محجبه

محجبه @mhgbh

عضوة شرف في عالم حواء

( م @ ش ) "الطائر الطليق

المواضيع المميزة

هذا الموضوع شارك بمسابقه شتاء ٢٠٠٩ وفاز بالمركز الآول ..
الكاتبه هي الغاليه : ست الحسن

=========================





ـ اهلا "مها " يا مرحبا .... اهلا اهلا بحبابيبي الحلوين ...اشتقت لكم كثيرر .

هكذا رحبت هيا بكنتها وانبيها.."عمر" 3 سنوات و"يوسف" سنه ونصف ... الفرحة لا تكاد تسعها ...فمنذ سنتين لم تشاهد عمر ...ويوسف تراه لاول مرة ...وبالرغم من ان هذا الاخير بكى كثيرا مستنكرا رؤيتها الا انها تجذبه اليها كلما سكت وتنظر اليها متعجبة متأملة :

ـ انا ميمتك يا حبيبي ...انا ميمتك يا "حمد" ...

ثم تكمل مخاطبة كنتها مستعينة باشارات التاكيد والتقرير..:

ـ جده الخالق الناطق ...حتى اذا عصب و زعل ...الله يرحمه ويغمد روحه الجنة ....

كانت "مها" تتفاعل مع حماتها ...بكل اريحية ومودة ...فهذه الحماة ,,,رغم تقدمها في السن الا انها تشع حيوية ونشاطا ..بروحها الجميلة وابتسامتها الصافية .التي تجعل من امامها ينسجم و يتالف معها بدون صعوبة ...ثم ان "مها" نفسها ..فتاة هادئة بطبعها ..ودود.. ..صافية السرية ...حسنة العشرة ..


بعد العشاء ...اعدت "هيا " الشاي ...وجلست في غرفة المعيشة ...تتابع برنامجا تلفزيونيا ...وبعد ان انتهت "مها " من تنويم الطفلين ..جاءت تمشي بهدوء يتناغم مع صمت البيت وسكونه و جلست على الاريكة المقابلة لحماتها التي بادرتها بالحديث ...

ـ الحمد لله انني ساقضي معك ومع الحبيبين يومين قبل سفري .... ووددت لو اجلت هذه السفرة اسبوعا ...ولكن ماذا عساني انا افعل وقد شارفت " نورة " على الولادة ... ولا بد ان اكون بجوارها ....

ـ وانا يا خالتي اتمنى لو اقضي معك وقتا اطول ....ولكن عديني بزيارة قريبة لنا "وليد" يشتاق لك كثيرا " ومدريد" تنطر منك زيارة ...

ـ ان شاء الله ...سيكون اجتماعنا السنوي هذا العام كاملا ..ولن يتغيب عنه احد ...نقول ان شاء... العام تغيبتم انتم ..وقبله "خالد"..و "طارق" ..وقبله ..."شروق" ...وقبله "ريم وسارة".... اتطلع الان الى اجتماع كامل خاصة مع الفروع الجديدة في الاسرة ...ههههههه

شاركتها "مها " الضحكة ...ثم عدلت جلستها ...متهئية لتستفر منها عن امر يقلقها :

ـ خالتي الم تضيقي ذرعا ...بهذه الغربة ...وهذا الانتقال من بلد لاخر ...؟؟!!

اطرقت هيا واجمة ...وكانها تبحث في طيات قلبها عن اجابة لسوال طرحته لنفسها يوما ما ...ثم اندثرت هذه الاجابة مع ذلك السؤال ...

تابعت كنتها وهي تزيد سوالها ايضاحا :

ـ الم تملي الغربة ؟؟ الا تتوقي للاستقرار في منزلك وبين اهلك ؟؟ وفي وطنك ؟؟
كيف تغلبت على مشاعر الحنين والغربة والفراق ؟؟ـ
وكيف تعايشتي والفتي الغربة والتنقل والسفر ؟؟

استمرت هيا في اطراقها ......وكانها تريد ان تضع يدها على الجرح ...جرح "مها" الذي لمسته هي قبل 35 سنة..

ارادت "هيا" ان تساعد كنتها في لملمة جراحها ... واتخاذ قرار حياتها

رفعت راسها وهي تهم في سرد قصة طويلة :

ـ قبل اكثر من خمس وثلاثين سنه ... اخذتني امي الى زاوية في البيت في خلوة استغربت حدوثها ...واخبرتني ان الخميس القادم سيكون زفافي الى احد ابناء الاسر الراقية في منطقتنا ...وسياخذني بعد الزفاف الى مكان عمله في بلد مجاور ....لم افكر في ذلك الاسبوع في ذلك البلد الذي ساقصده بعد الزواج ...كنت في تلك الفترة اطرق ابواب السابعة عشرة من عمري ...وانشغلت حينها مع خالاتي في تجهيز واعداد متطلبات العرس من خياطة الاثواب و اعداد متطلبات العرس ...ومضى الشهران الاولان في الرياض وانا في غاية الانس والسعادة .....فابوخالد كان رجل يندر له مثيل في تعامله الطيب وحنانه ورقته معي ومع اهله ...
لذلك لما جاء امر السفر لم اقلق كثيرا اذ شعرت انني بامان مع هذا الرجل انى ذهبت ...كان عمل ابي خالد في السلك الدبلومسي ...و طبيعة عمله تتطلب الانتقال بين سفارات الوطن في دول عدة من العالم .....

تابعت "مها" حديث الخالة بحرص و شغف .... فلاول مرة تسمع طرفا من تاريخ اهل اطفالها ..كما انه الان يهمها ان تسمع قصة مثيرة لامراة جربت الغربة مرارا...بل ان عمرها كله غربة

اكملت "هيا" الحديث ...بعد برهة صمت استعادت خلالها بعض خيوط الماضي لتعيد ذكراها وهي مترابطة متالفة :

ـ في القاهرة كانت غربتي الاولى وبها انجبت خالدا .... وبعد سنة من مولد خالد استطعت ان اقول انني الفت البلد ...وعشقت اهله ...فارتوتيت من النيل ...و احببت الاسكندرية ... وانست بصخب مصر وزحمتها ...واصبحت مصرية في سنتين ...اشتقت فيها للرياض واهل الرياض ...فاذا فاضت دموعي والتاعت شجوني ...قصدت طنط " نعيمة" ...فاشتكي لها وابثها همومي ...ثم اجد نفسي فجاة اخرط معها الملوخية ...واعد الكرنب المحشي واتنافس مع ابنتها "ليلى " في اي منا تتقن عملها ...وسرعان ما يمضي اليوم وكانني كنت مع اهلي

توقفت "هيا " عن السرد ...وسرحت بعينين ثابتتين الى لاشئ ...الى الوراء وهي تبتسم وبالخيال تتابع صور من الذاكرة لشقة " " وطنط "نعيمة "....وابنتها "ليلى "..ووو....

ـ ايوه ...يا خالة ,,,اكملي ..وماذا بعد؟؟

هزت "هيا" راسها وتنهدت ثم :

الله ...ما اجمل ذكرى العشرة الطيبة ... والصلة التي اساسها الحب والاخاء والعاطفة الصادقة ...عندما تجاوز "خالد" السنتان كنت حاملا حينذاك ب "طارق وسارة" ووقتها جاء امر النقل لابي خالد الى بلد اخر ...ودعت احبابي ..وفارقت منزلي ..وخرجت من مصر احمل ذكريات جميلة وبضع صور للذكرى وهدايا لا زلت اكنزها

وهنا تذكرت" هيا" اشياء جميلة رغبت في ان تريها "مها" ... اخذت بيد كنتها ...وسارت بها نحو غرفتها الرئيسة :

ـ تعالي حبيبتي لاريك .



"






ـ



29
6K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

محجبه
محجبه

الغرفة قليلة الاثاث ..ولكن طرازها رفيع ... سرير صغير ذو نفرين وتسريحة صغيرة ودولاب له بابان ...اثاث بسيط لكن شكله بديع وصناعته باهرة ...وعلى اليمين من دولاب الملابس وفي الزواية صندوق اثري كبيربنفس لون الغرفة الداكن ...مغطى بسجادة جميلة الالوان ..محبوكة باليد ,,,ازاحتها "هيا " لتري "مها "...هذه السجادة ..من تركيا ,,,منذ 20 سنه اهداها لنا صديقنا التركي "رفعت" رحمه الله ...ولازالت رائحتها تذكرني بابي خالد رحمه الله ..وبرفعت وزوجته"منيرة..واولاده ..وتركيا الجميلة ...وجبالها الشامخة وسهولها الخضراء...
اخذتها "مها" تقلب فيها ...وتتامل طريقة صنعها ...في حين كانت حماتها ..تفتح الصندوق الاثري ...

لتخرج هيا صندوق صغير قديم ولكن جميل مطعم باحجار فضية وفيروزية الالون ...كان هذا الصندوق يحوي البوم لمصر واول بيت لهيا واهل هيا المصرية . ..الصور وان كانت بالابيض والاسود الا انها تعكس في نفس "هيا" حياة كانت ملونة بالوان الفرح والبهجة ..
واخذت هيا تري كنتها تلك الهدايا التذكارية ومناسباتها ...تحكي وتبتسم ...تتحدث وتتذكر...تسترجع فتتعجب ..

ـ وماذا بعد مصر يا خالة ...

تابعت هيا .وهي تهز راسها مع ابتسامة ساخرة من ذكريات كانت يوما مؤلمة.:

ـ ذهبت لاهلي لقضاء اجازة ..قبل ان انتقل لدولة افريقية اخرى ...سمعت انها لن تكن كمصر ..وبالفعل كانت "اكرا" مختلفة تماما ...وحملي الثاني مختلف تماما ...كانت غانا من الدول الافريقية الفقيرة التي يكثر فيها الفقر والمرض والجهل ...وان كنا نحن العائلات الدبلوماسية نعيش في ظروف احسن الا ان التفاعل والتمازج كان صعبا في ذلك البلد ,,,سواء من حيث التعامل واللغة و نظام المعيشة كله ...بالاضافة الى ان فترة خملي بالتؤامين كانت صعبة جدا ...وزادت الامور تغقدا لاشتعال رحى الانقلابات الثورية تلك الفترة وتاثيرها علينا ...وبعد الولادة في ظروف معيشية صعبة اصبحت مهمتي صعبة وازاد حمل المسؤولية على كاهلي ...وانتابتني نوبات من البكاء والعصبية ...حاولت ان اصبر وان اتاقلم مع تلك الحياة المختلفة ...ولكن ...بعد سنة حزمت حقائبي لقضاء الاجازة وودعت كل ما في "اكرا" عازمة على عدم العودة ....

ـ اوووه يا خالتي .... ثم ماذا؟؟

ـ في الرياض تقلبت الاحوال ....جئت اهلي نحيلة الجسد منهكة القوى ..شاحبة الوجه ..حزينة الملامح ...وشئيا فشئيا...عادت الحياة تدب الي ...ساعدني حميع اهلي في رعاية اطفالي ...اهتمت والدتي بتغذيتنا جميعا ..انخرطت في الزيارات والجلسات والسمرات ...وعاد "حمد" وحيدا الى "غانا" حسب اختياري ...

توالت الايام ...وانصرمت الاشهر ...ثم تدفقت مشاعر الحنين والشوق ,,,شوقي لزوجي واشتياقه واحتياجه لنا ,,,وكذا كثر سؤال الاطفال عن والدهم ...ومتى يجئ ؟؟....خاصة خالد ...
وكان ابو خالد في كل اتصال يسالني :هل انا على استعداد للعودة ؟؟..ومع نيرات صوته احس بالتضجر من وضعه بدوني وبدون اطفال ...ومن شوقه لنا ...وكنت تارة اقول له : نعم مستعدة ...وتارة اخرى اتردد وارفض ...

ولكن كان لابد لي من جلسة مع نفسي ..ولابد لي من قرار حاسم ...وفي ذات يوم واجهت نفسي وخيرتها ...نعم خيرتها بين :

حياة مع زوج طبيعة عمله تقتضي ان يكون متنقلا بين البلدان والاقطار في ارجاء المعمورة ...لن اعرف ولا اطفالي خلالها حياة استقرار بين وطن واهل واقارب ...لن يكون لي بيتا املكه ولا مكانا انتسب اليه ..وفي كل مرة سانتقل لمكان جديد وشعب جديد ولغة جديدة وحياة كل ما فيها جديد...ساقضي هذه الحياة ما بين الحل والترحال ...

وبين حياة اعيش فيها مع اطفالي بين امي وابي واخواني واخواتي وكل اقاربي في وطني الذي ولدت وترعرت فيه ..وفي بيت هو بيتي منذ زمن طويل ..املك فيه جناحا كاملا ..و تتوفر فيه اغلب احتياجاتي دون من ولا اذى ...ولكنها حياة لن تكون بزوج ذي دين اصيل وخلق كريم ...ولن نكون باب حنون ومرب مثالي لاولادي ...

بعد تلك الحسابات التي لم تطل اخترت حياة التنقل والاسفار مع زوجي واولادي وايقنت ان هذا نصيبي وحظي ..و اخذت قرارا مع نفسي ان ارضى بهذا النصيب واتكيف معه واتعايش مع هذا النمط من المعيشة واجاهد في اسعاد نفسي وزوجي واولادي ....وان لااعود مطلقا للتضجر والتعب و الغضب من هذا اللون من المعيشة

وبعد ان اتخذت قراري ...تغيرت روحي ...واصبحت بعدها "طائرا حرا سعيدا" انتشلت نفسي من قيود الزمان والمكان والناس والاشياء ...واصبحت احط في كل مكان بكل خفة اتجول ما فيه ..اشاهد.. اسمع ..التقط.. اتعلم.. اعيش برهه يسيرة ثم انتقل وهكذا ........

والان بعد اكثر من 35 سنة ...اصبح العالم هو وطني ...افهم اكثر اللغات وان لم اتكلم بها ...اعاشر البشر بكل سهولة وبساطة ...لم يثقل كاهلي منزل واثاث وناس وو ...بل اعيش خفيفة وفي قلبي ايضا خفة الروح وثراء التجارب ...والان لا اطيق الاستقرار في مكان لثلاثة اشهر متوالية ...بل اصبخت فعلا "الطائر الطليق
شام
شام
ما شاء الله لا قوة إلا بالله

قصة رائعة وأسلوب جميل جدا , حمل معاني سامية ورفيعة

موفقة غاليتي , فأراك تفوزين بالجائزة ..
عروس الشام
عروس الشام
و الله نفس رأي شام
فعلاً أراك تفوزين
ما أصعب حياة زوجة الدبلوماسي
كنت دائماً أفكر في حياة عدم الاستقرار التي يعيشونها و كيف يتعايشون معها
و قد وضحتي لنا الكثير من أحاسيس الطيور الطليقة كما أسميتهم
أسلوب رائع جداً في السرد و متمكن من اللغة و الانسيابية في الحوار و الصور

أراك كاتبة متمكنة و ذات رؤية و أتمنى أن أعرف من أنت بسرعة :)
بانتظار معرفة الكاتبة السرية ذات الإحساس المرهف و القلم المبدع
عروس الشام
عروس الشام
للرفع للرفع للرفع

حرام هالموضوع يروح للصفحة التانية
ام عزان
ام عزان
روعه ماشاء الله


فيها من حياتي قليلاً


بس الحمد الله كل الدول الي رحت لها حلوه وذكريتها احلى