فضل العشر الأواخر<< مقالة للدويش تحيي الهمة في النفوس

ملتقى الإيمان




مقالة قيمة جدااااااااااااً للشيخ ابراهيم الدويش تحيي الهمة في النفوس


فضل العشر الأواخر


الحمد لله الذي هيأ لعباده فرص الطاعات، وجعلها مشروعة في جميع الأزمان والأوقات، لتزكو بها نفوسهم، وتصفو بها قلوبهم، ويحطوا بها عن خطاياهم، فَيَرْقُون بها إلى أعلى الدرجات، ويحققون بها أسمى الغايات، والصلاة والسلام على نبينا محمد أسبق الخلق إلى الطاعات، وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واستبق الخيرات .
أما بعد:

عباد الله! عجبًا لهذا الزمان، وسرعة طيه للساعات والأيام، فها هو شهر رمضان قد آذن بالرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فاتقوا الله -عباد الله- واغتنموا مواسم الخير بعمارتها بما يقربكم إلى ربكم، واحذروا من التفريط والإضاعة؛ فستندمون على تفريطكم وإضاعتكم .

وبادروا -يرحمكم الله- فُرَص هذا الشهر قبل فواتها، واحفظوا نفوسكم عما فيه شقاؤها وهلاكها، فتداركوا ما بقي منها بصالح الأعمال .

ومن هذه النفحات الربانية: العشر الأواخر، أفضل الليالي، فجدوا واجتهدوا، واستيقظوا ولا ترقدوا، فمن تَذَكَّر حلاوةَ الثواب، وعِظَمَ الأجرِ، وليلةَ القدرِ، هان عليه مُرُّ المجاهدة . فقد كان الحبيب r يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله تعالى- عنها قالت:

(( كَانَ النَّبِيُّ r إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ )).

وقد تضمن حديث عائشة -رضي الله عنها- ثلاثة أشياء كان يخص بها رسول الله r العشر الأواخر؛ أولها: شد المئزر، واختلفوا في تفسيره، فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدِّه واجتهاده في العبادة، وقيل: المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون. وقد كان النبي r غالبًا يعتكف العشر الأواخر، والمعتكف ممنوع من قربان النساء بالنص والإجماع. قال الله - عز وجل - :

] وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ () وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ () لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ () تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ () سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ () فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍوَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِلَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍتَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سَلَامٌ هِيَ [ أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر ".

فيا من فرط أول الشهر، إياك أن تفوتك هذه النفحات، واسمع إلى قول نبي الرحمات r: ((إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ)).

فإياك أن تكون محرومًا، فأكثر من الصلاة والذكر وقراءة القرآن فيها، وأكثر من الدعاء؛ فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: (( قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي )).

قال يحيى بن معاذ: " لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه، لم يبتل بالذنب أكرم الناس عليه ". وفي الحديث القدسي: (( يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي )).

أيها الصالحون! هذه هي أيامكم قد حلت، ورياحكم قد هبت، فلو قمتم بالأسحار على أقدام الانكسار، وأكثرتم من الابتهال والتضرع والاستغفار، لـكان الجواب من الله الكريم الغفار: أشهدكم أني قد غفرت لكم .

يا ليلة القدر للعابدين اشهدي، يا أقدام القانتين اركعي لربك واسجدي، يا قلوب المعتكفين اعكفي ومجِّدي، يا ألسنة السائلين جدي في المسألة واجتهدي .

يا رجال الليل جدُّوا ربَّ داعٍ لا يُرَدُّ
ما يقوم الليل إلا من له عزم وجِدُّ


عباد الله! كلنا يشتكي تفرق القلب وغفلته، وشعثه وبُعده وقسوته، وكلنا يروح ويغدو في أعمال وأشغال، تطول معها الأحلام والآمال، فتنبه أخي، وقف، واحذر؛ فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات، وفي زمن الفتن والشهوات كثيرًا ما ننسى تربية النفس والذات، ومن تأمل في حال الناس وخاصة الصالحين والصالحات - فهم ليسوا كغيرهم- وجد ضعفًا في الهمة، وفتورًا وكسلاً، خاصة في جوانب العبادة والسلوك .

يقول ابن الجوزي رحمه الله: " وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدئ، ولا صاحب ورعٍ فيستفيد منه المتزهّد ".
فإذا كان -رحمه الله- يقول هذا عن أهل زمانه فلا شك أن الخَطْبَ أعظم في زماننا الذي فُتِحت فيه الدنيا من أوسع أبوابها، والله المستعان .


فنحن بحاجة -إذًا- لانتهاز الفرص، واستغلال المواسم؛ للترقي وبناء النفس، ومن أهم الوسائل لتربية النفس، بل من أنجعها وأكثرها أثرًا: الخلوة والانقطاع عن الناس، فكثرة الخلطة تضعف القلب، تأمل حالنا، ننشغل بأموالنا، وأزواجنا وأولادنا، ورغباتنا وأصحابنا، نكدح كدحًا عجيبًا ننسى فيه أنفسنا، فما أحوجنا أن نعطي النفس حقَّها، كم نحتاج أن نخرج عن المألوف المنهك الممل، كم تحتاج النفس لفك أسرها من شواغلها وكدحها، كم تحتاج النفس لترتاح وتراجع وتتأمل .


قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: " لَمَّا كان صلاحُ القلب واستقامتُهُ على طريق سيره إلى الله تعالى متوقِّفًا على جمعيته على الله، وَلَمّ شَعْثِهِ بإقباله بالكلية على الله؛ فإن شَعَثَ القلب لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شَعَثًا، ويشتته في كل وادٍ، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يُضعفه، أو يعوقه ويوقفه، اقتضت رحمةُ العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يُذهب فضولَ الطعام والشراب... وشرع لهم الاعتكافَ الذي مقصودُهُ عكوفُ القلبِ على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه؛ بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أُنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق؛ فيُعِدُّهُ بذلك لأُنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، فهذا مقصودُ الاعتكاف الأعظم".
8
915

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بشائر النور84
بشائر النور84
رفع للفائدة
مامي فديتك
مامي فديتك
يعطيگ الف عافي? خيتو
كــلي ثقه بك
كــلي ثقه بك
ربي اغفر لنا ذنوبنا
الله يجزاك خير اختي
مامي فديتك
مامي فديتك
يعطيگ الف عافي? خيتو
يعطيگ الف عافي? خيتو
* الل?م صل علي سيدنا محمد •™

سپحاان الل? الحمدلل? االل? اگپر ﻻ‌ ال?? اﻻ‌ الل??? استغفرالل? ,• 
  
  


 * الل?م صل علي سيدنا محمد •™

سپحاان الل? الحمدلل? االل? اگپر ﻻ‌ ال?? اﻻ‌ الل??? استغفرالل? ,• 
  
  


 * الل?م صل علي سيدنا محمد •™

سپحاان الل? الحمدلل? االل? اگپر ﻻ‌ ال?? اﻻ‌ الل??? استغفرالل? ,• 
  
  



 * الل?م صل علي سيدنا محمد •™

سپحاان الل? الحمدلل? االل? اگپر ﻻ‌ ال?? اﻻ‌ الل??? استغفرالل? ,• 
  
  
*هبة
*هبة