مقتطفات وفوائد قيمة - دعوة للمشاركة -متجدد

ملتقى الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الطريق إلى الله هو العلم
يجب على المؤمن أن يسعى في طلب العلم لأنه الطريق الوحيد إلى معرفة الله قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} كلما تعمق الإنسان في الجانب العلمي تكن خشيه الله سبحانه وتعالى لأنه يرى من نواميس الكون. ومن الإتقان في الصنع، وعن الحكمة في التدبير ما يجعله يخر ساجدا لله، فالذين يتخصصون في علم التشريح يرون فيه من أحكام المحكم، ومن الدقة الدقيقة في مختلف الأجهزة الجسدية وفي مفردات هذه الأجهزة ما يضطرهم إضطرارا إلى السجود لرب هذا التنسيق والترتيب والإبداع.
وليس علم التشريح وحده هو الذي يبهر العالم المتبحر فيه، وإنما يبهر علم الفلك العالم الفلكي، ويبهر علم الأحياء عالم الأحياء، وهكذا نجد إنبهار النفس في كل ميدان من ميادين المعرفة الكونية أرضها وسمائها وما بين الأرض والسماء ...
إن العلم النافع هو أهم مطلب في الحياة، وأجل مقصد في هذا الوجود، فالعلماء هم الذين يضيئون مسىالك الحياة، ويسيرون بالناس قدما إلى السمو والكمال.
طلب العلم في الإسلام ليس نافلة، ولا أمرا كماليا وإنما هو فرض وضروري.
العلم الصحيح هو دليل اليقين الثابت، ووسيلة الخلق الفاضل، وكلما ازداد الإنسان علما إزداد اعتقادا بالله واستقامة في الأقوال والأفعال، ومعرفة في الحلال والحرام، ويصبح قادرا على قيادة نفسه وضبطها وتهذيبها، وبعيدا عن التأثر بمن يدور حوله من الشهوات والمغريات ...
إلاما ينتهي العلماء الصادقون؟ يقول الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إنهم يصلون عن طريق العلم الذي يثير الخشية إلى التوحيد، التوحيد الذي هو سمة الدين الإسلامي كما يرى "البيروني"، والذي هو في حقيقة الأمر سمة التدين الصادق.
ويشهد علماء التوحيد مع الله، ومع الملائكة الأطهار، أن الله سبحانه قرن العلماء به، وبملائكته في شهادة التوحيد، وهذا أسمى ما يمكن أن يصل إليه تكريم العلماء من مكانة ...
وشهادة التوحيد التي هي قمة الركن الأول في الإسلام، وهو أشهد أن لا إله إلا الله، لا يشهدها إلا العلماء المؤمنون، وشهاده التوحيد هي منتهى ما يمكن أن يصل إليه السالك في معراجه إلى الله سبحانه، لا تتحقق إلا في العلماء المؤمنين. إن شهادة التوحيد هذه قد وجه الله الأنظار إليها بأساليب شتى، ومن هذه الأساليب ما لا يقدره في دقته الدقيقة وروعته الرائعة إلا العلماء قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (سورة النمل) ...
ثم يعقب الله على هذه الآيات بأنه مهما بلغ العلماء بعلمهم فإن المجهول لديهم كثير، وأنه لا يعلم هذا المجهول الغيب إلا الله سبحانه، {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (سورة النمل) ومن أجل شهادة التوحيد حث الإسلام على العلم ووجه إليه وجعله من أسس الدين، لقد حث عليه في صور بلغت من الروعة حدا لا يجارى. والآيات والأحاديث التي وجهت الأمة الإسلامية إلى العلم كثيرة مستفيضة.
العلماء لا يعبدون الله إلا بما شرع لهم، ولا يأخذون إلا بالدليل، ولا يسيرون إلا على أوضح سبيل، ولذلك يقبل منهم القليل ويضاعفه لهم حتى يكون كثيرا، والجاهلون يدينون الله بالباطل، ويعبدونه بالأهواء والبدع، ويستجيبون إلى كل ناعق، ويعملون كثيرا ولا يستفيدون إلا قليلا، قال تعالى في حق الجاهلين: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}.
وإذا كان العلماء يشهدون التوحيد فإن منزلتهم بالمكان السامي، ودرجاتهم في الرفعة والعلو {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (سورة المجادلة) ولهذه الجوانب من فضل العلم والعلماء أمر الله سبحانه وتعالى رسوله- وهو قدوة المسلمين وأسوتهم- أن يقول: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ...
رب زدني علما في كل يوم، بل في كل لحظة، ذلك ما يجب أن يكون شعار المسلم، وإذا ما زاد المسلم علما ازداد خشية، وإذا ما ازداد خشية تحقق فيه إسلام الوجه لله على أكمل صورة.

المؤمن هو الذي أدرك جمال الله وجلاله، واستشعر لطفه وإحسانه، وعلم علم اليقين أنه هو المنعم عليه ثم تأثر بهذا الإدراك فأحبه، فأصبح قلبه مشغولا به، وعمله موجه إليه، فلذته وارتياحه في طاعة الله وعدم مخالفة أوامره، يتحمل في ذلك ما يتحمل راضيا مغتبطا قرير العين، مطمئن القلب ...
فحب العبد لله هو إيمان حق، ولا يكون بمجرد المعرفة وإذعان النفس، بل يؤثر على النفس، وتبدو أثاره في جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته ...


أما الإيمان الذي لا يعدو الإذعان النفسي والإقرار القلبي فهذا الإيمان الذي لا يريده الله من عباده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله. وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" (1) رواه البخاري ومسلم فحب الله من أهم القواعد في بناء الأخلاق، وهو محول أرواح المؤمنين إلى أرواح لطيفة لا يصدر عنها شر ولا عدوان، وهذا بالطبع لا يتيسر إلا عندما يغلب الصفاء على النفس فتنسى البغض والحقد والحسد وسائر الدسائس والمكائد ...
وحب الله لعباده لم يثبته القرآن إلا لذوي الأعمال الصالحة قال تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وقال: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وقال: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} وقال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ...
ونفي حبه عن الذين يتصفون بصفالت الفساد والإلحاد والكفر قال تعالى: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} وأما {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}.

قال الإمام ابن حزم في كتابه " النبذ الكافية في علم الأصول": التقليد حرام ولا يحل لأحد أن يأخذ قول أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا برهان لقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آباءنا} . وقال في حق من لم يقلد: {فَبَشِّرْ عِبَادِي الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألباب} وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فلم يبح الله تعالى الرد عند التنازع إلى أحد دون القرآن والسنة. وحرم بذلك الرد عند التنازع إلى قول قائل

وقال ابن عثيمين رحمه الله :
قال الله - عز وجل -: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} فأهل العلم والإيمان هم الذين لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن الإيمان والعلم، وتخفض أهل الجهل والعصيان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظم عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله، والجبارون المتكبرون يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم ، مع أنهم في الدنيا متبخترون مستكبرون عالون على عباد الله، لكنهم يوم القيامة موضوعون مهينون قد أخزاهم الله - عز وجل -
222
12K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

~~ عِقـــد فُـــل
رفع
سبحانك يا خالقي
سبحانك يا خالقي
اللهم ارزقني الحكمة والعلم والفصاحة في القول واللسان
سنابل2020
سنابل2020
بارك الله بكِ على الطرح القيم
الأقحوانية
الأقحوانية
جزاكم الله خيراًَ جميعا وبارك الله فيكم ورفع من قدركم ورزقكم العلم النافع
الأقحوانية
الأقحوانية
الجهل
ومن الأسباب: الجهل, فإن الجهل داء, والجهل ظلمة والعلم نور, والله سبحانه وتعالى أثنى على العلم وأهله فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} وقال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} , فالعلماء هم الذين يخشون الله سبحانه وتعالى, وأول كلمة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ} دعوة إلى العلم, فتعلم وانشر العلم