*لم يكن ذنبي* رواية

الأدب النبطي والفصيح

*لم يكن ذنبي*


الجزء الأول



وسط الظلام الدامس و المطر الغزير.. لا يوجد سوى امرأة تجري تحت المطر.. مطر من السماء و مطر من عينيها..تجري والدنيا أمامها سوداء.. وهي تشعر بدوار و لكن خوفها من الذي حصل يتغلب على آلامها تجري و الدماء تقطر من جسدها..فتترك أثار..تجري وهي تحمل بين يديها قطعة من نفسها..فلذة كبدها..إنها ابنتها..
**طـفـلـة الـخـطـيـئـة**
..تحتظنها بكل قوتها.. وهي تعتصر ألما لسوء تصرفها.. تبكي ندما لما فعلت..
و تتذكر....
تتذكر كيف كان سامي يلاحقها كلما تخرج من المدرسة.. كان يراقب حركاتها.. كان يتبعها عندما تعود للمنزل .. كان يعلم متى تبقى وحدها و متى يكون لديها أهلها.. كان سامي هو الابن المدلل لدى أهله كانت تعرفه .. إنهم جيران يقطنون في حي واحد.. كانا يلعبان معا و هما صغار.. و استمر حبهم لبعض إلى أن كبرا... كان سامي يكبر ليلى بعامين تقريبا..كانا يتحدثان سويا .. إما من نافذة المطبخ.. أو على الهاتف عندما تكون وحدها...كانا يظنان أن حبهم هو الذي يسيرهم في هذه الدنيا.. كانا يظنان أن الدنيا تسير حسب رغبتهم....
كان جزء كبير من الغلط يتحمله الأهل حيث أنهم دائما عندما يتحدثون يجمعون بين اسمي ليلى و سامي.. و لا يعلمون أن الأطفال ترسخ الأمور في أذهانهم أكثر من الكبار..
فقد توهم سامي و ليلى أنهما يحبان بعضهما..رغم أن الحب لا يأتي من الكلام...
حتى عندما كبرا و تفتحت أحاسيسهما.. تغيرت مشاعرهما و نفسيتهما.. كان هذا الأمر مفروغ منه وكأنه واجب عليهما..
ليلى... كانت تحب سامي كثيرا لأنها لا تعرف غيره
سامي.. فقد كان يتسلى معها و يعرف غيرها كثير...
تغمض ليلى عينيها فتتذكر ما فعلت... ويخطر في بالها مشهد عبر في حياتها..ستعاقب عليه مدى الحياة...
- هل لي أن أراك حبيبتي.!؟
- ما لذي تقوله يا سامي.؟؟
- لا تخافي.. لثوان فقط..أريد أن أمنحك هدية بسيطة..
- لا لا أظن إنها فكرة جيدة..لا لا.....حسنا..متى ,, وأين..؟؟
- لا عليك..أنا سآتي لأصطحبك غدا عند العاشرة مســـاءََ
- هذا جيد..حتى يناموا أهلي..
- إلى اللقاء حبي..
- إلى اللقاء...
في اليوم التالي عند العاشرة مساء كان سامي ينتظر ليلى عند منزلها .. نزلت من المنزل ركبت معه و بأقصى سرعة انطلق إلى الجحيم......
- ادخلي يا حلوتي..ما بك خائفة..!!
- سامي إنني...هذه...أول مره...أدخـ....
- لا عليك..إنني احبك و أخاف عليك كما نفسي تماما .
و امسك يدها ربت عليها...فدخلت..توجهت إلى الصالة فأمسك بيدها و قال
- لا إلى أين..!! إن هذه الحجرة متسخة و غير مرتبة ... تعالي... امممم...آه.. تعالي
إلى حجرة النوم .. لا يوجد حجرة سواها و هي مرتبه.
انتابتها نوبة شك عابرة طفيفة... طردها من قلبها حبها لسامي... كانت تنفذ كل ما يقوله لها من دون أدني تفكير.. كانت تثق به ثقة عمياء رهيبة..
هل تدخل معه إلى موضع تعلم ما لذي سيحصل فيه..!!!!
سحبها سامي من يدها في خفة .. سرت معها سحر حبه إلى قلبها
فقالت له من باب الأدب وليس من باب الخوف على نفسها......
- ولكن...
- لا عليك..قلت لك إنني أخاف عليك ..
و دخلوا إلى قلب الجحيم......
جلست على السرير و جلس هو بجانبها أخذ يمطر عليها كلاما جميلا و ناعما إلى أن تخدرت من الكلام.. فعل فعلته الحيوانية... بشهوته الغريزية..ثم حدث ما حدث..
بعد ما يقارب شهر اكتشفت ليلى أنها حامل ..اتصلت به على الفور و لكنها صدمت عندما قال لها..
- وما أدراني انه فعلا ابني..بما انك سمحت لنفسك معي ستسمحين لها مع غيري ..
قالت له وهي تصرخ فيه من كثرت انفعالها وخوفها..
- و لكنك تعلم جيدا أنه لا يوجد غيرك.
رد بسخرية..
- أعلم أنه لا يوجد قبلي و لكن ماذا عن بعدي.
سألته و قد انهارت تقريبا..
- ماذا أفعل به..!!!
رد عليها بكل برود..
- لم يكن ذنبي..
توسلت له عشرات المرات ولكنه آبى..أصبح يتهرب منها..غير رقم هاتفه..و عنوان منزله.. بل ترك لها رسالة أخبرها فيها أنه مسافر ولم يخبرها فيها إلى أين... تحولت حياتها جحيم.. نومها أصبح يقظة..يقظتها أصبحت تفكير..تفكيرها أصبح هذا الجنين..هل تتخلص منه..فيرد قلبها بالنفي.. هل تخبر أهلها.. ولكن بأي عذر سيقبلون ما فعلت..هل بسبب شاب طائش توهمت انه يحبها فعلا..!! أم بسبب رغبة في نفسها ونفسه لا يعلمان كيف يعالجانها بالحلال..!!
مرت عدة شهور تدهورت صحتها و لكن الله أراد أن يبقى هذا الجنين بالرغم من صحتها الضعيفة..لأنه لا ذنب له..تهربت من أهلها ..لا تجلس معهم كثيرا .. ارتدت الملابس الواسعة حتى لا يشعرون بكبر بطنها ...
و عندما جاءها المخاض .. كانت وحدها فأسرعت إلى امرأة مختصة بهذه الأمور من دون طبيب ولا أدوات طبية.. و عندما أخبرتها بأنها فتاة..طلبت منها ورقة وقلم …ثم خطت بعض الكلمات على الورقة ..طوتها و وضعتها بين أحضان طفلتها… شكرتها..و أخذت ابنتها.... لا تدري إلى أين..و لكن المهم ألا يراها احد ... في منتصف الليل و المطر غزير.. تجري .... تجري..
هل تدفنها..!! ولكنها تذكرت قوله تعالى(( و إذا الموء,دة سئلت *بأي ذنب قتلت)) ثم ابتسمت بمرارة وهي تسخر من نفسها..كيف تتذكر قوله تعالى وهي تريد دفنها..ولا تتذكر آيات منه تعالى عن حرمة الزنا...!! بكت بحرقة شديدة وهي تزيد من احتضانها لابنتها...فجأة...خطرت لها فكرة ستتركها عند باب المسجد .. توجهت إلى احد المساجد فوضعتها عند الباب و توجهت إلى منزلها بكل سرعتها..... لا ترى أمامها سوى صورة طفلتها....ثم صرخت بأعلى صوتها...آآآآآآآآآه.... فهوت على الأرض..
نزل الرجل من سيارته
- اللهم سترك..ماذا حصل لك يا آنسه..!!
اصفر وجه الرجل وهو يرى المنظر أمامه فتاة في العقد الثاني من العمر جسدها ينزف دم من جميع أجزائه.. من رأسها إلى أخمص قدميها..تجمع حولها الناس المتوجهين للمسجد..حملوها و وضعوها في سيارة الرجل و توجه بها إلى اقرب مستشفى...
دخلت غرفة الطوارئ..عمل لها الطبيب ما ينبغي... ثم خرج إلى الرجل وقال له..
- ماذا حدث لها..؟؟
رد الرجل وقد جف ريقه..
- أنـ...أنا ..لقد.. لم يكن ذنبي و الله العظيم..
- ما هو الذي لم يكن ذنبك.؟؟
- لقد صدمتها ولكني لم أكن مسرع هي التي توجهت نحوي من شارع فرعي ثم..
- لا داعي لكل هذا أنا لست محقق إنني طبيب و لكني أود أن أقول لك....البقاء لله.
- مـ..مـــ...ماتت.؟؟؟!!
- أجــل
هوى الرجل أرضا من الخوف..اخبر الطبيب الشرطة..حضروا و حققوا مع الرجل ثم بلغوا.. عن الفتاة فحضر والدها..اندهش عندما علم أنها لم تكن في المنزل ...كيف!!! من المفترض أنها نائمة لديها مدرسة ..... انه تسيب الأهل..الأب مشغول في تجارته.. والأم مشغولة في أمور لا يوجد ما هو أتفه منها.. و الأبناء مصيرهم الله وحده العالم بهم..
قال الطبيب للرجل.
- لقد أوصتنا ابنتك.. وأنت تعلم أن الوصية يجب أن تنفذ
رد الأب و نبرة الحزن لا تفارق صوته...
- نعم.... بماذا أوصتكم..؟؟
- لقد أوصتنا على ابنتها.
رد الأب وصوته يتأرجح في حلقه.
- و لكن أيها الطبيب.. لابد انه حصل سوء فهم ..إن ابنتي لم تكن متزوجة...
ثم صرخ بكل قوته وكأن الكلمات كانت مكبوتة داخله فأراد أن يرتاح من ذالك العناء
- كــــيــــف....!!!!؟؟؟
- هل تعلم أن وفاة ليلى لم تكن من الحادث فحسب بل كانت نتيجة النزيف الشديد..لقد كانت بطنها مفتوحة..أي أن ولادتها حديثه..ربما قبل الحادث بساعات..
جحظت عينا الأب...سقط فكه السفلي.. توقفت كل حواسه عن الحركة..لم يعد يعمل منها سوى ذاكرته التي أخذت تسترجع لقطات و صور لابنته وهي تتهرب منهم .. و نفسيتها المتغيرة فجأة..و انطوائها.. وكرهها لبعض الأطعمة.. ومكوثها في دورة المياه ساعات وهي تتأوه من الألم..هذه جميعها مؤشرات تدل على أنها حامل .. ولكن هذه المؤشرات تسقط أمام كونها فتاة عذراء...لا يوجد من هو متمم للحمل..إن ابنته لم تكن متزوجة........
تقبل الأب الصدمة حيث لم يكن في مقدوره صدهـــــــا.... دفنوا ابنتهم .. واندفن معها سرها..
******
انفض تجمع الرجال بعدما تحركت السيارة ورجعوا إلى المسجد لأداء الفريضة.. توجه احدهم إلى مصدر بكاء خفيف.. بكاء طفل..
توجه إلى مصدر الصوت فوجد طفل..حديث الولادة..جسمه بارد في هذا الجو...دون أدنى تفكير..أسرع بأخذه و احتضنه لعله يستمد من حرارة جسمه .وجد بين أحضان الطفل ورقة..قرأ ما خطت عليه..تعجب من الكلام..أدخل الورقة في جيبه...ثم توجه إلى منزله فأخبر زوجته أم مازن ما شاهده فأشارت عليه عندما تشرق الشمس أن يتوجه إلى الملجأ و يضعه هناك لأن عليه مسؤولية حيث أن الطفل دون شهادة ميلاد و لا أوراق رسمية....
أخذت المرآة الطفل و بغريزة الأمومة حيث كان لديها مازن و عمره ثلاثة أشهر.. احتضنته و قد علمت أنها فتاة أرضعتها مع طفلها و قد أحست بحب كبير تجاه هذه الفتاة .. و أيقنت من غير تفكير أن الفتاة لا ذنب لها في هذه الحياة .. إن دفتر أعمالها صفحاته بيضاء..إن الأطفال ملاك مبعوث من الجنة.. لا يخطئون ولا يحاسبون....
*عند شروق الشمس*
توجه الرجل و معه زوجته التي أصرت على الذهاب معه إلى الملجأ.....عند المدير
قص الرجل حكاية الطفلة فقال المدير
- لا حول ولا قوه إلا بالله.. لقد كثرت هذه الحوادث..لا يمر شهر أو اثنين إلا و نجد طفل لقيط أو مقتول في مرمى النفايات... استغفر الله العظيم..
قال الرجل وهو في غاية الأسى لمصير هؤلاء الأطفال
- اللهم اهدي شبابنا و شاباتنا.
جزاك الله خير انك رجل طيب سوف نعمل اللازم ..
تكلمت أم مازن و قد اتخذت القرار عندما أحست بأنها ستدع الطفلة هنا..
- أيها المدير هل تسمح لنا بتبني هذه الطفلة..؟؟
ظهرت الدهشة على وجه والد مازن من الكلام ولكنه يعلم مدى حب زوجته للأطفال و قد لاحظ التوسل في عيني زوجته..
قال المدير بعد فترة من التفكير..
- أنت تعلمين أن التبني محرم في الإسلام.. ولكن سنرسل معكم لجنة تعاين المنزل و المستوى المادي لكم ثم يمكنكم الاحتفاظ بالطفلة..بالتأكيد بعد أن نستخرج لها أوراق رسميه تثبت هوية الطفلة باسم يختلف عن اسمكم حتى لا تختلط الأنساب... والله المستعان.
شكرته والدة مازن بكل كلمات الشكر و كأنه أعطاها وسام و شهادة تقدير و لكنها تعلم في قرارت نفسها انه أعطاها أغلى من ذلك كله لقد مكنها من الاحتفاظ بنفس بريئة ..ربما تكون هذه الطفلة في يوم من الأيام حجر في بناء المجتمع ..ربما يكون لها شأن أفضل من غيرها.
رجع والد و والدة مازن والأخيرة تحمل الطفلة و قلبها يرقص فرحا.. لا تعلم لماذا تعلقت بهذه الطفلة بالرغم من انه لم يمر عليها معها أكثر من ستة ساعات ولكن دائما المحبة من الله...
جاءت خلفهم اللجنة عاينت المنزل و تيسرت أمورهم وتم قبول طلبهم..
و عاشت الأسرة في خير و رزق.. حتى أن والد مازن قال..
- لقد رزقنا الله لحبنا لهذه الفتاة.



يتبع........
41
9K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

**مرفأ**
**مرفأ**
نحن نتابع
سكارلت
سكارلت
بداية طيبة

نتابعك عزيزتي
صيام قلب
صيام قلب
قصه وايد حلوه حياة القلوب وتعور القلب :icon33:

بانتظر التتمه :)

وتقبلي مني طيب المشاعر :27:
حيـ القلوب ــاة
ياهلا والله ومرحبـــــــــــــــا ...

سعيـــــدة جداا بوجودكم معي ...

أهليــــــــــــــــــــن **مرفأ** و سكارلت
اسفرت وأنورت بوجودكم ..
حيـ القلوب ــاة
صيام قلب

ان شالله تعجبـــك أكثر وأكثر .... اسعدتيني بتواجدك ..