ْحقيبـــة أخويــــة ْ ْ ْ فوائــــد حجيــــة ْ ْ ْ نرسلهــــا لك هديــــة ْ

ملتقى الإيمان



الحث على وجوب أداء فريضة الحج وشروطه



الحمد لله الذي فرض الحج على عباده الى بيته الحرام ورتب
على ذلك جزيل الاجر ووافر الانعام فمن حج البيت ولم يرفث
ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه نقيا من الذنوب والاثام
والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة دار السلام
وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وزكى وحج
وصام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم
باحسان ما تعاقبت الليالي والايام وسلم تسليما كثيرا

..أما بعـــد...



فيا أيها الناس أتقوا الله تعالى وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج الى بيته الحرام حيث استطعتم الى ذلك سبيلا
فان الله تعالى قال في كتابه:( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الاسلام أن تشهد الا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا )

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الاسلام بني على هذه الدعائم الخمس فلا يتم اسلام عبد حتى يحج ولا يستقيم بنيان اسلامه حتى يحج و(عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ( حين كان خليفة على المسلمين لقد هممت ان أبعث رجالا الى هذه الامصار فينظروا كل من له جدة أي كل من كان غنيا ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين) .

أيها المسلمون ان فريضة الحج الى بيت الله ثابتة بكتاب اله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وباجماع المسلمين عليها اجماعا قطعيا فمن أنكر فريضة الحج فقد كفر ومن أقر بها وتركها تهاونا فهو على خطر فان الله تعالى قال بعد ذكر ايجابه على عباده قال: (ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) أيها المسلمون كيف تطيب نفس المؤمن ان يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه وهو يعلم أنه ركن من اركان الاسلام وفرائضه كيف يبخل الانسان بماله على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو ينفق الكثير من ماله في هوى نفسه كيف يوفر نفسه عن التعب في الحج وهو يرهق نفسه بالتعب في امور دنياه كيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر الا مرة واحدة كيف يتراخى في أداء الحج ويؤخره وهو لا يدري فلعله لا يستطيع الوصول اليه بعد عامه فاتقوا الله عباد الله وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج تعبدا لله تعالى ورضا بحكمه وسمعا وطاعة لامره ان كنتم مؤمنين ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) ان المسلم اذا أدى الحج والعمرة بعد بلوغه مرة واحدة فقد أسقط الفريضة عن نفسه وأكمل بذلك أركان دينه ولم يجب عليه بعد ذلك حج ولا عمرة الا أن يوجبه على نفسه بالنذر فانه يلزمه الوفاء بما نذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه . ايها المسلمون ان من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل للفرائض حدودا وشروطا لتنضبط بذلك وتتحدد المسؤولية وجعل هذه الشروط في غاية المناسبة للفاعل الزمان والمكان ومن هذه الفرائض التي جعل الله لها شروطا الحج الى بيت الله الحرام فان الحج له حدوداً و شروطاً لا يجب على المسلم الا اذا توافرت هذه الشروط فمن شروط الحج أن يكون الانسان بالغا ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة انزال المني بشهوة أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات شعر العانة أما في الإناث فانه يحصل بذلك وزيادة أمر رابع وهو الحيض فمتى حاضت المرأة ولو لم يكن لها الا عشر سنوات فانها بالغة اما من لم يبلغ من ذكور واناث فلا حج عليه ولو كان غنيا ولكنه لو حج صح حجه تطوعا وله أجره فاذا بلغ أدى الفريضة لان حجه قبل البلوغ لا يسقط به الفرض فانه لم يفرض عليه فهو كما لو تصدق بمال ينوي به الزكاة قبل أن يملك نصابه وعلى هذا فمن حج ومعه أبناءه أو بناته الصغار فان حجوا معه كان له أجر ولهم ثواب الحج وان لم يحجوا فلا شئ عليه ولا عليهم وينبغي في هذه الحال أن ينظر الاصلح والاوفق فاذا كان يشق عليهم وعليه أن يحرموا بالحج أو العمرة فانه لا داعي لذلك لئلا يشق عليهم وعلى نفسه لانكم تعرفون أن الناس في هذه العصور كثروا كثرة عظيمة لم يوجد لها نظير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فاذا كان يشق عليكم أو على أولادكم من بنين أو بنات أن يحرموا بالحج فانه لا داعي لذلك ومن شروط وجوب الحج ان يكون الانسان مستطيعا بماله وبدنه لقول الله تعالى:( من استطاع اليه سبيلا ) فمن لم يكن مستطيعا فلا حج عليه والاستطاعة بالمال أن يملك الانسان ما يكفي لحجه زائدا عن حوائج بيته وعن ما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله وعن أجرة سكن وعن قضاء ديون حالة فمن كان عنده مال يحتاجه لما ذكر لم يجب عليه الحج ومن كان عليه دين حال لم يجب عليه الحج حتى يوفيه والدين كل ما ثبت في ذمة المرء من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها فمن كان في ذمته شئ بسبب هذه الامور أو غيرها فهو مدين ولا يجب عليه الحج حتى يبرأ من دينه كله لان قضاء الدين مهم جدا حتى ان الرجل لو قتل في سبيل الله شهيدا فان الشهادة تكفر عنه كل شئ الا الدين فانها لا تكفره وحتى ان الرجل ليموت وعليه الدين فتعلق نفسه بدينه حتى يقضى عنه ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتى اليه بميت ليصلي عليه سأل هل عليه دين له وفاء فان قالوا نعم صلى عليه وان قالوا لا لم يصلي عليه وأمرهم أن يصلوا عليه وترك الصلاة عليه هو بنفسه وهذا يدل على عظم الدين خلافا لما يفعله بعض الناس اليوم يتهاونون بالديون عليهم يتهاونون بوفائها اذا تعلقت بذممهم ويتهاونون في استحصالها تجد الرجل يتدين لامر ليس به ضرورة بل أحيانا ليس له به حاجة ولا شك أن هذا من السفه في العقل ومن الضلال في الدين لانه لا ينبغي للانسان ان يتدين الا للحاجة الملحة أو للضرورة اما ما يفعله بعض الناس اليوم فانه أمر يؤسف له يتدينون من أجل كماليات لا حاجة لهم بها فنسأل الله أن يهدينا واياهم أما الدين المؤجل فان كان موثقا برهن يكفيه لم يسقط وجوب الحج اما اذا لم يكن فيه رهن فان كان الانسان يستطيع أن يوفيه عند حلول الاجل وعنده في وقت الحج ما يحج به فانه يحج به لانه مستطيع اما الاستطاعة بالبدن فان يكون الانسان قادرا على الوصول الى مكة بنفسه بدون مشقه فان كان لا يستطيع الوصول الى مكة أو يستطيع الوصول ولكن بمشقة شديدة فاننا ننظر ان كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ثم يحج فان مات حج عنه من تركته وان كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير و المريض والميئوس من برءه فانه يوكل من يحج عنه من اقاربه أو غيرهم فان مات قبل التوكيل عنه حج عنه من تركته واذا لم يكن للمرأة محرم ليس عليها حج بل ولا يحل لها أن تحج لانها لا تستطيع الوصول الى مكة لانها ممنوعة من السفر شرعا بلا محرم قال ابن عباس رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول:( لا يخلون رجل بامرأة الا ومعها ذو محرم ولا تسافر امرأة الا مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله ان امرأتي خرجت حاجة واني اكتتبت في غزوة كذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق فحج مع امراتك) فامره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحج بامراته أن يحج مع امراته وان يدع الغزوة التي كتب فيها ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت امراته شابة هل كان معها نساء هل هي آمنة وهذا دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب كان سواء كانت على طائرة أو على سيارة أو في سفينة أو غير ذلك لا يحل لها ان تسافر الا بمحرم والمقصود من المحرم أن يكون حافظا لها صائنا لها عما يمكن أن يكون عليها في هذا السفر أيها المسلمون من رأى من نفسه أنه قد استكمل شروط وجوب الحج فليبادر به ولا يتأخر فان أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير قال ابن القيم رحمه الله وهو من العلماء المشهورين ومن أكبر تلاميذ شيخ الإسلام بن تيمية قال رحمه الله من ترك الحج عمداً مع القدرة عليه حتى مات أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات فان مقتضى الدليل وقاعد الشرع تقتضي أن فعلهما بعد موته لايبرئ ذمته ولا يقبل منه قال والحق احق أن يتبع وما قاله رحمه الله فانه وجيه الا في الزكاة لان الزكاة يتعلق بها حق الغير فاذا مات ولم يخرجها فانها تخرج من تركته ولكنه يبوء بإثمها حيث أخرها في حياته بدون عذر أيها المسلمون إن الإنسان لا يدري ماذا يحصل له في المستقبل وان الله قد يسر لنا ولله الحمد في هذه البلاد ما لم ييسره لغيرنا من سهولة الوصول الى البيت وأداء المناسك فقابلوا هذه النعمة بشكرها وأدوا فريضة الله عليكم قبل أن يأتي أحدكم الموت فيندم حين لا ينفع الندم وأسمعوا قول الله عز وجل: ( وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون* واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون* أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين* أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين* أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) اللهم وفقنا جميعا للقيام بفرائضك والتزام حدودك وزودنا من فضلك وكرمك اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم أجعلنا من المنيبين اليك المسلمين لك يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم انك جواد كريم والحمد لله رب العالمين واصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين

أما بعـــــد



ايها الناس فانه قد اشتهر عند بعض العامة ان من لم يتم له فانه لا يصح حجه يعني من لم يعق عنه فانه لا يصح حجه وهذا ليس بصحيح فان الانسان يصح حجه وان لم يعق عنه ولا علاقة بين العقيقة والحج فالحج ركن من اركان الاسلام متعلق بنفس الانسان الحاج اما العقيقة فانها سنة مؤكدة متعلقة بنفس الاب فالاب هو المطالب بالعقيقة وليس الولد فان كان غنيا وقت وجوب العقيقة فانه مندوب أن يعق عن ولده عن الذكر اثنتين وعن الانثى واحدة وان بعض الناس يتوهم أن العقيقة مثل الاضحية فيكون عنده أولاد متعددون فيعق عنهم بعيرا يظن أن البعير تجزئ عن سبع عقائق ولكن هذا ليس بصحيح فالبعير لا تجزئ الا عن عقيقة واحدة مع أن الشاة أفضل منها فاذا كان عند الانسان بعير وعنده شاة واراد أن يعق وسألنا هل الافضل أن أعق بالبعير أو بالشاة قلنا الافضل أن تعق بالشاة لان هذا هو الذي جاءت به السنة ولم يأتى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيقة بالبعير ولهذا قال العلماء ان الشاة أفضل من البعير في باب العقيقة وقالوا ان العقيقة لا تجزئ الا عن شاة واحدة اما الأمر الثاني فانه قد اشتهر عند العامة أيضا أن من عليه قضاء من رمضان فانه لا يحج وهذا ليس بصحيح ايضا فالانسان يجوز أن يحج ولو كان عليه قضاء من رمضان ولا علاقة بين الحج وبين قضاء رمضان لان قضاء رمضان عبادة مستقلة والحج عبادة مستقلة وكل واحدة من جنس غير الجنس الاخر أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله واياكم أن تفتوا أحدا بغير علم فان من افتى بغير علم فقد قال على الله ما لا يعلم (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لا يهدي القوم الظالمين) وحري بمن افتى بغير علم حري الا يهديه الله لان الله قال: ( ان الله لا يهدي القوم الظالمين ) أما من أراد الحق والتمس الحق وتحرى الحق ولم يفتي للناس الا بما يعلم أو بما يغلب على ظنه بمقتضى الكتاب والسنة وهو أهل لان يستنبط الاحكام من الكتاب والسنة فانه لا اثم عليه ولا حرج عليه ايها المسلمون اسألوا اذا أشكل عليكم الأمر اسألوا العلماء فان العلماء ورثة الانبياء لان الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وانما ورثوا العلم فمن أخذ بالعلم أخذ بحظ وافر من ميراث الأنبياء اللهم انا نسالك علما نافعا وعملا صالحا ورزقا طيبا واسعا تغنينا به عن خلقك وتعيننا به على طاعتك يا رب العالمين واعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة عليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما:( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم أرزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم أحشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم في جوارك يا رب العالمين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم من أراد بالمسلمين سوءا فاجعل كيده في نحره شتت شمله وفرق جمعه وأهزم جنده واجعل تدبيره تدميرا عليه يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم هئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم منه يا رب العالمين اللهم أصلح شعوب المسلمين اللهم أصلح شعوب المسلمين ذكورهم وإناثهم شبابهم وكهولهم وشيوخهم يا رب العالمين انك جواد كريم اللهم انا نسألك أن تؤيد هذه الصحوة الإسلامية بتأييدك وأن تنصرها بنصرك وأن ترزقها علما ترشد به الى ما فيه رضاك يا رب العالمين انك على كل شئ قدير عباد الله ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ان الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .




فضيلة الشيخ... محمد العثيمين رحمه الله.

12
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حـروف مـن نـور


فقــــه الحـــج



الحمد لله الذي فضل بحكمته البيت الحرام ، وفرض حجه على من استطاع إليه السبيل من أهل الإيمان و الإسلام ، وغفر لمن حج واعتمر ما اكتسب من الذنوب والآثام ، أحمده حمداً كثيراً طيباً على مر الليالي والأيام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الخلق وصفوة الأنام .
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الأخيار ،
أما بعد …

فهذه رسالة موجزة ومختصرة في ( توضيح الأحكام الخاصة في مناسك الحج والعمرة )



والزيارة فيها من أقوال أهل العلم المختصر المفيد ،

وقد أرجعنا ما أشكل علينا من المسائل إلى ترجيحات سماحة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء .

فما كان من صواب فمن الواحد المنان وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان . والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به كل من قرأه وطبعه ونشره وأن يجعله سبباً للفوز لديه في جنات النعيم إنه سميع مجيب وهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

المبحث الأول : تعريف الحج والعمرة لغة وشرعاً :




الحج لغة :- القصد ( النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1/340 ) تقول العرب :
حج بنو فلان فلاناً إذا قصدوه وأكثروا التردد عليه ثم غلب في الاستعمال الشرعي والعرفي على حج بيت الله تعالى وإتيانه ، فلا يفهم عند الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد لأنه هو المشروع الموجود كثيراً (شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/75 وانظر المصباح المنير 1/121 ).

الحج شرعاً :- هو التعبد لله عز وجل بأعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة ، في مكان مخصوص من شخص مخصوص على ما جاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

العمرة لغة :- الزيارة
العمرة شرعاً :- التعبد لله عز وجل بزيارة البيت العتيق على وجه مخصوص ، بإحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير ، ثم تحلل .

المبحث الثاني : حكم الحج والعمرة :

أولاً الحج :- وهو واجب وفرض بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين ( الإجماع لابن المنذر ص54 وشرح العمدة 15/87 ) . وهو أحد أركان الإسلام التي بني عليها . وهو واجب على من توافرت به الشروط في العمر مرة واحدة إلا أن ينذر فيجب عليه الوفاء بالنذر وما زاد فهو تطوع .

ودليل وجوب الحج هو قول الله تبارك وتعالى سورة آل عمران آية 97 . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : رواه مسلم 2/975 في الحج باب فرض الحج مرة في العمر .
ومن أنكر فرضية الحج فهو كافر مرتد عن الإسلام إلا أن يكون جاهلاً بذلك كأن يكون حديث عهد بإسلام أو ناشئ في بادية بعيدة لا يعرف من أحكام الإسلام شيئاً فهذا يعذر بجهله ويعرّف ، ويبين له الحكم ، فإن أصر على إنكاره حكم بردّته ، وأما من تركه متهاوناً مع اعترافه بفرضيته فهذا لا يكفر ولكنه على خطر عظيم لأن الراجح أن الحج واجب على الفور فيمن توافرت فيه شروط الحج ( التي سيتم ذكرها بعد قليل لأن الأصل في الأمر أن يكون على الفور ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية حين أمرهم بالإحلال وتباطؤوا ) أخرجه البخاري في الشروط (2731 ) ، (2732 ) . ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له فقد يكون الآن قادراً وفي المستقبل عاجزاً ولأن في ذلك إبراء للذمة قبل معاجلة الموت ولأن الله تعالى أمر بالاستباق إلى الخيرات فقال :- سورة البقرة آية 148 . وبعد أن تبينا حكم الحج نود أن نتعرض لتاريخ مشروعية :

تاريخ مشروعية الحج ( متى فرض الحج ) :اختلف العلماء في تاريخ مشروعية الحج على أقوال فمنهم من قال في السنة السادسة للهجرة وقال آخرون في السنة التاسعة وهو الصواب لأن آية فرضيته هو قول الله تعالى وهي في صدر سورة آل عمران وقد نزل صدر هذه السورة عام الوفود (شرح العمدة لشيخ الإسلام 1/219 وتفسير ابن كثير 1/368 ) وفي هذا العام قدم وفد نجران وصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أداء الجزية والجزية إنما نزلت عام تبوك سنة تسع . وحكمة تأخر فرضية الحج والله تعالى أعلم ، أن مكة زادها الله شرفاً ، كانت قبل تلك السنة تحت سيطرة المشركين من قريش فليس يتسنى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يحجوا على الوجه الأكمل ومن المتوقع أن تمنعهم قريش من الحج كما فعلوا في السنة السادسة عندما صدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن إتمام عمرتهم ، ولكن بعد أن تحررت مكة من الكفر بعد فتحها صار إيجاب الحج على الناس موافقاً للحكمة .

ثانياً : العمرة :- فقد اختلف العلماء في حكم العمرة فمنهم من يرى أنها واجبة ومنهم من قال أنها سنة ومنهم من فرق بين المكي وغيره ، فقال هي واجبة على غير المكي أما أهل مكة فلا تجب عليهم . والراجح والله تعالى أعلم أنها واجبة على المكي وغيره في العمر مرة لكن وجوبها أدنى من وجوب الحج ، لأن وجوب الحج فرض مؤكداً ، وهو أحد أركان الإسلام بخلاف العمرة يقول ابن عمر رضي الله عنهما البخاري مع الفتح 3/597 . وعندما سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله هل على النساء جهاد ؟ قال : أخرجه الإمام أحمد في مسنده 65/156 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2/151 .

وعن أبي رزين أنه قال : أخرجه أهل السنن وقال الألباني صحيح النسائي 2/556 – أبي داود 1/341 . وهذا هو الصواب الذي دلت عليه الأدلة الشرعية أن الحج والعمرة واجبان في العمر مرة واحدة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرة واحدة ؟ قال : صححه الألباني في صحيح أبي داود 1/324 والنسائي 2/556 وابن ماجه 2/148 .

المبحث الثالث : شروط وجوب الحج والعمرة :



فما هي شروط الحج والعمرة : يجب الحج والعمرة بخمسة شروط (شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية 1/113 ) .

الشرط الأول : لقوله تعالى سورة التوبة آية 28 . ولأنه لا يصح منهم ذلك ومحال أن يجب ما لا يصح لأن العبادات لا تجب إلا على المسلم لأن كل عبادة لا تصح من كافر لقوله تعالى سورة التوبة آية 54 .

الشرط الثاني : فلا حج ولا عمرة على مجنون إلا أن يفيق لقوله صلى الله عليه وسلم رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الألباني ص ج ص 2/35 .

الشرط الثالث : فلا يجب الحج على الصبي حتى يبلغ ولكن لو حج صح حجه لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت : ألهذا حج ؟ قال : رواه مسلم 2/974 .

ولقوله عليه الصلاة والسلام : رواه الخطيب البغدادي وصححه الألباني في ص ج ص 2729 .

الشرط الرابع : فلا يجب الحج على المملوك ولكنه لو حج فحجه صحيح لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم : نفس المصدر السابق .

الشرط الخامس : :
* فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه فإنه ينيب من يحج عنه لفعل المرأة الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقالت يا رسول الله : إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال عليه الصلاة والسلام وذلك في حجة الوداع ) شريطة أن يكون النائب قد حج عن نفسه .

* أما من كان قادراً ببدنه دون ماله ولا يستطيع الوصول إلى مكة فإن الحج لا يجب عليه .

* أن تجد المرأة محرماً لها . فإن لم تجد محرماً فإن الحج لا يجب عليها لقوله عليه الصلاة والسلام البخاري مع الفتح 6/143 ومسلم 3/978 .

* لكن لو حجت المرأة بغير محرم أجزأتها الحجة عن حجة الفرض مع معصيتها وعظيم الإثم عليها . .

• لكن اختلف العلماء هل يجب على من لم تجد محرم أن تنيب من يحج عنها ويعتمر ؟ أو لا يجب ؟
على قولين لأهل العلم بناء على أن وجود المحرم هل هو شرط لوجوب الأداء ؟ أو هو شرط للوجوب من أصله ؟ والمشهور عند الحنابلة رحمهم الله تعالى- أن المحرم شرط للوجوب وأن المرأة التي لا تجد محرماً لا يلزمها حج ولا يلزمها أن تقيم من يحج عنها .

المبحث الرابع : فضل الحج والعمرة1-



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البخاري مع الفتح 4/20 – مسلم 2/984 . وفي لفظ مسلم : مسلم 2/983 وفي الترمذي " غفر له ما تقدم من ذنبه " صحيح الترمذي 1/345 .

2- وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : البخاري مع الفتح 3/597 ومسلم 2/983 .

الحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة ، ولم يخالطه إثم ولا يعقبه معصية وهو الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعاً كما طُلب من المكلف على الوجه الأكمل ، وهو الحج المبرور ومن علامات القبول أن يرجع خيراً مما كان و لا يعاود المعاصي .

3- وسئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال :" إيمان بالله ورسوله " قيل ثم ماذا ؟ قال : " جهاد في سبيل الله " قيل : ثم ماذا ؟ قال : " حج مبرور " .

4- وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النسائي والترمذي وابن ماجة وأحمد وغيرهم وصححه الألباني في صحيح النسائي 2/558 .

5- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 2/149 .

6- وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الحجر الأسود والركن اليماني : رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر وهو صحيح ص ج ص 2194 .

المبحث الخامس : آداب السفر وأحكامه :



الآداب التي ينبغي للمعتمر والحاج معرفتها والعمل بها ، ليحصل على عمرة مقبولة ، ويوفق لحج مبرور آداب كثيرة منها :
آداب واجبة وآداب مستحبة وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية :
1. الاستخارة ، ينبغي للمسافر أن يستخير الله سبحانه وتعالى في الوقت ، والراحلة ، والرفيق وجهة الطريق إن كثرت الطرق ، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح . وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالدعاء الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2. يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى والتقرب إليه ، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا أو حيازة الألقاب أو الرياء والسمعة فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله .
3. التوبة من جميع الذنوب والمعاصي ، وذلك بالإقلاع عن الذنوب وتركها والندم على ما مضى منها والعزيمة على عدم العودة إليها وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها .
4. على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً .

5. ومن آداب المسافر أيضاً أن يخرج يوم الخميس وهذا هو المستحب لما ورد في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البخاري .

6. أن يخبر من يحب بعزمه على السفر ، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إني أريد سفراً ! فقال " أوصيك بتقوى الله ! والتكبير على كل شرف " ( أي كل مكان مرتفع ) فلما ولى ، قال " اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر " ابن حبان .
7. وكان صلى الله عليه وسلم يسير في مجموعة سار سيراً هادئاً ، ويسمى ( العَنَق ) فإذا وجد فراغاً أسرع قليلاً ويسمى ( النص ) . ابن خزيمة .
8. وكان يقول عليه الصلاة والسلام "لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس "مسلم .
9. وكان يكره عليه الصلاة السلام للمسافر وحده أن يسير بالليل ، قال " لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار أحد وحده بليل " البخاري .
10. وكان ينهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً ، إذا طالت غيبته عنهم بل يدخل عليهم غدوة أو عشية " البخاري ومسلم " وهذا من كمال الأدب وعظيم الاحترام بين رب الأسرة وأفراد أسرته وتقدير الخصوصيات .
11. وكان إذا دخل قرية يريد دخولها يقول عليه الصلاة والسلام ابن خزيمة .
12. ويستحب أن يقوم الأصحاب في السفر بتأمير واحد منهم يطيعونه ، فعن أبي سعبد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا : أبو داود.
13. وأن يذكر دعاء السفر ذهاباً وإياباً ويقول في الذهاب رواه مسلم 4/2080 . فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك .
15. ويستحب له أن يكبر على المرتفعات ويسبح إذا هبط المنخفضات والأودية وأن يكثر من الدعاء في السفر فإنه حري أن تجاب دعوته ويعطى مسألته ويكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصفا والمروة – وفي عرفات وفي المشعر الحرام بعد الفجر – وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريف – لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر في هذه المواطن الستة من الدعاء .
16. يحافظ على جميع الواجبات ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة ويكثر من الطاعات ويبتعد عن جميع المعاصي ويتخلق بالأخلاق الحسنة وأن يحسن إلى الآخرين ويرفق بهم ولا يؤذيهم بلسانه أو بيده ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاماً يؤذيهم مع إعانتهم عند الحاجة بنفسه وماله .
17.على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج وأحكام السفر قبل أن يسافر من القصر – والجمع وأحكام التيمم والمسح على الخفين وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك .

ولأن الإسلام دين اليسر والسهولة ولا حرج فيه ولا مشقة فكلما وجبت المشقة فتح الله لليسر أبواباً ولما كان السفر مظنة المشقة غالباً خففت أحكامه فمن ذلك :



أولاً : في الطهارة :
أ‌) جواز التيمم للمسافر إذا لم يجد الماء أو كان معه من الماء ما يحتاجه لأكله وشربه ، وصفة التيمم أن يضرب الأرض ضربة واحدة ثم يمسح وجهه كله وكفيه من أطراف أصابعه إلى رسغه والتيمم رافع للحدث الأصغر والأكبر .
ب‌) وللمسافر أن يمسح على خفيه أو جوربيه ثلاث أيام بلياليها بخلاف المقيم فإنه يمسح يوماً وليلة فقط .

ثانياً : في الصلاة :أ‌) صلاة الفريضة : فالمسافر يصلي الصلاة الرباعية وهي ( الظهر والعصر والعشاء ) ركعتين فقط من حين أن يخرج من بلده حتى يرجع إليها ، أما إذا صلى المسافر خلف إمام يتم فإنه يتم معه لأن الجماعة في حقه واجبة طالما وجد الجماعة . أما جمع المسافر بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فهي سنة حيث كان على ظهر سير - أي حيث كان سائراً ، أما إذا كان نازلاً فالسنة لا يجمع إلا إذا احتاج إلى ذلك لشغل يقضيه أو نوم يستريح فيه .
ب‌) وصلاة النافلة : فالمسافر تسقط عنه السنن الرواتب ماعدا سنة الفجر القبلية فإنها لا تسقط في حضر ولا سفر .
أما صلاة التطوع غير الرواتب فيشرع للمسافر أن يتطوع بها كالمقيم فيصلي ( صلاة الليل والوتر والضحى وتحية المسجد وصلاة الكسوف والخسوف وصلاة الجنازة ... ) وللمسافر أن يتطوع في السفر وهو على ظهر مركوبه حيث كان وجهه وإن لم يكن إلى جهة القبلة .



حـروف مـن نـور


المبحث السادس : أركان وواجبات الحج والعمرة :



أولاً : أركان الحج :
1- الإحرام ( النية )
2- الطواف حول البيت ( طواف الإفاضة )
3- السعي بين الصفا والمروة 4) الوقوف بعرفة .
فلا يتم الحج إلا بأداء هذه الأركان ومن ترك ركناً فسد حجه .



ثانياً : واجبات الحج :
1) الإحرام من الميقات 2) الوقوف بعرفة إلى الغروب 3) المبيت بمزدلفة إلى ما بعد منتصف الليل 4) رمي الجمار 5) الحلق أو التقصير 6) المبيت بمنى ليالي منى ( أيام التشريق ) 7) طواف الوداع .

ومن ترك واجباً من الواجبات جبره بدم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها ويصح حجه بإذن الله تعالى .


ثالثاً : أركان العمرة :
1) الإحرام ( النية ) 2) الطواف حول البيت
3) السعي بين الصفا والمروة .



رابعاً : واجبات العمرة :
1) الإحرام من الميقات 2) الحلق أو التقصير .

المبحث السابع : مواقيت الحج والعمرة :



وتنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : المواقيت الزمانية :

وتبتدئ المواقيت الزمانية للحج بدخول شهر شوال وتنتهي إما بعشر ذي الحجة ( يوم العيد ) أو بآخر يوم من أيام ذي الحجة وهو القول الراجح لذا فإنه يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة وسعي الحج إلى آخر يوم من شهر ذي الحجة ، ولا يجوز أن يؤخرها عن ذلك اللهم إلا لعذر .

أما العمرة فليس لها ميقات زمني فإنها تُفعل في أي يوم من أيام السنة لكنها في رمضان تعدل حجة وكذلك العمرة في أشهر الحج لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات كلها في شهر ذي القعدة وهذا يدل على أن العمرة في أشهر الحج مزية وفضل .

القسم الثاني : المواقيت المكانية :وهي خمسة مواقيت :
1) أما ذو الحليفة : فهو المكان المسمى الآن أبيار علي وهي قريبة من المدينة وهي أبعد المواقيت عن مكة وهي لأهل المدينة ولمن مر بها من غير أهلها ممن أراد الحج أو العمرة .
2) الجحفة : وهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة وقد خربت القرية وصار الناس يحرمون من رابغ بدلاً منها .
3) يلملم : وهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن في طريقهم إلى مكة ويسمى اليوم ( السعدية ) .
4) قرن المنازل : وهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة ويسمى الآن ( السيل الكبير ) ويحرم منه أهل الطائف .
5) ذات عرق : وهو مكان في طريق أهل العراق إلى مكة ويسمى الآن الضريبة .




وهنا مسألة أحب التنبيه عليها وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لمّا وقت هذه المواقيت قال : :-
فمن كان من أهل نجد ومر بالمدينة فإنه يحرم من ذو الحليفة .
ومن كان من أهل الشام ومر بالمدينة فإنه يحرم من ذو الحليفة .
ملاحظة : يلاحظ على الذين يأتون من طريق الجو أو البحر أنهم يؤخرون الإحرام إلى جدة ويحرمون منها وهذا خطأ ينبغي التنبيه إليه فإن الذي يأتي من طريق يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر فيه أو إذا حاذى أقرب المواقيت إليه فالذي يأتي عن طريق الجو يحرم وهو في الجو والذي يأتي عن طريق البحر يحرم وهو في البحر وهكذا .

مسألة : ؟
من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين :
الحالة الأولى : أن يكون مريداً للحج والعمرة ، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك ، فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك وعليه عند أهل العلم فدية دم يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء هناك .
الحالة الثانية : إذا تجاوز الميقات وهو لا يريد الحج والعمرة فإنه لا شيء عليه وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات في مروره هذا ، لكان الحج والعمرة تجب أكثر من مرة في العمر ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة وما زاد فهو تطوع ، وهذا هو القول الراجح .
فإن بدا له بعد أن وصل جدة أو مكة أن يأتي بالحج أو العمرة وهو غير مريد لهما قبل ذلك ، فإنه يحرم من مكانه الذي هو فيه فإن كان في جدة أحرم من جدة وإن كان في مكة أحرم من مكة للحج أما العمرة فإن كان في مكة فإنه يخرج إلى الحل ( التنعيم ) ويحرم منه وكذلك من كان دون المواقيت بأن كان بينها وبين مكة كالقرى التي بين مكة وجدة أو التي بين السيل الكبير ومكة فإن أهلها يحرمون من أماكنهم .



ما هي الأمور التي تشرع للمعتمر أو الحاج إذا وصل الميقات ؟ فإذا وصل الحاج أو المعتمر الميقات شرع أن يعمل الآتي :

1) يستحب له أن يقلم أظفاره ويقص شاربه وينتف إبطيه ويحلق شعر عانته إن كان محتاجاً إلى ذلك وإلا ليس هذه من السنن الخاصة في الإحرام .
2) أن يتجرد من ثيابه ويستحب له الاغتسال من باب النظافة لأن النبي صلى الله عليه وسلم : رواه الترمذي وصححه الألباني 1/250 . والغسل سنة عند الإحرام للرجال والنساء حتى الحائض والنفساء ( من حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها ) .
3) ويستحب للرجل أن يتطيب بأطيب ما يجد من أنواع الطيب في رأسه ولحيته ولا يضره بقاء الطيب بعد الإحرام لقول عائشة رضي الله عنها : البخاري مع الفتح 3/396 ومسلم 2/846 .
4) أن يحرم الرجل في رداء وإزار ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين ويحرم في نعلين ، أما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب المباحة لها مع الحذر من الثياب المعطرة أو المزينة أو التشبه بلباس الرجال ولا تلبس البرقع ولا تتلثم ولها أن تسدل غطاء وجهها عند حضرت الرجال الأجانب وتتجنب كذلك لبس القفازين أما الجوارب والخفاف فيجوز للمرأة لبسهما .
5) ويستحب أن يكون الإحرام بعد صلاة فريضة لغير الحائض والنفساء – إن كان في وقت فريضة فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء ثم بعد الفراغ من الصلاة ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة ثم يقول بعد ذلك إن كان مريداً للعمرة : وإن كان مريداً ( الحج مفرداً ) قال : ، وإن كان يريد الجمع بين الحج والعمرة ( قارن ) قال .
• وإن كان حاجاً أو معتمراً عن غيره ( وكيلاً ) نوى ذلك بقلبه ثم قال . والأفضل أن يكون التلفظ بعد الاستواء على المركوب ( السيارة ) اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ويلبي النبي صلى الله عليه وسلم البخاري مع الفتح 3/408 ومسلم 2/841 .

ويرفع الرجل صوته بالتلبية وتخفيه المرأة ويسن الإكثار من التلبية ( الحج ، الحج ، الحج ) ، وأن يضيف قول كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

6) وإن كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه كمرض أو عدو أو تخاف المرأة أن تحيض أو تنفس شرع الاشتراط فيقول عند إحرامه بالنسك : ، والصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يشترط ولم يأمر الصحابة بذلك لكن أمر به لمن جاءت تستفتيه وهي ضباعة بنت الزبير لأنها كانت شاكية والمعنى أنها كانت مريضة والله أعلم فأمرها بذلك لأنها تخاف أن لا تتم .
فائدة هذا الاشتراط هو : حل الإحرام بدون الهدي وفي حالة عدم الاشتراط ووجد ما يمنعه من إتمام النسك فإنه يذبح هدي لقول الله عز وجل . وهذا هو القول الراجح .

المبحث الثامن : أنواع الأنساك وأفضلها والنسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم :



إذا وصل الحاج إلى أحد المواقيت التي ذكرناها سابقاً وكان ذلك في أشهر الحج وهي :
شوال – ذو القعدة – العشر الأول من ذي القعدة
وكان مريداً للحج من عامه فإنه مخير بين ثلاثة أنساك :

التمتع – القران – الإفراد
الأول : التمتع :
وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول : " لبيك اللهم عمرة " . ويستمر في التلبية حتى يصل مكة فإذا شرع في الطواف قطع التلبية وبدأ بأعمال العمرة فإذا تمت عمرته حلّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام . فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم ( التروية ) أحرم بالحج وحده من محل سكنه فيقول : ويلزم المتمتع هدي .



الثاني : القران
وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً في أشهر الحج فإذا وصل الميقات وهو مريد لنسك القران قال : أو يحرم بالعمرة أولاً من الميقات فيقول وقبل أن يشرع في الطواف يمكنه إدخال الحج عليها ويلبي .
فإذا وصل القارن إلى مكة طاف طواف القدوم ثم سعى سعي الحج وله أن يؤخره بعد طواف الإفاضة ولا يحلق أو يقصر بل يبقى على إحرامه حتى يحل منه بعد التحلل يوم العيد .

الثالث : الإفراد ( وهو الحج وحده )وهو أن يحرم بالحج وحده من الميقات في أشهر الحج فإذا وصل الميقات قال : فإذا وصل مكة طاف طواف القدوم ثم سعى للحج ولا يحلق أو يقصر ولا يحل من إحرامه بل يبقى محرماً حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد وإن أخر سعي الحج إلى ما بعد طواف الحج فلا بأس .
فعمل المفرد كعمل القارن سواء إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه .
والحاج مخير بين هذه الأنساك الثلاثة ولكن أفضلها هو ( المتمتع ) لمن لم يكن معه الهدي . وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه وحثهم عليه وأمر كل من ليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويقصر ويحل.
أما من كان قارناً أو مفرداً فالأفضل له إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ولم يسق الهدي من بلده أن يجعلها عمرة فيقصر شعره ولا يحلقه من أجل أن يبقى للحج ما يحلق أو يقصر ، ولو أنه حلق وكانت المدة قصيرة بين العمرة والحج لم يتوفر له شعر في الحج يحلقه أو يقصره . ويكون بهذا متمتعاً كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره في حجة الوداع .

المبحث التاسع : محظورات الإحرام وحكم فاعلها وما يجب عليه :

الحظر : هو المنع والحجر ، ومحظورات الإحرام :

ما يحرم على المحرم فعله بسبب الإحرام وتتلخص فيما يأتي :

1) إزالة الشعر من الرأس بحلق أو غيره وألحق جمهور العلماء به شعر بقية الجسم .
2) إزالة الظفر من اليدين أو الرجلين وقد ألحقه جمهور العلماء بالشعر بجامع الترفه .
3) استعمال الطيب بعد الإحرام في البدن أو الثوب أو المأكول أو المشرب .
4) لبس القفازين وهما شراب اليدين .
5) المباشرة لشهوة .
وفدية هذه المحظورات الخمسة على التخيير كما ذكره الله تعالى في القرآن في حلق الرأس ، وقيس عليه الباقي فخير بين صيام ثلاثة أيام – أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع – أو ذبح شاة ويفرق الطعام والشاة على المساكين إما في مكة أو في مكان فعل المحظور .
6) الجماع في الفرج وإذا وقع الجماع في الحج قبل التحلل الأول تترتب عليه أربعة أمور :
أ‌) إفساد النسك الذي وقع فيه الجماع .
ب‌) وجوب المضي فيه .
ت‌) وجوب قضائه في العام القادم .
ث‌) فدية وهي بدنة ( من الإبل ) ينحرها ويفرقها على المساكين في مكة أو في مكان الجماع .
ج‌) عقد النكاح : وليس فيه فدية ولكن النكاح يفسد سواء كان المحرم الزوج أو الزوجة أو الولي أو وكيله فيه .
ح‌) قتل الصيد البري المتوحش وعليه جزاؤه ، وهو ذبح مثله ، يفرقه على فقراء الحرم أو يقومه بطعام يفرقه على فقراء الحرم ، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوم .



• وهذه المحظورات الثمانية حرام على كل محرم ذكراً كان أم أنثى ، وهناك محظورات يختص بها الذكر دون الأنثى :

1) تغطية الرأس بملاصق ، فأما غير الملاصق كالخيمة وسقف السيارة والشمسية فلا بأس به .
2) لبس المخيط وهو كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه ، أو عضو من أعضائه كالقميص والسراويل والخفين ، ولا بأس بلبس الخاتم والساعة ونظارة العين وسماعة الأذن ونحوها .

وتختص الأنثى بالمحظور التالي :

1) وهو تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع وهو غطاء للوجه منقوب للعينين ولكن يباح لها سدل خمارها على وجهها إذا احتاجت إلى ذلك عند مرور الرجال والأجانب وتغطية يديها بثوبها أو عباءتها .
وفدية هذه المحظورات الخاصة على التخيير كفدية الخمسة السابقة .
لفاعل المحظورات السابقة ثلاث حالات :
الأولى : أن يفعله بلا حاجة ولا عذر ، فهذا آثم وعليه فديته .

الثانية : أن يفعله لحاجة ، فليس بآثم وعليه فديته قال تعالى : البقرة 196 . فلو احتاج لتغطية رأسه من أجل برد أو حر يخاف منه جائز له تغطيته وعليه الفدية على التخيير كما سبق .

الثالث : أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم فهذا لا إثم عليه ولا فدية لقوله تعالى : البقرة 286 . ولكن متى زال العذر فعلم بالمحظور أو ذكره أو زال إكراهه أو استيقظ من نومه وجب عليه التخلي عن المحظور فوراً .

المبحث العاشر : ما يباح للمحرم فعله :



1) بجوز للمحرم وغير المحرم أن يقتل الفواسق المؤذية في الحل والحرم إذا اعتدت عليه أما إذا لم تعتدي عليه فلا يتعرض لها لقوله صلى الله عليه وسلم .
2) إذا لم يجد المحرم إزاراً جاز له لبس السراويل ، وإذا لم يجد نعلين جاز له لبس الخفين .
3) لا حرج على المحرم في لبس الخفاف التي ساقها أسفل من الكعبين لكونها من جنس النعلين .
4) لا حرج على المحرم أن يغتسل للتبرّد ، ويغسل رأسه ويحكه برفق وسهولة إذا احتاج إلى ذلك .
5) للمحرم أن يغسل ثيابه التي أحرم فيها من وسخ ونحوه ويجوز له إبدالها بغيرها إذا كانت الثياب الثانية مما يجوز للمحرم لبسه .
6) لا بأس بوضع النظارة الشمسية أو الطبية على العينين .
7) لا بأس بربط الساعة على المعصم أو لبسها في اليد .
8) لا بأس بالحجامة إذا احتاج إليها المحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم .
9) لا حرج بعقد الإزار وربطه بخيط ونحوه .
10) لا بأس بالاستظلال بالمظلة أو الشمسية أو بسقف السيارة وبالخيمة و الشجرة ونحو ذلك مما لا يكون ملاصقاً للرأس .
11) لا حرج في أن يخيط المحرم الشقوق في إزاره أو ردائه أو يرقع ذلك إنما الممنوع هو ما فُصّل على هيئة العضو أو البدن ولا بأس في شد ما يحفظ المال على الوسط ولا حرج في استخدامه لربط الإزار .
حـروف مـن نـور


المبحث الحادي عشر : صفة التمتع من ابتداء الإحرام إلى انتهاء الحج :



• العمرة :
أولاً : إذا أراد أن يحرم بالعمرة اغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب الرجل بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته ، ويلبس إزاراً ورداء أبيضين ، و المرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط ألا تتبرج بزينة ولا تلبس النقاب ولا القفازين .

ثانياً : ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام ، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن للإحرام سنة .

ثالثاً : ثم إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في العمرة فيقول :
، .
يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة ويسن الإكثار من التلبية حتى يبدأ بالطواف ، فإذا بدأ بالطواف قطعها ، ( يسن أن يصلي ركعتين لدخول مكة ) .

رابعاً : فإذا وصل إلى مكة بدأ بالطواف من حين قدومه ، فيقصد الحجر الأسود فيستلمه أي يمسه بيده اليمنى ويقبله إن تيسر بدون مزاحمة وإلا أشار إليه ويقول : . ثم ينحرف ويجعل البيت عن يساره فإذا مر بالركن اليماني وهو آخر ركن يمر به قبل الحجر استلمه بيده اليمنى إن تيسر - بدون تقبيل - فإن لم يتيسر استلامه فلا يشير إليه ، ويطوف سبعة أشواط يرمل الرجل - ( الرمل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى ويكون في طواف القدوم فقط وهو خاص بالرجال ) - في الأشواط الثلاثة الأولى ويضطبع - ( الإضطباع : أن يجعل وسط الرداء تحب إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وهو كالرمل خاص بالرجال وفي طواف القدوم خاصة دون سائر الطواف ) – في جميع أشواط الطواف ويذكر الله ويسبحه في طوافه ويدعو بما أحب في خشوع وحضور قلب وكلما أتى الحجر الأسود كبر ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود . وأما التقيّد بدعاء معين لكل شوط فليس له أصل في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو بدعة محدثة .
• وينبغي أن يتنبه الطائف إلى أمر يخل به بعض الناس في وقت الزحام فتجده يدخل من باب الحجر ويخرج من الباب الثاني ولا يطوف بالحجر مع الكعبة وهذا خطأ لأن الحجر أكثره من الكعبة ، فمن دخل من باب الحجر وخرج من الباب الثاني لم يكن قد طاف بالبيت فلا يصح طوافه .

خامساً : فإذا انتهى من الطواف صلى ركعتين وزار مقام إبراهيم ولو بعُد عنه يقرأ في الركعة الأولى و وفي الركعة الثانية ويسن تخفيف هاتين الركعتين كما جاءت به السنة من أجل أن يدع المكان لمن هو أحق به منه .

سادساً : ثم يطوف بالصفا والمروة – أي بينهما – سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة . والسنة إذا أقبل على الصفا أن يقرأ قوله تعالى البقرة 158 . ليستحضر ذلك أنه إنما يسعى من أجل تعظيم شعائر الله عز وجل ، ويصعد على الصفا ويقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ويكبر الله ويحمد ويقول : .
ثم يدعو بعد ذلك ثم يعيد الذكر السابق ثم يدعو ثم يعيد الذكر مرة ثالثة ثم ينزل متجهاً إلى المروة والسنة للرجل أن يسعى بين العلمين الأخضرين سعياً شديداً إن تيسر له إن لم يتأذ أو يؤذ أحداً ثم يمشي بعد العلم الثاني فيمشي مشياً عادياً وإذا وصل إلى المروة صعد عليها واستقبل القبلة ويرفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا ، ويعتبر هذا شوط .

سابعاً : فإذا أتم السعي قصّر من شعر رأسه يعمه بالتقصير ، وتقصر المرأة منه قدر أنملة وبذلك تمت العمرة وحل إحرامه ، فيتمتع بكل ما أحل الله له قبل الإحرام من اللباس والطيب و النكاح وغير ذلك .



• الحج :

أولاً : أعمال اليوم الأول وهو يوم الثامن من ذي الحجة :
الإحرام بالحج : إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية أحرم من يريد الحج بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه ، ولا يسن أن يذهب إلى المسجد فيحرم منه لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أجمعين فيما يُعلم .
ويفعل عند إحرامه بالحج كما يفعل عند إحرامه بالعمرة فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء ويهل بالحج بعدها قائلاً : ويشترط إن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نسكه وإلا فلا يشترط .
الخروج إلى منى : ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع قصراً من غير جمع كل صلاة في وقتها مع قصر الظهر والعصر والعشاء إلى ركعتين ويقصر أهل مكة وغيرهم إن كانوا حجاجاً .

ثانياً : أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ( يوم عرفة ) :

الوقوف بعرفة : فإذا طلعت الشمس عن اليوم التاسع سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال ( الزوال هو وقت زوال الشمس عن كبد السماء وهو وقت صلاة الظهر ) إن تيسر له وإلا فلا حرج عليه ، لأن النزول بنمرة سنة وليس بواجب ، فإذا زالت الشمس صلى الله الظهر والعصر ركعتين - ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم أي يجمعهما في وقت الظهر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو القائل ، والقصر والجمع في عرفة لأهل مكة وغيرهم وإنما كان الجمع جمع تقديم حتى يتفرغ الناس للدعاء والذكر وقراءة القرآن ويحرص على الأذكار والأدعية وأنفعها وخير الدعاء هو دعاء يوم عرفة كما قال عليه الصلاة والسلام رواه الترمذي ومالك وحسنه الألباني في صحيح الترمذي3/184 . وينبغي أن يستقبل القبلة بدعائه ويرفع يديه ويظهر الافتقار إلى الله عز وجل ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة ولا يعتدي في دعائه .

ويجب على الواقف بعرفة أن يتأكد من حدودها وقد نصبت عليها علامات يجدها من يتطلبها ، فإن كثيراً من الحجاج يتهاونون جداً فيقفون خارج حدود عرفة جهلاً منهم وتقليداً لغيرهم فهؤلاء لا ينعقد حجهم لأن الحج عرفة ويجب التنبه إلى أن بطن الوادي ويسمى بطن عُرنة كما قال عليه الصلاة والسلام هي بطن الوادي من عرفة فلا يصح فيها الوقوف ( أي المكث ) .

ومن وقف بعرفة نهاراً وجب عليه البقاء إلى غروب الشمس ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب ولأن الدفع قبل الغروب من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بمخالفتها ، ويمتد وقت الوقوف بعرفة إلى طلوع يوم العيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبو داود 1/368 .

فإن طلع فجر العيد قبل أن يقف بعرفة فقد فاته الحج فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه تحلل من إحرامه ولا شيء عليه ، و إن لم يكن اشترط فإنه يتحلل بعمرة فيذهب إلى الكعبة ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق ، و إن كان معه هدي ذبحه فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فإذا كان العام القادم قضى الحج الذي فاته وأهدى هدياً إن كانت حجته حجة الفريضة .

• المبيت بمزدلفة : ثم بعد الغروب يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة بسكينة فيصلي بها المغرب والعشاء جمعاً ويقصر العشاء ركعتين والسنة للحاج أن يصلي المغرب والعشاء بمزدلفة اقتداءاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن يخشى خروج وقت العشاء بمنتصف الليلة فإنه يجب عليه أن يصلي قبل خروج الوقت في أي مكان كان ويبيت بمزدلفة ولا يحي الليل بصلاة ولا غيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك .

ويجوز للضعفة من الرجال والنساء أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل أما من ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف فإنه يبقى بمزدلفة حتى يصلي الفجر فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وهلله ودعا يما أحب حتى يسفر جداً وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقوله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم 2/893 .

ثالثاً : أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة ( يوم العيد ) :



• السير إلى منى والنزول بها :

ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة قبل طلوع الشمس عند الانتهاء من الدعاء والذكر فإذا وصل الحجاج إلى منى :
أولاً : رمي جمرة العقبة : وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة في منتهى منى فيلقُط سبع حصيات مثل حصى
الخزف من أي مكان ثم يرمي بهن الجمرة واحدة تلو الأخرى ويكبر مع كل حصاة فيقول ( الله أكبر ) ويرمي خاشعاً خاضعاً مكبراً الله عز وجل .
ثانياً : ثم بعد الجمرة يذبح الهدي إن كان معه هدي أو يشتريه فيذبحه .
ثالثاً : ثم بعد ذبح الهدي يحلق رأسه إن كان رجلاً أو يقصّره والحلق أفضل ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً لجميع شعر الرأس أما المرأة فتقصّر من شعر رأسها بقدر أنملة فقط . وإذا فعل ما سبق حل له جميع المحظورات إلا النساء فيحل له الطيب واللباس وقص الشعر والأظافر وغيرها من المحظورات ما عدا النساء حتى يطوف بالبيت .
رابعاً : الطواف بالبيت وهو طواف الزيارة والإفاضة والشرب من ماء زمزم وإذا كان متمتعاً أتى السعي بعد الطواف ، لأن سعيه الأول كان للعمرة فلزمه الإتيان بسعي الحج .
*وإن كان مفرداً أو قارناً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يعد السعي مرة أخرى ، وإن كان لم يسع وجب عليه السعي لأنه لا يتم الحج إلا به .
• وإذا طاف طواف الإفاضة وسعى للحج بعده أو قبله إن كان مفرداً أو قارناً حل التحلل الثاني وحلت له جميع محظورات الإحرام بما فيها النساء .

• والأفضل ترتيب الأعمال كما يلي :
1) رمي جمرة العقبة .
2) ذبح الهدي .
3) الحلق أو التقصير .
4) الطواف ثم السعي ، إن كان متمتعاً أو كان مفرداً أو قارناً ولم يسع مع طواف القدوم .

فإن قدم بعضها على بعض فلا بأس ولا حرج في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو 2/948 – 950 والبخاري مع الفتح 3/569 .
وإن لم يتيسر له الطواف يوم العيد جاز له تأخيره والأولى ألا يتجاوز به أيام التشريق إلا من عذر كمرض وحيض ونفاس .

المبيت بمنى : وحكمه واجب :
يمكث الحاج في منى ليلة العيد ويلزمه المبيت ليلة الحادي عشر وإن ترك المبيت دون عذر لزمه دم لتركه واجب من واجبات الحج .

رابعاً : أعمال اليوم الحادي عشر من ذي الحجة وهو أول أيام التشريق :

( رمي الجمار ) : بعد أن بات الحاج ليلة الحادي عشر في منى يلزمه رمي الجمرات الثلاثة ووقتها بعد زوال الشمس أي وقت صلاة الظهر يرمي كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يكبّر مع كل حصاة .

يبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الجنف ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو رافعاً يديه ثم يرمي الجمرة الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو وهو رافع يديه ، ثم يرمي جمرة العقبة فينصرف ولا يقف للدعاء بعدها ، هكذا رواه البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .
وإذا لم يتيسر له طول القيام بين الجمرات وقف بقدر ما يتيسر له ليحصل له إحياء هذه السنة التي تركها أكثر الناس إما جهلاً وإما تهاوناً .

• ورمي الجمار نسك من مناسك الحج وجزء من أجزائه فيجب على الحاج أن يقوم به بنفسه إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً سواءً كان حجه فريضة أو نافلة ، ولا يجوز للحاج أن يوكل من يرمي عنه إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه لمرض أو كبر أو صغر أو نحوها فيوكّل حينئذ من يثق بعلمه ودينه فيرمي عنه سواءً لقط الموكل الحصى وسلمها للوكيل ، أو لقطها الوكيل ورمى بها عن موكله . وينبغي للوكيل أن يرمي عن نفسه أولاً سبع حصيات ثم يرمي عن موكله بعد ذلك .

• والأفضل للإنسان أن يرمي الجمرات في النهار فإن كان يخشى من الزحام فلا بأس أن يرميها ليلاً وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت ابتداء الرمي ولم يوقت انتهاؤه .
• المبيت بمنى ليلة الثاني عشر .

خامساً : أعمال اليوم الثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة :

رمي الجمار : يرمي الجمرات الثلاث كما فعل في اليوم الحادي عشر وإذا رمى الجمار في اليوم الثاني عشر فقد انتهى من واجب الحج فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال وإن شاء نفر منها لقوله تعالى سورة البقرة آية 203 . والتأخر أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر ورمى الجمار من يومه ، ولكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذ إلا أن يكون تأخره إلى الغروب بغير اختياره مثل أن يتأهب للنفر ويشد رحلة فيتأخر خروجه بسبب زحام السيارات أو نحو ذلك فإنه ينفر ولا شيء عليه ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى .

• طواف الوداع : فإذا نفر الحاج من منى وانتهت جميع أعمال الحج وأراد السفر إلى بلده فإنه لا يخرج حتى يطوف بالبيت للوداع سبع أشواط لقوله عليه الصلاة والسلام رواه مسلم 2/963 . وعلى هذا فيجب أن يكون هذا الطواف آخر شئ ولا يجوز البقاء بعده بمكة ولا التشاغل بشيء إلا ما يتعلق بالسفر وحوائجه كشد الرحل وانتظار الرفقة أو السيارة فإن أقام بعد طواف الوداع لغير عذر وجب عليه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت .

• وأحب التنبيه على أمر يفعله بعض الناس حيث ينزلون في ضحى اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر من منى فيطوفون للوداع ثم يرجعون إلى منى فيرمون الجمرات بعد الزوال ثم يغادرون إلى بلادهم . وهذا أمر لا يجوز لأنهم إذا فعلوا ذلك لم يكن آخر عهدهم بالبيت بل كان آخر عهدهم برمي الجمرات وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم .

• ويسقط طواف الوداع على الحائض والنفساء ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : البخاري مع الفتح 3/585 ومسلم 2/963 .

وبهذا يكون الحاج قد تم نسكه وأنهى حجه . سائلين الله تعالى أن يجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً … اللهم آمين .


المبحث الثاني عشر : بعض أخطاء الحجاج والمعتمرين :



أخي الحاج هناك بعض الأخطاء يقع فيها كثير من الحجاج والمعتمرين إما جهلاً أو تهاوناً أحببنا أن نعرض لها حتى تتجنبها ليسلم لك حجك أو عمرتك بإذن الله تعالى وسنعرض لها عرضاً تسلسلياً ابتداءاً من الإحرام حتى نهاية المناسك .

أولاً : أخطاء تقع عند الإحرام :
1) ترك الإحرام من الميقات ممن يمر عليه لمن أراد العمرة أو الحج والصحيح أنه لا بد من الإحرام من الميقات حتى الحائض والنفساء .
2) اعتقاد أنه لا بد من لبس النعلين حال الإحرام وإلا لما جاز لبسهما بعد ذلك .
3) اعتقاد البعض أنه لا يجوز تبديل الثياب بعد الإحرام حتى التحلل .
4) الإضطباع مشروع في طواف القدوم خاصة لكن يتنبه إلى أنه إذا فرغ من الطواف أعاد الرداء على كتفه الأيمن وستره ولا يستمر بالاضطباع حتى نهاية النسك .
5) الاعتقاد بوجوب ركعتين عند الإحرام والصحيح أنه لا صلاة خاصة بالإحرام .
6) اعتقاد وجوب الإحرام من المسجد لمن أحرم بعد تحلل كالحاج المتمتع .

ثانياً : أخطاء تتعلق بالتلبية :
1) ترك التلبية والانشغال عنها بالكلام وعدم رفع الرجال أصواتهم بها .
2) تلبية الحجيج بصوت جماعي يتقدمهم أحدهم .

ثالثاً : أخطاء تقع عند دخول المسجد الحرام :
1) اعتقاد وجوب أو أفضلية الدخول إلى الحرم من باب معين والصحيح أن يدخل من أي باب يتيسر له .
2) ابتداع أدعية مخصوصة عند دخول المسجد أو رؤية الكعبة وإنما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء لدخول جميع المساجد ومنها الحرم .
3) اعتقاد أن تحية المسجد الحرام هو الطواف فقط والصحيح أن المسجد الحرام كباقي المساجد يسن له ركعتان يركعهما الداخل تحية له ولكن إذا دخل المسجد الحرام للطواف سواءً كان طواف نسك أو تطوع فإن الطواف تحية له وتجزئه عن الصلاة ركعتين أما إن دخل لغير نية الطواف ولكن لانتظار الصلاة أو لحضور مجلس علم أو ما أشبه ذلك فإن المسجد الحرام كغيره من المساجد يسن له أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس .

رابعاً : أخطاء تقع في الطواف :
1) التلفظ بالنية عند إيراده الطواف .
2) عدم البدء بالطواف من عند الحجر الأسود .
3) المزاحمة الشديدة عند الحجر الأسود والركن اليماني .
4) اعتقاد أن تقبيل الحجر الأسود شرط لصحة الطواف والصحيح أنه سنة .
5) تقبيل الركن اليماني وهذا غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم والمشروع استلامه فقط دون التقبيل أو الإشارة .
6) اعتقاد أن استلام الركن اليماني للتبرك .
7) الرمل وهو الإسراع بالمشي مع تقارب الخطى في جميع الأشواط والمشروع في الرمل في الثلاثة أشواط الأولى ويمشي ما بين الركن اليماني والحجر الأسود وهو خاص للرجال في طواف القدوم فقط .
8) تخصيص أدعية لكل شوط وتزداد هذه البدعة خطأ إذا حمل الطائف كتيباً فيه لكل شوط دعاء يقرأ منه وهو لا يفقه ما يقول .
9) الطواف من داخل الحجر وليس من خارجه .
10) عدم الالتزام بجعل الكعبة عن يسار الطائف حين الطواف مثل من يمسك نساءه ويحجر عليهن فيضطر أن يجعل الكعبة عن يمينه أو أمامه أو خلفه .
11) استلام جميع أركان الكعبة والمشروع في الركنان وهما ( ركن الحجر الأسود والركن اليماني ) .
12) رفع الصوت بالدعاء أثناء الطواف وهذا يذهب الخشوع ويشوش على الطائفين ويُذهب هيبة البيت .
13) اعتقاد أن ركعتي الطواف لا بد أن تكون قريباً من المقام فتجد بعض الناس يضيق على الطائفين ويؤذيهم بالمزاحمة الشديدة والصحيح أن الركعتان تجزئان في أي مكان في المسجد أو يجعل المقام بينه وبين الكعبة ولو كان بعيداً عنه ( بالمحاذاة ) .
14) تطويل ركعتي الطواف وهذا مخالف للسنة والصحيح أن يخففهما وينصرف من حين أن يُسلّم ولا يؤذي الطائفين ولا يجلس للدعاء بعدها لعدم مشروعية ذلك .
15) تخصيص دعاء لمقام إبراهيم وهذا من البدع لعدم ثبوت هذا الدعاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
16) التمسح بالمقام والتبرك به .

خامساً : الأخطاء التي تقع في المسعى :
1) التلفظ بالنية .
2) الإشارة إلى الكعبة عند الصعود إلى الصفا كما هي في تكبيرة الصلاة .
3) ترك الإسراع بين العلمين الأخضرين والمشي مشياً واحداً بين الصفا والمروة والشروع للرجال أن يسرعوا عند العلمين الأخضرين ويمشوا في الباقي أما النساء فتمشي مشياً واحداً .
4) الإسراع في جميع السعي فيحصل بذلك مفاسد :
الأولى : مخالفة السنة .
الثانية : إتعاب نفسه والإشقاق عليها ومزاحمة الآخرين .
الثالثة: أن يفعل ذلك تعجلاً في إنهاء العبادة وهذا ينبئ عن التبرم من العبادة وهذا خطأ عظيم بل ينبغي أن يؤدي العبادة بانشراح صدر وخشوع .
5) تكرار تلاوة قوله تعالى في كل شوط والمشروع أن يتلوها إذا دنا من الصفا عند بداية السعي فقط .
6) تخصيص دعاء لكل شوط .
7) البدء بالمروة قبل الصفا .
8) اعتبار الشوط الواحد من الصفا إلى الصفا .
9) السعي في غير نسك كاعتقاد بعض الناس التنفل بالسعي وأنه مثل الطواف .
10) صعود النساء على الصفا والمروة والصحيح أن المرأة تقف عند أصولهما ثم تنحرف لتأتي بقية الأشواط .

سادساً : أخطاء تتعلق في الحلق والتقصير :
1- حلق بعض الرأس وترك بعضه .
2- تقصير شعرات قليلة من غير تعميم للتقصير .
3- الحلق أو التقصير بعد لبس ثيابه بعد التحلل من العمرة ، أما من فعل ذلك جهلاً منه فلا حرج عليه لكن يلزمه أن يعود إلى إحرامه ويحلق ثم يحل .

سابعاً : الأخطاء التي تقع في يوم التروية عند الإحرام بالحج :
1- ترك الجهر بالتلبية .
2- البقاء في مكة وعدم الذهاب إلى منى .
3- الجمع بين الصلوات في منى والشروع هو قصر الصلوات بدون جمع .
4- إتمام الصلاة والسنة قصر الصلاة .

ثامناً : أخطاء تتعلق في الذهاب إلى عرفة والوقوف بها :
1- ترك الجهر بالتلبية في أثناء المسير إلى عرنة .
2- الوقوف دون حدود عرفة . ( وادي عرفة )
3- التوجه في الدعاء إلى الجبل ( جبل الرحمة ) دون القبلة .
4- الظن بأنه لا بد من الوقوف عند الجبل .
5- الظن أن الأشجار في عرفة يحرم قطعها كالتي في منى ومزدلفة .
6- اعتقاد أن للجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم قدسية خاصة فيصعدون إليه ويصلون فيه ويعلقون على أشجاره .
7- اعتقاد أنه يلزمهم صلاة الظهر والعصر مع الإمام في المسجد مع المشقة .
8- الخروج من عرفة قبل غروب الشمس .
9- إضاعة الوقت من غير فائدة .

تاسعاً : أخطاء تتعلق بمزدلفة والمبيت بها :
1- الإسراع الشديد عند الانصراف إلى مزدلفة .
2- النزول قبل الوصول إلى مزدلفة .
3- صلاة المغرب والعشاء في الطريق قبل الوصول إلى مزدلفة .
4- تأخير صلاة العشاء عن وقتها بحجة عدم الوصول إلى مزدلفة فإذا خشي الحاج خروج وقت العشاء بنصف الليل صلى في أي مكان لمصلحة أداء الصلاة في وقتها وعدم إخراجها عنه .
5- صلاة الفجر قبل دخول وقتها .
6- الخروج من مزدلفة ليلاً وعدم المبيت بها لغير أصحاب الأعذار .
7- إحياء الليل بالصلاة والدعاء ( ليلة مزدلفة ) .
8- البقاء في مزدلفة حتى طلوع الشمس .




عاشراً : أخطاء تتعلق برمي الجمرات :

1- اعتقاد أن الجمرات لابد أن تكون من مزدلفة والصحيح أن الرمي يجزئ بالحصا سواء كان من منى أو من مزدلفة أو من أي مكان آخر .
2- غسل الحصى قبل الرمي أو تطييبه .
3- اعتقاد أن الجمرات بمثابة شياطين فيحدث بذلك مفاسد منها :
أ) أن هذا الاعتقاد ليس له أصل وإنما نرمي هذه الجمرات إقامة لذكر الله وتحقيقاً للعبودية لله تعالى .
ب) قد يترتب على ذلك إيذاء للغير نتيجة الاندفاع وقد يترتب عليه إثم لمن فعل ذلك.

4- عدم التحقق من الموضع الذي يرمى منه الجمرات .
5- اعتقاد أنه لابد أن تصيب الحصاة العمود الشاخص والصحيح أنها لابد أن تستقر في الحوض حتى لو لم تصب العمود .
6- الرمي من غير ترتيب فإن كان جاهلاً أُمر أن يعيد في وقته وإن كان قد خرج وقته فلا حرج عليه لجهلة .
7- الرمي قبل وقت الرمي .
8- الرمي بأقل من سبع حصيات .
9- الرمي زائداً عن المشروع سواء بالعدد أو بالمرات .
10- ترك الوقوف للدعاء بعد الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق .
11- التوكيل بالرمي ممن يستطيع الرمي .

الحادي عشر : أخطاء متعلقة في أيام التشريق بمنى :
1- ترك المبيت بمنى من غير عذر .
2- عدم تحري مكان في منى فعندما يتعذر عليه وجود المحل يقيم في مكة أو العزيزية والصحيح أن يجب عليه أن يبحث بحثاً تاماً فإذا لم يجد فإنه ينزل عند آخر خيمة من خيام الحجاج .
3- الخروج من منى قبل الزوال من اليوم الثاني عشر .

الثاني عشر : أخطاء تتعلق بالهدي :
1- ذبح هدي لا يبلغ السن المعتبرة شرعاً . ( في الإبل 5 سنوات ، وفي البقر سنتان ، وفي الماعز سنة ، وفي الضأن ستة أشهر ) .
2- ذبح هدي فيه عيب كالعور أو المرض أو العرج أو شق الأذن …
3- رمي الهدي بعد ذبحه والصحيح أنه ينبغي أن يوزعه على مستحقيه ومن السنة الأكل من الهدي .
4- ذبح الهدي قبل وقت الذبح ووقته هو يوم العيد .
5- دفع المال بدلاً من الهدي .

الثالث عشر : أخطاء تتعلق بطواف الوداع :
1- نزول بعض الحجاج من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا الوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات والصحيح أن يرموا ثم يطوفوا بالبيت حتى يكون آخر عهدهم بالبيت لا في الرمي كما أمر عليه الصلاة والسلام .
2- مكثهم في مكة بعد طواف الوداع بلا حاجة والصحيح أن على من طاف طواف الوداع مغادرة مكة إلا إن كانت له حاجة تتعلق بسفره .
3- خروجهم من المسجد الحرام بعد طواف الوداع على أقضيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة مع الإشارة إلى الكعبة .



ملاحظة :-إذا ترك الحاج طواف الوداع لزمه أن يذبح شاه في حدود الحرم ويوزعها على فقراء الحرم وذلك لتركه واجب من واجبات الحج أما الحائض والنفساء فيسقط عنهما طواف الوداع ولا يلزمها شيء .

المبحث الثالث عشر :أحكام زيارة المسجد النبوي مع التنبيه على المخالفات التي تقع عند الزيارة :

1) تستحب زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهي مشروعة في أي وقت وفي أي زمان و ليس لها وقت محدد وليست من أعمال الحج ، ولا يجوز شد الرحال والسفر من أجل زيارة القبر ، فإن شد الرحال على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور وإنما يكون للمساجد الثلاثة كما قال عليه الصلاة والسلام :
البخاري مع الفتح 3/63 ومسلم 2/1012 . فإذا وصل المسجد النبوي للصلاة فيه لما له من الأجر العظيم جاز له بعد ذلك زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبور أصحابه فتدخل الزيارة لقبره تبعاً لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم .

2) إذا دخل المسجد النبوي استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله .

3) يصلي الداخل ركعتين تحية للمسجد وله أن يصلى ما شاء والأفضل أن يفعل ذلك في الروضة الشريفة وهي ما بين منبر النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته . لقوله صلى الله عليه وسلم البخاري مع الفتح 3/70 ومسلم 2/1010 .

4) ثم بعد الصلاة إن أراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقف أمام قبره بأدب – ووقار – وخفض صوته ثم يسلم عليه صلى الله عليه وسلم قائلاً : لقوله عليه الصلاة والسلام .وإن صلى عليه كما هو في الصلاة الإبراهيمية أو قال :
أشهد أنك رسول الله حقاً وأنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده فجزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبياً عن أمته فلا بأس لأن هذا كله من أوصافه صلى الله عليه وسلم .ثم يأخذ ذات اليمين قليلاً فيسلم على أبي بكر الصديق ويدعو له ثم يأخذ ذات اليمين قليلاً أيضاً فيسلم على عمر بن الخطاب ويدعو له .

5) ولا يجوز لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقرب إلى الله تعالى بمسح الحجرة أو الطواف بها أو يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قضاء حاجته ، أو شفاء مريضة ونحو ذلك ، لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله وحده .

6) والمرأة لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا قبر غيره لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لكن لها زيارة المسجد النبوي تتعبد فيه وتتقرب إلى الله تعالى بالصلاة والدعاء والذكر رغبة لما فيه من مضاعفة الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام في فضل مسجده البخاري مع الفتح 3/63 ومسلم 2/1012 .

7) يستحب لزائر المدينة أثناء وجوده بها أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه لقوله عليه الصلاة والسلام من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة ] روه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 1/273 .

8) ويسن للرجال زيارة قبور البقيع وهي مقبرة المدينة وقبور الشهداء وقبر حمزة رضي الله عنهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورهم ويدعو لهم ويقول إذا زارهم :
.

9) ولا شك أن المقصود بزيارة القبور هي تذكر الآخرة والإحسان إلى الموتى بالدعاء . .

هذا والله أعلى وأعلم وصل اللهم وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه



المصادر :
دورة فقهية لصاحبتها الداعية إلى الله أخت من جمعية إحياء التراث الإسلامي بالإضافة إلى ( بعض من ملخص الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى ) .
حـروف مـن نـور