية:
رجل واحد مع الرضا أفضل من ستة
بخل الزوج في الميزان
شام
شام

قلق الغربة : عجز الخطاب أم وضع الحجاب ...؟؟؟


السلام عليكم ورحمة الله، قبل أن أبدأ عرض مشكلتي التي تؤرقني، أجد أنه لزامًا علي أن أشكركم على جهدكم الرائع في دراسة مشكلات هذا الجيل، ضمن إطار يجمع بين ضوابط الدين، وتطور العلوم النفسية والاجتماعية، وهذا ما كدنا نفتقده مع موجة تفضيل العلم على الدين فهنيئا لكم.
مشكلتي تكمن فيما يلي:
أنا فتاة ملتزمة ومحجبة، ومن أسرة ترى الدين والعلم ضروريين لكل إنسان، وقد تخرجت في إحدى الكليات -والحمد لله كباقي إخوتي- وكنت في المرتبة الثانية على دفعتي، بعد ذلك تقدم لي شاب لخطبتي، أعجبت به، وبحبه للعلم، وهو طبيب درس في أميركا، وقبل أن تتم الخطبة حدثني عن رغبته في أن أتنازل عن حجابي فقط في أميركا، وأنه مؤمن بضرورة الحجاب وأهميته، ولكن غاية الحجاب في أميركا لن تتحقق؛ لأنه سيؤدي إلى لفت الأنظار إلي بدلًا من غرض الستر!! رفضت أنا الموضوع رفضًا باتا، وأخبرته أنه يستطيع إيجاد فتاة غير متحجبة، ولكنه أصر على أنني الفتاة الوحيدة التي يشعر أنها ستسعده في حياته، وتم الزواج وسافرت مع زوجي إلى أميركا، والحمد لله وجدته رائعا في كل شيء في ذكائه وعلمه وثقافته في كل شيء حتى إن لغته الإنجليزية كانت ممتازة، وطبعا هو عاش في أميركا ما يزيد عن خمسة عشر عاما، المشكلة هي أنني باعتباري محجبة سيعرف الجميع أننا عرب، وسيعاملوننا على هذا الأساس، وبالتالي سيعتقدون أنني أضع متفجرات في محفظتي، وأننا أناس متخلفون، وعندما سيرون السيارة الفاخرة التي نركبها؛ ستزداد نقمتهم علينا؛ لأننا نسرق خيراتهم، هذه هي الكلمات التي كنت أسمعها من أول يوم لي في أميركا، وغيرها وغيرها من الحجج عن صعوبات الحجاب في أميركا، وأنني بحجابي أفوت على نفسي فكرة الدعوة للإسلام؛ لأنهم سيتخذون موقفا تجاهي فقط لأني متحجبة.
ورغم كل حججه، ورغم كل ضغوطات الوحدة والغربة؛ إلا أنني حافظت على حجابي، ونحن نعيش في مدينة صغيرة لا وجود للعرب فيها، ولما بدأت بالتعرف على أصدقائه من الأميركان؛ فوجئت بالمسافة الشاسعة بيني وبينه، فهو بلهجته الأميركية وثقافته الواسعة جدًّا ومنصبه العلمي والمادي يجعله محط الأنظار، وأنا بلغتي الركيكة، وبغربتي عن هذا الجو الغريب الذي كنت أشعر أنه يكاد يخنقني؛ لم يكد أحد يسألني سوى بعض الأسئلة وعندما كانوا يرون إجاباتي بلغة ركيكة كانوا ينهون الحديث ببساطة، وعندما نعود للمنزل كانت تحليلاته حول الأسباب كلها تدور حول الحجاب، وأنه السبب في ارتباكي وابتعادهم عني، وكنت أقتنع أن الحجاب هو السبب، ولكني لم أفكر للحظة واحدة أن أتنازل عنه، واستمر الحال هكذا وصرت بعد عام ونصف من الزواج انطوائية لا أرى أحدًا، ولا يراني أحد، أكتفي بالذهاب لشراء حاجيات البيت وبنزهاتي مع زوجي، لغتي لم تتحسن، وأشعر أن سكينا تطعن صدري كلما تذكرت ما كنت عليه في وطني: فتاة نشيطة جدًّا (حتى إن والدي ووالدتي كانا يشتكيان من كثرة حركتي ونشاطاتي) من فتاة تفوقت في دراستها، وكانت تشعر بإعجاب الجميع بها إلى فتاة خاملة، غبية، وجبانة، وانطوائية، ضاعت أحلام إكمال دراستي فكيف سأدرس، وقد صرت أعيش بإحساس الدونية والنقصان بسبب حجابي، ولكن هذا النقصان عندي أفضل من أن أتخلى عن حجابي، أعلم أنه يحبني، حتى إنه ترك الكثير والكثير من أجلي، وأنا أحبه بكل ما أملكه من نبض قلبي، ولكن ليس أكثر من ديني. أصبح كل أملي أن يرزقني الله بطفل يشعرني أنني ما زال عندي أمل في الحياة، ويخرجني من وحدتي وإلى الآن لم يتحقق حلمي الذي أنام وأصحو عليه، دلوني على درب الخروج من هذا السجن الذي بت أعشقه بل أعشق وجعه وأراه أرحم من المجتمع المحيط بي، جزاكم الله عني وعن كل موجوع كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





يجيب الدكتور أحمد عبد الله :


أختي المتألمة، نفترض جدلاً أنك خلعت الحجاب؛ لتكون فرصتك أفضل في الدعوة إلى الإسلام "كما يقال" ثم سألك سائل - وأنت سافرة - عن حكم اللباس الشرعي، وعورة المسلمة بالنسبة للأجنبي عنها.. فبماذا ستجيبين؟!
هل ستكذبين؟ أم ستقولين الحقيقة، وعندها تخسرين احترامه؛ لأنك خالفت ما تعتقدين، وإليه تدعين!!



أخطأ زوجك "التشخيص" هذه المرة، ربما بسبب رغبته في الاندماج الكامل مع المجتمع الذي يعيش فيه منذ سنوات طويلة،

ويحتل فيه مكانة مرموقة، وهذه الرغبة في الاندماج إذا لم تنضبط بحدود الممكن والمعقول، والمباح والمشروع، فإنها تنتهي بالذوبان كما في حالات كثيرة مشابهة.

وقد يكون الدافع وراء هذه الرغبة في التخلص من الحجاب هو الهروب من النظرة السلبية التي خلّفها الإعلام المعادي للإسلام، والصورة النمطية الشائعة عن المسلمين،

وعلاج هذا المناخ لا يكون بإلغاء الهوية، أو إسقاط الخصوصية، والتخلي عن المظاهر الثقافية من الدين الحنيف، أو من الحضارة الأصيلة، ولكن يكون بالحوار المستمر، وحسن التعامل والتفاعل حتى يعلم الناس في أمريكا أو غيرها أن المسلمين - مثل كل البشر - فيهم الصالح والطالح،

الطيب والشرير، المتحضر والمتخلف، وأن الصلاح والطيبة والتحضر - في ديننا - أوامر وأخلاق مأمور بها الجميع، وليست مجرد سجايا محمودة يتحلى بها أبناء الطبقات الراقية، أو المتعلمون المثقفون بينما يفتقدها الآخرون في ثقافات وحضارات أخرى.


هذا عن المناخ المحيط بك، ومحاولة لفهم منطق وموقف زوجك، أما حالتك أنت فهي عادية ومتكررة؛ ليس تقليلاً من شأنها لكن لكي نطمئنك أنها تحدث لكل من يغير وطنه، ويتوجه إلى مكان جديد

خاصة إذا كان هناك اختلاف ثقافي شديد بين البيئتين.. كل ما في الأمر أن زوجك بدلاً من أن يساعدك في تجاوز هذه المرحلة الصعبة خاصة وأنه ولا بد أنه مر بها في بداية عهده بهذه البلدة

فإنه يحاول استغلال هذه الحالة الطبيعية من القلق للضغط عليك في تحقيق رغبته من أجل التخلص من الحجاب فزادت الضغوط عليك ضغطاً إضافياً..

ليس للأمر أي علاقة بالحجاب من قريب أو بعيد.. وأفراد كثيرون من جنسيات مختلفة وديانات مختلفة بهذا الاضطراب، والمسجل عندنا في الطب النفسي باسم "قلق الاغتراب"، فاطردي عن نفسك هذا الصراع الوهمي الذي جعلك زوجك تعيشين فيه بين الرغبة في التأقلم مع المجتمع الجديد، والرغبة في الاحتفاظ بالحجاب، فليست هذه المشكلة، ولكن المشكلة أن تبدئي في التكيف مع أوضاعك الجديدة، ولا تتعجلي الأمور

، فمع الوقت وبعض الجهد ستتعلمين اللغة، وستتواصلين مع الناس بسهولة، وستجدين نفسك تستطعين تكوين صداقات حتى مع غير العرب، وستنجحين في إيجاد مساحات مشتركة للتفاهم مع الآخرين، فليس مطلوباً منا أن نتعامل فقط مع من يماثلوننا خاصة في مجتمع يجمع كل هذه الثقافات المختلفة،

حاولي أيضاً أن تجدي مجالا للتفاعل والتواصل سواء بإحياء هواية، أو وضع برنامج لتعلم اللغة مثلاً أو تعلم شيء جديد، وسيعود لك نشاطك مثلما كنت في وطنك، ولكن أعط لنفسك وللزمن الفرصة، ونحن في انتظار تواصلك المستمر معنا وفي انتظار سماع خطوات إيجابية في هذا الاتجاه، خاصة في جوانب تعلم اللغة وإجادتها،

وليكن دعاؤك المفضل: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني … والله معك.
شذوو
شذوو
موضوع رائع بمعنى الكلمه وياليت يتثبت.
اهم شي في الغربه الرفقه الصالحه.
اللهم يامقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك.
الف شكر لك ياشام.
حـ * ـلم
حـ * ـلم
رائعة يا شام ....
وإختيار رائع ....طبعت الموضوع وأحتفظت فيه

أستفدت منه كثير ...وسيستفيد منه إبني إن شاء الله خصوصاً الجزء الأول....حيث إنه ينوي السفر لدراسة البكالوريوس في كندا الفصل القادم ....

ومع صغر سنه ..وحداثة عهده بالغربة ..أعتقد إنه سيكون محتاج لهذا الموضوع الهادف الموجه ...

جعله الله في ميزان حسناتك يارب:26: