"المسح على العمامة والخمار وبدائلهما" الشيخ سعيد شعلان

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

أيها المستقبلون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:--

"المسح على العمامة والخمار وبدائلهما":--

هذا الأمر هو آخر ما أتكلم عليه في هذا الموضوع.

قبل أن أبين أسبابي في القول بصحة المسح على بدائل العمامة: أود أن أبين أن المسح على الرأس يكون على ثلاثة أحوال:--

1- المسح على جميع الرأس، وذلك لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه أنه قال في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه".
رواه البخاري برقم: "185"، ومسلم برقم: "235".

2- المسح على ناصية الرأس والتكميل على العمامة، وذلك لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين".
رواه مسلم برقم: "274".

3- المسح على العمامة، وذلك لحديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على العمامة والخفين".
رواه البخاري برقم: "205".

ولا يشترط للمسح على العمامة أن تُلْبَسَ على طهارة كالخفين، وليس للمسح عليها مدة، والذين اشترطوا الطهارة وحددوا المدة قياساً على ما ورد في المسح على الخفين -مع جلالتهم- لم يصيبوا، لأن هذا القياس قياس مع الفارق، فقد قاسوا ما فرضه المسح على ما فرضه الغسل.

وإليكم بيان ذلك من كلام الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه للحديث "59" من "بلوغ المرام":--

2-- جواز المسح على العمائم، يعني التي تعمم على الرأس.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
وهل لها شروط؟ الجواب: ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يشترط أن يلبسها على طهارة قياسا على الخف، فإن الخف لا بد أن يلبسه على طهارة، قالوا: فكذلك العمامة. ولكن هذا قياس غير صحيح لأمرين:
الأمر الأول: أنه لم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الإنسان أن يلبس العمامة على طهارة مع أنه لو كان شرطا لكان مما تتوفر الدواعي على نقله، فلما لم يرد قلنا: الأصل عدم الاشتراط.
الأمر الثاني: أن القياس لا بد فيه من مساواة الفرع للأصل، وهنا لا تمكن المساواة، وذلك لأن الرجل مغسولة والرأس ممسوح، فتطهير الرأس قد سُّهِلَ فيه من أصله حيث إنه مسح، فإذا كان سُّهِلَ فيه من أصله فلا يمكن أن يقاس الأسهل على ما هو أصعب منه.
فيقال: كما سُّهِلَ في أصله وهو تطهير الرأس، كذلك يُسَّهَلُ في الفرع وهي العمامة التي تلبس عليه.
ثانيا: هل يشترط أن تكون المدة يوما وليلة، أم يجوز ما دام لابسا العمامة فهو يمسح عليها؟
المذهب: -أي الحنبلي- أنه لا بد أن تكون يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر قياسا على الخف.
وهذا القياس لا يصح كما سبق، لأنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث لا صحيح ولا ضعيف أنه وَّقَتَ لمسح العمامة يوما وليلة أو ثلاثة أيام.
ثم إن القياس أيضا غير تام لاختلاف الأصل والفرع، وعلى هذا نقول: اِلْبَس العمامة متى شئت، وامسح عليها متى شئت.
ثالثا: هل يشترط في العمامة شرط فوق كونها مطلق عمامة؟
المذهب: نعم، لا بد أن تكون مُحَّنَكة، أو ذات ذؤابة. فالمحنكة يعني أن يدار منها لَّيةٌ تحت الحنك، أو ذات ذؤابة بأن يكون لها ذؤابة من الخلف.
وحجتهم في ذلك: قالوا لأن الحكمة من جواز المسح على العمامة مشقة النزع، وهذا لا يتحقق في عمامة وضعت على الرأس دون أن تكون محنكة، لكن المحنكة يشق على الإنسان نزعها.
أما ذات الذؤابة فلأن هذه هي العمامة المشهورة عند العرب، وفاقدتها
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
"حاشية سعيد شعلان":--
أي والعمامة التي ليس لها ذؤابة.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ
لا تسمى عمامة، ولكن هذا فيه نظر.
والصواب: أنه يجوز أن يمسح على العمامة الصماء التي ليست ذات ذؤابة ولا محنكة.
أما الأول فنقول: أين الدليل على أنه لا بد أن تكون محنكة؟ والتعليل بأنه لمشقة النزع يقال: إن هذا لا يقاس على الخف، لأن أصل تطهير الرأس مخفف فيه، ثم إنه قد يشق على الإنسان أن يخلع العمامة ليمسح على الرأس، لأن بعض العمائم تكون لياتها كثيرة، فلو نزعها بقي وقتا يرد طَّيَها.
وثانيا: أن هناك أذى، لأن العمامة لا بد أن تُكْسِبَ الرأس حرارة، فإذا كشطها أو نزعها ليمسح الرأس في أيام الشتاء خاصة فإنه يتأذى بذلك، وربما يتضرر لأنه سيقابل رأسه برودة.
فالصواب: أنه لا يشترط في العمامة أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة.
وأما كون هذه عمائم العرب: فإن سلم هذا فالنصوص جاءت مطلقة بدون تقييد.
ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ

وأما بالنسبة للمرأة فإنه يجوز لها أن تمسح على خمارها، وذلك لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم: "250"، وصححه الألباني في كتابه "حجاب المرأة المسلمة"، عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أنها كانت تمسح على الخمار".
فللمرأة أن تفعل ما يفعل الرجل، إما المسح على الرأس -كما ذكرت كيفيته-، وإما أن تمسح على ناصيتها وتكمل على خمارها، وإما أن تمسح على الخمار فقط.

وبالربغم من أن أكثر أهل العلم لا يجيزون المسح على بدائل العمامة من قلنسوة وطاقية وغترة وشماغ، وغير ذلك مما يستعمله الناس لوقاية رؤوسهم من البرد، بالرغم من ذلك فإني أختار جواز المسح على كل ما وقى به المرء رأسه من البرد.

قال ابن قدامة في المجلد الأول من المغني:--

"وقال أبو بكر الخلال: إن مسح إنسان على القلنسوة لم أر به بأسا لأن أحمد قال في رواية الميموني: أنا أتوقاه وإن ذهب إليه ذاهب لم أعنفه.
قال الخلال: وكيف يعنفه وقد روى عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحاح ورجال ثقاة، فروى الأثرم بإسناده عن عمر أنه قال: "إن شاء حَسَرَ عن رأسه وإن شاء مسح على قلنسوته وعمامته".
"وروى بإسناده عن أبي موسى أنه خرج من الخلاء فمسح على القلنسوة". ولأنه ملبوس معتاد يستر الرأس فأشبه العمامة المحنكة".

وقد بَّيَنَ شيخ الإسلام ابن تيمية في الجزء 21 من مجموع الفتاوى ما يوضح أن تحنيك العمامة له سبب، وبناءً على ذلك لا يعتبر تحنيك العمامة شرطاً لجواز المسح على العمامة، وعليه فلا يكون عدم التحنيك في الطاقية وشبهها سببا في منع المسح عليها.
وإليكم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:--

"والسلف كانوا يحنكون عمائمهم لأنهم كانوا يركبون الخيل ويجاهدون في سبيل الله، فإن لم يربطوا العمائم بالتحنيك وإلا سقطت ولم يمكن معها طرد الخيل، ولهذا ذكر أحمد عن أهل الشام أنهم كانوا يحافظون على هذه السنة لأجل أنهم كانوا في زمنه هم المجاهدين.
وذكر إسحاق بن راهويه بإسناده أن أولاد المهاجرين والأنصار كانوا يلبسون العمائم بلا تحنيك، وهذا لأنهم كانوا في الحجاز في زمن التابعين لا يجاهدون.
ورخص إسحاق وغيره في لبسها بلا تحنيك".

والمراد بالتحنيك: أن تُلَّفَ العمامة على الرأس وأن يُجْعَلَ منها طرفان يربطان تحت الحَنَك لتثبيتها، كما وضح شيخ الإسلام ابن تيمية.

فإذا كان الرجل أو المرأة يلبس كل منهما على رأسه -خصوصاً في الشتاء- ما يحتاج إلى تدفئة رأسه به، ويخاف الضرر بنزعه: فإنه لا حرج عليه إن شاء الله في المسح عليه.

قال شيخ الإسلام في نفس المصدر السابق:--

"ومنهم من يقول: بل إنما كان المسح على العمامة لأجل الضرر وهو ما إذا حصل بكشف الرأس ضرر من برد ومرض، فيكون من جنس المسح على الجبيرة كما جاء: أنهم كانوا في سرية فشكوا البرد فأمرهم -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يمسحوا على التساخين والعصائب، والعصائب هي العمائم، -والتساخين هي الخفاف وكل ما يسخن القدمين ويدفئهما-، ومعلوم أن البلاد الباردة يحتاج فيها من يمسح التساخين والعصائب ما لا يحتاج إليه في أرض الحجاز فأهل الشام والروم ونحو هذه البلاد أحق بالرخصة في هذا وهذا من أهل الحجاز، والماشون في الأرض الحزنة والوعرة أحق بجواز المسح على الخف من الماشين في الأرض السهلة، وخفاف هؤلاء في العادة لا بد أن يؤثر فيها الحَجَر، فهم برخصة المسح على الخفاف المخرقة أولى من غيرهم".

وفقنا الله جميعاً للفقه في دينه والعلم الانافع والعمل الصالح، آمين.

كتبه: سعيد شعلان.
7
718

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

دقائق الليل
دقائق الليل
جزااااااااااااااااااااااااااااااااك الله خير دايم لمن اروح اي مكااااااااااااااااان اظ\طر افتح الغطاااااااااء عن راسي في الوضوء لكن الان بعد اللي قريته عرفت انه يجوز امسح على الطرحه والغطاااااااااااء الحمدلله على نعمة الاسلام وجعلها في موازين اعماللك
وهج(ام عزوز)
وهج(ام عزوز)
ايه الحمد لله انا اسوي كذا لانو انا اذا رحت السوق مااحب اشيل الغطى عن شعري الحمدلله ع نعمه الاسلام
أم البنيين
أم البنيين
جزاكن الله خيرا ونفعنا وإياكن بالعلم النافع
شيهانه®
شيهانه®
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
أم البنيين
أم البنيين
جزاكن الله خيرا