مدخل ~
أعظم نعمة أودعها الله في الإنسان .. نعمة العقل
وبها تميّز عن باقي المخلوقات .. وفضّله الله تعالى عليها تفضيلا .
وبها حمل الأمانة التي عجزت عن حملها الجبال والسماوات والأرض ..
وبها يحقق الغاية من وجوده وهو عبادة الله وحده .. وعمارة الأرض .
وحين يفرط الإنسان في هذه الهبة التي بها يستطيع أن يدرك
الضار من النافع ، ويتردى في حمأة الضياع ..
يصل إلى مرحلة يغيب فيها العقل .. وتسقط فيها أي ميّزة له من الحيوان .
هناك يتردى في قاع جبٍّ إذا ماأوغل في مسريته وهو معصوب العينين
في فيافي الحياة .. .. يهوي دون أن ينتشله بعض السيّارة ..!
العقاقير والمدمن ~
إن التعريف الأساسي للعقار هو أنه مادة مؤثرة بحكم طبيعتها الكيميائية
في بنية الإنسان ووظائفه ..
وهذا التعريف يشمل كل شيء يبتلعه الناس أو يستنشقونه أو يحقنون به
أو يمصونه ؛بما في ذلك الأدوية المباحة والعقاقير المحظورة ، والمشروبات
والسجائر ، وغيرها كلها تسمو عقار من وجهة نظر علم العقاقير ..
وإن اختلفت كيفية أو أسباب استعمالها
فهي جميعها تتفاعل مع الكائن الحي وفق مبادئ ثابتة ،
وسيظل الجهاز العصبي المركزي مهبطاً لها تؤثر فيه على مستويات .
ويزداد التأثير بزيادة الإقبال عليها، والتعود على تعاطيها وعدم القدرة على التحمل
بدونها وهنا يكون المرء قد وصل مرحلة الإدمان .
ومضة ألم ~
قصص الإدمان .. آهات وزفرات والآم وحسرات ..
للغارقين في لجتها ..
وللأمهات وبكائهن .. للآباء وأحزانهم ..
وللزوجات وحاجاتهن ..
وللمدمنين ضياع وتوهان عن وعي الحياة
هذه زوجة مسكينة وافقت على أول طارق يطلب يدها
وانصدمت بعد زواجها بقليل بحقيقة أن زوجها.. مدمن..
حاولت تقديم النصح فضربها بوحشية وقذفها من. الدور الثالث ..
فنقلت مهشمة العظام إلى المستشفى .. وعلى فراش احتضارها
كانت تفتح فاهاً للجميع ، وكأنها كانت تقول : كان اختياري خاطئاً .
المستهدفين للإدمان .. من هم ؟ ~
هم الجماعة الهشة المعرضين أكثر من غيرهم لحالات الإدمان ..
ويشملون هذه الفئات :
- الذين يكون في أسرهم تاريخ للإدمان ،
- ومن يكون لديهم الوازع الديني ضعيفاً ،
وهذا أعظم مؤثر في انحراف الإنسان عن الصواب
- ومن يعانون من مشاكل داخل الأسرة ؛ كالانهيار الأسري ،
والدخل المنخفض، أو غيره ،
- وكذلك فإن مصاحبة أقران السوء هي من الأسباب الكبرى للإدمان
ولذا ينذرنا الرسول الكريم فيقول :
( المرء على دين خليله .. فلينظر أحدكم من يخالل).
صورة مؤلمة من واقع المجتمع ..
هذه المظلومة من ينصفها ؟~
تقول من خلال الدموع :
أعيش مع أبنائي برعب دائم ، أبعد كل أداة حادة في البيت ،
خوفاً من أن يستخدمها زوجي في لحظات اللاوعي ..
منذ سنين طويلة آعيش كل ليلة كابوساً .. حين يعود في ساعة متأخرة من الليل ،
وبحيل سكون الليل إلى صراخ وسب وشتيمة ، ثم يبدأ بضرب الأبناء وضربي
بمجرد الاعتراض على هذا السلوك .. اشتكيته لأهله ولكنهم جميعاً متبرئون منه.
أما بالنسبة لأهلي فقد ترفي والداي وتفرقت العائلة ، وكلٌ مشغول بنفسه ،
ولا أحد مهتم حتى بمجرد الاستماع ..!
لقد حاولت مع زوجي في حالات صحوه أن أفتح معه الحديث ، فبدأ بضربي
بكل ما يقع تحت يديه، وأنتهي كل مرة بالكدمات والدماء من كل مكان في جسدي
فآثرت عندها السكوت ، والشكوى لله وحده .
من تأثيرات الإدمان ~
كلما أوغل الإنسان في هذا الطريق الخطر ..
كلما زادت حاجته إلى العقاقير ..
حتى يصبح أسيراً لها .. وتصبح متحكمة بحياته ..
ومن المضاعفات التي يعاني منها المدمنون :
الهذيان والرعاش ، وضعف الذاكرة ، والتهاب المخ ، والهلوسة والخيالات ،
والغيرة المرضية .. وأمور أخرى تصيب جسده بمختلف الأمراض
فتعطّل وظائف أعضائه .. أو تصيبها بالتلف ..!
وقد ينتهي به الحال إن لم تدركه نفسه بالتوبة ..
إلى السجن .. أو الموت ..!!
الشباب عماد المجتمع
فماذا إن أدمن ؟
من الواقع المؤلم وجود عدد كبيرٍ من الشباب واقعاً تحت رحمة الإدمان
إنها كارثة تقتضي العمل من رجال الإيمان والتقوى والإرشاد والنصح ،
لإنقاذ هؤلاء الذين عليهم مسؤولية بناء صرح المجتمع وإعلاء صرحه .
قصص كثيرة تصادفنا عن أمثال هؤلاء الشباب ،
منها مايسر النفس بالتوبة والأوبة .. والرجوع إلى الطريق المستقيم ،
ومنها مايعتصر القلب كأن تسمع. أن فلاناً فارق الحياة بسبب هذه السموم ..
فخسر دنياه وآخرته .. وترك القلوب خلفه مفجوعة ..
وأمّاً بعده تعيش على هامش الحياة ..!
خسائركم أيها المدمنون ~
هل تسمحون لنا بذكر بعض خسائركم حتى الآن ؟
- خسرتم رضا الوالدين ، وأسقيتموهما كؤوس العذاب، وأهدرتم سمعتكم فآذيتموهما .
فخسرتم رضا الرب الذي في رضا الوالدين .
- خسرتم أسرتكم ، وأتعستم أزواجكم وأبناءكم وربما حل الطلاق ،
فتشتت الشمل وحصل الضياع .
- خسرتم أقاربكم واحترام الناس لكم .
- خسرتم المجتمع الذي بات ينظر إليكم بعدما سلكتم طريق الإدمان ،
نظرة دونية محتقرة ، وأصبحتم بنظره مصدر خطر على الحياة والمال والعرض.
- خسرتم أعمالكم ، فمنكم من هو موظف ، ومنكم من هو طالب ،
وأصبحتم تبيعون كل شيء من أجل شمّة أو إبرة .. أصبحتم عبيد الإدمان .
- خسرتم الأمن في حياتكم .. بتم تخافون من المداهمة والملاحقة ، وأصبح
هاجس الخوف. يحيط بكم .
- خسرتم قبل كل شي رضا ربكم باقتراف المنهي عنه ،
ومالم تتوبوا فإن حياتكم ستكون سلسلة من العذاب ،
وهناك في الأخرة ينتظركم سوء المآل وبئس المصير ..!
فهل تريدون لأنفسكم هذه النهاية ؟ ..
أم تريدون أن تحيوا شرفاء وتموتوا أعزاء يترحم الناس عليكم ؟
صورة أخرى من واقع المجتمع ~
من ينصف هذه المظلومة ؟
شريحة أخرى في المجتمع ، ومن الواقع المحض هي كبعض الزوجات اللاتي ابتلين
بأزواجٍ مدمنين ..
نساء مظلومات يتحملن ملا تحتمله الراسيات ،
ولا يجدن من يصغي إليهن ، أو يرحم دموعهن الساخنة سوى الله تعالى .
قالت : غرق زوجي في السموم فأصبح ينفق عليها جميع راتبه ،
وقطع النفقة عني وعن أبنائي .. فطرقت باب اللجان الخيرية والمساعدات
من هنا وهناك ، وكان لايكتفي بما عنده بل بدأ يأخذ مني ماأحصل عليه تحت التهديد.
وقيل لي تقدمي بشكوى إدمان ليعالج في المستشفى ، ولكني أخشى أن يقتلني
ويقتل أبنائي .. .. فهو يتحول إلى مخلوق آخر عندما يتعاطى هذه السموم .
نداء من القلب .. من مدمن تائب ~
كنت في يوم من الأيام غارقاً حتى أذني في المخدرات ..
ولكن الله تعالى أدركني برحمته بالهداية والتوبة ..
كانت في قلبي النية في أن أصلح شأني .. فسعيت ولم أنتظر .،
قررت أن أغير نفسي .. فالتففت برداء شباب يدعون إلى طريق الهداية
أخذوا بيدي وساندوني .. فتحولت إنساناً آخر ..
لقد أعانني الله تعالى حين عقدت العزم على التوبة وسعيت ..
ذلك لـ ( إنّ الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
اعلموا يامن ابتلوا بالإدمان .. أن الحياة الطيبة النقية
هي التي تجدوا فيها معنى حقيقة وجودكم في هذه الدنيا
أنتم تفتقدون هذه الحقيقة الآن ..
لأنكم سرت في طريق معاكس لما اختطه الله لكم من الخير وخالفتم الغاية من وجودكم ..
عودوا إلى الله ، وخالفوا نفوسكم الأمارة ، وانتشلوا عقولكم الذي أكرمكم الله بها ،
من هوة الضياع .. وحمأة السقوط ..
وحكموا إرادتكم لتقودكم إلى طريق النجاة ..
وتخرج بكم من ظلمات الإدمان
إلى نور الإيمان..
قبل فوات الأوان ..!
دموع التائبين ~
يقول رجل في لجنة. الإرشاد والإصلاح في هذا السبيل :
وأنا أمام الكعبة المشرفة ، أرى المدمنين التائبين يستيقظون مبكرين
ليدركوا الدقائق الغالية قبل الفجر من الثلث الأخير من الليل ،
فيناجوا ربهم ، ويستغفروا ذنوب السنوات الطويلة التي قضوها في عالم المخدرات ،
أرى دموعهم المخضلّة ، وأسمع أنينهم ، ونشيجهم ..
يتكلم بلغة فصيحة لاتحتاج إلى فراسة أحد ،
يقول : قد عدنا إليك يارب ..
ننوء بثقل أوزارنا.. ونئن من وطأة أعمالنا ..
جئناك لنغتسل من ذنوبنا .. ونلقي عند بابك رجاءنا
ونطهر عندك قلوبنا التي كانت أشد من الحجارة قسوة ..
فهلا تقبلت ياغفور توبتنا ، ومحوت ذنوبنا ؟
وجدت علينا بالمغفرة ، وبدلت بالحسنات سيئاتنا ؟ !
اللهم هدنا إليك .. فتقبلنا ..!
بالإيمان .. يُهزمُ الإدمانْ..!