فلسفة التبرير

الملتقى العام

فلسفة التبرير

بسم الذي نستجير بقوته من كل قوي ونستغني بغناه عن كل غني والصلاة والسلام على من بعث بخير هدي
فالفلسفة علم يتمحور حول الإقناع بلغة الكلام فأنت قد تتحدث عن شيء يخالف مخيلة الناس فتحاول بفلسفة مقاربة للمنطق تقنع الناس بما تؤمن به
وأحيانا هناك أسئلة جوابها واضح مثل واحد زايد واحد يساوي أثنان
لكن هناك أسئلة تحتاج إلى فلسفة التبرير لتجد الإجابة عليها

فأنا في المرحلة المتوسطة وبينما يدي تبطش بصفحات الرياضيات وبغضب أقلب الورقات وأنظر بدهشة لهذه المثلثات وأزداد عجبا حينما يطلب مني البراهين والإثبات أو يطلب مني تحديد نوع الزوايا
فجال في نفسي سؤال ما الفائدة من هذه الترهات
فبدأت رحلتي مع هذا السؤال ولكني لم أجد له جواب عند مدرسي المتوسطة فبحثت عنه عند مدرسي الثانويات ولكن لم أجد عندهم سوى كلمات مللت من سماعها كانوا يقولون هذا مقرر وعليك أن تدرسه
وبعد أن أنهيت الثانوية وألتحقت بالجامعة بقي شبح ذلك السؤال يلاحقني فهناك مواد كثيرة بالجامعة لم تدخل حيز قناعاتي فكنت أسأل أساتذة الجامعة ما الفائدة من دراسة هذه الخزعبلات كما كنت أعتقدها
وللأسف كان جوابهم يمكنك أن تفصل وتذهب للعسكرية
أصبحت أبحث عن أي جواب ولو كان فلسفيا
أريد أي فلسفة تبرر لي ما الفائدة
وبعد أن تركت عالم الطلاب لأدخل عالم المعلمين
نعم أصبحت معلما ولكن هذا المعلم بقي يبحث لهذا السؤال جواب
لأني أشعر أن أحد الطلاب سيسألني ذات يوم ما الفائدة من دراسة تلك المادة أو معرفة تلك المعلومة
فكنت أرجو أن أجد الجواب لأقدمه لأي طالب يبحث عن هذا الجواب حتى لا يمضي عمره وهو في عذاب من جهله الجواب
وبعد أن أصبح بياض رأسي يغازل سواده
جلست في غرفة المعلمين وكان أمام ناظري معلم لا زال شاب يبدأ طريقه في تعليم الطلاب وكان بيده كتاب
هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي ادخلني في حيرة هذا السؤال
فأبتسمت وقلت في نفسي سأسأله نفس هذا السؤال وكنت موقن أنه لا يعرف الجواب
فقلت له قل لي ما الفائدة من أن تدرس الطلاب معلومات هذا الكتاب
نظري لي نظرة اختلفت عن كل نظرات من وجهت لهم هذا السؤال
وبدأ يحلق بي بفلسفته يبرر لي تدريس هذا الكتاب وبدأ يقول أن لكل مادة فائدة تختلف عن غيرها وأنا أبتسم وأقول في نفسي يجيد هذا الشاب التلاعب بالكلام
ولكن كل ذلك تلاشى بعد أن قال ولدي دليل من السنة
هنا صمت وأصغيت وركزت على كل حرف تنطقه شفاته
ولكن سكوته لثواني أفقدني صبري فلهفتي غلبت صبري فهذا السؤال قد جال وصال في صدري سنين لم أجد له جواب
فقلت له بإنفعال ما دليلك
فقال قال رسول الله صلى عليه وسلم (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام)

وأيضا هذا هو الحال مع تلك المواد التي تجهل فوائدها
فهذا الكتاب الذي بيدي أنت تجهل فائدته لكن الغرب علموا فائدته فأنظر إلى أين وصلت حضارتهم بسبب هذا الكتاب
وانت لا زلت تسأل عن فائدة هذا الكتاب

بعد أن أنتهى من كلامه بدأت أصفق بحرارة وأقول بصوت عال صدقت صدقت صدقت
فإن كنا نجهل الفوائد من دراسة علم ما فليس الذنب ينصب على هذا العلم بل ينصب عن من لا يعرف قيمة هذا العلم
وأخيرا وجدت لسؤالي جواب
1
550

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خياال الخيال
خياال الخيال
انتظر وجهات نظر اخرى