رســـالة ابنـة
بعدما تزوجتْ.. واستقرتْ في مملكتها الصغيرة..
فرحٌ وحبٌ وعطفٌ يحومها من قِبَل زوجها.. أجل.. هي الآن زوجة.. وأيُّ زوجة؟!
زوجة سعيدة مطمئنة النفس والبال..
ها قد مرّ على زواجها سنوات ولم ترى والدتها وأسرتها لبعد المسكن والمكان والمنطقة،
تمنت لو أن رأتها والدتها كم هي الآن في سعادةٍ عوضها الله، لطالما ظنوها أنها تسبح في أحلام ألفِ ليلة وليلة، لكن ليس ما تراه الآن حلماً.. بل هي الحقيقة !
تنهدت.. ثم فكرت في أيامها السالفة كم كانت في دوامةِ حزنٍ وظروفٍ مؤلمة قاسية من الألآم النفسية الاضهادية،
سقطت دمعة حارة من مقلتيها تعبر عن مدى ندمها وحزنها من جرَّاءِ قساوة تلك الأيام المريرة المؤلمة!
وما أن لبثت قليلاً من بكائها حتى نهضت ومسحت دموعها بكلتا يديها الرقيقتين، وأمسكت قلمها بأناملها الناعمة لتخط َّ رسالةً لوالدتها تنبض من قلبها الحنون.
إلى أمي الحنــــونة...
إلى أمي الغــــالـية..
إلى أمي الفــاضلة..
إلى العزيزة.. الوافية.. الشافية
سلامٌ من الرحمنِ عليكِ
حفظكِ الله ورعاكِ، من كل شر حماكِ، وأدخلكِ جنته الفردوس ومن أهله اجتباكِ..
أمي الحنونة..
نعم أنتِ الحنونة.. أنتِ يا من خلقكِ الله من الرحمة.. كم رعيتيني صغيرة، وكم عققتكِ كبيرة..
ولكن لا يعني هذا يا أماه أن قلبي كان لا يتفطر من أجلكِ!
كلا يا أمي لا تظني هذا.. بل والله كم أدميتُ قلبي، وكم أدمعتُ عيني، وكم رفعتُ إلى السماء يدي، وكم أطلتُ سجودي في صلاتي.. من أجلك أماااه..
اشتقتُ إليكِ يا الغالية، وأبشركِ إنني في سعادةٍ لا يعلمها إلا الله فربما هذا من رفع يديكِ الطاهرتين في جوف ليلكِ، واطمئني يا الحبيبة كما دعوتِ لي فدعائي لكِ أيضاً لم ينقطع أبداً إلى الآن منذ أن كنتُ في وسط ذلك البيت وفي جوف تلك الحجرة ولا سيما بعد تلك الإساءات مباشرة ولكنكِ لا تشعرين بي!.
أمي الحبيبة..
هذه رسالتي أكتبها من أعماق قلبي، ووددتُ لو أكتبها من دمِ روحي، بدموعٍ ساخنة تخرجُ من أحداق عيني..
أكتبها وقد تذكرتُ محاسنكِ وفضائلكِ وجودكِ عليَّ وإن كانت ممزوجة ببعض الجفاف والقسوة، لكن حتماً أعلمُ أن ما في قلبكِ هو الرحمة والحنان والعطف، في مقابل إساءتي لكِ بكلمات وعبارات وتصرفات وإن كانت رغماً عني وكرهاً من نفسي، ولكن حتماً ما كان ينبغي أن أفعله وقد كنتُ أدرك هذا الشيء في ذاك الوقت، لكن بُعدي عنكِ الآن جعلني استشعر أكثر فكانت هذه رسالتي!!!
أمي الحنونة..
يا من زرعتِ في قلبي أحلى المعاني، يا من سقيتيني الدفء والحنان من رحمتكِ وحبكِ وعطفكِ وأمومتكِ
مهما يا أمي تكلمتُ عنكِ فهو قليل جدُّ قليل في حقكِ فاعذريني فقد عجز اللسان عن البيان، والحب والتقدير والشوق عن العرفان
أمي غاليتي..
أقبِّل رأسكِ ويديكِ ثم قدميكِ وأطلب منكِ أن تغفري وتسامحي وتتجاوزي عن كل ما جرحتُ قلبكِ الحنون، وأدمعتُ عينيكِ الرحيمتين الشفيقتين، أو ظلمتكِ دون أن أقصد وأشعر
أمي الحبيبة..
أرجو منكِ الرضا عني رضي الله عنكِ في الدنيا والآخرة فإن رضاكِ جنتي
أمــــــاه... ارضي عني فإن الفؤاد يتفطرُ
أمــــــاه... أنتِ التي تحت قدميكِ جنتي وفي كفيكِ العَطِرُ
أمــــــاه... إني معترفةٌ بإساءتي من سالفٍ، والآن أثبتهُ فوق الأسطرُ
حبيبتي أمي..
غفر الله لي ولكِ ولنا جميعاً عما سلف ومضى، وأخبركِ بل وأبشركِ قد استجاب الله دعائي،
فقد كنتُ أدعو الله لسنوات عديدة وأزمنةٍ مديدة ( ووالله شاهدي ) بأن أكون من أحب وأقرب وأبر ابنة إلى قلبكِ الطاهر الحنون، وان يفهِّمكِ الله بعدم عدلك بيني وبين أخوتي لتزدادين رحمة ً فوق رحمة الأمومة
كنت أدعو الله
يا مفهم سليمان فهِّم أمي بعدم عدلها بيني وبين اخوتي واجعلني أحب وأقرب و أبر ابنه إلى قلبها..
وها قد ألاحظه الآن من خلال مكالماتكِ الهاتفية تسألين عني بكل شوق وترسلين لي الهدايا بكل حب
فجزاكِ الله عني كل خيرٍ وعافية يا غالية، وأطال عمركِ، وأثابكِ على صبركِ وتأكدي بأن الله لا يضيع عنكِ أجركِ.
وفي الختــــام..
أسأل الله المولى جلّ وعلا أن يجزيكِ على رعايتي، ويحفظكِ من كل شر وبلاء كما حفظتيني، ويرحمكِ كما ربيتيني صغيرة، وأن يطيل عمركِ بالطاعات، ويحسن خاتمتكِ في أحسن الحالات، وأن يرزقكِ الشهادة عند الممات، وأن ينور قبركِ بالنور والرحمات، وأن يرضى عنكِ فوق الأرض وتحت الأرض وعند العرض، ويدخلكِ أعلى الدرجات من الجنات
وابشركِ بأن زيارتي لكِ ستكون قريباً فافرحي وابتهجي وقرّي عينا
وافتحي لي ذراعيكِ وخذيني بين أحضانكِ بشوقٍ وحنان فقد ولى زمن الحرمان
المرسلة/ ابنتكِ المحبة
حفظ الله أمك وأطال في عمرها ووالدتي وأمهات المسلمين أجمعين ..
بارك الله فيك عزيزتي