بسم الله الرحمن الرحيم
أسعد الله اوقاتكم بكل خير
كان يحيى بن معاذ كثير العزلة والانفراد فعاتبه أخوه فقال له :
إن كنت من الناس فلا بد لك من الناس
فقال : يحيى : إن كنت من الناس فلا بد لك من الله ..
وقيل لبعضهم : ألا تستوحش ؟ ( يقصدون من الوحدة)
قال : كيف أستوحش وهو يقول : أنا جليس من ذكرني ؟
اخواتي الحبيبات ..
الخلوة مع النفس يحتاجها كل شخص
ففيها استرخاء يخلصنا من ضغوط الحياة
وفيها استشعار لمدى تقصيرنا مع الله
قال احد السلف: (إن المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها يتذكرُ ذنوبَه ويستغفر منها)
وفيها صلاح القلوب وثباتها في زمن الفتن
قال حذيفة المرعشي: (إن أطعت الله في السر أصلح قلبك، شئت أم أبيت)
فما احوجنا في هذه الايام الى العزلة عن العالم الخارجي وأن نبتعد عن مشاغلنا
لــ صفاء اذهاننا وشحن طاقاتنا ومراجعة اوضاعنا !!
فلحظات نقضيها نتفكر فيها بنعم الله
تُحدث تغييرا ملموسا بانفسنا
وجلسات فقط لذكر الله
فيها دواء لعلل النفوس وقسوة القلوب
فنحن اخواتي في حاجة لفهم انفسنا
وتقييمها وتحفيزها وتغييرها
فمصادقة النفس والخلوة معها والانشغال بتعديل عيوبها
هي الطريق الى النجاح
ولا شك أن ما يسرق أجمل لحظاتنا مع انفسنا هو
" الجوال "
فليس له وقت محدد فهو ينام ويقوم معنا
يحوي ملهيات وان كانت حلالا
الا انها تشغلنا عن خيرات عظيمة
قال عنها رسولنا الحبيب انها خير مما طلعت عليه الشمس
"سبحان الله والحمدالله ولا اله الا الله والله اكبر"
فالذكر من أبسط العبادات واعظمها اجرا
ومع ذلك اصبح من اثقلها واصعبها مع انشغالنا بصوارف الحياة
لذلك يجب أن يكون لنا وقفة جادة
ابدئي من اليوم وحاولي أن تتمتعي بلحظات مع نفسك
رتبي لك اوقات محددة لا يشغلك ولا يلهيك فيها احدا
فبدون تلك الاوقات سنفقد حياتنا وسعادتنا الحقيقية
وسنبقى كما نحن لا نتغير ولا نتقدم حتى يأتينا الموت
جربي معي أن تبُعدي الجوال او تُغلقي الويفي Wi-Fi
وارى أن الثانية افضل
فقط في اوقات محددة في يومك
أنت في هذه الاوقات احوج ما تكوني الى الخلوة
حتى تتزودي من الطاعات وتقوي ايمانك
وتخففي عنك ضغوط الحياة
هذه الاوقات تعتبر خير معين لنا في الحياة فلنحرص عليها
فبعضها لا تتجاوز دقائق معدودة ولكن تأثيرها عظيم
كأوقات الصلوات واوقات الاذكار
وبعضها فرصة لا تتكرر الا مرة في السنة
كـ يوم عرفة ويوم عاشوراء وليلة القدر
اكملي معي اختي الحبيبة فما زال للموضوع بقية ..
" يوم عرفة"
الذي قال عنه رسولنا الحبيب ما من يوم اكثر ان يعتق فيه عتقاء من النار من يوم عرفه
وان الله ليدنوا فيباهي بهم الملائكة
فهل يستحق هذا اليوم وهذ الوقت العظيم
أن نعتزل قليلا عن جوالاتنا ؟
فالنفس ضعيفة تنشغل عن العبادة بأبسط الامور
فما بالكم بجوال مليء بالملهيات !!
حددي لك اوقات في هذا اليوم العظيم فهو فرصة
وانعزلي عن جوالك وعيشي مع الله
انثري همومك وألامك وتحدثي عن امالك واحلامك
فأنت في هذه اللحظات تناجين الله
وهو يسمعك وقريب منك وهو ارحم من الام على ولدها
فقط اللحي وتضرعي لعل رحمات تلك الليلة تشملك
وتذكري ان افضل الدعاء هو دعاء يوم عرفة كما اخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام
كما ان هناك ايام فضيلة علينا ان نتزود فيها
"كــ يوم الجمعة"
خير يوم طلعت فيه الشمس
وفيه كما اخبرنا الحبيب ساعة لا يوافقها احدا يسأل الله شيء الا اعطاه اياها
فلنبتعد عن الجوال لنعطي تلك الساعة حقها
ابتعدي عنه اوقات بسيطه
عند دعائك ووقت قراءتك لسورة الكهف
حتى تعي ما تقولي
وسيأتينا باذن الله بعد شهر
"يوم عاشوراء"
يغفر الله فيه سنة مضت
فلنتقرب فيه الى الله ولندعوا ان يتقبل الله منا
حتى لا يكون حظنا منه التعب والصيام
اخواتي الحبيبات
جميع العبادات تحتاج قلب حاضر وذهن غير مشغول
والجوال للاسف افسد علينا عباداتنا !!
فأصبحت العبادة لا تغير فينا ولا نشعر بتأثيرها علينا
لذلك علينا أن نتجنب وجوده اوقات العبادة والذكر
كما أن هناك اوقات في يومنا فيها خير كثير فلنستغلها
ليحفظنا الله ويبارك في اعمالنا وفي يومنا
"فــ وقت اذكار الصباح والمساء"
وقت بسيط جدا يجب علينا أن نتفرغ له
لنلمس اثر تلك الادعية والاذكار في انفسنا وفي حياتنا
فعشر دقائق صباحا ومثلها مساء
ليست صعبة لمن اراد الاجر والتغير الحقيقي في ذاته
"واوقات الصلوات الخمس"
لن نصليها بخشوع والجوال بجوارنا !
وقد نستعجل بسبب رسالة
فلا نسبح بعد الصلاة ونضيع علينا اجر عظيم عظيم
فقد قال عليه الصلاة والسلام:
" مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ :
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِى وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ ،
غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا عَمِلَ وَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ "
فهل استشعرنا ذنوبنا وتقصيرنا ونحن نسبح دبر كل صلاة !!
وهناك غالياتي لحظات نجلس فيها
"نقرأ صفحات من القران"
كيف لنا ان نجاهد انفسنا ونتدبر ونعيش مع الايات
والجوال لا يفارقنا !؟
وكيف لنا ان "نتأمل ونتفكر"
بنعم الله علينا فنحمده ونشكره
وفكرنا مشغول !!
أنا وأنت وجميعنا بحاجة التغيير
ومحاطين بفتن ومغريات وملهيات
اذا لم نصمد امامها وندعوا الله ان
يثبتنا وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته
سوف نخسر الكثييييير
فحياتنا الحقيقية لم تبدأ
وسعادتنا الابدية لم تأتي
فلنجاهد ولنتصبر
واليكم هذه البشرى التي تجعلنا
نصمد ونقوى امام المغريات
قال عليه الصلاة والسلام:
رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجه
والمراد كما جاء في الأثر
هو أن من عمل عملا كان الصحابة يعملون مثله ينال عليه أجرا مضاعفا خمسين ضعفا عما كان يناله الصحابة
والسبب في هذا أن الصحابة كانوا يجدون على الخير أعوانا، وهؤلاء لا يجدون على الخير أعوانا .
اسأل الله لي ولكم التوفيق لكل عمل يحبه ويرضاه
وان يجعلنا من عتقاءه من النار