السّعي من أجل الجنّة ~

ملتقى الإيمان


الجنّـــــــــــــــــة


الجنة: هي حياة الآخرة، حياة ما بعد الموت، وهي المكافأة العظيمة، والثواب الجزيل، لكل من عمل صالحاً في الحياة الدنيا، وقد أعده الله لأوليائه وأهل طاعته، وهي نعيم كامل أبدي لا يشوبه نقص، ولا يعكَر صفوه كدِر. لقد حدّثنا الله عنها في القرآن وأخبرنا به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي يحير العقل ويذهله، ويعجز العقل عن إدراكه واستيعاب عظمة ذلك النعيم. وأعلى مراتب الجنة هي الفردوس، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الجنة مائة درجة كل درجة منها ما بين السماء والأرض وإن أعلاها الفردوس وإن أوسطها الفردوس وإن العرش على الفردوس منها تفجر أنهار الجنة فإذا ما سألتم الله فسلوه الفردوس) صحيح، رواه ابن ماجة. استمع إلى قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)، وقال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: " اقرؤوا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) السجدة: 17". رواه البخاري في صحيحه ورقم الحديث: 3244. وتظهر عظمة النعيم بمقارنته بمتاع الدنيا، فإن متاع الدنيا بجانب نعيم الآخرة تافه حقير، لا يساوي شيئاً. ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" صحيح البخاري: 3250.

أنعم الجنة أَفضل ما في الدنيا بكثير!
فيها متاع جسماني و روحاني


ومن أنواع أنعم الجنة:

1ـ التنعيم الجسدي:

يكون التنعيم الجسدي بالرّاحة والعيش السعيد: جاء في القرآن الكريم في وصف الجنة وأهلها: (لايَسمعُونَ فيهَا لَغوًا الاَّ سَلامًا لَهُم رِزقُهُم فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) مريم، 62. (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ. مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ. يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ. وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ. وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) الواقعة 15 ، 23. فهذه جنة تناسب الميول الجسدية وتوافق الرغبات المادية، فبدل الصحراء المحرقة وعدهم بجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) الرعد 35. وبدل النوم على الرمال وعدهم بجنة (فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) الغاشية 13. (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) المطففين 23. وبدل لبس وبر الجمال وعدهم بجنة (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) الحج 23. وبدل القحط والمحل وعدهم بجنتيـن ملآنتيـن بالفاكهة (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) الرحمن 68 ( وَأَعْنَابًا ) النبأ 32. وبدل الخيام التي لا تقي من حر الصيف ولا زمهرير الشتاء وعدهم بقصور مشيدة (غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ) الزمر20. (لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) الإنسان 13. وبدل الحرمان من الخدم وعدهم بولدان الحور يقدمون لهم ما لذ مـن الشراب. (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا) الإنسان 19. وبدل طعام الفاقة وعدهم باللحم (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) الطور 22. وبدل الجوع والفاقة وشظف العيش وعدهم بجنة (فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) محمد 15.
ويكون التنعيم بحور العين: هناك إدعاءات الاعداء الباطلة حول عدم مساواة المرأة والرجل، هذا إدعاء باطل، الزوجان يتمتعان بكل نعم الله تعالى والخطاب في الآيات خطاب عام للمرأة وللرجل، ولكن أحيانًا يذكر المرأة أو الرجل حسب أهميتها في ذلك الموضوع وأدلة كثيرة في القرآن مثل السارق والسارقة ثم الزانية والزاني). فالله تعالى قد أغرى الرجال وشوقهم للجنة بذكر ما فيها من (الحور العين) و(النساء الجميلات)، لولا هذا الوعد لما جاهد حنظلة بن أبي عامر وأمثال حنظلة من أجل الاسلام، وقد دخل عريسا ليلة الجمعة فما أصبح الصباح حتى سمع منادي رسول الله ينادي للجهاد في معركة أُحد، واستشهد فيها وكان جنبًا وغسلته الملائكة. ومن أجل أن لا يقترب الرجال إلى الزنا يشجعهم الاسلام على ذلك، لأنه بمقتضى الفطرة والعادة الرجل هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة؛ وإنه أشد شوقا إلى الشهوة؛ وأقل صبرا عليها ومن أجل أن لا يقترب الرجال إلى الزنا يشجعهم الاسلام على ذلك، وكذلك المرأة لا تحارب ومن أجل جهاد الرجل في الحروب يشجعهم على ما يطلب فطرتهم، فبدلاً من نساء الدنيا وعدهم بأزواج كثيرة في الأخرة ومن حور عين (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) الطور 20، في تفسير القرطبي الحُور وَجَمعُهُ الْحَوْرَاء: أي الْبَيْضَاء الَّتِي يُرَى سَاقهَا مِنْ وَرَاء ثِيَابهَا، وَيَرَى النَّاظِر وَجْهه فِي كَعْبهَا ; كَالْمِرْآةِ مِنْ دِقَّة الْجِلْد وَبَضَاضَة الْبَشَرَة وَصَفَاء اللَّوْنِ. وفي تفسير الجلالين: أي بِنِسَاءٍ بِيض وَاسِعَات الْأَعْيُن حِسَانهَا. وفي تفسير ابن كثير: أَيْ هَذَا الْعَطَاء مَعَ مَا قَدْ مَنَحْنَاهُمْ مِنْ الزَّوْجَات الْحِسَان الْحُور الْعِين اللَّاتِي كما جاء في الآية الكريمة (قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ) الرحمن 56. وهنّ (أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا) الواقعة 36، 37 (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أتْرَابٌ) ص 52، في تفسير ابن كثير: أَيْ عَنْ غَيْر أَزْوَاجهنَّ فَلَا يَلْتَفِتْنَ إِلَى غَيْر بُعُولَتهنَّ " أَتْرَاب" أَيْ مُتَسَاوِيَات فِي السِّنِّ وَالْعُمْر. وعند تفسير الجلالين: حَابِسَات الْعَيْن عَلَى أَزْوَاجهنَّ "أَتْرَاب" أَسْنَانهنَّ وَاحِدَة وَهُنَّ بَنَات ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سَنَة جَمْع تَرْب. وفي الجنة أيضًا (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ) الرحمن 72، وجاء في التفاسير أَنَّ فِي الْجَنَّة خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا فِي كُلّ زَاوِيَة مِنْهَا أَهْل مَا يَرَوْنَ الْآخَرِينَ يَطُوف عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُونَ. حُور" شَدِيدَات سَوَاد الْعُيُون وَبَيَاضهَا "مَقْصُورَات" مَسْتُورَات "فِي الْخِيَام" خِيَام مِنْ دُرّ مُجَوَّف مُضَافَة إلَى الْقُصُور شَبِيهَة بِالْخُدُورِ. (مَقْصُورَات فِي الْخِيَام) وقيل: عَذَارَى الْجَنَّة. وهناك أحاديث للرسول (ص) على أن للنساء أزواج من بني آدم، وأن نساء الدنيا أفضل من الحور العين بسبب صلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله تعالى. وسبب عدم تشجيع المرأة بالزواج في الجنة لأن من طبيعة النساء الحياء كما نعلم ولهذا فإن الله عزوجل لا يشجعهن للجنة بما يستحين منه، بل يشجعهن بما تحب فطرتهن من وشوق الله المرأة إلى الزينة من ملابس الحرير والحُلي والمجوهرات، بالاضافة إلى مكافأتهن بزواج من رجل صالح ورؤية الله تعالى كما قال تعالى (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف، 18. وإذا دخلت المرأة الجنة فإن الله يعيد إليها شبابها وبكارتها لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الجنة لايدخلها عجوز....) إن الله تعالى إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارًا. ويكفيها قبل ذلك كله قوله تعالى عن أهل الجنة (رضي الله عنهم ورضوا عنه) المائدة، 119.

2ـ التنعيم الرّوحي:

أـ ويكون التنعيم الروحي برؤية الله تعالى والنظر إليه: فإن أعظم نعيم الجنة هو النظر إلى وجهه تعالى بل إن الشوق إلى لقاء الله عز وجل هو لذة الروح في هذه الدنيا للمؤمن، وفي يوم القيامة يلتذ بالنظر إلى وجه الله الكريم الذي هو حظ العين من دون الجوارح كلها، وليس في هذه الدنيا لدى أهل المعرفة بالله لذة تعدل لذة الشوق إلى لقاء الله، كما أنه ليس في الآخرة لذة تعدل، لذة النظر إلى وجهه سبحانه. قال ابن القيم رحمه الله والله لولا رؤية الرحمن فِي الجنات ما طابت لذي العرفان أعلى النعيم نعيم رؤية وجهه وخطابه فِي جنة الحيوان وأشد شيء في العذاب حجابه سبحانه عن ساكنِي النيران وإذا رآه المؤمنون نسوا الذي هم فيـه مما نالت العينان، فإذا توارى عنهم عادوا إلَى لذاتهم مـن سـائر الألـوان فلهم نعيم عند رؤيته سوى هـذا النعيم فحبذا الأمران أوَما سمعت سؤال أعرف خلقه بِجلالـه المبعوث بالقرآن شوقًا إليه ولذة النظر الذي بجلال وجه الرب ذي السلطان الشوق لذة روحه في هذه الدنيا ويوم قيامة الأبدان تلتذ بالنظر الذي فازت به دون الجوارح هذه العينان والله ما في هذه الدنيا ألذّ من اشتياق العبد للرحمن. فيقول رسول الله (ص)، فيما رواه مسلم في صحيحه عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ (ص) قَالَ: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).
ب ـ ويكون أعظم التنعيم بالتلذذ في ذكر الله تعالى: فيقول الإمام ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى أجمعين: (إني لأكون في حال، أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذه الحال إنهم لفي نعيم)، ما هي هذه الحال؟ إنها حال تلذذ القلب بذكر الله سبحانه وتعالى والأنس به، ومناجاته والتضرع إليه سبحانه وتعالى، وقرة عينه في الآخرة التي هي قرة العين العظمى والغاية الكبرى ليست في نعيم الجنة: من الحور والولدان والمتاع والفاكهة واللحم، وإنما تكون قرة العين العظمى والكبرى والنعيم الأعظم واللذة التي لا يعدلها لذة، هي رؤية الله سبحانه وتعالى، فهو الذي تقر به العين ورؤيته تعدل جميع أصناف وجميع أنواع النعيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى لهم في الجنة. عند الحديث عن الجنة ونعيمها يتلهف المرء لسمـاع ذلك النعيم وتذوق تلك اللذة التي يمنحها الله في قلوبٍ مؤمنة خاشعة .. ووجوه نظِرَةٌ فنسأل الله أن يرزقنا نعيماً ولذة لا تنقطع في جنات النعيم ..
أما القول بأن القرآن لم يذكر أن في الجنة سعادة روحية فهو محض افتراء منه؛ فقد ذكر الله في القرآن الكريم كل نعيم روحي، ولعل قمة هذا النعيم الروحي التي تفوق التسبيح هي رؤية الله عز وجل في الجنة ولا نعيم للروح فوق هذا النعيم، قال الله تعالى: (الِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) يونس، 26، وجمهور المفسرين على أن المراد بالزيادة في الآية الكريمة رؤية الله عز وجل. يقول الإمام الآلوسي رحمه الله عز وجل: ”(وَزِيَادَةٌ) وهي النظر إلى وجه ربهم الكريم جل جلاله وهو التفسير المأثور عن أبي بكر وعلي كرم الله تعالى وجهه، وابن عباس، وحذيفة، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وخلق آخرين، وروي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق شتى” .

اللهم ارززقنا فردوسك الاعلى :")♥♥♥
3
831

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

naany99
naany99
الله يجزاك خير وياااااااااااااارب نكون من اهل الجنه اسأل الله ان يرزقنا والمؤمنين اجمعين جنات تجري من تحتها الانهار
هدهد ملون
هدهد ملون
يسلموووووووووووو الايادي
**الدره الثمينة**
**الدره الثمينة**
جزاك الله خير