عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وستين عاماً ، وبدأ دعوته بعد ن الأربعين ،وأخذ يدعو ويجاهد ثلاثا
وعشرين سنة للقضاء على الوثنية.
ولنشر تعاليم الإسلام التي ينزل با الوحي عليه .
فكانت ساعات عمره شهوراً ، وأصبحت شهوره أعوماً ، وأضحت أعوامه جيالاً
وباتت دعوته حقاً.
ظل الرسول -عليه الصلاة والسلام -مجاهداً بلسانه وسيفه من أجل الدعوة
التي ماتزال نوراً مضيئاً لحياة البشرية .
وعلم أصحابه وأتباعه أمورالدين ،وأدبهم بالأفعال
والأقول والقدوة الحسنة .
وأرشدهم إلى صلاح الدنيا والأخرة.
وليس الرسول صلى الله عليه وسلم معلما ومرشداً فحسب،بل كان قائداً
أصحابه إلى ساحات الوغى ، ينظم الجيوش،ويصدر
الأوامر للقادة ويحثهم على الجهاد والصبر ،وقد أصبح مدبرا للخطط
الحربية التي فاقت تصور الأعداء ، فأمسى
الفتح عظيماً ، وبشره الله به بقوله :{إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ}
أما صفاته صلى الله عليه وسلم فقد كان ينطق في أحاديثه بالحكم
وجوامع الكلم التي لم يسبق إليها حد من البشر
فكان بذلك مربياً ومؤدباً وواعظاً ومرشداً وبشيراً ونذيراً وخطيباً
وإماماً وأباً باراً . وكانت أخواته صلى الله عليه وسلم
صدقا وقيادته حكمةً ، وقضاؤهـ عدلاً
إذا دخل منزله علم نساءهـ
وأحسن عشرتهن ،وعدل بينهن ، وإذا
خلا إلى نفسه انقطع إلى عبادة ربه والتضرع إليه حتى لايطيق
أحدٌ ان جاريه في صلواته ودعواته مهما اجتهد.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ذا خلق عظيم اجتمعت له الفضائل
فقد أثنى عليه الله بقوله {وَإٍنكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}لذا يظل المسلمون
وغيرهم معترفين بأنه - عليه السلام -شخصية عظيمة
وسيد الخلق حقيقة .
قال أنس رضي الله عنه (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفً قط ،وما قال لشيء صنعته لِمَ صنعته ؟ ولا
لشيء تركته :لِمَ تركته ؟))
وروي أنه لما كسرت رباعيته -عيه الصلاة والسلام-وشج وجهه يوم أحد
شق ذلك على أصحابه وقالوا :لو دعوت عليهم فقال (إني لم أبعث لعاناً ،ولكنني بعثت داعياًورحمة. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ))
فبدلاً من أن يدعو عليهم دعا لهم بالهدايه .
وهذا منتهى الحكمة وحسن الخلق شأنه في ذلك شأن أولي العزم
من الرسل كما في قوله تعالى: {فَاْصْبِرْكَمَاصَبَرَ أُوْلُواْ اْلْزْمِ مِنَ اْلرُسُلِ...}
ولعل هذا الدرس النبوي في الرحمة
لايقتصر على اهله صلى الله عليه وسلم
ولا على ذوي أرحامه ولا على إخوانه في دينه من المؤمنين
بل يتعدى ذلك كله ليشمل جميع خلق الله ، حتى الحيوان
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ، عن أبيه قال (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره ، فانطلق لحاجته
فرأينا حمرة معها فرخان ، فأخذنا فرخيها ،فجاءت الحمرة ، فجعلت تفرش
فجاء الرسول فقال: من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها .ورى قية نمل حرقنها
فقال من حرق هذه قلنا :نحن
قال :انه لا ينبغي أن يعذب بالنارإلا رب النار ))
ومازال الكرم المحمدي مضرباً للأمثال . فقد كان صلى الله عليه وسلم أسخى الناس
يداً ماسئل شيئاً فقال لا .
((حملت إليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير ثم قام يقسمها
فما رد أحداً من السائلين حتى فرغ منها ))
عطايا طائلة يبذلها لسائليه عن طيب نفس وهو لايملك
شيئاً ولا يحمل منها إلى بيته درهماً وقد يبيت طاوياًهو وأهله لايجد مايأكل
فهل هناك احد من البشر يبذل مثل هذا البذل ,ويحرم نفسه
بهذه الدرجة ؟!
إن صفحات التاريخ لا تتسع لذكرشمائل الرسول
عليه الصلاة والسلام ولكن لعل ما لايدرك كله لايترك جله
في امان الله