تجربتي مع أحتضان يتيم ..

حياكم الله أخواتي :
من يوم دخل حياتي طفلي المحتضن و أنا أراقب نفسي و مشاعري كأم محتضنة لحظة بلحظة. و يوم وراء يوم أجد ه هذه المشاعر تكبر و تتلون و تصير أجمل . فأصبح قلبي كأنه أرض كانت صحراء جرداء فتحولت بوجوده الى حديقة غناء مخضرة و مزهرة. فقررت أن أشارككن بتجربتي في أحتضان طفلي اليتيم لعلي بذلك أقدم بعض الشكر لربي الذي أكرمني بتيسير أمر إحتضانه و لم شمله لأسرتي الصغيرة التي أصبحت حياتها مختلفة بإنضمامه اليها و أسأل الله أن يتقبله كعمل خير أردت فيه وجه الله و تأسيا بسنة الرسول الكريم " أنا و كافل اليتيم في الجنة كهاتين"
كنت أخطط لنفسي أن أكرمني الله بالإنجاب ان يكون لطفل يتيم نصيب من مرافقة عطية الله لي من الارضاع و التربية فور ولادتي . أي أن فكرة الإحتضان لم تكن بعيدة بل كانت دوما في بالي و من ترتيباته . و بعد عدة محاولات للإنجاب و تجارب أنساني مرارتها وجود طفلي اليتيم حبيبي و قرة عيني. و ما كان يمنعني من إحتضان طفل يتيم منذ سنوات طويلة الا مهمة الارضاع التي ماكانت لتكون الا عند الولادة . و حين قرأت بالصدفة فتوى جواز استخدام مدرات الحليب الرضاعة اليتيم دون ولادة تمنيت أني اكتشفتها من زمان و ماكنت أجلت إحتضان اليتيم كل هذا الوقت .
أستخرت الله و توكلت عليه و فاتحت زوجي برغبتي بالإحتضان الآن و أطلعته على نص فتوى جواز استخدام مدرات الحليب فوافق فورا رغبة بالأجر و الحمدلله قررنا سويا بدء الخطوات الأولى لتحقيق رغبتنا .
قمت بإتمام اجراءآت المعاملة من استمارات تعريفية لي و لزوجي و معرفين و تزكية من عمدة الحي و استمارات لفحوص طبية و فحص المخدرات لي و لزوجي بعد ان قامت اخصائيتين اجتماعيتين من مكتب الأشراف الاجتماعي بإجراء الفحص الميداني الإجتماعي بزيارتي في منزلي و تفقد مدى ملائمته للطفل المحتضن و تزويدي بالاستثمارات المطلوبة بملئها و تجهيزها.
بعد ان انتهت الأوراق و التي استغرقت مني حوالي الشهر لتجهيزها تم رفع ملفي للوزارة و كانت فترة انتظار أولى للموافقة على طلبي.
و كانت أجمل مكالمة تلقيتها في حياتي من مكتب الاشراف الاجتماعي يحمل بشارة الموافقة على طلبي و الحمدلله و تم إبلاغي بالتوجه للمكتب في منطقتي و تسلم خطاب السماح لمشاهدة اطفال ملائمين في دور الأيتام من حيث تناسب لون البشرة مع الأسرة الحاضنة و كنت أرغب بطفل رضيع و كل ما كان صغير كل ما كان أفضل لي لرغبتي بالتمتع بأرضاعه فترة أطول و أخذ وقتي حتى يبدأ الحليب في الإدرار. و حيث أنني لم أوفق في إيجاد الطفل المرغوب قررت البدء برحلة بحث في المستشفيات اليوم التالي و ً أخذتني رحلة بحثي نحو إحدى المستشفيات ووجدته هناك في إحدى الحضانات طفل خلب لبي ببراءته و خطف قلبي و هو نائم مستكين في سريره بعمر أسبوع فقط !
فقلت في نفسي هذا هو أبني حيث كنّا أنا و زوجي نرغب بطفل ذكر. قمت بسؤال المشرفة عن الطفل هل هواك من يزور هذا الطفل او من سبق و أبدى رغبته بإحتضانه أصابتني بالنفي وحينها قررت مخاطبة الأخصائية الإجتماعية بوجود طفل مناسب و لعله يكتب من نصيبي .
و أخبرتني الأخصائية في المستشفى ان ملف الطفل الطبي قد يستغرق وقتا حتى ينتهي وقلت الخيرة فيما اختاره الله و كانت فترة انتظار صعبة قمت خلالها بأشغال نفسي بتجهيز ما يحتاجه غرفته و ملابسه و سريره و كانت فترة انتظار صعبة و لذيذة في نفس الوقت.
و حين طال انتظاري بعد مرور شهرين تقريبا و كبر فيها طفلي الصغير الجميل و كنت أثناءها اسرق بعض الزيارات اليه بين الفترة و الأخرى مع خوف داخلي الا يكون من نصيبي و تسليم بما يكتبه الله و يقدره لنا انا وزوجي، قمت بمراجعة مكتب الاشراف مرة أخرى و أخبرتهم بفترة انتظاري الطويلة لملفه الطبي الذي استغرق انجازه فترة طويلة وتم رفعه لمكتب الاشراف غير أني لم استلم اي اتصال من مكتب الاشراف بخصوصه فلم يتبقى غير إذن بإستلامه من قبلهم ففاجئتني الأخصائية هناك بأن الطفل مرغوب من طرف الأسرة التي قامت بالعثور عليه و لهم الأولوية في احتضان الطفل حين توفر شروط الكافل بها. و هنا اسقط في قلبي و قلت لا حول ولا قوة الا بالله لم يكن للطفل من يرغب فيه حينها كيف ظهر ذلك الآن قالوا ذلك ما كان من عثر على الطفل يرغب بأحتضانه أيضا و ننتظر ان يتمم إجراءاته ليتم تسليمه له ان وافقت الشروط لظروف الاسرة . حزنت و دعوت الله في قلبي ان يسخر له أسرة تحبه و تتقي الله فيه أكثر مني فما كان من شئ بأستطاعتي فعله غير التسليم بقسمة الله و الحمدلله .
لا أخفيكم حزني و قلت في نفسي لو كان من عثر عليه يرغب به لما قام بتركه في المستشفى قرابة الثلاثة أشهر لما لم يقم بأبداء حرصه و رغبته و أتمم إجراءات الإحتضان و أسئلة غاضبة كثيرة . و أخبرت الأخصائية بأنه لو لأي سبب لم يكن للأسرة نصيب في الطفل لا زلت أرغب بأحتضانه و الأمور قسمة و نصيب و رزق و سألت الله أن يجعله من نصيبي . و بدأت رحلة بحث أخرى و لكن داخلي كان معلقا بذلك الطفل الذي شاهدته و تعلقت به في المستشفى و كنت أدخل غرفته و أقول لنفسي سبحان الله من نصيب من هذا السرير و هذه الملابس و الألعاب بل من نصيب من ذلك المكان داخل القلب و كنت أتلمس قطع ملابسه الصغيرة و أقول سبحان الله انتظرت ثلاثة أشهر و لم يكن من نصيبي حتى كبرت ملابسه عليه قد لا تعود تلائمه االآن و قد تكون تلائم من هو في الاقدار مكتوب و الحمدلله.
و في ذات صباح من تلك الصباحات العادية من صباحاتي وجدت جرس الموبايل يرن بأسم الأخصائية من مكتب الأشراف الأجتماعي و كنت مابين النوم و لليقظة وجدتني بلا شعور اصرخ فرحا و اؤقظ زوجي و أقول له هذه بشارة هذه بشارة و فعلا وجدت صوت الأخصائية تحييني و تقول لي التقينا بالأسرة و لعدة أسباب لم تكن مناسبة للطفل منها لون البشرة الغير مطابق و الطفل الآن بأستطاعتك تسلمه . فوجدت لله شكرًا و انتظرت يوم تسليمه لي حيث تم الاتفاق ان يكون التسليم بعد يومين في المستشفى .
و كانت أجمل ليلتين في حياتي ليلتين من الانتظار الجميل !
و جاء صباح التسليم و جافاني النوم ليلتها حيث كنت أعد الساعات لتمر حتى التقي طفل و احتضنه داخل قلبي.
و التقينا و تم إنهاء الإجراءات الروتينية من توقيعات و أوراق وتوجهت نحوه و قلبي يكاد يسبقني و يخرج من صدري نحوه و كان نائما فقمت بأيقاذه و فتح عينيه و ابتسم تلك الابتسامة التي ابدع الآه في خلقها سبحانه . و أصدقكم القول انني لم أعرفه في البداية لأنه كبر بمرور الثلاثة أشهر و اختلف شكله قليلا لكن ما ان ابتسم قلت هو ذَا. من خطف قلبي و سكن فيه .
و حملته و قامت الممرضات بغسله و كنت أحضرت معي طاقما جميلا لكي يرتديه للعودة معي للمنز ل فأبدعت بنفسي ملابسه و استعدت الممرضة برضعة حليب لترضعه فطلبت منها ان أقوم بإرضاعه بنفسي و كانت لحظات جميلة و ما ان انتهى من وجبته حتى أخذته و حملته و خرجنا من المستشفى متوجهين لمنازلنا و الحمدلله و بداأت حياتنا الجديدة معه. شاكرة لله ان جعله من نصيبنا.
تجربتي فيما سبق قد تكون طويلة غير انني قمت بأختصار مواقف و تجارب و مشاعر كثيرة قد اذكر لكم بعضها في مشاركات قادمة . هذه تجربتي مع الاحتضان و أتمنى من الراغبات بالأحتضان و كن لم يكتب لهن الإنجاب ان لا يضيعون الأجر و الوقت أركضي نحو نصيبك من هؤلاء الأطفال و استمتعي بالامومة فبيوتنا و قلوبنا بهم أولى .