بأي حال عدت يا عيدُ .... وأعذروني ...

عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمـر فيك تجديد

أما الأحبة فالبيـداء دونهم فليت دونـك بيد دونهـا بيد



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وكل عام وأنتم بخير ..

وأعذروني إن أتت متأخرة .....

... هذه الدنيا .... لقاء وفراق ....

أفراح وأتراح ....

فقدت والدي الحبيب في شهر شعبان .... والحمد لله على ما قضى ..ولله الأمر كله ....

توفى رحمه الله بعد معاناة وآلام كبدها صابراً جعلها الله في ميزان حسناته ...

كنت أتأهب للنقل لمنزلي الجديد ....

وكنت أحلم .. هنا سنجلسه ......وهنا سنقص أوراق الشجر حتى لا تؤذيه عند المرور بجانبها

وهنا وهنا وهنا...

ولم أعلم أنه سيدخله مرة واحدة فقط على نقالة ...ويغادره بعد أربعة أيام بلا عودة .....

يغادره بعد أن عطر المكان وترك لي مكانه وغرفته ذكرى ومأوى ومكان أشعر فيه بان روحه معي

ثلاثة أشهر قبل وفاته كانت مؤلمة ومن أقسى وأصعب أيام مرضه

وكانت هناك تلميحات من الأطباء المعالجين له إلى إمكانية وفاته ..كانوا يحاولون تمهيد الأمر لي

لكن عقلي وقلبي كانوا يرفضون تقبل حقيقة فقدانه ....و كان عندي أمل .....

والأمل في إنه مقاتل .. عنيد ... لن يستسلم بسهولة وسيصارع المرض ...

كانوا يقولون لي في المستشفى حرام عليك أنت لا تسهلين الأمر عليه

تعلقك به لا يجعله يستسلم

وكنت أقول .. لا ... سيعيش وسيعود منزله ... إيماني يقول لي إنه سيتغلب على هذه الأزمة

كانوا يقولون لي أنت أنانية سنوات طويلة وهو يغسل الكلى ويعاني كثيراً ..

هل لو كنت مكانه كنت ستتمنين أن تعيشي أطول

وكنت ـأقول طول ماهو حي سأعمل كل ما بوسعي

والأعمار بيد الله

ممكن تموتون أنتم وأنا وهو يعيش

الله كريم


نعم سنوات طويلة وهو يعاني في صمت

أقعده المرض عن الحركه ..وآلمه ضعفه كثيراً ...فألتزم الصمت وهو من كان شعلة نشاط وحيوية وحياة ...
كان يعاني من الفشل الكلوي ويخضع للغسيل ثلاث مرات أسبوعيا ثم أصبح السنة الأخيرة يومياً

أثناء الغسيل كانت قصة أخرى ...
الناس تأتي للغسيل وتخرج وهو لا يزال يحاولون إدخال الإبرة فيه .. ثلاث أو أربع ساعات فقط لمحاولة إدخال الإبره ..كانوا يتعبون ويتبادلون المهمة وهو يتألم بشدة ولكن بصبر وجلد شموخ


و مؤخراً وبعد أن أدخل لثلاث أشهر عانى فيها الكثير
وأصبح يتغذى من أنبوب الأنف وحرم من رشفة الماء أو ذوق الطعام

يخضغ للسكشن من الأنف والفم كل ربع ساعة تقريباً مع الآلام التي لا يمكن أن تتخيلوها
ضيق في التنفس متكرر
هبوط في الدورة الدموية وفي الضغط
ارتفاع في السكر بسبب الأدوية
ومشاكل الضغط والسكر وامور اخرى


كم من مرة قمت بتلقينه الشهادة وأنا خائفة ... هل ألقنه الشهادة لأنه سيموت وأعود وأخدع نفسي وأقول لا ... الشهادة نقولها في كل لحظة ... كنت أخدع نفسي وأحاول أن أبعد صورة الموت التي كانت أمام وجهي ليل نهار
كم من مرة كاد أن يموت .. بل إنه أنتهى وعاد ....
كم من مرة أنهرت وشعرت أن جدران المستشفى تطبق على أنفاسي
كم من مرة ذهبت إلى الأقسام التي تخلو من البشر وبكيت بكل صوتي وما ألبث أن أعود مسرعة اليه ...
حتى الممرضات كانوا يشفقون علي من نفسي


وعندما أشتدت عليه الأزمات والآلام دعوت الله مرة من المرات ( يارب إن كان في بعده عني راحته ... فأرحه .. يارب أرحمه رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك .... )
وكرهت نفسي بعدها

ثلاثة أشهر عشناها وأنا أرقب شفاؤه ....
حتى أتى يوم الأربعاء ... وأصريت على خروجه بعد تشجيع من الأطباء طلبوا مني أن أجعله يعيش مع أبنائي وفي جو عائلي هذه الفترة وكنت أقول لهم سيصبح بخير إن شاء الله ...
تعلمت عمل كل شيء له وكنت أطلب من الممرضات ان أعطيه الإبر والعلاجات والغذاء عن طريق الانف ورتبت له غرفة شبيهه لغرفة المستشفى ..انابيب الأوكسجين ..الشفط الأجهزة اللازمة وكل المستلزمات تم تجهيزها .وجاءت ساعة إخراجه ...وهنا شعرت إنه الخروج الأخير
..وانقبض صدري
لا أستطيع وصف لحظات نقل الوالد بالإسعاف على النقالة إلى المنزل

دخل بيتي الذي كان أن يتمناه لي بهذه الطريقة وهذه الحالة

شعرت وقتها بالحقيقة المرة

كنت ا أبكيه مقعداً على الكرسي ...والآن أصبح راقداً لا يقوى على الجلوس حتى لا تهبط عنده الدورة الدموية ....

ويوم الأحد شعرت بضيق في نفسي لم أعلم سببه وكنت أخاطب أبنائي عند طلبهم لأي أمر مني : أنتم تريدون إبعادي عن والدي ليش تلهوني بطلباتكم ... وأعنفهم وأبكي وكلي ضيق

وفي المساء كانت النهاية

بدأ يعاني ويضيق تنفسه ..وأنا أخاطبه بقلبي ... لا يا حبيبي ... مرة وتعدي كغيرها ...

وأنهرت وهذه المرة شعرت أنها الأخيرة ...وقبل أن يسلم الروح أكرمني الله أن أسقيه وأشهده

في ساعات أنتهى كل شيء

وحدث ما كنت أخشاه عمري كله

أخشى فراقه

زلا أقول إلا الحمد لله على ما قضى


رحمه الله وغفر له .وأسكنه فسيج جناته

وأعذروني ..إن أشركتكم معي أحزاني ...وأثقلت عليكم

ولكن أرجو منكم الدعاء له بالمغفرة والرحمة أرجوكم أخواتي

عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمـر فيك تجديد

أما الأحبة فالبيـداء دونهم فليت دونـك بيد دونهـا بيد

هذه الأبيات كان كثيراً يرددها وأنا الآن سأرددها ما حييت ...وسأذكرك يا حبيبي متى ما حييت ..

وهذه بعض الروابط لما كتب عن الوالد في الجريدة وبعض المنتديات ...

وقد يكون لي بعض العذر في وضعها بإعتباره رحمه الله أحد رموز التربية والتعليم ..

غفر الله له ...وجعل ما قدمه في ميزان حسناته يارب

وارجو منكم الدعاء له ولأموات المسلمين والمسلمات يا أخواتي جزاكم الله خيراً
لا أفقدكم حبيب...



سعد عبدالواحد.. نصف قرن من الأخلاق العالية في التعليم
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061003/Con2006100352162.htm

سعد عبد الواحد.. وداعاً.. (لا عطر بعد عروس)..؟!!
http://www.suhuf.net.sa/2006jaz/oct/15/ar5.htm


http://www.taifedu.gov.sa/montada/topic.asp?TOPIC_ID=11206

http://www.alhejaz.net/vb/showthread.php?t=41739


رحمك الله يا والدي وأدخلك الفردوس الاعلى من الجنة وجمعني بك في جنات النعيم
اللهم أجعل مرضه كفارة ذنوبه
وأجعل آخرعذابه عذاب الدنيا
اللهم إني أسألك بحق هذه الليلة الفضيلة أن يكون سعد ممن بشر عند الموت بروح وريحان ورب راض غير غضبان


اللهم إن كان في فرح وسرور فزده في فرحه وسروره

وإن كان في عذاب فأرحمه وأبدل عذابه رحمة ومغفرة
وجازه بالحسنات احساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً
وأكتب له أجر من قام لك آناء الليل وأطراف النهار

اللهم آمين