جنائز الحاجة

الملتقى العام

موضوع اعجبني في جريدة الجزيرة للكاتب د.محمد ابو حمرا


قلّ أن يمر يوم دون أن نقرأ أو نسمع خبر وفاة معلمة أو معلمات في حادث سير. وهو نوع من الفجيعة التي تعانق المعلمات الشابات اللائي يحملن أرواحهن على إطارات السيارات؛ بحثاً عن لقمة عيش بشرف مشوب باليأس والألم.

ولعل المسئول الأول والمغرد أو النائح على تلك الجنائز هو وزارة التربية الموقرة، لسبب بسيط جداً وهو أنها لم تطوّر آلة التفكير في حل تلك المشكلة، ولم تكلف الوزارة فريقاً أو حتى شخصاً بالبحث عن تلك المشكلة العويصة ليجد لها حلاً عاقلاً ومناسباً ليوقف نزيف الدماء وعويل الأطفال وترمل الرجال.

أصبحت المعلمة دماً مسفوحاً دون أن يهتز لسفكه مسئول في الوزارة للأسف، وإن قال أحدهم بلهجته العامية المغرقة في الغباء: ما أحد ضربها على يدها تروح تدرس في مدرسة بعيدة وتلقي بنفسها للخطر!!

لكنه نسي أن أغلب من يموت هن من الشابات اللائي دخلن أو لم يدخلن حياة الزوجية. وهن في أمسّ الحاجة إلى الهللة قبل القرش، فبعضهن يعول أسراً كبيرة تقوم معيشتها على ما يتبقى من راتب المعلمة بعد حسم أجرة السيارة ونصيب التقاعد. هذه ناحية، والأخرى أن المرأة العاملة صارت عملة مطلوبة للشباب الذي يرغب في الزواج؛ لكي تساعده على مشاق الغلاء في كل شيء عدا أرواح المعلمات الرخيصة، وهن عنصر من عناصر الحياة السريعة والمتلاحقة، فلا بد من الاهتمام.

تقوم المدرسة قبل الفجر لتعد إفطار البيت، وتودع زوجها وطفلها أو طفليها وهي في داخلها تبكي؛ لأنها لا تدري هل تعود لهم أم تموت. فالطفل أو الطفلة يذهب لمدرسته والزوج لعمله المدني أو العسكري، ولا زال همّ الموت يشتعل، وفجأة يرن الهاتف على زوجها لكي يخبره بحادث فتتعطل لغة الكلام ويحصل المحذور.

ما ذنب هؤلاء النساء العفيفات أن يرمين في مجاهل الصحارى أو مدن تبعد 300 كيلو ذهاباً ومثلها إياباً؟

ثم لماذا لا يتحرك المسئولون في التربية والتعليم لوضع استراتيجية فاعلة، لكي تحقن دماء بنات الوطن؟

يبدو لي -وأقولها بكل وضوح- أنهم لم يعانوا من المشكلة؛ لأن ابنة أو زوجة المسئول منهم تعيّن في المكان الآمن، أما غيرها فلا يهم.

أيضاً لم نسمع قط أن ابنة أو قريبة مسئول في التربية والتعليم حصل لها حادث معلمات لأنها أصلاً لا تغادر المدينة، ولعل هذا هو الذي جعلهم لا يتحركون. نحن في أمس الحاجة إلى فعل شيء يحقن الدماء ويعطي العدالة في تعيين المعلمات اللاتي يلاحقهن الفقر ويدفعهن للموت.. الله المستعان.

http://www.al-jazirah.com/139579/ar1d.htm
4
791

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بنت أثيثيا
بنت أثيثيا
جزاك الله خير يا أختي شيماء

الموضوع صار مشكله كبيره في هذا البلد حسبي الله على من بيده الامر
بوبا القطه
بوبا القطه
مشكوره
بنت أثيثيا
بنت أثيثيا
حياك الله يابوبا القطه

نضع يدنا بيد المعلمات لحل هذي المشكله قبل ان يذهب في مهب الريح