em mohamed
em mohamed

المقاله الثانيه عشر

مرضى السرطان في لبنان

د. سامية العمودي

لا زلت في مرحلة العلاج بالكيماوي.. واخضع حالياً لعلاج جديد من مجموعة عقاقير تسمى Taxo تاكسو وهو عقار قاسٍ يعمل على تدمير الخلايا السرطانية بشراسة لكنه ايضاً يؤثر على الخلايا الطبيعية فتأتي مضاعفاته وآثاره الجانبية أقوى..واحمد الله وادعوه دعوة واحدة الثبات الثبات حتى لا ينقص الأجر.. ويزداد الأمر وطأة عندي هذه الايام نظراً لما اعيشه مع من حولي من هموم واعباء نفسية قاتلة بسبب ظروف العالم من حولنا والمتغيرات المؤلمة على أرض لبنان.. ويقولون لي لماذا تتابعين الاخبار فهذا يؤثر على نفسيتك في هذه الأوقات المرضية بالذات فاجيب بأنني لا املك الكثير على الاقل اشارك بمشاعري وارفع دعائي لله عز وجل..وعندما اتنقل بين القنوات أشعر بحال المرضى مثلي واسأل نفسي اسئلة مفزعة كثيرة ترى ماذا يفعل المرضى في لبنان ممن لديهم علاج بالكيماوي ومواعيد مستشفيات وعلاجات لا بد من اخذها.. إذ ان العلاج بالكيماوي يتم وفق جدول معين.. ويتم أخذ الجرعات كل ثلاثة اسابيع وهذه مواعيد محددة مسبقاً لا يمكن تأخيرها.. لان تأخير موعد الجرعة حتى لو لأيام معدودة قد يسمح للخلايا بالتكاثر وقد يسبب انتشار السرطان كما ان العلاج الكيماوي يستدعي الدخول يوم الجرعة إلى المستشفى لساعات ويقومون عادة بعمل فحوصات للدم للتأكد من سلامة عدد كريات الدم البيضاء وسلامة وظائف الكبد والكلى قبل البدء باعطاء الكيماوي.. وقبل آخر جرعة لي وجدوا ارتفاعاً في عدد كريات الدم البيضاء.. واضطررت للخضوع إلى تحاليل أخرى واشعة للصدر للتأكد من عدم وجود التهاب يمنع أخذ الجرعة ثم قرروا الاكتفاء بالمضاد الحيوي ومواصلة الجرعة كالمعتاد وقد كانت لحظات انتظار عصيبة ارهقتني فتذكرت المرضى في لبنان وفي حالات الحروب كهذه تمتلئ المستشفيات بالقتلى والجرحى وينزح الاهالي ويسكنون الملاجئ ويفتقدون إلى ادنى مقومات الحياة وبالطبع يضيع هؤلاء المرضى ممن لهم مواعيد علاج وقد لا يأخذون الجرعة في مواعيدها.. وقد لا يأخذونها ابداً.. ويزداد الأمر سوءاً عند عدم توفر الادوية والمستلزمات الطبية وقد سمعت مثل غيري كيف يشكو الاطباء والمرضى من شح الدواء... ومن بيعه باسعار خيالية باهظة حتى الادوية التي يتم شحنها كمساعدات من الدول الاخرى. حتى هذه يعمل بعض ضعاف النفوس على استغلالها وبيعها مع انها تبرعات.. ويزداد الأمر سوءاً عند عدم توفر عقاقير معينة يحتاجها من يأخذ العلاج الكيماوي فقبل العلاج وبعده احتاج في علاجي لجرعات من عقار الكورتيزون للتخفيف من مضاعفات الكيماوي ويتم اعطائي أدوية مضادة للقيء والغثيان وآلام المعدة بعد العلاج ولأن الكيماوي يسبب آلاماً مبرحة في الجسم فقد تعودت على بعض المسكنات العادية الا انني بعد الجرعة الأخيرة احسست ان المسكنات المعتادة لم تعد تجدي واحتجت إلى مسكن أقوى وهذا لا يتم صرفه الا بوصفة طبية خاصة ولأن الله ذو فضل عظيم ولأنني طبيبة فقد استطعت الحصول على العلاج في خلال ساعة بمجرد الاتصال بزميلتي واختي الدكتورة آمال شبكشي والأخ الفاضل الدكتور اشرف علي حسن استشاري التخدير بالمستشفى عندنا وقد قاما مشكورين بتوفير الدواء المسكن لي في ساعة واحدة فدعوت لهما من كل قلبي.. وتذكرت لبنان والمرضى في لبنان وسألت نفسي ماذا يفعلون في هذه الحالة وفي خضم هذه المعارك وهم لا حول لهم ولا قوة.. بل ان الاكثر مرارة ان المريض العادي قد يحتاج ايضاً إلى ادوية يومية مثل مريض السكر والذي لا يمكنه الاستغناء عن جرعة الانسولين أو مريض الكلى الذي لا بد له من عمل غسيل للكلى أو مريضة السرطان التي تحتاج إلى جلسة علاج بالاشعة وهذه تتم بجرعات يومية..فاذا انسدت الطرقات وانقطعت الاتصالات واصبح الوصول إلى المرافق الطبية مستحيلاً هذا إذا بقي مرفق طبي آمن يمكن الوصول إليه فما العمل في هذه الحالات.. اسئلة كثيرة دارت في ذهني واتعبتني.. فالامراض هذه حالات قاهرة مثلها مثل الحرب في قهرها للانسان.. وضحاياها هم ضحايا حرب ايضا.. فمعركتي مع السرطان اخوضها وانا على ارضي معي بفضل الله كل الامكانيات اما هؤلاء المرضى في الملاجئ وهؤلاء النازحون والمهجرون والمشردون في الطرقات فمن لهم في حروب مفتوحة على محاور عديدة يخوضونها.. حرب مع عدو صهيوني غادر وشرس وحرب مع مرض وسرطان يفتك ولا يرحم.. ولا يبقى لهم ولي غير اللجوء إليه.. بأن يرحمهم.. ويغفر لنا تقصيرنا معهم.. وما هذه السطور الا محاولة ضعيفة للقيام بأقل الواجب الشرعي والطبي تجاه هؤلاء المرضى للتذكير بحالهم.. وحاجتهم واوضاعهم الطبية الحرجة التي تحتاج إلى فهم ومعونة عاجلة وقبلها إلى دعاء صادق بأن ينجيهم الله من سرطان اسمه اليهود وسرطان اسمه المرض وكلاهما اعاذنا الله منه.. والله من وراء القصد.

رسالة حب:

إصابتي بسرطان الثدي رسالة حب احملها لكل امرأة لاقول لها لا تنسي الفحص المبكر لاكتشاف الاورام.
em mohamed
em mohamed


المقاله الثالثه عشر

عندك سرطان.. اكسري حاجز الصمت وأعلنيها عالياً

د. سامية العمودي

عندما أصبت بسرطان الثدي وكتبت أول مقالة في هذه السلسلة كان خالي الحبيب اكثر الناس خوفاً من هذه الخطوة الجريئة في مجتمع تعود على الدفن والكتمان ولذلك اقترح ان نعرض أول مقال لي في هذه السلسلة على صديقه الكاتب المعروف الاستاذ محمد صلاح الدين للاستفادة من رأي اخر وحتى تكون البداية سليمة ومفيدة.. وتبع ذلك لقاءات ومقابلات كان احد اعجب الاسئلة فيها سؤال من مجلة المرأة العربية وفيه سألني المحرر ألا ترين ان نشرك لقصتك فيه تشهير بالذات وانت الطبيبة المعروفة اما ان لك رأياً اخر فقلت له هذا بالضبط احدى الرسائل المهمة التي رغبت في ايصالها للناس حولي فمصطلح التشهير في نظري يطلق على ما نخاف ان يعرفه الناس عنا والمرض ليس جريمة اخلاقية ولا وصمة عار نخجل منها بل هو ابتلاء من الرحمن والايمان بالقضاء والقدر هو الرضا بهذا القضاء والاهم انني طبيبة والتوعية جزء من مسؤوليتي تجاه اهلي وناسي وهذه رسائلي اليهم والحقيقة ان كسر حاجز الصمت هذا نحتاجه خاصة في تعاملنا مع امراضنا لكن الصمت هذا موجود حتى في المجتمعات الاخرى فقد كنت اقرأ في مجلة اسمها MAM باللغة الانجليزية وهي مجلة متخصصة في امراض السرطان عند السيدات وابدت السيدات اسباباً مختلفة لاصرارهن على ان يبقى امر مرضهن سراً مثل خوفهن من فقدان عملهن أو من تعرضهن لضغوط من المحيطين بهن ممن يرون ان السرطان يعني الموت أو ممن لا يرغبن في ان يراهن المحيطون في لحظات الضعف أو يروا مضاعفات العلاج الكيماوي خاصة فقدان الشعر وهكذا والحقيقة ان اكبر ما يتحقق في الاعلان عن مرضنا وما اراه مهما لي بشكل شخصي هو كمية الدعاء الذي نلقاه ونكسبه ولرب دعوة في ظهر الغيب تحقق مالا يتحقق الا بها كما أن ما يصلني من تفاعل من حولي يجعلني اشعر بانني قد بدأت احقق ما تمنيته فأحد الشباب أرسل لي بريداً الكترونياً يقول فيه لم يخطر لي يوماً ان اتناقش مع امي واخواتي في مواضيع مثل سرطان الثدي بل اننا لا نذكر كلمة سرطان في بيتنا لكن مقالاتك جعلتني اتخذ قراراً بان اتحدث اليهم ليدعوا لك وليقوموا بعمل أشعة الماموجرام بل وما نشر مقالاتك في كل مكان.. ويوم الاربعاء كنت في عيادتي وطرقت الباب شابة تركت لي باقة ورد ومجموعة رسائل من شابات كتبن فيها: (ان بينكم شابات في مقتبل العمر تعلمن من سطوركم الكثير والذي عجزت مدارسنا وجامعاتنا وامهات بعضنا من تعليمنا اياه.. اننا نكتب لكم لنقول اننا اخذنا درساً منكم عجزت داعياتنا العظيمات في سكبه في نفوسنا كما عجز بذلك ائمتنا في خطب الجمعة من توصيل رسالة لنا.. كيف نطيع الله عز وجل وكيف نرضى بقضائه وقدره).. واخرى تقول: (ارجوك ان تبقي قوية حتى تعطي المزيد فنحن في حاجة اليك والمجتمع في حاجة إلى تربيتك).. وثالثة تقول (كلامك جعلني اذرف الدمع لا شفقة عليك وانما شفقة على عقولنا نحن هذا الجيل وانصرافنا لاهتمامات وضعتها انت على طاولتنا حينما قرأنا سطورك وتبادلناها).. ورابعة تضيفلو كانت الكلمات تشكل مجسماً لرأيت كماً جميلاً من المجسمات لاجلك.. لانتصارك على الواقع).. واخيراً تقول احداهن: (تعلمت منك اكثر من مجرد الحذر والفحص الدوري والكشف المبكر للاورام تعلمت الصبر عند الصدمة الأولى.. ولست وحدك وليس اهلك فقط من هم حولك فجميع من قرأ ما كتبته يدعون لك).. لذلك اقول اذا اصابك ابتلاء من الرحمن اشكريه واعلنيها عالية لتوعية من حولك فانا واحدة وحدي اما جميعنا فنحن قوة لنشر المعلومة وتوعية اهلنا.. ولنا الدعاء منهم والسعادة التي يكسبونها بغير حساب عبر رسائلهم والتي هزتني من الاعماق واسعدتني في وقت انا فيه احتاج لهذه السعادة وهذه الدعوات ورسائل الحب هذه جزاهم الله جميعاً خير الجزاء.

رسالة حب:

اصابتي بسرطان الثدي رسالة حب احملها لكل امرأة لاقول لها: لا تنسي الفحص المبكر لاكتشاف الاورام.
em mohamed
em mohamed


المقاله الرابعه عشر

تفاعل الأبناء مع إصابة الأم بسرطان الثدي

د. سامية العمودي

يتفاعل الأبناء مع مرض الأم بطرق مختلفة وقد يترتب على ذلك آثار نفسية بالغة الخطورة وقد قالت لي إحدى المعارف ان اصابتها بالسرطان أثرت على نفسية ولدها البالغ الخامسة عشرة من العمر فتغيرت أحواله وأصبح أكثر عدوانية واكثر حدة في التعامل معها ومع من حوله ولم تدرك في البداية أن التغيرات السلوكية هذه كانت ردة فعل لألمه وخوفه على أمه وإحساسه بفقدان الأمان من غيابها ومما يراه من مرضها وألمها.. ولذلك لابد من الحوار المباشر معهم ليعرفوا أن مرض الأم ليس بسببهم أو بسبب فعل فعلوه أو قول أو تصرف منهم حتى لا يشعروا بالذنب.. كما أن معرفتهم الحقيقة تخفف من ألمهم والطفل عادة يخاف أكثر عندما يشعر أننا نخفي عنه شيئاً فالمجهول يخيفه أكثر ونغفل أحياناً عن أهمية التواصل مع المدرسة في أي امر قد يؤثر على أبنائنا ويرى الخبراء المتخصصون أن من المهم جداً ملاحظة الأبناء وأي تغيير في سلوكياتهم أو تحصيلهم الدراسي وأن على الأسرة إبلاغ المدرسة بهذا الظرف المرضي حتى يستطيعوا التعاون وملاحظة أي تغيير على سلوكياتهم وحتى يكونوا أكثر تقديراً واحتواء للأطفال متى ما علموا بظروف الأبناء في البيت.. وقد حرصت من البداية على أن تكون المدرسة على علم بوضعي الصحي وأذكر أن إحدى المدرسات قالت لي طبعاً سنهتم ولن تعرف ابنتك بما عندك فابتسمت وقلت لها على العكس ابنتي عندها فكرة واضحة وكافية عن مرضي فأنا أريدها أن تعرف مني لا بالصدفة من غيري... ولكن حتى لو عرف الأبناء بالحقائق بطريقة مناسبة فهذا ليس نهاية القصة لأن حياتهم اليومية يطرأ عليها كثير من التغيرات فربما تصبح الأم أقل قدرة على رعايتهم فترة العلاج وربما لا تتابع معهم دروسهم كالسابق ولا تشاركهم أنشطتهم كالمعتاد... وقد عانيت من هذا فقد أصبحت وقت اخذ الكيماوي عاجزة عن الخروج معهم وإذا خرجت معهم أضطر للعودة بسرعة لأن إحساسي بالضعف يجعلني أقل قدرة على الخروج لساعات طويلة مثل السابق.

وقد كان خوفي على أبنائي من تأثير هذا على نفسيتهم كبيراً لدرجة أنني في البدايات كنت أدخل إليهم في غرفهم وهم نائمون فالأطفال قد تظهر عليهم في نومهم ووضعية نومهم علامات تدل على قلقهم أو يتعرضون لأحلام وكوابيس ولذلك من المهم جداً أن لا نفترض أن كل شيء على ما يرام حتى لو كانت أمور الأبناء ظاهرياً تدل على أنهم لم يتأثروا وفي بداية مرضي جاءني ابني عبدالله وحكى لي كيف أنه حلم حلماً جعله يبكي فتألمت لبكائه وحكا لي انه رآني في الحلم محترقة مثل الفحم الأسود بحريق في بيت خالي وكيف أنه كان يبكي وسوزان تقول له في الحلم يمكن ليست أبلة سامية وكيف أنهم اتصلوا بخالي فأكد لهم انني هي التي احترقت وقام من نومه وهو يبكي....

يومها أخذته في حضني وعرفت ان عقله الباطني يعاني من خوفه على فقدان أمه وحاولت أن أبث الطمأنينة في قلبه.

وتعلمت أن أزيد في اهتمامي وأن لا افترض أنهم فهموا وتقبلوا وانتهى الأمر.. ويأخذ الأمر عند الفتيات من الأبناء بعداً آخر وقد فوجئت بسؤال لم أتوقعه أبداً من إسراء فابنتي الصغيرة ذات التسعة أعوام سألتني قائلة ممكن يا ماما أصاب أنا أيضاً بسرطان الثدي... فكانت إجابتي صادقة وواضحة وأن هناك احتمالاً بسيطاً لكن لا يحدث هذا لكل الناس وإنما لمن عندهم عوامل وراثة واستعداد والأهم أن هذه الأمراض لا تحدث إلا عندما تكبرين في السن وهنالك فحوصات مهمة تساعد على اكتشاف الذين يمكن ان يصيبهم المرض ثم أردفت قائلة أشرح لها لا تخافي عندما تكبرين يا إسراء سيكون الطب قد توصل إلى علاج شاف إن شاء الله..

وهكذا يتفاعل الأبناء مع مرضنا.. وهكذا نرى من تجاربنا وتجارب من حولنا أن تفاعل الأبناء يحتاج منا إلى الكثير حتى يشعروا بالأمان والثقة بأنه مهما حدث لنا فنحن هنا ومن حولهم موجودون للوقوف معهم والأهم أن نعلم ويعلموا أن الله هو مولاهم ومولانا جميعاً وهذا هو الإيمان الحقيقي وهذه هي المحن التي ترينا الطريق إلى الله أكثر وأكثر والله معي ومع كل أم مثلي ومع أبنائنا ايضاً إن شاء الله في الدنيا والآخرة.


رسالة حب:

إصابتي بسرطان الثدي رسالة حب احملها لكل امرأة لأقول لها لا تنسي الفحص المبكر للأورام.
em mohamed
em mohamed


المقاله الخامسه عشر

انتبهوا .. ضحية جديدة لسرطان الثدي

د. سامية العمودي

قلتُ لنفسي: لو كنتُ أحد القرَّاء لقلت: إن هذه الطبيبة تفتعل أحداثًا درامية، لتكتب قصة تشدُّ بها انتباهنا كقرَّاء. فالأحداث تصلح سيناريو لفيلم درامي عالي الإثارة، والقارئ يتابع الأحداث المتصاعدة هذه كفيلم أمامه، لكنها أحداث أبطالها موجودون، يعيشون بينكم في مدينتكم.. مدينة جدة.. وسأبدأ الحكاية من قبل إصابتي بالسرطان في 7/4/2006م .. وأحكي لكم عن دفعتي دفعة 1981م - 1401هـ. كنا أول دفعة طبيبات تتخرج في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وكان عددنا يوم تخرجنا 24 طبيبة.. كانت الذكرى هذه في بالي هذا العام بمناسبة مرور 25 عامًا على تخرج أول دفعة طبيبات من كلية الطب بمدينة جدة، أحسست أنها مناسبة تستحق الوقوف عندها، وعند مسيرة الطبيبة السعودية في بلدي، فدعوت جميع زميلاتي الخريجات على العشاء في منزلي.. كان هذا اللقاء يوم الخميس الموافق 9/3/2006م، أي قبل اكتشافي للورم بشهر واحد. حضرت اللقاء 17 من الزميلات من الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومن جدة.. استعدنا في لقائنا الحب والذكريات الحلوة، وعرضت عليهن فكرة احتفال بهذه المناسبة، بحيث نترك بصمة يكون لنا فيها أجر العمل النافع الذي يبقى لنا بعد موتنا.. كانت الاقتراحات متعددة وجميلة.. من ***** عيادات خيرية، إلى صندوق للمرضى، إلى موقع صحي بالإنترنت، إلى مشروع يدعم البحث العلمي.. بالإضافة إلى كتاب كنتُ بدأته عن مسيرة الطبيبة السعودية، وغيره من الاقتراحات.. وهكذا لا نعلم الغيب، ولو علمناه لتغيرت أحداث وأحداث في حياتنا. كان اللقاء الثاني بعدها يوم الخميس 6/4/2006م لمتابعة الموضوع. ويوم الجمعة 7/4/2006م اكتشفت إصابتي بسرطان الثدي.. فتغيرت حياتي، وتوقف المشروع، وتوقفت الزميلات عن الاجتماع.. كانت هذه البداية، لكنها لم تكن أبدًا النهاية.. ففي خلال هذه الفترة، وأثناء مرضى.. أبلغتني صديقاتي أن إحدى زميلاتنا من الدفعة في المستشفى؛ لأنها تعاني من صداع ودوار، وحالة عدم اتزان، وأن الفحوصات متضاربة، والتشخيص غير واضح.. كنت أتابع حالتها بقلق، وأطلب منهن أن يطمئنني عليها. لم أكن أعلم أنني سأبكي عليها أكثر مما بكيت على نفسي فيوم السبت 3/6/2006م اتصلت بي إحدى الزميلات وقالت لي: إن التشخيص النهائي عند زميلتنا سرطان بالثدي. وقع الخبر عليَّ كالصاعقة.. لم أصدِّق ما أسمع.

من بين أربع وعشرين طبيبة هي دفعتنا، من بيننا اثنتان تُصابان بسرطان في الثدي في نفس الأيام تقريبًا.. كانت صدمة لي أحزنتني، وأشعرتني بهول هذا المرض، وأحسست أن لله تقديرًا وحكمةً في أمور لا نفهمها ظاهريًا.. لكنني رأيت في إصابتنا بسرطان الثدي منحة من الله لننشرها على الملأ؛ لندق الجرس عاليًا، وربما لنقوم بتوعية الناس من واقع الألم الذي نعايش. فقد اكتشفت الكتلة في صدري بالصدفة البحتة، وبعد أن وصلت للعقد الليمفاوية وزميلتنا تم تشخيصها متأخرًا مثلي، وهي تخضع حاليًا للعلاج في الخارج.. وهكذا نرى أننا حتى نحن الطبيبات لم نعرف قيمة الفحص المبكر.. ولذلك لا يعجب أي شخص منكم عندما يسمع أننا قد كسرنا حاجز الصمت، وصرخنا عاليًا من هول ما نعاني.. ولو كان بيدي لأمسكت مذياعًا في كل حي وشارع، وعبر كل وسيلة إعلام للصراخ عاليًا.. فالإحصائيات العالمية تقول: إن نسبة الإصابة عندنا في تصاعد مستمر وبنسبة 5% سنويًا، مما يعني أن هناك حاجة ماسة وملحَّة لإجراء مزيد من البحوث ودعمها.. فالأعوام القليلة المقبلة تحمل مزيدًا من الإصابات لكثيرات ممن هن في عمرنا، وأقل من عمرنا شئنا هذا أم أبينا .. وأسأل نفسي هذه الأيام: تُرى ما أصابنا هو ما كنا نبحث عنه يوم اجتمعنا. تُرى إصابتنا - لا حول ولا قوة إلا بالله - هي إنجاز دفعة أول طبيبات، أو دفعة 81م كما أُسميها.. لا يهم.. المهم أن يكون لهذه أثر ورد فعل وتأثير في مجتمع يدفن أسراره حتى الموت صمتًا.. المهم أن نترك أثرًا ورسالة حب حتى نصل إلى عالم خالٍ من السرطان لا من أجلنا، وإنما من أجل ابنتي، ومن أجل بناتكم، ومن أجل كل ابنة لنا في هذا العالم.. فلا تنسوا رسائلنا، ولا تنسونا من دعائكم.


رسالة حب:

إصابتي بسرطان الثدي رسالة حب أحملها لكل امرأة لأقول لها: لا تنسي الفحص المبكر للأورام.
em mohamed
em mohamed
المقاله السادسه عشر

توعية الرجل بسرطان الثدي


د. سامية العمودي

لأن الحديث عن سرطان الثدي يمس عضواً حساساً عند المرأة.. في مجتمع ذكوري يرى أن شؤون المرأة لا تتم معالجتها إلا بالصمت.. لذلك تشكل التوعية بسرطان الثدي في مجتمعاتنا أمراً بالغ الحساسية وتقابل الفحوصات بالإهمال إن لم يكن بالرفض المطلق ولأن الرجل عندنا في يده مقاليد الحكم وهو مفهوم الولاية العامة بكل ما تحويه من خطأ وصواب، لذلك يخضع علاج المرأة لموافقة الرجل والتداخلات العلاجية والجراحية لا تتم إلا بعد أن يوافق هو عليها، وهو الذي يسمح أو لا يسمح بإجراء الفحوصات، وهو الذي بإمكانه تعطيل كل هذا فاعتمادها عليه يبدأ من السيارة التي يوفرها هو، والمواصلات مشكلة عريقة للكثير من السيدات، ومواعيد المستشفى ترتبط عندهن بمواعيد الزوج.. فهو وسيلة المواصلات الوحيدة لها.. ولذلك من المهم جداً أن نعرف أن الرجل شريك أساسي في سرطان الثدي، ولن ينجح أي برنامج للتوعية أو للفحص المبكر إلا إذا اقتنع الزوج والأب والابن بجدواه. فحتى لو كانت المرأة مقتنعة وتفهم اهميته فلابد من نجاحنا مع الشريك الأساسي الآخر. تقول لي إحدى السيدات: أمي مصابة بسرطان الثدي، واختي توفيت من سرطان الثدي مما يعني انني معرضة للاصابة، واعرف انني لابد وان اجري فحص (الماموجرام) بصورة منتظمة، ولست كغيري لكنني كلما طلبت منه أن يأخذني لعمل الفحص يكون جوابه (يا شيخة اتركيها على الله ولا داعي للوسوسة فلن يصيبنا إلا ما قدر الله). أخرى تقول عندما اذهب للفحص يغضب لأن اغلب المستشفيات ليس بها فتيات أو طبيبات أشعة نساء فيرفض إجراء الفحص ونعود للبيت.

وثالثة تقول زوجي بالكاد يأخذني عندما أمرض ، أما إذا كان لفحوصات دورية فلا يرى لها لزاماً.. وهكذا.. نرى أن الرجل عندنا بحاجة إلى ان يعرف قبل المرأة أن هذه الفحوصات أساسية وتعني الاكتشاف المبكر والذي يساعد على رفع معدل الشفاء إلى نسبة 97%، بل إن الرجل لابد أن يفهم أن الفحوصات هذه وعلاج سرطان الثدي في مراحله الأولى أقل تكاليف مادياً بكثير مما لو تم التشخيص في مراحل متأخرة، والمعاناة لا تقارن ولذلك عندما طلب مني استاذنا الفاضل الدكتور زهير السباعي رئيس جمعية تعزيز الصحة وهي جمعية جديدة رائدة همها الأساسي صحة المجتمع، عندما طلب مني وضع برنامج لمكافحة سرطان الثدي وضعت من ضمنه بنداً خاصاً بالرجل، واقترحت تكوين جمعية من أزواج وقريبات مريضات مصابات فهؤلاء قد اشتركوا في المعاناة واكتسبوا خبرة وأرى أن ينضم لنا بعض الدعاة الأفاضل الذين يعرفون أهمية وحساسية هذه المواضيع. فنحن دولة تحكمها الشريعة الإسلامية في مناحي حياتها في المرض والصحة. والداعية قدوة وكلمته يتبعها الرجل عندنا وامثال فضيلة الشيخ سليمان العودة أو غيره يمكنهم توجيه الرجل إلى أهمية هذه المناحي وشرعية العلاج، ومتى تسمح الضرورة بإجراء الفحص عند رجل أو عند امرأة.. وحتى يمكن الذهاب إلى مختص في جراحة الثدي أو استشاري العلاج الكيماوي في ظل عدم توفر النساء المتخصصات في هذه المجالات، ودور الرجل مهم جداً حتى في محاربة المعتقدات الخاطئة حول العلاج غير الطبي.. وغيره.. ومن هنا نحتاج إلى دعم الرجل حتى في وسائل الإعلام كاتباً وصحفياً وفي كل المجالات. وحبذا لو بدأنا بنشر هذه الرسائل لأبنائنا فهم أزواج الغد وهم آباء الغد.. وهم من بيدهم المساهمة في تغيير الخارطة الصحية لهذا المرض، وهم من بيدهم المساهمة في حملات التوعية بأهمية هذه الفحوصات وانها واجب شرعي وليس رفاهية. وان الوقاية منها تعني الحفاظ على الأحبة من زوجات واخوات وبنات.. فالرجل هو الشريك لنا في رحلة القضاء على السرطان من أجل عالم خالٍ من السرطان لكل من نحب.



رسالة حب:

إصابتي بسرطان الثدي رسالة حب أحملها لكل امرأة لأقول لها: لا تنسي الفحص المبكر للأورام.