رمضان يُقبل، فلنحسن الوفادة ..

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته














تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية ، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه ؟؟
ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك‏ ).

‏فيا الله ما أقصر الأعمار .... !!!
تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة ، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة ، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة ....!!!!
لكن عزاء المسلمين أن لهم رباً لطيفاً رحيما ، عوضهم بقصر أعمارهم ما يدركون به أعمال المعمرين مئات السنين، وذلك بمضاعفة الأجور والحسنات بحسب شرف الأزمنة والأمكنة ومواسم الطاعات .

ومن ذلك ما أنعم الله به على عباده بفضيلة شهر الصيام ففيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات ؛ فلذلك والذي قبله أحببنا التذكير مع قدومه بوقفات يسيرة:



شهر رمضان المبارك، فرصة لتعظيم الأجور:
* في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة) أو قال: (حجة معي)
فلما كان الصيام في نفسه مضاعفًا أجره بالنسبة إلى سائر الأعمال، كان صيام شهر رمضان مضاعفًا على سائر الصيام؛ لشرف زمانه، وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده.

* وقد يضاعف الثواب بأسباب أُخَر، منها: شرف العامل عند الله وقربه منه، وكثرة تقواه






ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي)

علة تخصيص الله تعالى الصيام بإضافته إلى نفسه:

في قوله تبارك وتعالى: (فإنه لي)، فإن الله خص الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال، ومن أحسن ماذُكر فيه وجهان:

* أحدهما: أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية، ولايوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام.

* والوجه الثاني: أن الصيام سر بين العبد وربه لايطَّلع أحد عليه غيره؛ لأنه مركب من نية باطنة لايطلع عليها إلا الله، وتركٍ لتناول الشهوات التي يُستخفى بتناولها في العادة.
والله تعالى يحب من عباده أن يعاملوه سرًا بينهم وبينه، وأهل محبته يحبون أن يُعاملوه سرًا بينهم وبينه.


وفي التقرب بترك هذه الشهوات بالصيام فوائد، منها:
1. كسر النفس، فإن الشبع والرّي يحمل النفس على الأَشَر والبطر والغفلة.
2. تخلي القلب للفكر والذكر؛ فإن تناول هذه الشهوات تقسي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذِّكر والفكر.
3. أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره له على مامنعه كيرًا من الفقراء من فضول الطعام والشراب.
4. الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم؛ فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر الشهوة والغضب.


واعلمي أنه لايتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ماحرمه الله في كل حال؛ من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) خرجه البخاري وفي حديث آخر: (ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث).
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش) أخرجه أحمد



فرحة الصائمين:
قوله صلى الله عليه وسلم: (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)
أما فرحته عند فطره، فإن النفوس مجبولة على الميل إلى مايلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا مُنعت عن ذلك في وقت من الأوقات، ثم أُبيح لها في وقت آخر، فرحت بإباحة مامُنعت منه، خصوصًا عند اشتداد الحاجة إليه.

وأما فرحته عند لقاء ربه، ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مُدَّخرًا، فيجده أحوج ماكان إليه، كما قال تعالى: {وماتقدموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا}

قال بن رجب رحمه الله:
الصائمون على طبقتين:
إحداهما: من ترك طعامه وشرابه وشهـوته لله عزوجل، ويرجو عنده عوض في الجنة
فهذا قد تاجر مع الله وربح.
قال تعالى : (كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية)
قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم) وفي رواية (إذا دخلوا أغلق)

الطبقة الثانية:
من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما وعى
والبطن وماحوى
ويذكر الموت والبلى
ويريد الآخرة ويترك زينة الدنيا
فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته.





فضل الجود في رمضان
الجود هو سعة العطاء وكثرته
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان
حين يلقاه جبرائيل فيدارسه القرآن، وكان جبرائيل يلقاه كل ليلة من شهر رمضان فيدارسه القرآن
فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبرائيل أجود بالخير من الريح المرسلة) صحيح مسلم

واللهُ سبحانه وتعالى من أجود الأجودين، وجودُه يتضاعف في أوقات خاصة، كشهر رمضان،
وفيه أُنزل قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان}
وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره (أنه يُنادي فيه منادٍ: ياباغي الخير هلّمَّ، وياباغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)

والجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا
عن أبي هريرة مرفوعًا: (الصوم جنة وحصن حصين من النار)
وفي الصحيح: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)





أنواع جود النبي صلى الله عليه وسلم:
كان جوده صلى الله عليه وسلم بجميع أنواع الجود، من بذل العلم والمال،

وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس،
وأشجع الناس، وأجود الناس)

وفي صحيح مسلم عنه، قال: (ماسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه،
فجاء رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: ياقومِ، أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاءَ من لايخشى الفاقة)

وكان يؤثر على نفسه وأولاده، وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في رمضان على غيره من الشهور،
كما أن جود الله جل جلاله يتضاعف فيه أيضًا.


هناك فوائد كثيرة في تضاعف جود النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان،
ومنها:
* شرف الزمان، ومضاعفة أجر العمل فيه
وفي الترمذي عن أنس مرفوعًا: (أفضل الصدقة صدقةٌ في رمضان)


* إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم،
كما أن من جهز غازيًا فقد غزا، ومن خلفه في أهله فقد غزا.
وفي حديث زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من فطر صائمًا فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شئ) خرجه الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.


* أن شهر رمضان شهرٌ يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، لاسيما في ليلة القدر.
والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنما يرحم اللهُ من عباده الرحماء) رواه البخاري ومسلم
فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل؛ والجزاء من جنس العمل.


وغيرها كثير ...





حال السلف مع القرآن في رمضان


كان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع؛ منهم قتادة،
وبعضهم في كل عشر؛ منهم أبو رجاء العُطارِدِي.
وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها؛
كان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان، وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث.
وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة.
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوةُ القرآن، وإطعام الطعام.
وقال عبدالرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن. وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت.

منقول

1
538

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ـ أم ريـــــم ـ
جزاكــ الله خير وجعله في ميزان حسناتكــ وغفر لكــ ولوالديكــ