وعندما تشتد حمى الهموم وتستنفذ النفس وسعها ..
ينقلب الرجاء والدعاء لتفريج الكربات .. عند البعض
إلى دعاء على الذات ... بالموت ... طلباً للراحة .
تقول التي استبد بها اليأس :
( ليت الموت ياخذني وافتك من هالحياة .. أف ! )
( ليه أنا من دون كل الناس يصير لي كده ؟ ليه ؟! )
( صبر .. صبر ..مليت .. ماعاد فيني صبر ...
ليتني ارتاح من هالدنيا ..! )
كلمات وكلمات ... نطلقها من نفس بلغت حافة الصبر ..
وتوشك أن تنفجر ..!
في لحظة عمياء لانعود نرى شيئاً سوى همنا ..
نراه كبيراً أكبر من قيمة حياتنا ، وما لدينا ،
فنتمنى الموت ..
لحظات ضيق وغضب ... تحركها أيدي الشيطان الرجيم
تعمينا عن سعة الدنيا ..
تضيق بنا وتضيق حتى لانعد نرى فيها
إلا ذلك الهم الذي نعيشه ...
أما النعم الأخرى ... فنعمى عنها ..!
* الدنيا بخير .. هي لم تضيق بك
ولكن نفسك ضاقت عليك ...
فلم يعد يتسع ثوبها لك ...
لأنك زدت بالهموم وزناً ...
* إن حلّت بك لحظة قاتمة مثل هذه
فاستعيذي بالله واستغفريه
وغادري المكان الذي أنت فيه
وابذلي جهداً بدنياً هادفاً
أو تحدثي مع أحد ترتاحين له
واصرفي ذهنك عن التفكير السوداوي .
أيتها اليائسة التي تتمنى الموت ..
مهلاً ..!
دعيني أسألك :
هل الموت هو نهاية الحياة ؟
لا قطعاً إنما هو البداية ..!
اقرأي قول الله تبارك وتعالى :
(وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ
وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ).
فضعي تلك الحقيقة دائماً نصب عينيك .
انتبهي غاليتي ..
ضعف الأيمان~
في لحظة يأس هو الذي يملي عليك شعور الإحباط
وكراهية العيش ..
ويوقعك في حبائل الشيطان ..
فاستعيذي بالله
واعلمي أن ماأصابك من نصب أو وصب
قدر لم يكن ليخطئك ..
فتقبلي قضاء الله تعالى بصبر لتفوزي بالأجر
وكوني على يقين .. أن لاشيء يدوم ...
فكما أن لحظات الفرح تنتهي
فكذلك أيام الحزن وإن طالت ... والعاقبة للصابرين .
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ).
والغفلة ~
تلك الملهية .. قد تكون سبباً رئيسياً في التوتر والقلق
فأنت مشغولة بأمور الدنيا جاعلة أياها أكبر همك ...
وهذا كثيراً مايسبب لك فقدان الراحة ، ويسلبك القناعة والرضا ..
فلا تجعلي الدنيا غاية مناك .. فإنما هي وسيلة لحياة أبهى
خذي منها باعتدال ، ولا تغرنك زخارفها وتلهيك ،
وتسلبك التفكير في العاقبة
فإن أوسع أبواب الأمل .. ذاك الذي يشرع على الآخرة
ويريك النعيم الذي ينتظرك ..
أكثري من ذكر الله ... واذكري وعده تعالى ...
عندها ينفرج عنك الضيق ويتسع صدرك ويهون كل شيء .
عقوق الوالدين ~
اجعلي لك طريقاً إلى يسر العيش والراحة في الدنيا ببر والديك
وإلى الجنة بوصلهما وطاعتهما ..
وإياك والعقوق ..
فإن عيش العاق مرّ .. وحصاده في الآخرة مرّ...
فحذاري من التسبب لهما بالأذى ..
فإن دعوتهما مستجابة ..
فاتق الله فيهما يفرج الله عنك .
غاليتي :
لاتبحثي عن العلاج الناجع لكل أحزانك وهمومك ...
عند هذا .. وذاك .. وتنسين باب الرجاء ..
الراحة أقرب إليك منك .. لأن الله أقرب إليك من حبل الوريد
فعليك بمخارج الهموم .. وهي كثيرة كلما توغلت فيها اتسعت ..
فاسلكيها .. وستجدي عندها الراحة :
/ الصلاة
هي أوسع أبواب الرحمة والفرج ...
ونحن فيها أقرب إلى الله
ليس بيننا وبينه حجاب ..
فضمي صبرك إلى الصلاة ..
( واستعينوا بالصبر والصلاة)
وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين .
/ داومي على قراءة كتاب الله
وتعهديه بالفهم والتدبر .. واتخذيه منهجاً لحياتك
فهو الشفاء من كل الأدواء :
(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة
للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً).
/ ذكر الله عز وجل :
المداومة على أذكار الصباح والمساء تزيل الهم والغم
(فاذكروني أذكركم ).
فاجعلي همك في الله وكيف تلاقيه ...
إذا اشتدت عليك هموم الأرض .
جاء في الحديث :
( من جعل الهموم هماً واحداً هـمَّ المعاد ، كفاه الله سائر همومه
ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا ،
لم يبال الله في أي أوديتها هلك ).
ولا تحزني ..
فرزقك مقسوم .. وقدرك محسوم ..
وأحوال الدنيا على حال لاتدوم ..
فإن أقام عندك الهم .. فآوي به إلى الله .. والهجي بذكره
يكفيك شره ..
رددي هذه الأوراد .. واكثري ، يُغفَر ذنبك ، ويُفرَج كربك :
( الله الله ربي لا أشرك به أحداً )
( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )
( رب إني مغلوب فانتصر )
اطلبي في كثرة الإستغفار السكينة ... تجديها ..
لاتتوقفي عن الاستغفار ... فكلما داومت عليه ...
تذوقت لذته ، وعرفت معنى التوبة والإنابة .. واطمأنت نفسك
( واستغفروا ربكم إنه كان غفّارا )
وداومي على هذا التسبيح بيقين تجدي الطمأنينة :
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
/ أكثري من الصلاة على النبي يجعل الله لك نوراً..
( إن الله وملائكته يصلون على النبي ،
ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ).
/ الدعاء:
هو باب الفرج :
( ادعوني استجب لكم ).
يقول ابن القيم :
( إذا دعوت الله فأنت رابح إما أن يجيب الله دعوتك
أو يصرف عنك من الشر بقدرها
أو يدخرها لك ثوابها يوم القيامه ).
والزمي هذا الدعاء فهو حصن المؤمن :
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
( ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك
وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك
عدل في قضاؤك ،
أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك
أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك
أو استأثرت به في علم الغيب عندك
أن تجعل القرآن ربيع قلبي
و نور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ،
إلا أذهب الله همه و حزنه وأبدله مكانه فرجا ).
حصيلة ~
مادمنا على قيد الحياة فإن كثيراً من المحن والابتلاءات تصيبنا
نتمنى في لحظات تردي .. أتعس الأمنيات ومنها الموت
إذ نعتقد أننا وصلنا إلى شفير الهاوية وأن لاقدرة لنا على الاستمرار
تصبح الحياة كلها أمام أنظارنا مجردة من الألوان ..
ولكن تذكري أن عناية الله تحيطنا وإن بدا لك غير ذلك .
وأنه يرعانا وإن لم ندرك كيف ..
اسمعي حديث الرسول الكريم لأصحابه
وهو يشير إلى امرأة تحضن طفلها وترضعه :
( هل تظنون ان هذه المرأة طارحة بولدها في النار ؟
قالو ا : لا يارسول الله..
فقال صلى الله عليه وسلم:
إن الله أحنّ على المسلم من هذه الام على ولدها ).
الله تعالى ماابتلانا إلا ليزيد الصلة بنا ..
وما أخذ منا إلا ليعطينا ...
وما أصاب منا قدراً إلا ليمحصنا ويختبرنا ويجلي إيماننا
الله وعد رسوله بعد ابتلاءات ومشقات عظيمة بالعطاء ..
( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
فكان العطاء ..!
في البحر اللجيّ الذي يغشاه موج اليأس
سفن النجاة كثيرة ..
وكل طاعة لله سفينة نجاة ...
وكلما كثرت الطاعات ..
وطالت حبال الصبر ..
كبرت السفينة .. وتقوت على الأمواج ...
واجتازت الرحلة بأمان محاطة بعناية الله .
اللهم استجب...
لدعوة كل مهمومة ،ومكسورة، ومظلومة
ومبتلاة ، ومهضومة حق ..
وعسى الله أن يجمعنا برحمته وفضله في جنة
عرضها السماوات والارض
أعدت للمتقين ..
وبشر الصابرين .
كما اعتدنا منك بفيض من العطر
نسجت لنا اجمل الكلمات بخيوط الامل والراحة
فلن اضيف لكلماتك فقد كفيتِ قد افقد جمالها
فقط اضيف بأن الله لا يكلف نفسها الا وسعها
لانه يعلم ان باستطاعتنا التحمل فلن يكلفنا فوق طاقتنا ..
دمتِ بتألق ..