عتاب قلم

عتاب قلم @aatab_klm

محررة ذهبية

التـدبـــــــــر

حلقات تحفيظ القرآن

لتدبــر







إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلاهادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ,وبعد :




معنى تدبر القرآن :



يقول ابن القيم وتدبر الكلام: (أن ينظر في أوله وآخره ثم يعيد نظره مرة بعد مرة ولهذا جآء على بناء التفعل كالتجرع , التفهم , والتبين )




قال الشوكاني:


( إِنَّ التدبُّر هو التأمُّل؛ لفهم المعنى، يُقال:" تدبّرت الشيءَ ": تفكّرت في عاقبته، وتأملته، ثم استعمل في كل تأمّل،


والتدبير: أَنْ يدبِّر الإنسان أمْرَه،كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته) (فتح القدير 491/1)



قال الخازن: أصل التدبّر:
النظر في عواقبِ الأمور، والتفكُّر في أدبارها، ثم استعمل في كل تفكُّرٍ وتأمّلٍ، ويقال: (تدبرت الشيءَ) أي: نظرت في عاقبته،



ومعنى تدبّر القرآنِ: تأَمُّل معانيه، والتفكّر في حِكَمِهِ، وتبصّر ما فيه من الآيات". (لباب التأويل في معاني التنزيل"402/1)



يآأيها الناس اسمعوا نداء رب الناس للناس
قال الله تعالى:


((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا" النساء )) النساء



((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) يونس



((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ )) يونس
في هذه الآيات الثلاث فقط تأتي الأوصاف العظام بأنه هو البرهان , النور , الموعظة , الشفاء , الهدى , الرحمة الحق


فهذه رسالة أوجهها لكل قارئ للقرآن يلتمس فيه الحياة والهداية والعلم لمن أراد أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته
فأعظم مايحدثه الإقبال على القرآن هو حياة
القلب وصلاحه وأعظم داء يصاب المعرض عن القرآن هو موت القلب وقسوته
ولذا قصرت الذكرى على من كان له قلب أو اجتهد في إحضار قلبه مع القرآن كما قال تعالى:
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) سورة ق





الأصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى القلب فالقب أمره جلل وهو سر من أسرار الله في الأرض كما قال القائل :
للقلب سر ليس يعـرف قدره ... إلا الذي أتــاه للإنسان
ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد كله ألا وهي القلب )





وقد وُصفت قراءة الفضيل بن عياض رحمه الله: بأنها كانت قراءته للقرآن حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنساناً
وفي مرسل الحسن رضي الله عنه قال:
العلم علمان:
علم في القلب فذاك العلم النافع
وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه



وهناك أمور شرعت من أجل تدبر القرآن والتأثروهي :
أ_ إنزال القرآن والتعبد به فقد قال الله تعالى:
(( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )) سورة ص
ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله :
( ولهذا أنزل الله القرآن ليتدبر ويتفكر فيه ويعمل به لالمجرد التلاوة مع الإعراض عنه )
وقال أيضاً : ( تحديق ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعقله هو المقصود من إنزاله لامجرد التلاوة بلا فهم ولاتدبر)



ب_ سلامة التلاوة وإتقان التجويد
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة )) صحيح مسلم
وكونه ماهر به يشمل إتقانه للحفظ الترتيل والتغني بالقرآن وتحسينه
لقوله تعالى: ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا ) سورة المزمل
ولقوله صلى الله عليه وسلم:( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) صحيح البخاري


وقال ابن كثير:( المطلوب شرعاً هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والإنقياد والطاعة )



ج_ الإنصات عند سماع القرآن
قال تعالى: (( وَ اِذَا قُرِأَ القُرْآنْ فَاسْتَمِعِوا لَهْ وَ اْنصِتوْا لَعَلكُمْ تُرْحَمُون ))
قال الشوكاني رحمه الله : أمرهم الله سبحانه بالإستماع للقرآن والإنصات له عند قراءته لينتفعوا به ويتدبروا مافيه من الحكم والمصالح



وهنا قصص سأذكرها عن التدبر:
في الدر المنثور عند تفسير قوله تعالى:
(أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء) سورة الأعراف
أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه شرب ماء بارد فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له مايبكيك ؟
قال: ذكرت آية في كتاب الله :
( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ) سورة سبأ
فعرفت أن أهل النار لايشتهون إلا الماء البارد
وقد قال الله تعالى:
(أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ)


..................


تدبر أحد السلف في مثل من أمثال القرآن فبكى : فسُـئل ما يبكيك ؟ قال :
إن الله عزوجل يقول :{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } العنكبوت
أي : هذه الأمثال نضربها في القرآن للناس : (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) وأنا ما عقلت المثل ،
فلست بعالم ، فأبكي على ضياع العلم مني ..


................


وقال معمر : صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته :
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية
{ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }
فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر
فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !!
وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا )





وقد أبان الله تعالى عن الحكمة من إنزال القرآن فقال:
( كَتابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) سورة ص


واللام في قوله: ( ليدبروا ) هي لام العلة فهو لن يكون مباركاً مباركة تامة إلا بالتدبر



وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من يتلو القرآن ولم يتدبر ويتفكر بقلبه
فثبت عن ابن حبان في صحيحه وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لقد أنزلت علي الليلة آية , ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )

من آخر سورة آل عمران



5
778

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عتاب قلم
عتاب قلم
همسات من مُحبة:




(( من لم يكن له علم وفهم وتقوى وتدبر لم يدرك من لذة القرآن )) الزركشي



(( إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يتلذ بقراءته )) ابن جرير الطبري


((المطلوب من القرآن فهم معانيه والعمل به فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين )) ابن تيمية


((ياآبن آدم كيف يرق قلبك وإنما همتك في آخر السورة )) الحسن البصري



((وإذا مر متدبر القرآن بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة

ولو ليلة فقراءة ’ية بتفكر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة الإيمان )) ابن القيم


واختم كلامي بمحكم من القول للإمام محمد بن الحسين الآجري

يقول فيه:

(القليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبرولاتفكر فيه فظاهر القرآن يدل على ذلك , والسنة وأئمة المسلمين )



أسأل الله أن يرزقنا جميعا الفقه في الدين وأن يعلمنا تأويل كتابه

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك

أو استأثرت به في علم الغيب عندك

أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلآء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا

اللهم علمنا منه ماجهلنا وذكرنا منه مانسينا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وزوجاته وعلى التابعين ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين



منتقـــاة المصادر:

فن التدبر : لفضيلة الشيخ عصام العويد
تدبر القرآن :لسلمان السنيدي
التدبر حقيقته وعلاقته بمصطلحات التأويل والإستنباط والفهم والتفسير:لعبدالله السرحان
أشتقت لحضن أمي
أمين يارب العالمين
جزكي الله الفردوس الأعلى وجعل ما كتبتيه في ميزان حسناتكي
أحبكي في الله
نرجس
نرجس
ماشاء الله تبارك الله
درررر
استفدت كثيرا وكعادتك تأتي بالمميز ..القيم ..
جزاك الله الجنة .
عتاب قلم
عتاب قلم
أمين يارب العالمين جزكي الله الفردوس الأعلى وجعل ما كتبتيه في ميزان حسناتكي أحبكي في الله
أمين يارب العالمين جزكي الله الفردوس الأعلى وجعل ما كتبتيه في ميزان حسناتكي أحبكي في الله
هلا وغلا برفيقة دربي
يارب أسعدها ولاتحرمني منها
أحبك الله الذي أحببتيني لأجله
وأنا أحبك ياقمر :p
عتاب قلم
عتاب قلم
ماشاء الله تبارك الله درررر استفدت كثيرا وكعادتك تأتي بالمميز ..القيم .. جزاك الله الجنة .
ماشاء الله تبارك الله درررر استفدت كثيرا وكعادتك تأتي بالمميز ..القيم .. جزاك الله الجنة .
هلا حياك ربي وبياك
أشرقت الصفحة بدخولك المشرق
دائما تدفعينني إلى الأمام ياأغلى مشرفة

نسأل الله التوفيق والتيسير والسداد
آمين