○☼● كَفى إهَدارًا لِلمال ( وَشَوشة أُم حِديجان ) فـَ دَوام الحَال مُحَالْ ○☼●

الملتقى العام









لازالت أم حديجان تصول وتجول في ربوع أرضها ,

با حثة عن موطن مبارك تغرد به أهازيجها ( سوالفها )

وبعد أن أطلقت ساقها للريح اتكأت أخيرًا منزل إحدى صويحباتها ؛

ملبية بـذلك دعوة منها ..

ذهبت إليها بـ جلبابها المزركش وطلتها المتواضعة ,

زينتها قسمات وجهها الراضية وابتسامتها البشوشة ..

أما الحلو فكان طبقُا محملًا بـ يديها ..

وحيثما وضعت أوزارها ألقت على الحاضرات سلام الله ,

ومن ثم تصدرت بـ كل ثقة رأس المجلس كما هي عادتها .... ولكن !

ما إن مرأت بعينيها المسدلتين على من هن حولها انفطر قلبها ألما ,

وخنقها الأسى .. لماذا يا تـــرى ...؟

..

أحزنها كثيرًا أنه و في الوقت الذي يشكي الكثير فيه ضيقته المادية ,

ويتذمر من أعباء ديونه الثقيلة , لازال هناك من البشر من يسرف ويبذر

إلى حدٍ أفقد فيه ما لشيء من قيمة , وماله من أهمية ..!!

كانت تلك حقيقة مرة صُدمت بها أم حديجان ,

وواقع أمّر لازال بعض نساؤنا به يتخبطن وفيه يزمجرن ..

أثار اندهاشها تلك المشاهد التي تحاك أمامها وكأنها على خشبة المسرح ..

متنقلة معها في اعترافات صادمة واقعة على مسمعها ..!

أوووووهـ .... تأخر الوقت ...

كان ذلك آخر ما تفوهت به أم حديجان ,

حيث لزم عليها العودة للمنزل على الفور ..

فعلت ذلك وظنت أن بـ عودتها سـ تبعد عن محض تلك الخيالات

التي صورت في ذهنها أثناء جلستها , ولكن خاب فعلها ..

وما وجدت نفسها إلا وتروي لأهل بيتها بما يجيش في صدرها ..

وبـ كلمات مخنوقة , وصوت مبحوح عقدت الحاجب و بدأت مسترسلة ..

في وصف ما لاح أمامها من مشاهد , وما كانت إلا قليل من كثير مؤلم ,

بل وَأشد إيلامًا ..!





مـشـهد ( 1 )

تقول أم خالد :

التسوق هو الحياة ..

وإن لم أكن بحاجة إليه اخترع لي منه حاجة فقط لـ أتسوق ..!

مشهد ( 2 )

تتساءل أم فهد متعجبة ...

ولمَ لا أتسوق ..؟

وماذا أنتظر ..؟

حتى يكنز ماله زوجي العزيز ثم ماذا ...؟

يتزوج به علي ..!!

مشهد ( 3 )

تحدثنا به أختنا هبة وتقول :

التسوق متعة وَ وسيلة التجديد والترفيه لدي ولدى كثير من الفتيات ؛

ولن تكون إلا بـ تكرار عملية الشراء مرارًا ..

مشهد ( 4 )

أما رانية فـ تخبرنا قائلة أنها :

ليستُ من هواة التسوق ,

ولا تخرج إليه إلا حين الحاجة و ما زاد عليها لا يعني لها ..

فـ هي امرأة لا تحبذ تكديس الأشياء ,

ولا تحب الهوس بـ قشور لا تستحق منها جلّ الاهتمام ..

مشهد ( 5 )

تتنفس غدير بـ عمق ومن ثم تطلق تنهيدة بآئسة لـ تعبر وتقول :

لا أخفي عليك أني من محبي الشراء حد الهوس ..

ليس في الملابس والكماليات فقط ..

بل من المؤسف أنه وصل إلى المأكل والمشرب ,

مما يجعل الأطعمة تًفسد دون أكلها أو التصرف بها ..!!

..

نماذج مختلفة بـ دوافع متعددة نرى من خلالها صورًا موجزة

لـ ثقافة الشراء لدى الفرد عامة والنساء على وجه أخص ..!

والتي بـ الطبع تختلف تلك الثقافة من شخص لآخر بحسب قدرته المادية

ومدى تفكيرهـ , ومدى إدراكه لـ قيمة الشيء وجوهرهـ لا لـ مظهرهـ ..

وهذا ما نفتقده الآن ..!

جلّ من يدرك ذاك المفهوم والذي لازم الإنسان منذ الأزل ,

حيث ما إن ينشأ إلا ويلهث راكضًا خلف حاجاته ومتطلباته ,

والتي يخلط بينها وبين كمالياته وضرورياته ..

ولا منْ شيء فيصل بينهما سوا حالته المادية والتي كان لها الدور الأكبر

في تحديد ذلك ؛ ولكن ومع التطور اختلف الأمر ..

لمْ تتلاشى حقيقة مفهوم الشراء وحسب ..

بل وحتى عامل المادة المتاح أو الغير متاح لم يعد يؤثر ,

فـ أصبح من لايملكه أكبر همه يناطح من يملكه ويساويه كيفما كان ..!

لـ يتناغم على تلك السيمفونية الغني والفقير والذان وبرغم من ازدياد المتطلبات

وتضاءل المادة , إلا وأنه للأسف الكثير بذلك لم يبالي ..

فـ نجد من يستبدل سيارته تبعًا لـ مزاجه , ونرى من تدخر أضخم ميزانية

لـ بعض الزينة وثياب الموضة ..

تلك الموضة والتي وصلت حتى للأطباق وما يتبعها لـ نجد من النساء

من تتخلص من جديد أطباقها فقد لأنها فقدت موضتها ..!!




تفاقم الحال وزاد سوءًا , وَ تحول من هوس شراء إلى استخفاف

بـ مستقبل غامض بـ كل ما يحمله لنا ..!

وَ ما بلغ حدهـ حال ذاك الفرد , والذي أصبح أكثر بحثًا عن كل ما هو مميز ,

ومنفرد لا لـ شيء فقط لـ مجرد الإفراط والإسراف وَ المباهاة في واقع فرض نفسه ,

فـ انفرط هو فيه بكل قواهـ فـ لم يعد يفرق بين { ضروري , وكمالي } ..

يقتني كل شيء ولأي شيء المهم هو أن يشتريه ..

وزاد على ذلك الصخب الإعلاني , والترويج الإعلامي ,

والتسويق المدغدغ للمشاعر ..

والذي يستغل من كل هذا نقاط الضعف لدى الإنسان ,

فـ ينجرف بـ حاله المرثى له لا شعوريُا نحو كلّ ما يروج له ..!

أيا كان لا يهم في نظرهـ , ولم يكترث حتى لأن يكون له به حاجـة ..

المهم فقط هو أن يقتنيه لإشباع شهيته , أو لـ سد ثغرات نقص فيه ..!

مما أدى ذلك إلى اختلاط الدوافع بداخل عقله اللاوعي نحو الشراء ,

حتى وصل به إلى نشوة ساحرة غيبته عن ما يريدهـ فتكون في باطنه صورة

صعب عليه التمييز فيها بين أحتاجه أو كلاّ { لا أحتاجه ..!

تطرق مع كل هذا إلى الإسراف الذي نُبهنا منه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ، ما لم يُخالطه إسرافٌ أو مخيلةٌ "

( رواه ابن ماجة ، الحديث رقم 3605 ، ص 601 ) ..

..

و كلنا يعلم أحبتي أن مفـهوم الشراء والذي لا ثالث له لـ اقتصرعلى أمرين هما :

الأول : هو النوع الذي يعتمد فيه كليًا على الضروريات ,

والتي عنها لا نستطيع الاستغناء ..!

وأما الثاني : فهو المغزى من الحديث هنا ..

وبـ التأكيد هو كل ما ارتبط بـ الرفاهية المطلقة ,

والتي ممكن أن نعبر عنها بـ خلق مزيد من المتع الاستهلاكية الزائدة ,

والتي لا تقضي لنا حاجة , وربما نخرج منها بـ آفـة تصل بنا نحو

منحى آخر حـد الهوس بـ التسوق والشراء , لـ نكتسب من ذلك صفة سلوكية مقيتة

وإن كانت في أمر مباح إلا أنه لا من داعي له ولا ضرورة ..!

فـ الأمر ليس هكذا وحسب بل يترتب عليه الكثير من المفاسد الدينية , والدنيوية

الدمارة للمجتمعات , الهادمة البيوت , والتي تهدد بدورها سكون الإنسان ,

وتعبث بـ اقتصاد بلدهـ و تقضي على أخلاقهـ ..

نعم وما خلف الإسراف من وراءهـ إلى موت القيم وإثارة المفاسد ..

لـ يأتي في خلاصة كل هذا أعظم من ذلك كله ؛ وهو نهي الله تعالى في قوله :

" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ "

( سورة الأعراف : من الآية 31 ) ..




وبعد كل هذا أخواتي العزيزات ألا يستحق أن يكون لنا وقفة عظة وعبرة ,

حول إسرافنا وهوسنا بـ الشراء والاقتناء ..

فـ كفى بنا أن نرا امن حولنا مجتمعات المجاعات التي تشتكي الفقر , البرد , والحاجة ..

تشكي حالها الأشبه بـ الفيافي القاحلة من بعد نعمة وسخاء وخير ..

فـ النعمة حتمًا لا تدوم إن لمْ نكن لها من الشاكرين ..!

والشكر هنا يتمثل بـ حسن التصرف فيها كما يجب في شتى سبل الحياة ..

والحال بـ طبعه لا يدوم , ودوام الحال محال ..

فمن يملك مالا اليوم قد يصبح غدًا من المفلسين والعكس ..

ومن لايملك مالًا ويسعى بكل جهدهـ للشراء بلا مبرارات ولا أسباب ,

فـ هذا بلا شك مصيبته عظيمة ..
..

والحل الأمثل هو ... التوازن ...

فـ حتمًا التوازن أمرًا مطلوب للفرد للوصول به إلى حيث كمال شخصيته ,

حيث شكله , جوهرهـ , و مضمونه ..

وكان أجدى الطرق المعينة على ذلك :

هو وضع ميزانية تتماشى مع قدرة الشخص في التصرف بـ أريحية من خلالها

و مع ذلك تساعدته بل وتشد أزره نحو ترشيد استهلاكه ..

حتى لا يقع في أزماتٍ مستقبلية كان هو في غنى عنها ..

والاحتياط بالتأكيد واجب ..

ولا نغفل عن الصدقة من بين كل هذا ...!

ودورهـا الهام بـ مشيئة الله تعالى في حصول

البركة , وإدخال على النفس البهجة ..

وَ بقليلٍ من الوعي , بـ بعض التخطيط والتنظيم والتوزيع ,

مقترن كل ذلك بالثقافة المكتسبة من تعاملاتنا وخبرتنا

حتمًا سـ نحصل على ما نريد من المكسب المطلوب للعيش بحالة مادية جيدة نوعًا مـا ..

دون أن نغضب الرب , أو نكسر نفس عبد ...!

..

هذا وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ..

أسأل الله لي ولكم التوفيق ودمتم في رعاية المولى وحفظه ..

وسلام ربي عليكم ورحمته وبركاته ...



70
7K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

صبح الرشاش
صبح الرشاش
بارك الله فيك
موضوعك مهم جداً للفئه اللي ذكرتيها
حلو الإعتدال يعني توفرين اللي نفسك فيه بالعقل
{وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِين}..

لكن إني أشري فقط لمجرد إني شريت هالشي بدون فائده
هذا هو الجنون بعينه ،؟ أما ظاهرة الإسراف والتبذير يكفينا هذه الآيه ،
{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}..
اطياف سدير
اطياف سدير
كلماتك ايتها الغالية رائعه
و في الصميم
 بعضنا لديهم هوس الشراء لأجل الشراء لا لأجل حاجة
بل قتل فراغ
فلا يجدون راحة انفسهم الا في صرف المال هنا وهناك
ولو سخروه في حاجته او جعلوه صدقة
لوجدوا حلاوة الدنيا وراحتها وطمأنينتها


ليتنا
ندرس حاجاتنا قبل الذهاب الى الاسواق
ونمكن عقولنا على هوى انفسنا

من الطريف في الأمر
انك تجدين المتسوقه ، ذهبت الى السوق لغرض ضروري .. لاحظي قلت غرض!!
لكن عند خروجها تجدينها محملةً بأطنان من البضائع .. خخخخخخ
ولا أخفيك ..
قد تأتيني هذه النوبة بعض الأحيان .. خخخخخخخ

ولعل المتمعن في اسواقنا يجد ان اغلب البضائع تخص النساء .. ترى مالسبب ؟؟؟؟؟!!!!




قاتل الله الاسراف

بارك الله في طرحك
وعم بنفعه قلوب العباد
فرناز
فرناز
بارك الله فيك موضوع قيم ..
غيـ الشوق ـوم
غيـ الشوق ـوم
ترانيم قلبي
ترانيم قلبي
يعطيك العافيه ( انين الشوق)

أحس الواحد لازم يبعد عن جو التسوق والمشتريات ولا ماراح يوقف شراء

وحلولك رائعه بارك الله فيك