المشتاقة الى الجنه
الجزء الخامس عشر




بدأت الدراسة من جديد... ودعنا عاما دراسيا ليبدأ آخر... ألفيت نفسي أستقبل العام الجديد بلهفة غير مسبوقة وآمال تسبقني على الطريق ونفس تواقة للحب والحنان... ابتعدت عن سعد فترة طويلة، مكانية وزمانية، فلم أحاول محادثته على الإطلاق بعد آخر محادثة رغم يقيني التام بأنه ينتظرني بشوق كل يوم أربعاء، لكنني لم أستطع... بدءاً بمرض والدي وحتى زيارة أخوتي لنا في البيت، وحتى فترة طويلة أخرى بعد مغادرة سعاد أحاول فيها مداواة الجروح التي خلفتها تلك الزيارة، وكياني الذي تبعثر جراء ظروفها القاسية... نعم كنت أخمن بأن " سعاد" ليست سعيدة، لكنني لم أتصور ذلك الرجل القميء الهزيل المجرد من العاطفة يغمد خنجراً لأنوثتها المتفجرة فيهجرها ليتزوج بأخرى.... عجباً... بدلا من أن يركع تحت قدميها منفذا كل أوامرها كفتاة صغيرة جميلة تتزوج رجلا في سن أبيها، ينعكس الوضع فيعافها هو، مبعثرا كرامتها في الأوحال ليطبق المثل القائل " رضينا بالهم والهم لا يرضى بنا" الأنكى والأمر أنها لا تستطيع التذمر ولا التمرد ولا حتى المناقشة، فهي بلا حائط تستند عليه كقطعة مشردة بلا سند ولا حماية وزوجها يعلم هذا تماما لذلك هو سادر في غيه ممعن في الهجران والإذلال مغلقا كل خطوط العودة وطرقها، لا أب ولا بيت ولا زوج... فليساعدك الله يا سعاد...

جلست صباح إلى جواري في السيارة صامتة لا تتحدث إلا لماما وتجيب على أسئلة الزميلات إجابات مقتضبة... يا الله كم تغيرت صباح، لم تعد تلك الفتاة المرحة الضحوك التي تلقي بضحكاتها ذات اليمين واليسار وتهزل أكثر مما تتحدث جادة، أغلب كلماتها كانت مزاحاً، ونصف عباراتها ضحكا وابتسامات لا تأخذ من الدنيا غير وجهها الضاحك لتتبدى الخلفية البشعة والحقيقة المهولة بأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة وبأنها مزيج من المتناقضات التي يجب أن نتواءم معها لنحيا بسلام فهي الفرح والترح، السعادة والتعاسة، الأمل والألم وعجلة الحياة تدور وتدور وكل شئ إلى زوال... عندما كشرت الدنيا عن أنيابها انتزعت معها ابتسامة صباح ومرحها وحتى صباها، فبدت كامرأة في منتصف العمر ملت الحياة كما ملتها الحياة لتعيش على حافة الجرح... تهاويات وتداعيات بلا بصيص من نور...

سألتها بمرارة متحاشية جرحها وساعية لمعرفة حالتها النفسية:
- هل أنت مستعدة للعام الدراسي الجديد يا صباح؟
أجابت بهدوء أنكرته منها:
- لا أدري... لكنني متشائمة... ربما هذا أصبح طابعي أخيراً " التشاؤم" لكنني منقبضة النفس وأرغب في النقل من هذه القرية بأسرع وقت وبأية طريقة، حتى لو دفعت كل أموالي التي ادخرتها ثمنا لهذا...

همست لنفسي: وأنا على النقيض منك يا صباح، مستعدة أن أبذل كل ما في وسعي لأبقي في هذه القرية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتي وموطناً لأحلامي وصباحا يختلف عن كل الصباحات الأخرى في أي مكان في العالم... إنه دار الحبيب، منه أستمد بقائي، وفيه تزهر عواطفي الظليلة، تسقيها شمس حبي بالماء والهواء، دخلنا القرية وكياني كله يرتجف بعنف، قلبي يخفق بشدة، وشئ ما في نفسي يتوق للمجهول... يتوق لسعادة مجهولة ونبض حبيب وآمال بلا مدى، بعد أن تبادلنا القبلات والتحيات مع الزميلات، ذهبت إلى فصلى لتقع عيناي على وضحى دون غيرها كأول ما أرى....

حادثت تلميذاتي وسألتهن كيف قضين إجازتهن وأين، لكنني كنت مع وضحى فقط أبحث في ملامحها الهادئة عن وجه حبيب يؤرقني غيابه... عن كلمات دافئة تلون أيامي بلون الفرح، عن همسات تسكب الحياة رويداً رويداً في شراييني، عن حلم وأمل وبدايات...

إليك يا رجل يسكنني بجنون، إليك حب سأسكبها في عيني شقيقتك فأصلك أنا بدلا منها... رسالتي يا حبيب العمر أنني أنتظرك... فأدركيني يا عينيها وأوصلي عمق مشاعري وحرارتها... أفهميه كيف أن الهجرة الصحراوية المهجورة تحولت إلى جنة من بساتين في وجوده... أفهميه كيف أن الأجواء الحارة ولفحات الصيف التي لا تطاق أصبحت نسمات باردة عليلة وزخات من مطر خفيف يندي الوجوه دون أن يبللها... أفهميه يا عينيها أن الطرق الوعرة أصبحت سلالم أنيقة توصل بعرش الحب وأن مدرسة القرية الطينية المتهاوية تبدلت بمدرسة نموذجية رائعة، كأرقى الأكاديميات في العالم منذ مسها الحب بعصاه السحرية... عينيها إنني أحملك أمانة فلا تخيبي رجائي....

وكأن الأمانة قد وصلت، فما إن انتهي وقت الحصة حتى فوجئت بوضحى تلحق بي قائلة:
- ابله... أمي تسلم عليك وتهديك هذا البقل، فهو من صنع يديها...
ابتسمت لها بهدوء رغم اهتزاز يدي الواضح وأنا أستلم منها الوعاء المعدني... فقد وصلتني الرسالة...

لم أفاجأ وأنا في البيت حينما وجدت خطاب سعد أسفل الأقراص اللبنية المجففة. قرأتها وأنا أتذوق قطعة منها، يسري مذاقها معاً إلى جوفي فأبتسم... أبتسم لسعد وهو يعاتبني على الغياب الطويل.... أبتسم له وهو يعلن لي حبة وشوقه ولهفته... أبتسم وهو يطلب أن يتقدم لخطبتي في أسرع وقت ممكن. أبتسم وهو يطلب أن يتقدم لخطبتي في أسرع وقت ممكن. أبتسم وهو يهديني قصيدة شعرية غزلية، هي آخر إنتاجه، كتبها لي كما قال لي وقد أضناه الشوق والهجر والحرمان، فجاءت رائعة معبرة... ابتسمت لطرفته الأخيرة في نهاية الرسالة هل تتزوجيني أم أخطفك؟....

ما إن طويت الرسالة لأخفيها عن الأعين حتى بكيت بشدة... بكيت لا أدري لماذا... ونمت وسط دموعي ترافقني رسالته في أحلامي وطعم لاذع حامض لأقراص البقل يذوب في فمي ببطء...



وللقصة بقية...........
الأم الحنونة
الأم الحنونة
مشكورة ولكنه قصير جدا يالله عاد أنت كريمة وحنا نستاهل لا تطاولين علينا الله يحفظك
" عقد اللؤلؤ "
أنتظر البقيه بفارغ الصبر
سمر مر
سمر مر
بانتظارك على احر من الجمر يالغلا
MAY.MAY
MAY.MAY
مشكورة بس على قولت الام الحنونة أنتي كريمة وحنا نستاهل نزلي لنا جزأين أوثلاثة وانشاءالله ماتردين طلبنا ....ويعطيك العاااااااااافية...