كما تموت الأشجار واقفة " قصة قصيرة "

الأدب النبطي والفصيح

بسم الله الرحمن الرحيم

****





"قصة قصيرة"

كما تموت الأشجار واقفة

***


هناك في اقاصي الريف , حيث تلتقي خضرة بساط الأرض بفيروزية السماء و يفوح عبير الأرض المروية بعرق الفلاحين , و عندما تعلن الشمس بالأفق بداية يوم جديد
بباحة البيت و عند شجرة الصفصاف...
يا صبية اين الحليبات ؟... هل احضرت البيضات من تحت الدجاجات ؟
اسرعي يا فتاة ... هاتي جرار الماء و اشعلي النار
ذات الضفائر السوداء تركض و تلبي
استعدي يا فتاة فزائر امس خطبك من ابيك لابنه المسافر الى العاصمة
أمي و هل تتزوج ابنة أربعة عشر ؟
امي كيف يكون الرحيل ؟ اهو مؤلم يا امي ؟
وداعا يا صغيرة , كوني له عونا طائعة و لنا مفخرة
ترحل ذات الضفائر حاملة معها دعوات أمها و قدرين من النحاس الخالص
ما هذا الزحام ؟ ....كيف يعيش الناس هنا بلا غيطان و أشجار ؟ ...
هل تزور الطيور هذه المدينة ؟
زوجتي ربما يكون بيتنا صغيرا لكن معا سيكون اكبر ,, الحياة قاسية تحملي و اصبري يا ذات الضفائر
الحمد لله تدبرنا ارضا نبني عليها بيتا يجمع الصغار ,, ساعديني يا ذات الضفائر فدخلي لا يكفي مصروفات الصغار
ماذا عساي ان افعل ,, اه يا رب ستة من الصغار ,, يتوجب علينا تدبر الامر ,, بضع دجاجات ربما يوفرن لنا البيض
,, لا بأس بخبز منزلي الصنع فهو اوفر و يسد رمق الصغار .. نعم نعم ..اذا اشتريت ماكينة خياطة يمكنني ان اوفر ثمن ملابس الصغار
الحمد لله .. يا فتى هنا بعض النخالة الفائضة عن الخبز ان بعتها تشتري يثمنها بعض السكاكر لك و لإخوتك ..
صغيري خذ بيض اليوم و بعه بالسوق و اشترِ مستلزمات مدرستك ,,, فتعليمك بني هو طوق النجاة
صغيرتي بيعي بعض الفرخات الصغار و اشتري فستانك الجامعي فلا يليق بطبيبة المستقبل ان تلبس فستان بالياً
ابني ورثت عن امي هذا الكردان ربما ثمنه يكفي شراء مراجع الهندسة
ضفائر ذات الضفائر امست رمادية
و عندما انفرط عقد اللآلئ .. هذا مهندس و تلك طبيبة ,هذا محامي و الاخر معلم ووووو
لا لا .. لا نريد منكم شيئا الحمد لله انا و ابوكم في نعمة فليهتم كل واحد منكم بشؤنه
تمر السنين و ذات الضفائر تساعد هذا و تعاون تلك , تضحي هنا و تتسامح هناك , ممتلئة بالسعادة و الرضى , الايثار منهجها و الصبر دربها
ماذا بعد !!! ...اعتل الجسد ..!! انهك الروح مسيرة كفاح طويلة و ذات الضفائر باسمة مستبشرة لا تعرف الشكوى للسانها طريقا
ماذا حدث هل حقا سقطت ارضا ؟ ...انها كانت اليوم صباحا تعود مريضا و تعد فطورا وووووووووو.. !!
نعم نعم هكذا ماتت ذات الضفائر ...كما تموت الأشجار واقفة
ماذا عساك جنيت يا ذات الضفائر ؟ فقط حصدت قلوب البشر ؟ ...
اذا هنيئا لك بدعوات حتى احجار الطريق يا ذات الضفائر.. فحتى دجاجاتك تبكي .....





****



إن لله و إن اليه راجعون
غفر الله لذات الضفائر و جعل قبرها روضة من رياض الجنة و جزاها الله عنا خير الجزاء



بقلمي " نشرتها من قبل بمنتدى آخر "

شكرا لمن قرأ
27
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد

مدادك يسكب حروفاً ذهبية
فوق بياض الصفحات..
أسلوبُ رغم بساطته يحوي فخامة
بين كلماته ..
إستمتعت بكل حرفٍ هنا
ورحم الله بطلتنا ذات الضفائر
رحيق وندى
رحيق وندى
قصتك يانسرين مرت علي كشريط فلم بالسرعة الخاطفة الاحداث فيه متسارعة مترادفة
تتوالى المشاهد بومضات سريعة ... وفقت في السرد والتصوير وكم من ذوات الضفائر نعرف احترقن كالشموع بهدوء وطواعية لينتشر الدفء والضوء حولهن فليرحمهن الله ويجزهن خير جزاء...
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,
مدادك يسكب حروفاً ذهبية فوق بياض الصفحات.. أسلوبُ رغم بساطته يحوي فخامة بين كلماته .. إستمتعت بكل حرفٍ هنا ورحم الله بطلتنا ذات الضفائر
مدادك يسكب حروفاً ذهبية فوق بياض الصفحات.. أسلوبُ رغم بساطته يحوي فخامة بين كلماته .. إستمتعت...
مرحبا عزيزتي نعمة

اشكر مرورك الطيب و اسعدني استمتاعك بما كتبت

تقبل الله دعائنا لذات الضفائر و ادخلها الجنة بلا حساب او سابقة عذاب

حياك الله نعمة
ربا بنت خالد
ربا بنت خالد


عشتُ أجواء القصة تلفتُ من حولي
لأعبر إلى زمانها بفضل أسلوبك الفاخر ..
جمال يتسيد بؤبؤ وقتي ..
شكرا لك فاضلتي .
المحامية نون
المحامية نون
حكاية لها معنى كبير عن تضحية الأم
بصور متعدده متسارعة
رسمتها بصوره جميلة
سلمت.. ..