إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الثاني والعشرون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل اختلاف الإنسان وأعضائه
واحداً واحداً على الترتيب
قالت الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: بشرة الإنسان وجلده ستره. وسواد البشرة في التأويل سؤدد في ترك الدين، فمن رأى كأنّه اسودّ وِجهه وهو لابس ثياباً بيضاً دلت رؤياه على أنّه يولد ابنة، لقوله تعالى: " وإذا بُشرَ أحَدُهُمْ بالأنْثَى ظلَّ وجهه مُسْوَدّاً " . وقد رأى أمير المؤمنين المهدي رحمه الله في منامه، كأنّ وجهه أسود، فانتبه مذعوراً، ودعا بإبراهيم بن عبد الله الكرماني، فأنهض إليه من الشيرجان، فقص عليه رؤياه، فقال: سيولد لك ابنة، وتلا هذه الاية، فولدت له من ليلته ابنة، ففرح من ذلك وأحسن جائزته. فإدن رأى أنّ وجهه اسود وثيابه وسخة، دلت رؤياه أنّه يكذب على اللهّ. فإن رأى كأنّ وجهه أسود مغبر، دلت رؤياه على موته.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت رجلاً أسود ميتاً، يغسله رجل عليه. فقال أما موته فكفره، وأما سواده فماله، وأما هذا القائم يغسله فإنّه يخادعه ماله.
وحكي أنّ رجلاً قال لابن سيرين: رأيت كأنّ رجلاً معلق من السماء بسلسلة ونصف بدنه أسود، ونصف بدنه أبيض، وله ذنب كذنب الحمار. قال ابن سيرين: أنا ذلك الرجل، أما نصف بدني الأبيض فورد لي بالنهار، والنصف الأسود ورد الليل والسلسلة التي علقت بها من السماء، فذكر مني يصعد أبداً إلى السماء، وأما الذنب فدين يجتمع علي، ومؤتي فيه، فكان كما عبره.
ٍوقيل: إنّ الشجاع إذا رأى في منامه أنّ وجهه أسود، دل ذلك على أنّه يصير جباناً.
وأتى ابن سيرين رجلٌ فقال: إني خطبت امرأة فرأيتها في المنام سوداء قصيرة.فقال أما سوادها فمالها، وأما قصرها فقصر عمرها، فلم تلبث إلا قليلاً حتى ماتت، وورثها الرجل.
وروي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام امرأة سوداء ناشرة الرأس، خرجت من المدينة حتى أقامت بالجحفة، فأولها النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ وباء المدينة انتقل إلى الجحفة. وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّه أهدي إليه غلام نوبي، فلما أصبح أهدي إليه عدل فحم. ومن رأى نسوة زنجيات قد أشرفن عليه، فإنّه يشرف عليه خير لرؤيتهن. والكبير شريف، ولكن من جنس العدو.
وحمرة اللون وجاهة وفرح، وقيل إن كان مع الحمرة بياض، نال صاحبها عزاً. وصفرة اللون مرض، وقيل من رأى وجهه أصفر فاقعاً، فإنّه يكونِ وجيهاً في الآخرة، ومن المقربين، وأما بياض اللون، فمن رأى كأنّ وجهه أشد بياضاً مما كان، حسن دينه واستقام على الإيمان. فإن رأى أنّ لون خده أبيض، فإنّه ينال عزاً وكرماً. وحكي أنّ رجلاً شاباً رأى كأنّ وجهه قد لطخ بالحمرة مثل النساء، وكأنّه قاعد في مجمع النساء، فعرض له من ذلك أنّه زنى فافتضح.
وأما الرأس: في التأويل فرأس الإنسان الذي هو تحت يده، ورأس ماله وجدّه، فمن رأى كأنّ رأسه أعظم مما كان، زاد شرفه. ومن رأى كأنّ رأسه أصغر مما كان، نقص شرفه. ومنِ رأى كأنّ له رأسين أو ثلاثة، فإنّه ينال ظفراً بالأعداء، وإن كان مبارزاً. وإن كان فقيراَ استغنى، وإن كان غنياً يكون له أولاد بررة، وإن كان عزباً يتزوج وينال ما يريد.
فإن رأى تاجر كأنّه منكوس الرأس، خسر في تجارته. فإن رأى الرجل أنّه منكوس الرأس معلق، طال عمره في جهد وتوبيخ، لقصة هاروت وماروت فإن رأى كأنّه منكوس الرأس منحن في ملأ، فإنه قد عمل خطيئة وهونادم عليها تائب منها. وأصل هذه الرؤيا تدل على طول العمر، لقوله تعالى: " ومَنْ نُعَمِّرهُ نُنَكِّسْه في الخَلْقِ " . وقيل من رأى رأسه مقلوباً، فإن ذلك يدل فيمنِ يريد سفراً، على مانعِ يمنعه من خروجه، على أنّه لا يرى ما يتمنّاه عاجلاً لكن آجلاً. ويدل لمن كان مسافراً غريباً على رجوعه إلى بلده، بعد إبطاء على غير طمع. والرأس والعنق، وإذا رآهما الإنسان وكان فيهما قرحة أو ألم، فإن ذلك مرض يكون في جميع الناس بالسوية.
فإن رأى أنّ رأسه صار مثل رأس الكلب أو الحمار أو الفرس أو غيرها من الأنعام،فإنّه يصير إلى الكد والتعب والعبودية. ومن رأى كأنّ رأسه استحال رأس فيل أو أسد أو نمر أو ذئب، فقد قيل أنّه يأخذ في ***** أمور أرفع من قدره وينتفع بها وينال الرياسة والظفر على الأعداء، فإن رأى أنّ رأسه رأس طير، دلت رؤياه على كثرِة الأسفار. فإن رأى رأسه مطيّباً مدهوناً، دلت رؤياه على حسن جدّه. فإن رأى رؤوساً مقطوعة، دلت رؤياه على خضوع الناس له، فإن رأى كأنّه أكل رأس إنسان نيئاً، فإنّه يغتاب رئيساً، ويصيب مالاً من بعض الرؤساء. فإن رأى كأنّه أكله مطبوخاً، فهو رأس مال ذلك الرجل إن كان معروفاً وإلا فهو مال نفسه يأكله. فإن رأى كأنّه أخذ رأس ماله بيده، فهو مال يصير إليه، أكثره دية وأقله ألف درهم، وهذه الرؤيا تدل على وقوع صلح بينه وبين رجل له عليه دين، لقوله تعالى: " وإنْ تُبْتُمْ فَلَكُم رُؤُوسُ أمْوالِكُم " . فإن رأى كأنّ رأسه بان عنه من غير ضرب، فإنّه يفارق رئيسه. فإن حمل رأسه من ذلك الموضع، ذهبت رياسته. فإن كان رأسه قطع، فأخذه ووضعه فعاد صحيحاً كما كان، فإنّه يقتل في الجهاد. ومن رأى كأنّ رأسه بان عنه فأحرزه، أصاب مالاً بقدر ديته، وعوفي إن كان مريضاً.
والرأس على رمح أو خشبة رئيس مرتفع الشأن، ومن رأى كأنّ رأساً من رؤوس الناس في وعاء عليه دم، فهوِ رجل رئيس يكذب عليه. ومن رأى كأنّ رقبته ضربت وبان رأسه عنه، فإن كان مريضاً شفي، أو مديوناً قضي دينه، أو صرورة حج. وإن كان في كرب أو حرب فرج عنه، فإن عرف الذي ضريه فإنّ ذلك يجري على يدي من ضربه، فإن كان الذي ضربه صبياً لم يبلغ، فإنّ ذلك راحته وفرجه مما هو فيه من كرب أو مرض، وهو موته على تلك الحال. وكذلك لو رأى وهو مريض قد طال مرضه، وتساقطت عنه ذنوبه، أو معروف بالصلاح، فهو يلقى الله على خير حالاته ويفرج عنه. وكذلك المرأة النفساء، والمريض المبطون، أو من هو في بحر العدو، وما يستدل به على الشهادة. فإن رأى ضرب العنق لمن ليس به كرب ولا شيء مما وصفت، فإنّه ينقطع ما هو فيه من النعيم، ويفارقه بفرقة رئيسه، ويزول سلطانه عنه، ويتغير حاله في جميع أمره.
فإن رأى أنّ ملكاً أو والياً يضرب عنقه، فإنّ الوالي هو الله ينجيه من همومه، ويعينه على أموره. فإن رأى أنّ ملكاً ضرب رقاب رعيته، فإنّه يعفو عن المذنبين ويعتق رقابهم. وضرب الرقبة في المماليك، يدل على العتق. وقيل من رأى أنّ رقبته تضرب، إما بحكم الحاكم، وإما بقطع الطريق، وإما في الحرب أو غيره، فإنّ ذلك مذموم لمن كان أبواه باقيينِ، وكان له ولد، وذلك أنّ الرأس يشبه بالوالدين، لأنّهما سبب الحياة، ويشبه أيضاً بالأولاد من أجل الصورة. فإن رأى ذلك خائف، أو من حكم عليه بالقتل، فهو محمود، لأنّ البلاء يصيب الإنسان مرة واحدة، ليس يصيبه مرة ثانية. فأما في الصيارفة وأرباب رؤوس الأموال، فإنّه يدل على ذهاب رؤوس أموالهم. ويدل على المسافرين، على رجوعهم، وفي المخاصمين على الغلبة. لأنّ البدن إذا قطع رأسه عدم الشفاء. وإن رأى أنّ رأسه في يده، فذاك صالح لمن لم يكن له أولاد، ولم يقدر على الخروجِ في سفر. وإذا رأى كأنّ في يده رأسه، وله رأس اخر طبيعي، دل على أنّه يقاوم شيئاً من الآفات التي تكتنفه، ويصلح شيئاً من أموره الرديئة التي في تد بيره.
وروي أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت رأسي قطع، فكأني أنظر إليه بإحدى عيني. فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: بأيهما كنت تنظر إليه: فلبث ما شاء الله أن يلبث؟ ثم مات صلى الله عليه وسلم. والنظر إليه اتباع السنة، والرأس الإمام.
ورأى ابن مريم ستين جارية يدخلن داره، وفي يد كل جارية طبق، وعليه رأس إنسان مغسول ممشوط، فكأنّ تالياً يتلو: " ومَا كَانَ لِبَشَرِ أنْ يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحْياً أوْ مِنْ وراءِ حِجَاب " . فقص رؤياه، فقيل له أنّ الخليفة يقَلدك حجته، وأنّك تنال ستين ألف دينار،ً فكان كذلك.
ومن رأى رؤوس الناس مقطوعة بيده في محله، فإنّ الناس ينقادون إليه، ويأتون ذلك الموضع، وربما اجتمع الناس هناك. فإن رأى أنّه ملك رأساً، فإنّه مال يصير إليه أقله ألف درهم وأكثره ألف دينار. فإن رأى الإمام في رأسه عظماً فهو زيادة وقوة في سلطانه. فإن رأى كأنّ رأسه رأس كبش، فإنّه يعدل وينصف. فإن رأى كأنّ رأسه رأس كلب، فإنّه يجور ويعامل رعيته بالسفه.
وشعر الرأس: مال وطول عمر، والجمة تختلف باختلاف صاحب الرؤيا، فإن رآها صاحب صلاح على رأسه، فهو زيادة ووقاية وهيبة له. وإن رآها غني فهوِ ماله. رآها فقير فهي ذنوبه. وحسن شعر الرأس شرف وعز، فإن رأى شعره جعداً وسبطاً فإنّه يشرف ويعز. فإن رأى شعره الجعد سبطاً فإنّه يتضع ويصير دون ما كان. وإن رآه سبطاً طويلاً متفرقاً، فإنّ مال رئيسه يتفرق، وإن كان ناعماً ليناً فإنّه زيادة مال رئيس وقيل من رأى كأن له شعراً طويلاً وهو مسرور به، فإنّه محمود وخاصة في النساء، فإنّهن يستعملن شعور غيرهن في الزينة.
وكان ابن سيرين يكره بياض الشعر للشاب، ويقول الشيب الافتقار والهم إذا طال الشعر. فإن رأى ذلك فقير اجتمع عليه مع فقره دين، وربما حبس. فإن رأى: أنه نتف شيبه، فإنّه يخالف السنة ويستخف بالمشايخ، فإن رأى شاب في شعره بياض فإنه قدوم غائب عليه. وقيل إنّ الشيب في التأويل، زيادة وقار ودين. وقيل هو زيادة عمر لقوله تعالى: " ثمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً " . وقيل إنّ من رأى رأسه أشيب، فإنّه يولد له، لقوله تعالى: " واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبَا " .
وحكي أنّ الحجاج بن يوسف رأى كأنّ رأسه ولحيته قد ابيضا، فلقي عبد الملك بن مروان همّاً وغمّاً، وتغير في أمره. وأما المرأة إذا رأت شيب جميع رأسه دلت رؤياها على فسق زوجها. فإن كان زوجها صالحاً، فإنّه يغايرها بامرأة أخرى جارية. وإن لم يكن كذلك فإنّه يصيبه منها غم أو حزن. وأما الذؤابة للرجل، فإنّه ابن مبارك إن كان متزوجاً، وإن كان عزباً فهي جارية جميلة يشتريها بعدد كل ذؤابة وكذلك هي للمرأة ابن رئيس، وتدل على خصب السنة، وأما سواد شعر المرأة، فيدل على شيئين: أحدهما محبة زوجها لها، والثاني استقامه أحوال زوجها. فإن رأت امرأة كأنّها كشفت شعرها، فإنّ زوجها يغيب عنها. فإن رأت كأنها لم تزِل مكشوفة الرأس، فإن زوجها لا يرجع إليها. وإن لم يكن لها زوج، لم تتزوج أبداً، فإن رأت شعرت كثيفاً وأبصر الناس ذلك منها، فإنّها تفتضح في أمر.
فإن رأى الرجل كأنّ على رأسه قروناً، فإنّه رجل منيع، فإن رأى كأنّ شعر مقدم رأسه انتثر، أصابه ذل في الوقت، فإن رأى كأنّ شعر مؤخر رأسه قد انتثر، دل على هوان يصيبه في حال شيبه. فإن رأى كأنّ شعر الجانب الأيسر من رأسه انتثر، دل على أنّه يصاب بالذكور، ومن أقربائه. فإن كان شعر الجانب الأيسر من رأسه انتثر، فإذّ يصاب بالإناث من أقربائه. فإن لم يكن له قرابة من الرجال والنساء، رجع الضرر إلى نفسه.
وأما حلق الشعر للرجال في الحج وتقصيره، فهو في التأويل أمن وفتح وقضاء دين وفرخ، لقوله تعالى: " لتَدْخُلُنّ المَسْجِدَ الحرامَ إنْ شَاءَ الله آمِنينَ محلِقينَ رُؤُوسَكُم ومُقَصِّرينَ لاَ تَخَافُونَ " . وفي غير الحج كذلك، إلا أنّه في الحج أقوى. هذا إذا لم يكن صاحب الرؤيا رئيساً، فإن كان رئيساً وحلق في غير الموسم، دلت رؤياه على افتقاره أو عزله أو هتك ستره، فهذه الرؤيا للفقير قضاء دين، وللغني نقصان مال. وإن كان صاحب الرؤيا من أهل الصلاح، ضعف بطشه، وإن لم ير أنّه لم يحلق رأسه، لكن رأى أنّه محلوق الرأس، ظفر بالأعداء ونال قوة وعزاً. وقال بعضهم: إنّما يصلح الحلق في التأويل لمن عادته الحلق، ولا يصلح لمن عادته غير الحلق. وقيل إن حلق الرأس للمحارب يوجب الشهادة في التأويل.
وحكي أنّ رجلاً قال: رأيت رأسي حلق وخرج من فمي طائر، وأنّ امرأة لقيتني فأدخلتني في فرجها، ورأيت أبي يطالبني طلباً حثيثاً، ثم حبس عني. فقصها على أصحابه، وقال إني تأولتها، أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج مني فروحي، والمرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأغيب فيها، وأما طلب أبي إياي ثم حبسه عني، فإنه يجتهد أن يصيبه ما أصابني. فقتل صاحب الرؤيا شهيداً. ورأى آخر كأنّه يحلق رأسه بيده، فقصها على معبر فقال: تقضي دينك.
فإن رأت امرأة أنّ شعرها محلوق، يخلعها زوجها، أو تموت. فإن رأت كأنّ زوجها حلق رأسها، أو جز شعرها في الحرم، دلت رؤياها على قضاء دينها وأداء أمانتها. وإن رأت أنّ زوجها حلق رأسها في غير الحرم، دلت رؤياها على أنّه يحبسها في منزله، فإنّ الطائر يبقى في عشه إذا قطع جناحه. وقيل أنّ حلقه إياها، يدل على هتك سترها. وإن رأت كأنّ إنساناً دعاها إلى جز شعرها، فإنّه يدعو زوجها إلى غيرها من النساء سراً منها، ويقع بينها وبينِ ذلك الإنسان عداوة وشحناء. وقيل من رأى ذوائب امرأة مقطوعة، فإنّها لا تلد ولداً أبداً.
وأما الدماغ: فإنّه يدل على العقل، ومن رأى أنّ له دماغاً كبيراً، دل على كثرة عقله، فإن رأى كأنّه لا دماغ له، دل على جهله وقلة عقله. وقيل أنّ الدماغ مال نزر مدخور طاهر. فإن رأى كأنّه أكل دماغه أو مخ بعض عظامه، فإنه يأكل ماله. وقال بعضهم أكل دماغ الميت، يوجب سرعة الموت.
والطرة: الحسنة مال وعز، وقيل إنّ صاحب الرؤيا يتزوج امرأة، جمالها حسب جمال الطرة التي رآها.
والجبهة: جاه الرجل وهيبته، والعيب فيها نقصان في الجاه، والهيبة. والزيادة فيها إذا لم تتفاحش، توجب أن يولد له ابن يسود أهل بيته. وقيل من رأى جبهته من حديد أو نحاس أو حجر، فإنّ ذلك محمي للشرط أو السوقة. ولمن كان تدبير معاشه من قمحه، وأما الباقون، فهذه الرؤيا تبغضهم إلى الناس.
وأما الصدغان: فابنان شريفان مباركان. والحاجبان: حسن سمت الرجل،وحسن دينه وجاهه والنقصان فيهما نقصان في هذه وقيل إذا كان الحاجبان متكاثفي الشعر فهما محمودان، من أجل أنّ النساء يسودن حواجبهن طلباً للزينة.
وأما العين: فدين الرجل وبصيرته التي يبصر بها الهدى والضلالة. فإن رأى في جسده عيوناً كثيرة، دل على زيادة صلاحه ودينه. فإن رأى كأنّ بطنه انشق فرأى في باطنه عيوناَ، فإنّه زنديق، لقوله تعالى: " مَا جَعَلَ الله لِرَجُل منْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ " . فإن رأى كأنّ عينيه عينا إنسان آخر غريب مجهول، دلت رؤياه على ذهاب بصره، ويكون غيره يهديه الطريق. فإن كان الرجل معروفاً فإنّ صاحب الرؤيا يتزوج ابنته وتصيب منه خيراً. فإن رأى كأنّ عينيه ذهبتا، مات أولاده، ومن رأى أنّه أعمى العينين وهو في غربة، دل على امتداد غربته إلى أن يموت. فإن رأى كأنّ عينيه من حديد، ناله همّ شديد يؤدي إلى هتك ستره. فإن رأى أنّه فتح عينيه على رجل، فإنّه ينظر في أمره ويعينه. وإن رأى كأنّه نظر إليه شزراً، فإنّه يحقد عليه، ومن رأى كأنّه يسمع بالعين وينظر بالأذن، فإن يحمل أهله وابنته على ارتكاب المعاصي. ومن رأى على كفه عين رجل أو عين بهيمة، نال مالاً عيّناً. ومن رأى كأنّه نظر إلى عين فأعجبته فاستحسنها، فإنّه يعمل شيئاً يضر بدينه. والعين السوداء الدين. اوالزرقاء البدعة، والشهلاء مخالفة الدين. والخضراء دين يخالف الأديان. فإن رأى لقلبه عيناً أو عيوناً، فهو صلاح في الدين بقدر نورها. فإن رأى أنّه زنى بالعين، فإنّه ينظر إلى النساء. فإن رأى أنّ عينه مسمرة، فإنّه ينظر بريبة إلى امرأة صديقه، وحدة البصر محمودة لجميع الناس، ومن كان له أولاد ورأى هذه الرؤيا، دل على أنّهم يمرضون، لأن الأولاد بمنزلة العينين محبوبتان. ورأى الحجاج بن يوسف كأنّ عينيه سقطتا في حجره، فنعي إليه أخوه محمد وابنه محمد. ورأى بعض اليهود جارية في السماء أو عين جارية، فقص رؤياه على برهمي، فقال تصيب مالاً من التجارة. فإن رآها صانع، أصاب مالاً من صناعته.
وأهداب العينين: في التأويل وقاية للدين. فإنّه أوقى للعينين من الحاجبين. وقيل الصلاح والفساد فيهما راجعان إلى الولد والمال. فإن رأى كأنّ أهداب عينيه كثيرة حسنة، فإنّ دينه حصين. فإن رأى كأنه قعد في ظل أهداب عينيه، فإن كان صاحب دين وعلم، فإنّه يعيش في ظل دينه. وإن كان صاحب دنيا، فإنّه يأخذ أموال الناس ويتوارى، فإن رأى كأنّه ليس لعينيه هدب، فإنّه يضيع شراثع الدين. فإن نتفها إنسان، فإن عدوه ينصحه في دينه. فإن رأى كأنّ أشعاره ابيضّت دل على مرض يصيبه من الرأس أو العينين أو الأذنين أو الضرس.
وحسن الوجنة: في النوم دليل الخصب والفرج، وقبحها دليل السقم والضر والخدان عمل الرجل. فإن رأى الإمام في وجنته سعة فوق القدر، فهو زيادة عزه وبهائه.
وأما الأنف: فيقال أنّه جمال للرجال، ويقال هو قرابة الرجل، فإن رأى كأنّه لا أنف له، فلا رحم له. فإن رأى كأنّ له أنفين، فإنّه يدل على اختلاف يقع بيه وبين الأهل، لأنّ الأنف ليس بغريب، فإن شم رائحة طيبة، دلت على فرج يصيبه. وإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حبلى، فإنّها تلد ولداً ساراً. ويقال أن الأنف، الولد ويقال الجاه والحسب. ويقال الأبوان، وتأويل ما يدخل في الأنف، يجري مجرى الدواء، وما يدخل فيه من مكروه، فهو غيط يكظم، ومن رأى كأنّ له خرطوماً، دل على أنّ له حسباً قوياً.
والفم: فاتحة أمر صاحبه، وخاتمته، فإن رأى كأنّه خرج من فمه شيء، فهو يدل على الرزق من خير أو شر. فإن رأى فمه متعلق أو مقفل عليه. دلت رؤياه على الكفر. والشفة صديق الرجل الذي يتجمل به، وعونه ومعتمده. والسفلى أقوى في التأويل من العليا، وقيل الشفة في التأويل القرابة، والعليا صديقه الذي يعتمد عليه في جميع أموره فما حدث فيهما من حدث ففيما وصفت، فإن رأى فيهما الماء، فإن أمر الأصدقاء ليس يجري على ما ينبغي.
وأما اللسان: فترجمان صاحبه، ومدبر أمره، المؤدي لما في قلبه وجوارحه، من صلاح أو فساد، يجري ذلك على ترجمته بما ينطق. فإذا كان فيه زيادة من طول أو عرض أو انبساط في الكلام عند الحجج، فهو قوة وظفر. وإن رأى كأن لسانه طويلاً لا على حال المخاصمة والمنازعة، دل على بذاءة اللسان. وقد يكون طول اللسان ظفر صاحبه في فصاحته ومنطقه وعلمه وأدبه وعظته. فإن رأى الإمام كأنّ لسانه طال، فإنه يكثر أسلحته، ويدل على أنّه ينال مالاً بسبب ترجمان له. واللسان المربوط في التأويل، دليل على الفقر ودليلِ المريض. فإن رأى كأنّه نبت على لسانه شعر أسود، فهو شر عاجل. وإن كان شعراً أبيض فهِو شر آجل. فإن رأى كأنّ له لسانين، رزق علماً إلى علمه، وحجة إلى حجته وظفراً على أعدائه. وقيل المعتدل المقدار في الفم الصحيح، محمود لجميع النالس.
وأما اللهاة: فإذا رأى أنّها زادت حتى كادت تسد حلقه، دلت رؤياه على حرصه في جمع المال، وتضيق النفقة على نفسه، وقد دنا أجله.
وأما الأسنان: فإنّهم أهل بيت الرجل، فالعليا هم الرجال من أهل البيت، والسفلى هم النساء، فالناب سيد بيته، والثنية اليمنى الأب، والثنية اليسرى العم وإن لم يكونا فأخوان أو ابنان، فإن لم يكونا فصديقان شقيقان، والرباعية ابن العم، والضواحك الأخوال والخالات، ومن يقوم مقامهم في النصح، والأضراس الأجداد، والبنون الصغار، والثنية السفلى اليمنى الأم، واليسرى العمة، فإن لم يكون فأُختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما، والرباعية السفلى بنات العم وبنات العمات، والناب السفلى سيدة أهل بيتها، والضواحك السفلى بنات الخال والخالة وأضراس السفل الأبعدون من أهل بيت الرجل، من النساء والبنات الصغار.
وحركة بعض الأسنان، دليل على من هو تأويله في المرض، وسقوطه وضياعه دليل على موته أو غيبته عنه غيبة من لا يعود إليه، فإن أصابه بعدما فقده، فإنّه يرجع، وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه. واصطكاك الأسنان على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحاً، فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه. ونتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت، وكلال الأسنان ضعف حال أهل بيته، وتنقية الأسنان من القلوحة، يدلي على بذل المالي في نفي الهموم عنهم. وبياض الأسنان وطولها وجمالها، زيادة قوة ومال وجاه لأهل البيت. فإن رأى كأنه نبت مع ثنيته مثلها، فإنّ أهلِ بيته يزيدون. فإن رأى كأنّ النابت معها يضرها، كان الزائد في أهل البيت عاراً ووبالاً عليه.
فإن رأى كأنّه قلع أسنانه، دلت رؤياه على قطع رحمه، أو ينفق ماله على كره منه. فإن رأى كأنّه يرمي أسنانه بلسانه، فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلّم به. فإن رأى كأنّ أسنانه من ذهب، فإن كان من أهل العلم والكلام حمدت رؤياه، وإلا فلا تحمد، لأنّها تدل في غير العلم وأهله، على مرض أو حريق، فإن رأى كأنّها من فضة، دلت على خسران في المال. فإن رآها من زجاج أو خشب، دلت على الموت. فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبت مكانها أخرى، دلت على تغيير أموره وتدابيره.
وقيل أنّ من رأى أسنانه العليا سقطت في يده، فهو مال يصير إليه. فإن رآها قطت في حجره، فهو ابن، لقوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد " . يعني في حجر. فإن رآها سقطت إلى الأرض، فهي الموت. فإن رأى كأنّه أمسك الساقط من ضانه فلم يدفنه، فإنّه يستفيد بدل من هو مثله في الشفقة والنصيحة وكذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها. فإن رأى كأنه نبت في قلبه أسنان، دل على موته، وقيل أنّ سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده، وقيل هو دليل قضاء الديون. فإن رأى كأنّ جميع أسنانه سقطت، وأخذها في كمه أو حجره، فإنه يعيش عيشاً طويلاً حتى تسقط أسنانه، ويكثر عدد أهل بيته. وإن رأى كأنّ جميع أسنانه قطت وذهبت عن بصره، فإنّ أهل بيته يموتون قبله، وربما كان ذلك موت ذوي سنه. من الناس ،وأقرانه في العمر.
فإن رأى كأنّ الناس يلكوه بأضراسهم أو يعضوه، فإنّه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع، وقيل ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل، والأسنان بمنزلة السكان، فما كان فيها من ناحية اليمنى فهو يدل على الذكور، وما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث، في جميع الناس إلا قليلاً منهم. وقيل من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينه قليلاً قليلاً. فإن تساقط أسنانه بلا وجع، يدل على أعمال تبطل. فإن رأى كأنّها تسقط بلا وجع، يدل على ذهاب شيء مما في منزله. ومقاديم الأسنان إذا سقطت، منعت من أن يفعل الإنسان شيئاً مما يعمل بالكلام والقول. فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم، فإنّ ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد.
وأما الأصحاء والأحرار والمسافرون، إذا سقطت جميع أسنانهم، دل على مرض طويل ووقوع في السل من غير أن يموتوا، وذلك أنّ الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان، لكنه يستعمل الإحساء والعصارات، وإنّما لا يموتون لأنّ الموتى لا تسقط أسنانهم، والشيء الذي لا يعرض للموتى هو مخلص للمرضى فلهذا السبب صار محموداً في المرض. وإن تساقطت أسنانهم جميعاً فإنّه يدل على سرعة نجاتهم من المرض، وأما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم، وخاصة إن رأى أنّ تلك الأسنان تتحرك، فإن رأى كأنّ بعض أسنانه قد طال وازداد عظماً، دل على جدال وخصومة في منزل. ومن كانت أسنانه سوداً متآكلة معوجة، فرأى سقوطها، فإنه ينجو من جميع الشدائد. فإن رأى كأنّ أسنانه تسقط وهو يأخذها بيده أو بلحيته وفي حجره، فذلك يدل على أنّ أولاده تنقطع، فلا يولد له، وما يلد فلا يبقى ولا يتربى.
وحكي أنّ رجلاً رأى أسنانه كلها سقطت، فاغتم لذلك غماً شديداً، وقص رؤياه على معبر، فقال: تموت أسنانك كلها قبلك، فكان كذلك. ورأى اخر كأنّه أخذ ثلاث أسنان من فمه في كفه، وضم عليهم أنامله، فعرض له أنّه وجد درهماً ونصفاً.
والذّقن: في التأويل سيد عشيرته، وصاحب نسل كثير.
والأذن امرأة الرجل أو ابنته، فإن رأى كأنّ له ثلاثة اذان، دلت على أنّ له امرأة وابنتين، فإن كان له أربع آذان، دلت رؤياه على أحد خصلتين، إما أن يكون له أربع نسوة، أو أربع بنات لا أم لهن. فإن رأى كأنّ أذنه بانت منه فإنّه يطلق امرأته أو تموت ابنته. فإن رأى كأنّ له أذناً واحدة، فلا يعيش له قريب فإن رأى كأنّ له نصف أذن دلت الرؤيا علىِ موت امرأته وتزويجه بأخرى. فإن رأى كأنّ في أذنه خاتماً معلقاً، يزوج ابنته رجلاَ فتلد له ابناً. وقيل الدينِ الأذن، فإن رأى كأنّه حشا أذنيه بشيء، دلت رؤياه على الكفر. وإن رأى كألنّ له آذاناً كثيرة، فإنّه يعرض عن الحق فلا يقبله، لقوله تعالى: " أمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بها " .
وقيل أنّ الغنيِ إذا رأى آذاناً حساناً متشاكلة، سمع أخباراً حساناً سارة، فإذا لم تكن متشاكلة حساناً، سمع أخباراً كثيرة كريهة. ومن رأى كأنّ في أذنيه عينين، فإنه يعمىِ، ويعاين الأشياء التي كان يعاينها بعينيه ويسمعها بأذنيه. وقيل من رأى كأنّ آذاناً كثيرة، فذلك محمود لمن أراد أن يكون له إنساناً يطيعه، مثل المرأة والأولدا والمماليك. وأما الأغنياء، فإنّه تدل على أخبار تأتيهم محمودة إذا كانت الآذان حساذ أشكالاً. وإذا لم تكن حساناً ولا جيدة الأشكال، فإنّها أخبار مذمومة. وأما المماليك وأصحاب الخصومات المدعى منهم، فإنّها تدل على أنّ عبوديته تدوم، ويسمع ويطيع. ويدل المدعي على أنّ الحكم يلزمه.
وحكي أنّ إنساناً رأى أنّ له اثنتي عشرة أذناً وأكثر، فقص رؤياه علىِ معبر فقال:إن كان صاحب مماليك وحشم، فإنّه دليل خير كثير يناله، وإن كان غنياً، فإنّه يأتيه أخبار على قدر عدد الآذان من البلدان، بسبب معاش، وإن كان مملوكاً، أصابه مذمة وغم، وإن كان له خصوم، حكم عليه القاضي بأحكام كثيرة، وسمع كلاماً رديئاً، وإن كان في خصومة، ظفر بخصمائه.
وأما اللحية: فمن رأى كأنّها طالت فوق قدرها، دلت رؤياه على دين وغم. فإن طالت حتى سقطت على الأرض، دلت على الموت، لقوله تعالى: " مِنْها خَلَقْنَاكُمْ وفِيهَا نُعِيدُكُمْ " . فإن طالت حتى التصقت ببطنه، أصاب مالاً وجاهاً يتعب فيه بقدر ما كان منها على بطنه. فإن رأى أن طولها لقدر حسن موافق، نال مالاً وجاهاً وعيشاً طيباً. وقيل أنّها إن طالت حتى بلغت السرة، دلت على أنّه في غير طاعة الله. فإن رأى أنّ جوانبها طالت دون وسطها، فإنّه ينال مالاً يستمتع به غيره، وأتى ابن سيرين رجل، فقال: رأيت لحيتي بلغت سرّتي، وأنا أنظر فيها. فقال: أنت مؤذنَ تنظر في دور الجيران.
ولا تحمد اللحية في التأويل للصبي غير البالغ، فإن رأى أنّه أخذ لحية غيره بيده وجرها، فإنّه يرث ماله ويأكله. ونقصان اللحية إذا لم يكثر، دليل على اليسر وقضاء الدين والفرج. وإذا كثر نقصانها، دل على الهوان وذهاب المال والجاه. فإن رأى كأنّ كوسجاً يكلم امرأته، تشوش عليه أمره بقدره، ويفرق بينه وبين أحبابه، لأنّ إبليس لعنه الله كلّم حواء في صورة كوسج.
وسواد شعر اللحية يدل على الإستغناء إذا كان حالكاً، فإذا ضرب السواد إلى الخضرة، نال ملكاً ومالاً كثيراً، ولكن يكون طاغياً، لأنّها صفة لحية فرعون. وصفرتها دليل على الفقر والقلة، وأما الحمرة فدليل الورع. وإذا رأى كأنّه تناول لحيته وانتثر شعرها بيده. وأمسكه ولم يرم له، فإنّه يذهب من يده مال ثم يعود إليه فإن رأى كأنّه رمى به، ذهب منه مال ولا يعود إليه.
زيادة شعر الشارب مكروهة. ونقصانه محمود، وتأويل نتف اللحية للغني إسرافه في ماله، وللفقير يدل على غمين يجتمعان عليه، ويدل على أنّه يستقرض من إنسان شيئاً فيقرضه لآخر. وحلق اللحية ذهاب المالي والجاه. فإن رأى كأنّه قطع من لحيته ما فضل عن قبضته، فهو يؤدي زكاة ماله. والشيب في اللحية وقار وهيبة.
والخضاب: ستر، وإذا كان الخضاب بالحناء، دل على تمسكه بالسنة. فإن رأى كأنّه خضب رأسه دون لحيته، فإنّه يحفظ سر رئيسه. فإن رأى كأنّ خضبهما جميعاً، فإنّه يجتهد في إخفاء فقره، ويطلب القدر عند الناس. وإن قبل الشعر الخضاب، فإنّلى يرجع جاهه ولا يبقى كثيراً، ويتجمل بالقناعة ثم ينكسف. فإن رأى كأنّه يخضب بطين أو جص، فإنّه يطلب محالاً ويشتهر أمره. ولحية المرأة تدل على أنّها لا تلد أبداً، وقيل تدل على مرضها، وقيل تأويلها زيادة مال زوجها وابنها وشرف ولدها، وقيل إنّها إن كانت متزوجة دلت على غيبة زوجها. وإن رأت ذلك حبلى فإنّها تلد ابناً ويتم أمره.
وقيل من طالت لحيته وكثر شعره طال عمره وزاد ماله.
وقيل إنّ الشيء الذي يكون قبل وقته، يدل على الشر، مثل أن يرى للصبياز الذكور لحية أو بياض في الشعور، وللإناث من الصبيان الصغار عرس أو ولد. كذلك جميع ما يكون في غير وقته ما خلا النطق، فإنّ النطق هو دليل خير، لأنّ الإنسان بالطبيعة حيوان ناطق. فإن رأى غلام لم يبلغ الحلم أنّ له لحية، فإنّه يموت ولا يبلغ الحلم، وذلك أنّه قد سبق الوقت الذي كان ينبغي أن يكون له فيه لحية. فإن لم يكن الغلام بعيداً من وقت نبات اللحية، فذلك دليل على أنّه ينفرد، ويقوم بأمر نفسه. وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأنّ لحيتي طالت ولم يطل سبالاي، فقال: تصيب مالاً يتهنأ به غيرك. والعنقفة عون الرجل الذي يتباهى به ويعيش به في الناس، فما رأى فيها من حدث فتأويله فيما ذكرت.
ومن رأى نصف لحيته محلوقة، فإنّه يفتقر ويذهب جاهه، فإن حلقها شاب مجهول، ذهب جاهه على يد عدو يعرفه، أو سميه أو نظيره. فإن حلقها شيخ، ذهب جاهه بحده المقدور، وإن كان مجهولاً، فإنه يذهب جاهه على يدي رئيس مستغل قاهر، لا يكون له أصل، فإن رأى أنها مقطوعة، فإنّه يقطع من ماله ويذهب من جاهه بقدر ما قطع من لحيته. فإن رأى أنّها حلقت، فهو ذهاب وجهه في عشيرته، ومقدرته من ماله. والحلق أيسر من النتف، وربما كان النتف صلاحاً لبعض أمره إذا لم يشك الوجه، إلا أنّ ذلك الصلاح فيه مشقة عليه.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأنّي قابض على لحية عن وقرضتها حتى استأصلتهها. فقال: إنك تأكل ميراث عمك ولا يكون له وارث غيرك فإن تناولت منها شيئاً ورثت بقدر ذلك. ومن رأى أنّ لحيته بيضاء براقة نال عزاً وجاهاً واسماً وذكراً في البلاد، لأنّ لحية إبراهيم عليه السلام كانت بيضاء. فإن رأى أنها شمطاء، فإنّه يصيب جاهاً ووقاراً. فإنّ رأى أنّه أشد سواداً وأحسن مما كانت في اليقظة، وكانت سوداء في اليقظة، فإنّه يصيب هيبة وعزاً وجاهاً وجمالاً. فإن رأى أنه شابت وبقي من سوادها شيء، فإنّه وقار. فإن لم يبق من سوادها شيء، فإنّه يفتقر ويذهب جاهه. وأتى ابن سيرين رجلِ فقال: رأيت أنّ لحيتي بيضاء، وأنّي أخضبها فلا يعلق بها الخضاب، وكان الرجل شاباَ أسود اللحية، فقال: البياض نقص من ملكك وأنت تريد ستره، وقد علم به. قال: صدقت.
وأما العنْق: فموضع الأمانة، وزيادتها زيادة في الدين وأداء الأمانة، ونقصانها نقصان في أداء الأمانة: فإن رأى كأنّ فى عنقه حيه مطوقة، فإنّه لا يزكي ماله، لقوله تعالى: " سَيُطًوّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ " . فإن رأى كأنّ ودجيه انفجرا دماً، فإنّه يموت. فإن رأى الإمام في عنقه غلظاً، فهو قوته في عدله، وقهره لأعدائه، والغلظ في القفا قوة علىِ ما قلّده الله، وحسن القفا يدل على الفرار والهرب. وشعر القفا يدل على أنّ له مالاً وعليه مال. وحلق القفا أداء الأمانة وقضاء الدين. فإن رأى كأنّ لا شعر عليه، دل على إفلاسه. ورأى رجل كأنّ عنقه لا بطويل ولا بقصير، فقص رؤياه على معبر، فقالط: إن كنت سيئ الخلق حسن خلقك، وإن كنت شجاعاً ازدادت شجاعتك، وإن كنت رديء الطبع كرمت.
وأما العاتق: فصديق أو شريك أو أجير وكتفه امرأة، ومنكبه زينته وجماله وطيشه، فما رأى بهما من حال أو حدث، فهو بهؤلاء. وقيل إذا كانت العواتق غلاظاً حسنة اللحم، دل على رجولة وقوة في الأعمال، ويدل في المحبوسين على طول اللبث في الحبس، حتى يمكنهم أن يحملوا ثقل قيودهم. فإن رأى كأنّ في عاتقيه عله، فإنّه يدل على مرض الإخوة أو موتهم، لأنّ العاتقين إخوان. ورأى رجل كأنّه يريد أن يرى أحد كتفيه فلا يقدر على ذلك، فعرض له أنه انعور، ذلك بالواجب، لأنّه لم يقدر أن يرى الكتف في جانب العين العوراء.
وأما اليد اليمنى فسبب لمعاش الرجل وماله وإحسانه، وطول اليد في التأويل للوالي ظفر، وللتاجر ربح، وللسوقي حذق. وقيل إنّ طول يدي الإمام وقوتهما يدل على قوة أعوانه وزيادة عمره، ورؤيته عظمهما زيادة في ماله. فإن رأى كأنّهما تحولتا رخاماً، طال عمره في سرور. وقيل صحة اليدين في التأويل وحسنهما يدل على حسن الأخذ والإعطاء، وقيل اليمنى تدل على الأقرباء من الرجال، واليسرى تذل على النساء منهما، فإن رأى كأنّه فقد إحدى يديه، فإنّ ذلك يدل على فقد بعض أقربائه بغيبة أو موت. فإن رأى كأنّه أدخل يده تحت إبطه فأخرجها ولها نور، فإنّه ينال علماً إن كان من أهله، أو ربحاً إن كان تاجراً. وإن خرجت ولها نار. فإنّه ينال قوة وغلبة وعزاً في أمره الذي يتعاطاه وإن أخرجها ولها ماء، فإنّه مال.
وأما اليد الزائدة: مع اليدين، فإنّها زيادة دولة وقوة، وتدل على ولد أو قدوم غائب، أو يولد له أخ. فإن رأى كأنّه أعسر، فإنّه يعسر عليه أمره. فإن رأى أنّه يعمل بيده اليسيرى على جهد منه، نال حاجته أخيراً. وبسط اليدين يدل على السخاء، فإن رأى كأنه يمشي على يديه فإنه يعتمد في أمره على بعض أقربائه، فإن رأى كأنه يبصر بيديه كما يبصر بعينيه، فإنّه يكثر ملامسة من يحرم عليه. ومن رأى كأنّ يده اليمنى كلمته كلاماً حسناً، فإنّ معيشته تحسن. فإن رأى كأن الشمال كلمته بالخير، شكرته أقاربه، وإن كلمتاه أو إحداهما بالتوبيخ، دل ذلك على سوء فعله.فإن رأى كأنّ يمينه من ذهب، مات شريكه أو امرأته. ومن ريئت يده تحولت يد سلطانه فإنّه ينال سلطاناً، وجري على يديه ما جري على يد ذلك السلطان، من عدل أو جور. فإن رأى كأنّ له جناحين، ولد له ابنان.
وأما العضد: فإنّه أخ، فمن رأى في عضده زيادة، فهي صلاح أمر أخيه أو ابنه البالغ. ومن رأى في عضده نقصاناً، فهو مصيبة فيهما بقدر النقصان والزيادة. ورأى إنسان كأنّه نقص العضد، فقص رؤياه على معبر، فقال: تصير قليل العقل كثير الزهو.
وأما الساعدان: في التأويل، فقريبان أو صديقان مثل الأخ والولد البالغ، ينتفع منهم ويعتمد عليهم. فإن رأى رجل امرأة حاسرة الذراعين، فإنّها الدنيا، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج. والذراع إذا ألمت، فإنّها تدل على حزن، وبطلان الأشياء التي تعمل باليد، وعلى عدم الخدم. والشعر على الذراعين دين.
وانبساط الكف: سعة الدنيا، وانقباضها ضيق الدنيا، والشعر على الكف دين وحزن. وقيل: هو مال ينبو عن يده. والشعر على ظاهره الكف، ذهاب مال.
وأما الأصابع: فولد الأخ، على القول الذي قيل أنّ اليد أخ. وتشبيكها من غير عمل بها ضيق اليد. والاشتغال بشغل أهل البيت، وبني الأخوة، بأمر قد حزَّبهم يخافون منه على أنفسهم، وقد تظاهروا في دفعه وكفايته.
وقيل أصابع اليد اليمنى، هي الصلوات الخمس، والإبهام صلاة الفجر، والسبابة صلاة الظهر، والوسطى صلاة العصر، والبنصر صلاة المغرب، والخنصر صلاة العتمة، وقصرها يدل على التقصير والكسل فيها، وطولها يدل على محافظته على الصلوات، وسقوط واحدة منها، يدل على ترك تلك الصلاة. ومن رأى إحدى الأصابع موضع الأخرى، فإنّه يصلي تلك الصلاة في وقت الأخرى. فإن رأى كأنه عض بنان إنسان، دل على سوء أدب المعضوض، ومبالغة العاض في تأديبه. فإن رأى كأنّه يخرج من إبهامه اللبن، ومن سبابته الدم، وهو يشرب منهما يباشر أم امرأته أو أختها. وفرقعة الأصابع تدل على كلام قبيح بين أقربائه. فإن رأى الإمام زيادة في أصابعه، كان ذلك زيادة في طمعه وجوره وقلة إنصافه.
وحكي أنّ هارون الرشيد رأى ملك الموت عليه السلام، قد مثل له، فقال له: يا ملك الموت كم بقي من عمري؟ فأشار إليه بخمس أصابع كفه مبسوطة، فانتبه مذعوراً باكياً من رؤياه، وقصها على حجام موصوف بالتعبير، فقال: يا أمير المؤمنين، قد أخبرك أنّ خمسة أشياء علمها عند اللهّ، تجمعها هذه الآية: " إنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ الساعَةِ " الآية. فضحك هارون وفرح بذلك.
وأصابع اليد اليسرى أولاد الأخ والأخت، والأظافير مقدرة الرجل في دنياه، وبيض الأظفار يدل على سرعة الحفظ والفهم، ورؤية الأظفار في مقدارها صلاح الدين والدنيا. والمعالجة بها دليل الاحتيال في جمع الدنيا، وطولها مع حسنها مال وكسوة، وإعداد سلاح لعدو، أو حجة أو مال، يتقي بذلك شرهم. وطولها بحيث يخاف انكسارها، دليل على تولي غيره إفساد أمر بيده، لإفراطه في استعمال مقدرته. فإنّه يخرج زكاة الفطر فإن رأى كأنّ شيخاً أمره بقلمها، فإن وجده يأمره بالقيام بتعهد نفسه وصيانة جاهه.
وخضاب أصابع الرجل بالحناء، دليل على كثرة التسليح، وخضاب أصابع المرأة بالحناء يدل على إحسان زوجها إليها. فإن رأى كأنّه خضبتها فلمٍ تقبل الخضاب فإن زوجها لا يظهر حبها. فإن رأى الرجل كفه مخضوبة خضاباً وحشاً، نال كداً في معاشه، فإن كانت يده اليمنى مخضوبة خضاباً وحشاً، دلت رؤياه على أنّه يقتل رجلاً. فإن رأى كأنّ يديه مخضوبتان بالحناء، فإنّه يظهر ما في يده من خير أو شر، أو من ماله أو من مكسبه أو صناعته. فإن رأى يديه منقوشتين بالحناء، فإنّه يحتال حيلة من البيت، ليصرف بعض أثاث البيت في نفقته لقلة كسبه، ويشمت به عدوه، ويناله ذل. فإن رأت امرأة يدها منقوشة، فإنه تحتال لزينتها في أمر هو حق. فإن كان النقش بالطين، دل على كثرة تسبيحها. فإن رأت نقش يديها قد اختلط بعضه ببعض، أُصيبت بأولادها. فإن رأت كأن يدها مخضوبة بالذهب أو منقوشة به، فإنها تدفع مالها إلى زوجها أو يصيبها منه فرح، فإن رأى رجل أنّه مخضوب أو منقوش بالذهب، فإنّه يحتال حيلة يذهب فيها ماله أومعيشته.
وأما شعر الإبط: فإنّ طوله دليل على نيل الحاجة، لقوله تعالى: " واضْمُمْ يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بيضاء مِنْ غَيْرِ سوء " ويدل على دين صاحبه وكرمه. فإن رأى شعر إبطه كثيراً، فإنه رجل يطلب بجلادته جمع المال في العلم والولاية والتجارة وغيرها، ولا يرجع إلى المرأة والدين. فإن كان فيه قل كثير دل على كثرة العيال.
وأما الظهر: فظهر الرجل وسنده وقيمته وملتجؤه الذي يستظهر به، وموضع قوته. فإن رأى أنّ ظهره منحن، أصابته نائبة، وقيل هو دليل الشيب. ورؤية ظهر الصديق، إعراضه وهجرانه. ورؤية ظهر العدو، الأمن من شره. ورؤية ظهر العجوز، إدباره الدنيا وزوالها. ورؤية ظهر الشابة، تأخير نيل المراد قليلاً. ورؤية ظهر المرأة النصف، دليل على طلب أمر قد تعسر عنه، وتولى عنه ذلك الأمر.
والصلب: موضِع الرزانة، وموضع الولد والقوة، فمن رأى صلبه قوياً، رزق عقلاً وقيل ولداً قوياً، وقيل الصلب رجل شديد يعتمد عليه، وطول القد بالمقدار محمود، وفوق الحد دليل على قرب الأجل، وذهاب الحياة، وكذلك قصره دليل على قصر العمر والجاه. والسمن والقوة في البدن قوة الدين والإيمان فإن رأى كأنّ جسده جسد حية، فإنّه يظهر ما يكتم من العداوة. فإن رأى كأنّ له إلية كإلية الكبش، فإن له ولداً مرزوقاً يعيش بعده. ومن رأى أن جسده من حديد أو من حجارة، فإنّه يموت. فإن رأى زيادة في جسده من غير مضرة، فهو زيادة في النعمة عليه، وجاء رجل خاملِ الذكر، قليل المال إلى معبر فقال: رأيت كأنّ جسدي ازداد وتضاعف، وكان لي نوراً وبهاء، وكأني تزهدت، وأنا أسيح في الجبال والمفاوز. فقال المعبر: ستكون أهلاً لذلك، وتصيب ملكاً وتصير ذا مال وعز. فلم يلبث أن خرج مع الغزاة، وكان شجاعاً، فهزم المشركين ونال مالاً وغنائم.
وأما شعر الجسد: فنباته للرجل حمل امرأته. وكثرة شعر الجسد للمكروب زيادة كربه، وتساقطه ذهاب كربه. وكثرة شعر الجسد للمسرور، زيادة سرور وغنى، وسقوطه ذهاب غناه. وزيادة شعر البدن للغني مال، وللفقير دين يجتمع. ومن تنور وكان غنياً، فإنّه يذهب ماله بالإستلاب. وإن كان فقيراً، فإنّه يقضي دينه بالجد والتعب والمطالبة. فإن رأى شعر جسده أبيض، فإنّه إن كان غنياً نالت خسراناً في ماله، وأشرف على الفناء. وإن كان فقيراً فإنّه دين يمكنه قضاؤه. وأما استحالة شعر جسده شعر بهيمة أو سبع، فتدل على وقوعه في الشدائد.
ضيق الصدر ضلال. فإن رأى ذمي أنّ صدره ضيق، نال خسراناً في ماله. وقيل إنّ سعة صدر الإنسان سخاوة، وضيقه بخله. وكثرة الشعر على الصدر دين يركبه، فإن رأى كأنّ صدره تحول حجراً فإنّه يكون قاسي القلب. جاء ابن سيرين رجل فقال: رأيت شعراً كثيراً نبت في صدري، وأنا أعقده. فقال: عقدت أمانة فأديتها. وسعة الصدر أيضاً تدل على العلم. وأما الثدي، فامرأة الرجل وابنته، فجماله جمالها، وفساده فسادها. فمن رأى امرأة معلقة بثديها، فإنّها تزني وتلد ولداً من الزناء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري بي رأيت امرأة معلقة بثديها، فقلت يا جبريل من هذه؟ فقال إنها ولدت من الزناء.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ لي ثدياً عظيماً قد بلغ الغابة،، إنك تزني بمحرمٍ. وذلك لأنّ الثدي منه ومن جلده، وذلك محرم. وإنما يكون بر هذه الرؤيا نكاحا حراماً.
وقيل إن رأى رجل في ثدييه لبناً، فإن كان عزباً فإنّه يتزوج ويولد له، وإن كان براً دل على يساره، وإن كان شاباً دلت على طوله عمره. وأما المرأة الشابة إذا رأت ذلك دل على حملها وولادتها، وأما العجوز فإذا رأته دل على فقرها وذهاب مالها، لعذارء إذا رأته دل على عرسها، والصغيرة إذا رأته دل على موتها. وطول ثدي الرجل حتى يضربا صدره، دليل على هوى في غير رضا الله تعالى، وقيل هو دليل على صوت للأولاد. فإن لم يكن له ولد، دل على الفقر والحزن. وطوله ثدي المرأة فوق الحد، دليل على غاية الحزن. فإنّ النساء إذا أصابهن حزن جذبن أثداءهن وخدشنها. ومن رأى كأنّه يرتضع امرأة، فإنّه يمرض، إلا أن تكون امرأته حبلى، فإنّها تلد ابناً. وإن كان صاحب الرؤيا امرأة، فإنها تلد بنتاً.
والبطن: من ظاهر ومن باطن مالك الرجل وولده، أو قرابة من عشيرته، أو خزانته ومأوى عياله. وصغره قلة هؤلاء، وكبره كثرة هؤلاء. وصغره من غير جوع قلة المال، فإن رأى أنّه جائع، فإنّه يكون حريصاً، ويصيب مالاً بقدر مبلغ الجوع منه.
وقيل إن عظمٍ البطن أكل الربا، والمشي على البطن اعتياد على المال. فإن رأى أنّ بطنه صار صغيراً، فإنّه يكون كثير الأمتعة. والشبع ملاله من المال، والعطش سوء حال في دينه، والري صلاح في دينه.
والقلب: شجاعة الرجل، وسماحته وجراءته وجلادته وجوده وسخاؤه وغلظته وصلاحه وفساده راجع إلى البدن، لأنّه ملك البدن، والقائم بتدبيره. وخروج القلب من البطن، حسن الدين والإخلاص، والتفريغ عنه هو الاهتداء إلى الحق وقيل القلب يدل علىِ امرأة صاحب الرؤيا، فإنها هي المدبرة لأموره، فإن رأى كأن قلبه تقطع فإن كان عليلاً برىء وشفي وفرج عن كربه.
والكبد: موضع الغضب والرحمة، وقيل الكبد تدل على الأولاد والحياة، وخروج الكبد من البطن ظهور مال مدفون. فإن رأى أنّه يأكل كبد إنسان أو أصابها، فإنّه يصيب مالاً مدفوناً ويأكله. فإن كانت أكباداً كثيرة مطبوخة ومشوية ونيئة، فهي كنوز تفتح له ويصيبها. وأكباد البهائم والآدميين سواء. وأكل كبد الإنسان المعروف أكل ماله، فإن نظر في كبده فرأى وجهه فيها كما يفعل بالمرآة فإنّه يموت.
وقوة الطحال: فرج، فإنّه قوام البدن، ومن رأى كأنّ إنساناً قطع مرارة إنسان بأسنانه فمات فيه، فإنّ القاطع يحقد عليه حقداً عظيماً يهلكه فيه. فإن خرج دمه وشر القاطع، فإنّه يحلل ماله على نفسه لجهله وشره.
وأما صلاح الرئة فهو طول العمر، وفسادها قصر العمر، لأنّها موضع الروح.
والكليتان: موضع الغنى والصواب والبيان والخطأ، فإن راهما شحيمتين، فإنه رجل غني صاحب نطق وصواب. وهزالهما فقر، وخطأ رأيه. وقيل الكلى القرابات وصلاحهما وفسادهما يرجعان إلى ذلك.
وظهور الأمعاء أو شيء مما في جوفه، ظهور ماله المدخور، أو يظهر من أهل بيته أحد يسود، أو هو بنفسه. وأكل الرجل أمعاء نفسه، دليل على أنّه يأكل مال نفسه. وكذلك لو رأى أنّه يأكل أمعاء غيره، أو شيئاً مما في جوف غيره، فهو يصيب من ذلك مالاً مدخوراً ويأكله. وقيل إنّ خروج الأمعاء يدل على أن ابنته تخطب، ومن رأى كأن امعاء بطنه أو سائر ما في بطنه خرج فغسل بطنه وأعيدت إليه أو لم تعد، فهو موته في رضا الله تعالى. فإن خرج شيء من جوفه، فإنّ عنده وصية لرجل، وبنتاً لصاحب الوصية وهو على تزويجها. وقيل إن خرج ما في البطن، دل على هتك الستر.
فإن رأى كأنّ ملكاً شق بطون رعيته، فإنّهم تفتش بطونهم، فإن أخذ ما في بطونهم، أخذ أموالهم. فمن رأى كأنّه يشق بطنه واحشاؤه في موضعها المعروف فإن ذلك محمود لمن لاولد له، وللفقير، لأنّها تدل على أنّ من لا ولد له يولد له وتدل للفقراء أن يستغنوا. لأنّ الأولاد بمنزلة الأحشاء. وقياس الأحشاء في البطن كقياس متاع المنزل في المنزل. وإذا رأى إنسان كأنّ غيره يكشف عن أحشائه ويظهرها، فإن ذلك أمر رديء، يدل على أنّهم يصيرون إلى الخصومات، وتكشف أمور مستورة من أمورهم، فإن رأى الإنسان أنّ جوفه انشق وهو فارغ ليس فيه شيء، فإنّ ذلك يدل علم خراب منزله ووحشته وهلاك أولاده. وفي المريض على أنّه يموت.
وأما السرة: فامرأة الرجل وحبيبته من جواريه وهمته. فما رأى بسرته من قبح الحال أو جمال أو سوء حال، فهو فيهن. وقيل من كان له والدان فرأى سرته عليلة فإنّ ذلك يدل على علة الوالدين، ومن لم يكن له والدان، فإنّ ذلك يدل على أوطانه التي ولدوا فيها. وأما من كان في غربة، فإنّه يدل على رجوعه.
وأما المراق: وما يلي السرة، فإنّ أعلاه وأسفله يدل على قوة البدن وعلم الملك. فمتى كان في شيء من أجزائه وجع، فإنّ ذلك مرض صاحب الرؤيا وفقره.
وأما الضلع: فهو المرأة، لأنّها خلقت منها فما حدث فيها فهو في النساء.
وأما العورة: فظهورها هتك الستر، وشماتة الأعداء، وهي ما بين السرة والركبة.فمن رأى أنّه أبداها أو كشفت عنها ثيابه أو بعضها، فإنّه يظهر منه بقدر ما بدا منها. وإذا كان عليه من الثياب شيء قليل قدر ما يسترها خاصة، فإنّه قد تجرد في أمر أمعن فيه. فإن كان ذلك الأمر يدل على دين، فهو يبلغ في الدين والصلاح مبلغاً يتجرد فيه. وإن كان ذلك في معصية، فإنّه يبلغ في معصيته مبلغاً يمعن فيها. فمن لم يعرف في منامه تجرده في دين ولا معصية، وكان الموضع الذي تجرد فيه مثل السوق أو وسط الملأ، والعورة بارزة يراها بعينه، كأنّه مستحي منها، وعليه بعض ثيابه، ولم ير مع ذلك شيئاً يدل على أعمال البر، فإنّه يهتك ستره، ولا خير فيه. وإن كان تجرده على ما وصفت، ولم ير العورة بارزة، ولم يصر على الاستحياء منها، ولم يكن عليه من ثيابه شيء، فإنّه يسلم من أمر هوِ به مكروب، إن كان مريضاً شفاه الله، وإن كان مديوناً قضى دينه، وإن كان خائفاً أمن، وإن لم يكن عليه من الثياب شيء، فهو يسقط من رجاء من كان يرجوه، أو يعزل من سلطان هو فيه، أو ينتقض عليه أمر هو مستمسك به.
وكل ذلك إذا كانت عورته بارزة ظاهرة، وهو كالمستحي منها. فإن لم تكن العورة ظاهرة، ولا هو مستحي منها، فإنّ تحويل حالته التي وصفت، يدل على حال السلامة، ولا يشمت به عدو إن شاء الله.
والتجرد: مع الاشتغال بعمل، دليل على تجلده فيه وظفره بمراده. فمن رأى كأنّه عريان متجرد من ثوبه، فإن له أعداء في الموضع الذي رأى فيه، وهو يغلبهم. فإن لم تكن عورته مكشوفة، فإنّه لا يغلبهم. فإن غطى عورته بشيء أو بيده، فإنّه ينقاد لهم ويهرب منهم. فإن رأى على وسطه مئزراً فقط، فإنّه يجتهد في العبادة. وإن رأى نفسه متجرداً في طلب شيء، نال ذلك الشيء بقدر تجرده وأما العري إذا لم يكن معه اشتغال بعمل، فهو محنة وترك طاعة وهتك ستر.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ رجلاً قائماً وسط المسجد يعني مسجد البصرة، متجرداً، بيده سيف يضرب به صخرة فيفلقها، فقال له ابن سيرين: ينبغي أن يكون هذا الرجل الحسن البصري. فقال الرجل: هو و الله هو. فقال ابن سيرين: قد علمت أنّه الذي تجرد في الدين، يعني لموضع المسجد وإنّ سيفه الذي كان يضرب به لسانه الذي يفلق بكلامه الحجر بالحق في الدين.
وأما الذكر: فإنّه ذكر الرجل في الناس وشرفه أو ولده. والزيادة والنقصان فيه في ذلك. وقيل أنّه إذا رآه طال فوق المقدار، نال هماً. فإن رأى له ذكرين أصاب ولداً مع ولده، وذكراً في الناس مع ذكره، وشرفه، فإن كان قلعه بيده أو قلع بعضه، ثم أعاده إلى مكانه، مات له ابن واستفاد بدله، وذهب ماله ثم رجع إليه. وانقطاعه حتى يبين منه، دليل على موته أو موت ولده، لأنّ ذكره ينقطع بموته. وقيامه قوة الجد، وحركته نشاطه، وسعة دنياه. وربما كان انقطاع ذكره وانقطاع اسمه وذكره من ذلك البلد أو المحلة. وذلك مع انقطاع ما يدل على السلامة والخير، ولا يكون معه ما يدل على موت.
والذكر إذا نقص أو زاد أو عظم أو صغر، بعد أن يكون له طرف واحد، فإنّ عامة تأويله في الولد والنسل. وإذا تشعب فكانت له شعب كثيرة أو قليلة، فإن عامة تأويله في شرفه وذكره في الناس، بقدر ذلك، لأنّ شعبه انتشار ذكره. وضعف الذكر، دليل على مرض الولد أو إشرافه على سموط جاهه. فإن رأى كأنّه يمص ذكر إنسان أو حيوان، عاش الماص بذكر صاحب الذكر، واسمه، فإن رأى أنّه خنثى، حسن دينه.
ومن رأى كأن عورته ظاهرة ولم ينظر إليها ولا يستحي منها، ولم يلتفت إليها أحد، فإنّه يسلم من أمر هو فيه مكروب من مرض أو هم أو خوف أو دين. والإمناء دليل على نيل المنى، من دينار إلى مائة ألف على قدر الرجل في الناس، فإن رأى كأنّه قد عقد على ذكره، اشتد عليه عيشه، وتعسر عليه أمره، وسخر بولده. ومن رأى كأنّ ذكره دخل جوفه، دل ذلك على أنّه يكتم شهادة. ومن رأى كأنّه يقبل إحليله، فإن لم يكن له ولد فإنّه يولد له ولد، فإن كان له أولاد هم مسافرون، فإنّهم يرجعون إليه ويقبلهم. ورأت امرأة كأنّ الشعر على إحليل ابنها، فقصتها على معبر، فقال لها: قد فني عمره. فما لبث إلا قليلاً حتى مات. ورأى آخر كأنّ على إحليله شعراً كثيراً إلى طرفه، فقص رؤياه على معبر فقال: يدل على فجورك. وانهماكك في الفساد. ورأي آخر كأنّه أطعم إحليله طعاماً، فعرض له أنّه مات ميتة سوء، لأنّ الطعام ينبغي أن يقدا إلى الفم، كأنه لم يكن له وجه ولا فم.
وفرج المرأة: فَرجٌ، فإن رأت كأنّ الماء دخل فرجها، رزقت ابناً. ورؤية فرجع من حديد أو صفر يدل على الأياس من نيل المراد. ومن رأى أنّه يعالج فرج امرأة بدون الذكر، فإنّه ينال فرجاً من قبلها فيه نقص وضعف. ومن رأى أنّه عض فرج امرأة مجهولة، فإنّه يأتيه فرج في أمر دنياه. فإن رأى فرج جارية يأتيه خير وفرج. فإن رأى أنّه مس فرج امرأته وكان مصمتاً من صفر، فإنه يطلب منها فرجاً وييأس منها. فإن رأى فرجها من خلفها، فإنّه يرجو خيراً ومودة تصير إلى عدوه. فإن كان الفرج صغيراً غلب عدوه، وإن كان كبيرِاً غلبه عدوه. ومن رأى أنّ ذكره استحال فرجاً، عجز بعد القوة. إن رأى لامرأته ذكراً كذكر الرجل، فإن كان لها ولد أو في بطنها، فإنّه يبلغ ويسود أهل جته. وإن لم يكن لها ولد ولا في بطنها ولد، فإنّه لا تلد ولداً أبداً. وإن ولدت مات الولد قبل بلوغه. وربما انصرف التأويل، في ذلك عنها إلى قيمها أو مالكها. فيكون له ذكر في الناس وشرف بقدر الذكر.
فإن رأى للرجل سوأة كسوأة المرأة، فإنّه يصيبه ذل وخضوع. فإن رأى أنه ينكح في ذلك الفرج، فإنّ الفاعل به يظفر بحاجته منه أو من سميه، إن لم يكن لذلك موضعاً. وقيل أنّ استحالة فرج المرأة ذكراً، دليل علىِ بذاءة لسانها وتسلطها على زوجها بالكلام. ومن رأى أنّه يمتص فرج امرأة، نال فرجاً ضعيفاً قليلاً. ومن نظر إلى فرج امرأة أو غيرها نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة.
والخصيتان: عري الأعداء التي يصلون بها إليه، فإن رأى خصيتيه قطعتا من غير أن ينتنا أو ينالهما مكروه، فإنّ أعداءه يظفرون بقدر ما نيل من خصيتيه، ولو رأى أنّ خصيتيه عظمتا أو لهما قوة فوق قدرهما، فإنه يكون منيعاً لا يصل إليه أعداؤه بسوء. وربما كان انقطاعهما انقطاع الإناث من الولد، إذا كان في الرؤيا ما يدل على الخير. لأنّ الخصيتين هما الأنثيين، والبيضة اليسرى يكون الولد منها، فإن رأى أنّها انتزعت منه مات ولده، ولم يولد له من بعده. فإن رأى أنّه وهبها لغيره بطيبة نفس منه، وبانت منه، فإنّه يولد له ولد لغير رشد وينسب الولد إلى غيره. فإن رأى أنّ خصيتيه في يد رجل معروف، فإنّ ذلك الرجل يظفر به. فإن كان الرجل شاباً فهو عدوه، ومن رأى أنّه آدر، فإنّه يصيب مالاً لا يؤمن عليه أعداؤه. ورأى رجل كأنّ له عشرة ذكور وليست له خصية، فقص رؤياه على معبر فقال له: يولد لك عشر بنين، ولا يولد لك أنثى.
وأما العانة: فنقصانها صالح في السنة، وزيادتها مال وسلطان يناله من جهة رجل أعجمي. فإن رأى كأنّه نظر إلى عانته فلم ير عليها شعراً كأنّه لم ينبت قط، دل على حجر عليه في المال أوخسران يقع له. فإن كان عليه شعركثير حتى تسحبه في الأرض، فإنّه ينال مالاً كثيراً مع فساد دين، وتضييع سنين ومروءة.
والعجز: هو مال امرأة، فإن كان كبيراً لامرأته مالاً كثيراً. وإن رأى عجز نفسه كبيراً، فإنّه يسود بمال امرأته، ويصيب من ذلك خيراً. ومن رأى رجلاً كشف له عن نفسه ورأى عجزه، فإنّه يطعمه دسماً ومنفعة، ثم يشرف علىِ أدبار فيها. فإن رأى دبره فإنّه يناله منه أدبار، إن كان شاباً. وإن كان شيخاً معروفاً، فإنه يوقعه هو بعينه في أدبار، وإن كان مجهولاً فإنّه ينال ادباراً من حيث لا يشعر. فإن كشف عنه رجل حتى أظهر عجزه، فإنه يفضحه في أهله. فإن رأى امرأةً كشف عن عجزها حتى رأى دبرها، فإنّ الأمر الذي ينسب إلى ذلك يشرف على الأدبار ويلحقه دين من تجارة أو ولاية. ومن نكح امرأة في دبرها، فإنّه يطلب أمراً من غير وجهه ولا ينتفع به، لأنّ النكاح في الدبر ليس له ثمر. ومن رأى أنّه يسحب على عجزه أو دبره، فإنّه يضطر.
وأما الفخذ: فعشيرة الرجل، فإن رأى أنّ فخذه قطعت وبانت، فإنّه يتغرب عن قومه وعشيرته، حتى يكون موته في الغربة، لأنّ الفخذ إذا قطعت وبانت لا ينجبر صاحبها ولا يلتئم، فلذلك لا يرجع إلى قومه أبداً. فمن رأى كأنّ فخذيه نحاساً فإنّ عشيرته تكون جريئة على المعاصي.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت فخذي حمراء وعليها شعر نابت، وأمرت رجلاً فقص ذلك الشعر. فقال: أنت رجل عليك دين يؤدّيه عنك رجل من قرابتك.
والعصب: سيد قومه والمؤلف بين القرابات. والعروق أهل بيته مما ينسب إلى ذلك العضو، وجمالها جمالهم، وفسادها فسادهم، فإن رأى أنّه فصد عرقاً بالعرض، فهو موت قريب من أقربائه بمنزلة ذاك العرق. وربما كان هو نفسه المنقطع عن اقربائه بموت، إذا كانت الرؤيا في تأويلها ما يدلي على مكروه أو معصيه. وإن كان ذلك في مكروه التأويل، فهو فراق ما بينه وبينهم. وربما كان فراق بغير موت.
والركبة: كد الرجل ونصبه في معاشه ومطلبه، فإن رأى بها حدثاً، فإنّه تنسب إليه الركبة. وقوة جلدها قوة معيشته، وانسلاخ جلدها زيادة كد وتعب. وغلظ جلدها أو ظهورها الورم فيها إصابة مال من تعب. وقيل أنّ المريض إذا رأى في ركبته الماء أو علة، دل على موته. وقيل أنّ الركبتين ينبغي أن يجعل تأويلهما على قوة البدن وحركته وجودة عمله. ولهذا السبب متى كانتا صحيحتين قويتين، فإن ذلك دليل على سفر أو حركة أخرى، وعلى أعمال يعملها صاحب الرؤيا على صحة البدن. وإن رأى فيهما علة أو ألماً، فإنّ ذلك يدل على ثقل الركبتين في الأعمال.
والرجل: قوام الرجل وماله ومعيشته التي عليها اعتماده، وربما كانت الساق عمر صاحبها. فإن رأى أنّ ساقه من حديد، طال عمره وبقي ماله. وإن رأى أنّ ساقه من قوارير، لم يلبث أن يموت ويذهب ماله، وقوامه، لأنّ القوارير لا بقاء لها. فإن رأى. رجله قطعت، ذهب نصف ماله. فإن قطعتا جميعاً ذهب ماله وقواه، أو مات كل ما بانت منه. وقيل الرجلان الأبوان، والمشي حافياً يدل على التعب والمشقة، وقيلِ من رأى له أرجلاً كثيرة، فإن كان مسافراً سهل عليه سفره، ونال خيراً. وإن كان فقيراً نال ثروة، وإن كان غنياً مرض. ورؤية الرجلين مخضوبتين منقوشتين، للرجل موت الأهل، والمرأة موت بعلها. ومن رأى كأنّه رفع ساقاً ومد ساقاً فالتفت إحدى ساقيه بالأخرى، فإنّه قرب أجله، ويلقاه أمر صعب. ويدل على أنّ صاحب الرؤيا كذاب. ورؤية الرجل ساق امرأة دليل على التزوج. وكشف المرأة عن ساقها حسن دينها وإصابتها أمراً خيراً مما كانت فيه.
والكعب: ولد مقامر، وقيل انكسار الكعب موت أو غم. وانكسار عقب سعي في أمر يورث الندم.
والقدم: زينة الرجل وماله، وأصابعها جواريه وغلمانه، فإن رأى بعض أصابعه صعد إلى السماء، مات بعض غلمانه أو جواريه.
والشعر على القدمين: دين غالب. ومن رأى كأنّ رجليه صعدتا إلى السماء وبانا منه، مات ولداه. فإن رأى أنّه يزني برجله، فإنه يمشي خلف النساء حراماً. ومن رأى له أرجلاً كثيرة، فقيل أنّه للغني مرض لأنّه يحتاج إلى أرجل كثيرة تنوب عنه، وربما دلت على ذهاب البصر حتى احتاجوا إلى من يقودهم. ودلت في الشرار على الحبس حتى يكون عليهم حفظة، فلا يمشون منفردين. ورأى رجل كأنّ إحدى رجليه صارت حجراً، فجفت تلك الرجل بعينها. ورأى رجل كأنه يركل الملك برجله، فأصاب وهو يمشي ديناراً وعليه صورة الملك. وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ على ساقي رجل شعراً كثيراً، فقال: يركبه دين ويموت في السجن. فقال لك رأيتها. فاسترجع ابن سيرين، ثم إنّه مات في السجن وعليه أربعون ألف درهم، فقضاها عنه بعد موته، ورأى رجل كأنه معوق الساق، فعبرها له معبر فقال: إنك تصير زانياً. فأخذ بعد ذلك مع امرأة. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأنّ اصبع رجلي على جمر، فإذا وضعته عليه طفىء، وإذا رفعتها عنه عاد كما كان، فقال: هذا صاحب هوى، فقال: ليس هو صاحب هوى ولكنه يتكلم في القدر. فقال: وأي شيء هو أشد من القدر؟. ورأت امرأة كأنّ إبهام رجلها قطعت، فقصت رؤياها على ابن سيرين فقال: تصلين قوماً قطعتيهم.
وأصابع القدمين: زينة مال صاحبها، وأعمال البر، وعظام ماله الذي به اعتماده ومعيشته.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الثالث والعشرون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل الأشياء الخارجة من الانسان وسائر الحيوان
من المياه والألبان والدماء وما يتصل بذلك من الأصوات والصفات
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " من رأى أنه يشرب لبناً فهو الفطرة " . قال الأستاذ أبو سعد: رؤية اللبن في الثديين للرجال والنساء مال، ودر اللبن منها سعة المال فإن رأت امرأة لا لبن لها في اليقظة، أنها ترضع صبياً أو رجلاً أو امرأة معروفين،فإن أبواب الدنيا تنغلق عليها وعليهم. وقال بعضهم من رأى كأنّه ارتضع امرأة، نال مالاً وربحاً. ومن رأى كأنّه شرب لبن فرس أو رمكة أحبه السلطان ونال منه خيراً.وألبان الأنعام مال حلال من السلطان. فإن رأى كأنّه انصبّ عليه لبن إنسان، دل على ضيق وحبس. وكذلك المرضع والراضع، أيهما كان معروفاً، فإنّ حاله في الحبس والضيق أشد من المجهول، والحلب تأويله المكر. وحلب الناقة عمالة على أرض البختية عمالة على أرض العجم، تعمل على سنة وفطرة. فإن حلبها فخرج دماً، فإنه يجور في سلطانه، فإن حلبها سماً، فإنّه يجبي مالاً حراماً. فإن حلبها تاجر لبناً، أصاب رزقاً حلالاً وربحاً في تجارته، ودرت عليه الدنيا بقدر ما در عليه الضرع، ولبن اللقحة فطرة في الدين. فمن شرب منه أو مص مصة أو مصتين أو ثلاثة، فإنه على الفطرة يصلي ويصوم ويزكي، وهو لشاربه مال حلال وعلم وحكمة، وقيل: من حلب ناقة وشرب لبنها، دل على أنّه يتزوج أمرأة صالحة، وإن كان الرائي مستوراً، ولد له غلام فيه بركة. ولبنِ البقرة خصب السنة، ومال حلال، وإصابة الفطرة. وفي صاحب الرؤيا عبداً عتق، وإن كان فقيراً استغنى.
ولبن الشاة والعنز إصابة مال حلال إن كان حليباً. ولبن الأسد ظفر بعدو وقيل انّه ينال مالاً من جهة سلطان جبار. ولبن الكلب خوف شديد ولبن الذئب مثله وربما دل على إصابة مال من ظالم. ولبن الخنزير تغيير عقل صاحبه وذهنه وقيل إنّ الكثير منه مال حرام، والقليل منه حلال، لقوله تعالى: " فَمَنْ اضْطُرّ غَيْرَباغ ولا عاد فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ " . فقد رخص في القليل، وحرم الكثير.
ولبن النمر إظهار عداوة. ولبن الظبي نذر. ولبن الحمار الأهلي مرض يسير.وألبان الوحش كلها قوة في الدين. ولبن الضأن والجاموس خير وفطرة ولبن الدب ضر وغم عاجل. ولبن الثعلب مرض يسير. ولبن الهرة مرض يسير أو خصومة. ولبن الفرس لمن شربه اسم صالح في الناس. ولبن الأتان إصابة خير وظهور اللبن من الأرض وخروجه منها، دليل على ظهور الجور.
وألبان ما لا ألبان لها، بلوغ المنى، من حيث لا يحتسب. وارتضاع الإنسان من ثدي نفسه، دليل على الخيانة. وألبان النواهش واللواذع صلاح ما بينه وبينِ أعدائه. ومن شرب من لبن حية فإنّه يعمل عملاً يرضي الله. وقيل من شربه نال فرجاً ونجا من البلايا.
والزبد: مال مجموع نافع وغنيمة، وكذلك السمن، إلا أنّ في السمن قوه لسلطان النار التي مسته. واللبن الرائب لا خير فيه. وقيل هو رزق من سفر. والحامض المخيض رزق بعد هم، ووجع، وقيل هو مال حرام ومعاملة قوم مفاليس، لأنّ زبده قد نزع منه، وقيل إنّ شاربه يطلب المعروف ممن لا خير فيه، والشيراز استماع كلام من النسوة. والأنفحة مال مع نسك وورع.
وأما الجبن: فإنّه مال مع راحة، والرطب منه خير من اليابس، ومال حاضر للرائي وخصب السنة. وقيل إن الجبن اليابس سفر، وقيل إن الجبنة الواحدة بدرة من المال. ومن رأى كأنّه يأكل الخبز مع الجبن، فإنّه معاشه بتقدير، وقيل: من أكل الخبز مع الجبن، أصابته علة فجأة. والمصل قيل هو دين غالب لحموضته، وقيل هو مال نام، يقوم قليله مقام كثير من الأموال، يناله بعد كد. والأقط مال عزيز لذيذ.
وروي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى وهونازل بالطائف، كأنّه جيء بقدح من لبن فوضع بين يديه، فانصب القدح. فأولها أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله ما أظنك مصيباً من الطائف في عامك هذا شيئاً، فقال: أجل، لم يؤذن لي فيه، ثم ارتحل صلى الله عليه وسلم.
وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت عساً من لبن جيء به حتى وضع، ثم جيء بعس آخر فوضع فيه. فوسعه، فجعلت أنا وأصحابي نأكل من رغوته، ثم تحول رأس جمل، فجعلنا نأكله بالعسل. فقال: أما اللبن ففطرة، وأما الذي صبه فيه فوسعه، فما دخل في الفطرة من شيء، وأما أكلكم رغوته فيقولن الله تعالى: " فأمَا الزَّبَدُ فَيَذْهب جَفَاء " . وأما البعير فرجل عربي، وليس في الجمل شيء أعظم من رأسه، ورأس العرب أمير المؤمنين، وأنتم تغتابونه وتأكلون من لحمه، وأما العسل، فشيء تزينون به كلامكم. وكان ذلك في زمان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
وأتى ابن سيرين رجل فقالت: رأيت كأنّي ارتضع إحدى ثدييّ، فقال: ما تعمل؟ فقال: أكون مع مولاي في الحانوت، فقال: اتق الله في مال مولاك.
ورأى عدي بن أرطأة لقحة مرت به وهو على باب داره، فعرض عليه لبنها، فلم يقبل. ثم عرض عليه ثانية، فلم يقبل. تم عرض عليه مرة أخرى فقبله فقال سيرين: هي رشوة لم يقبلها، ثم عاد فقبلها وأخذها.
ورأى أمير المؤمنين هارون الرشيد، كأنّه في الحرم يرتضع من أخلاف ظبية. فسأل الكرماني مشافهة عن تأويلها، فقال: يا أمير المؤمنين، الرضاع بعد الفطام حبس في السجن، ومثلك لا يحبس، ولكنك منحبس بحب جارية قد حرمت. فكان كذلك.
وأما الرعاف: فإنّه إن كان كثيراً رقيقاً، دل على إصابة مال دائم. وإن كان غليظاً، دل على سقط يولد له. فإن رأى أنّ أنفه رعف، وكان ضميره أنّ الرب ينفعه، فإنه يصيب من رئيسه خيراً. وإن كان ضميره أنّه يضر به، فإنّه يصيب من رئيسه شراً، ويكون وبالاً عليه، وينال بعده ضرراً. فإن كان هو الرئيس، فإنّه يرى بجسده بقدر ما رأى من القوة والضعف، وكثرة الدم وقلته. فإن رعف قطرة أو قطرتين، فإنه منفعة. فإن رعف رطلاً أو رطلين وكان ضميره أنّه منفعة لبدنه، فإن صحة البدن صحة الدين، فهو يخرج من إثم ويصح دينه. وإن كان في ضميره أنه يضره في بدنه، فإن ضرر البدن ضرر الدين أو اكتساب إثم. فإن ذهبت قوته بعد خروج الدم، فإنّه يفتقر وإن قوي فإنّه يستغني، لأنّ القوة غنى الرجل. فإن تلطخ بدمه ثيابه، فإنّه يصيب من ذلك مالاً مكروهاً وإثماً. فإن لم تلطخ بشيء، فإنّ صاحبه يخرج من إثم. فإن رأى أن الرعاف يقطر في الطريق، فإنّه يؤدي زكاة مال ويتصدق بها على قارعة الطريق. وقيل إن الرعاف إصابة كنز، والعطاس تيقن أمر مشكوك.
وأما الدمع: فالبارد منه فرح، والحار غم، ومن رأى الدمع على وجهه من غير بكاء، فإنّه يطعن في نسبه، وينفذ فيه القول من طاعته. فإن رأى الدموع تمور في عينيه، فإنّه يدخر مالاً حلالاً في أمر الدين، لا يريد إظهاره فإن سال على وجهه، فإنه يطيب قلباً بإنفاقه. فإن رأى أنّ دمع عينه اليمنى دخل في عينه اليسرى نكح ابن بنته، نعوذ بالله من غضب اللهّ.
وأما المخاط: فمن رأى كأنّه امتخط. فإنّه يقضي دينه، أو ينجو من هم، أو أيجازي قوماً بشيء فعلوه. وقيل إنّ المخاط دليل الولد، بدليل أَنّ الهرة تولدت من مخاط الأسد. ومن رأى كأنِّه امتخط على الأرض، ولدت له ابنة. فإن رأى كأنّه امتخط على امرأته، فإنّها تحبل وتسقط ابناً. وإن رأى امرأته امتخطت عليه، فإنّها تلد ابناً أو تفطمٍ ولداً صغيراً، ومن امتخط في دار رجل، نكح امرأة من تلك الدار حلالاً أو حراماً. فإن امتخط في فراش رجل، فإنّه يخون امرأته، فإن امتخط في منديله، خانه في خادمته، فإن رأى كأنّه امتخط، فأخذت امرأة مخاطه، فإنّها تخدعه وتحمل منه. وإن رأى كأنّه يغسل مخاط غيره فإنّ رجلاً يخدع امرأته، وهو يجتهد في ستره، ولا يستر. فإن رأى كأنِّه أكل مخاط نفسه، فإنّه يأكل مال ولده. وإن أكل مخاط غيره، أكل مال ولد غيره. فإن رأى كأنّ في أنفه مخاطاً، دلت رؤياه على حبل امرأته. وإن رأى كأنّه عطس فخرج من أنفه حيوان، ينسب إليه ولد غيره. فإن كان الخارج سنوِراً، فهو ولد لص. وإن كان حمامة فابنة محبوبة. فإن رأى مخاطه يسيل، أصاب أولاداً شبهه، ومن رأى إنساناً مخط في ثوبه، ياصله بمصاهرة.
والتثاؤب: مرض، وطيب النكهة حسن المحضر، والضحك: حزن. لقوله تعالى: " فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً " . وهو أيضاً بشارة بغلام، لقوله تعالى: " فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاها بإسْحَقَ " . والتبسم محمود.
والغطيط في النوم: يدل على غفلة صاحب الرؤيا وانخداعه لمن خدعه. وأما رفع الصوت فارتفاع على قوم في منكر، بدليل قوله تعالى: " واغْضُض مِنْ صوتِكَ " . وإن رأى كأنّه سمع صوتاً طيباً صافياً، فإنّه ينال ولاية. ومن رأى كأنّ إنساناً أسمعه شتماً، نالت منه أذى ثم يظفر به وينتصر عليه، وقيل هو حق يجب للمشتوم على الشاتم، كما أنّ عليه أي المفتري الحد له. وإن كان الشاتم ملكاً، فالمشتوم أحسن حالاً من الشاتم، لأنّه مبغي عليه، والمبغي عليه منصور. ومن رأى كأنّه يصيح وحده، فإنّ قوته تضعف. فإن رفعِ صوته فوق عالم، فإنّه يرتكب معصية لقوله تعالى: " لا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُمْ فَوْق صَوْتِ النبي " . والعلماء ورثة الأنبياء.
وأما العرق: فهو دال على مضرة في الدنيا، وقيل من رأى كأنّ عرقاً قضيت حاجته. ونتن عرق الإبط، يدل على الرياء للرعية، وللوالي يدر يصيب مالاً في قبح ثناء.
وأما الدعاء: فمن دعا ربه في ظلمة، فإنّه ينجو من غم. فإن رأى أنّه يدعو رجلاً فإنّه يتضرع إليه مخافة منه. وأما الهتف: فمن رأى أنّه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة، فهو كما سمعه بلا تفسير. وكذلك كلام الموتى. وكذلك كلام كل الطيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم، وعلم وفقه. وأما الكلام بلغات شتى، فمن رأى ذلك فإنّه يملك ملكاً عظيماً. وأما المشاورة فكل فاسق شاور عفيفاً، إلى التوبة. وكلِ عفيف شاور فاسقاً، فقد دنا إلى بدعة. وإن شاور عفيفاً أراد صلاحاً، وإن شاور فاسقاً فاسق حصل له ترياق من السموم.
فإن نقى أذنيه من وسخ أو قيح: فإنّه يأتيه أخبار سارة. ومن رأى كأنّه يأكل من وسخ أذنه، فإنّه يأتي الغلمان أو يرتكب فاحشة.
والبصاق: فهو مال الرجل وقدرته. فمن رأى أنّه يبصق، فإنّه يقذف إنساناً. فإن كان مع البصاق دم، فهوكسب من حرام. فإن بصق على حائط فإنّه ينفق ماله في جهاد، أو يشغل ماله في تجارة. فإن بصق على الأرض، اشترى ضيعة أو أرضاً.فإن بصق على شجرة، نكث عهداً أوحنث في يمين. فإن بصق على إنسان، فإنه يقذفه.
والبصاق الحار، دليل طول العمر. وأما البارد فدليل الموت. ومن رأى ريقه جف، فإنّه فقر. ومن رأى اللعاب يجري من فيه، فهومال يناله ثم يذهب منه.ومن رآه يجري ولا يصيب شيئاً من أعضائه، ورأى كأنّ الناس يتناولونه بأيديهم، فهو علم يبثه في الناس، فإن كان معه دم، خالط علمه كذب. فإن رأى أنّه يسيل من فمه ماء كثير، نال سعة من العيش. وخروج الماء من فم التاجر دليل صدقه. فإن خرج اللعاب منه فسال بين يدي رجل شاب، فإنّه يفشي سره إلى عدو. فإن كان يكذب في بعض ما تساره به. والبلغم مال مجموع لا ينمو، فإذا رأى أنّه ألقى بلغماً،نال الفرج والشفاء إن كان مريضاً. فإن رأى أنّه تنخع، فإنّه ينفق نفقة في سره، وإن كان صاحب علم، فإنّه شحيح عليه. وإن خرج من فيه شعر أو خيط أو مدة غير كريهة، طالت حياته. وقيل انّ خروج الماء من فم الإنسان، وعظ من عالم ينتفع به الناس أو فتياً. وإن كان تاجراً كان صدق كلامه.
وأما القيء: فدليل التوبة على طيب نفس منه. وإن تعذر عليه وكره طعمه، كانت على كراهة منه، ومن تقيأ وهو صائمِ ثم انغمس فيه، فإنّ عليه ديناً يقدر علىِ قضائه ولا يقضيه، فيأثم فيه. فإن شرب لبناً وتقيأ لبناً وعسلاً، فهو توبة فإن ابتلع لؤلؤاً وتقيأ عسلاً، فإنّه يتعلمِ تفسير القرآن، فإن تقيأ لبناً ارتد عن الإسلام. فإن تقيأ طعاماً، فإنه يهب إنساناً شيئاً. فإن عاد في قيئه، عاد في هبته. فإن شرب خمراً ولم يسكر وتقيأ، أخذ مالاً حراماً ثم رده. وإن سكر وتقيأ فإنّه بخيل لا ينفق على عياله إلاّ القليل، ويندم علىِ إنفاقه. فإن رأى كأنّ أمعاءه تخرج من فيه، دلت على موت أولاده. وقيلِ إذا رأى فواقاً وقيئاً ذريعاً مع الفواق، دل على موته. وقيل من رأى كأنّه تقيأ دماً كثيراً حسن اللون، دل على أنّه يولد له مولود. فإن سال الدم في وعاء، عاش الولد. وإن سال على الأرض، مات الولد سريعاً. وهذه الرؤيا للفقير مال، وملك كثير، وهذه الرؤيا مذمومة لمن أراد أن يخدع إنساناً، لأنّ أمره ينكشف.
وأما الدم الفاسد: فإنه يدل على المرض في جميع الناس عاماً. فإن كان الدم قليلاً كالنفثة، دل على أهل البيت والقرابة، وعلى نيل الشر ثم يتخلص منه. وقيل أنّ قيء الدم توبة من إثم أو مال حرام، ويؤدي أمانة في عنقه.
وأما البول: فهو في التأويل مال حرام، فمن رأى كأنّه بال في موضع مجهول تزوج في ذلك الموضع امرأة، ويلقي فيها نطفته بمصاهرة أهل الموضع أو جاره، وقيل رأى كأنّه يبول، فإنّه ينفق نفقة تعود إليه، لقوله تعالى: " وَمَا أنْفَقْتم مِنْ شَيءٍ فهوَ يخلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقين " . فإن رأى كأنّه بال في بئر فإنّه ينفق من كسب مال حلال. فإن رأى كأنّه بال على سلعة، فإنّه نجس على تلك السلعة فإن بال في محراب، فإنّه يولد له ولد عالم.
وحكي أنّ مروان بن الحكم رأى كأنّه يبول في المحراب، فقص رؤياه على سعيد بن المسيب، فقال: إنك تلد الخلفاء.
ومن رأى كأنّه بال على المصحف، ولد له ولد يحفظ القرآن. ومن رأى كأنّه بال بعضاً وأمسك بعضاً، فإن كان غنياً ذهب بعض ماله. وإن كان مكروباً ذهب بعض كربه، فإن رأى كأنّه يبول ويبول معه آخر فاختلط بولاهما، وقعت بينهما مواصلة ومصاهرة. فإن رأى أنه حاقن، فإنّه يغضب على امرأته فإن غلبه البول ولا يجد لذلك موضعاً، أراد دفن مال ولا يجد مدفناً. فإن رأى أنّه بال في موضع البول فأكثر، أصاب الفرج، إن كان فقيراً، وإن كان غنياً خسر ماله. وإن رأى الناس يتمسحون ببوله، ولد له غلام يتبعه الناس، فإن رأى كأنّ إنساناً معروفاً بال عليه، فإنّه يدله بإنفاق عليه وإن رأى امرأة تبول بولاً كثيراً، فإنّهيا تشتهي الرجال. فإن رأى الرجل كأنّه يبول لبناً، فإنه يضيع الفطرة، فإن شربه إنسان معروف، فهو ينفق عليه في دنياه مال حلال. ومن رأى كأنّه يبول دماً فإنّه يأتي امرأة وهي حائض.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أبول دماً، فقال: فإنك تأتي امرأتك وهي حائض، قال نعم.
وقيل إنّ صاحب هذه الرؤيا، إن كانت امرأته حبلى سقطت. فإن رأى كأن الدم يحرق أحليله أو يؤلمه، فإنّه يأتي امرأة مطلقة، أو امرأة ذات محرم، ولا يعلم بذلك فإن رأى كأنّه بال زعفراناً، ولد له ابن ممراض. فإن رأى كأنّه بال عصيراً، فإنه يسرف في ماله. فإن رأى كأنّه بال تراباً أو طيناً، فإنه رجل لا يحسن الوضوء، ولا يحافظ عليه. فإن بال ناراً، ولد له ولد لص. وإن خرج سبع، ولد له ولد ظلوم. وإن خرجت سمكة، ولد له جارية من امرأة أصابها من ساحل البحر بحر المشرق. وإن خرج طائر، ولد له ولد مناسب لجوهر ذلك الطائر في الفساد والصلاح. ومن بال قائماً، فإنه ينفق ماله جهلاً. ومن بال في قميصه، فإنه يولد له ابن. فإن لم يكن له زوجة تزوج،فإن رأى أنّه يبول في أنفه، فإنه يأتي محرماً. فإن بال في موضع فطرة، فإنّه ينفق في موضع لايحمد عليه.
وأتى أبن سيرين رجل فقال: رأيت امرأة من أهلي كأنّ بين ثدييها إناء من لبن، كلما رفعته إلى فيها لتشرب، أعجلها البول، فوضعته ثم ذهبت، فبالت. فقال هذه امرأة مسلمة صالحة، وهي على الفطرة، وهي تشتهي الرجال وتنظر إليهم، فاتقوا الله وزوجوها. فكان كذلك.
ورأى والد أردشير بن ساسان وكان راعي الغنم، كأنّه بال وعلا من بوله بخار عم السماء كلها، فسأل بابك المعبر فقال: لا أعبرّها لك حتى تنسب إليّ ولداً يولد لك، فوعده بذلك، فقال: يولد لك غلام يملك الافاق. فكان كذلك، فلما ولد أردشير نسبه إلى بابك المعبر وفاء له بوعده، فلذلك يقال أردشير بن بابك، وإنّما كان أبوه ساسان. ورأى إنسان كأنه يبول في محفل من محافل السوق فصار محتسباً على الأسواق، لأن من رأس قوماً يهونون عليه.
والودي: مال لا بقاء له مع ندامة. وأما المني: فهو مال باق زائد. فمن رأى كأنّه سال منه مني، ظهر له. فإن رأى أنه يلطخ امرأته بذلك، أعطاها حلياً أو كسوة. فإن رأى عنده مني غيره، صار إليه مال غيره. والجرة من المني، كنز يصيبه من أصابها. فإن رأى أنّه تلطخِ بمني المرأة، انتفع منها. وخروج ماء أصفر من فرج المرأة، يدل على أنّها تلد ولداً ممرِاضاً. فإن خرج ماء أحمر، ولدت ولداً قصير العمر. فإن خرج ماء أسود، ولدت ولداً يسود أهل بيته. فإن خرج من فرجها نار، كان الولد ذا سلطان وجور وظلم. فإن رأت أنّها ولدت سمكة وهي حبلى، فقد قيل انّه ولد طويل العمر، وقيل انّه ولد قصير العمر. فإن رأى رجل كأنّه حائض. فإنّه يأتي محرماً. وكذلك المرأة الشابة، إذا رأت كأنّها اغتسلت من الحيض، تابت ونالها فرج. وأما إذا أيست من الحيض ورأت الحيض، فهو ولد لقوله تعالى: " فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاها بِإسْحَقَ " . والضحك هنا بمعنى الحيض، فإن رأت أنّها تستحاض، فإنّها في إثم وتريد أن تتخلص منه فلايمكنها.
وأما الغائط: فقد قيل هو رزق من ظلم، وقيل هو دليل الفرج، ومن رأى أنّه أحدث، ذهب غمه. فإن كان ذا مال، فإنّه يزكي ماله. وإن رأى كأنّه أحدث غائطاً كثيراً وكان على سفر، فإنّه لا يسافر وتنقطع عليه الطريق.
وأكل العذرة: وإصابتها وإحرازها، مال حرام مع ندامة. وربما كان كلاماً يندم عليه لطمِع، ومن أحدث وكان الحدث جامداً، فإنه ينفق بعضِ ماله في عافية. وإن كان سائلاً، فإنّه ينفق عامة ماله. فإن كان موضع الحدث معروفاً مثل المتوضأ فإن نفقته معروفة بشهوته. وإن كان مجهولاً، فإنّه ينفق فيما لا يعرف مالاً حراماً لا يؤجر عليه ولا يشكرعليه، وكل ذلك بطيب نفس منه.
وكل ما خرج من بطون الناس والدواب من الأرواث، فهو مال، إلا أنّ تحليله وتحريمه، بقدر ريحه وقذره وأذاه الناس، إلا أن يكون شيئاً غالياً كثيراً من عذرة الناس شبه الوحل، فهو هم أو خوف من سلطان. فإن أحدث في ثيابه أحدث فاحشة، وإن أحدث في سراويله غضب على زوجته ووفر عليها مهرها فإن رأى أنّه أحدث في موضع وستره بالتراب، فإنّه يستر مالاً. فإن أحدث على نفسه وقع في خطيئة. فإن أحدث في فراشه مرض مرضاً طويلاً، لأنّه ما يفعل ذلك في اليقظة إلا من لا يستطيع القيام، وتدل أيضاً هذه الرؤيا على مفارقة الرجل امرأته. وقيل من رأى كأنّه يأكل الخبز بالعذرة، دل على أنّه يأكل الخبز بالعسل في اليقظة، وقيل هو مخالفة السنة. فإن تغوط من غير قصد منه، فحمله بيده، فإنّه يرزق كيس دنانير حرام على قدر الغائط ومن رأى كأنّه يحدث في الأسواق العابرة العامرة، أو في الحمامات والجماعات، دل على غضب الله عليه والملائكة، وتناله فضيحة عظيمة، وخسارة كبيرة، وظهور ما يخفيه الإنسان، ويدل أيضاً على نقص يعرض لصاحب الرؤيا. فإن أحدث في مزبلة أو شط البحر، أو في موضع لا ينكر لذلك، فهو دليل خير وذهاب الهم والوجع.
فإن رأى كأنّ إنساناً معروفاً يرميه بشيء من زبل الناس، فإن ذلك يدل على معاداة ومخالفة في الرأي والظلم، يعرض له ممن رماه بها، ومضرة عظيمة. وكثرة زبل الناس أيضاً، تدل على تعويق عن الحركات، والإقبال على مضار كثيرة. والتلطخ بزل الإنسان، مرض أو خوف. وهو أيضاً دليل خير لمن أفعاله قبيحة، وقد امتحنا أنّ ذلك مما ينتفعون به.
وأما الفساء: فهو كلام فيه ذلة، فمن فسا أصابه غم، فإن كان بين الناس فإنه غم فاش يقع فيه. ومن رأى كأنّ غيره فسا وهو يشم، فإنّه غم يمر به. فمن رأى كأنه في الصلاة وخرج منه ريح غير منتنة، فإنّه طلب حاجة، ويدعو الله بالفرج، فيكلم بكلام فيه ذلة، فيعسر عليه ذلك الأمر.
وأما الضراط: فمن رأى أنّه بين قوم خرجت منه ضرطة من غير إرادة، فإنّه يأتيه فرج من غم وعسر ويكون فيه شنعة. فإن ضرط متعمداً وكان له صوت عال ونتن، فإنه يتكلم بكلام قبيح، أويعمل عملاً قبيحاً وينال منه سوء الثناء على قدر نتنه، والتشنيع بقدرذلك الصوت. فإن رأى له نتناً من غير صوت، فإنّه ثناء قبيح من غيرتشنيع على قدر نتنه، وإذا ضرط بين قوم، فإنّهم إن كانوا في غم أو هم فرج عنهم، وإن كانوا في عسر تحول يسراً. فإن ضرط بجهد، فإنّه يؤدي ما لا يطيق. فإن ضرط سهلاً، فإنه يؤدي ما يطيق.
فإن رأى أنّه خرخ من دبره طاووس: ولدت له ابنة حسناء. فإن خرجت سمكة، ولدت له ابنة قبيحة. فإن خرج من دبره دود أو قمل أو ما يطعم في جوفه، فإنّه يفارقه قوم من عياله الأقربين. فإن خرج منه مثل الحيات، فهم عيال على كل حال، غرباء من الأبعدين، إذا خرج ذلك منه على قدر ما وصفت منه. فإن خرج منه دم، فهو خروجه من إثم. فإن تلطخ به، خرج منه مال حرام، وقيل خروج الدم من الدبر أولاد الأولاد. فإن رأى أنّه يشرب بإسته، فإنّه رجل مأبون، وإن لم يكن ذلك، فهو يحقن بحقنة.
وأما أرواث الحيوان: فمن رأى أنّه يكنس روث الخيل، نال مالاً من رجل شريف. وزبل البقر دليل خير للأكرة فقط، وللحراثين دون غيرهم. فإن رأى أنّه جلس على الروث، نال مالاً من جهة بعض أقاربه.
أما البيض: إذا رؤي في وعاء دل على الجواري، لقوله تعالى: " كَأنّهُنّ بيضٌ مَكْنُونٌ " . فإن رأى كأنّ دجاجته باضت، فإنّه يرزق ولداً. والبيضِ المطبوخ المميز عن القشر رزق هنيء. فإن رأى كأنّه أكله نيئاً، فإنّه يأكل مالاً حراماً، أو يصيبه هم، أو يرتكب فاحشة. وأكل قشر البيض، يدل على أنّه نباش للقبور. فإن رأى كأنّه خرجت من امرأته بيضة، ولدت ولداً كافراً، لقوله تعالى: " ويخرجً المَيتَ من الحيِّ " . فإن رأى كَأنّه وضع بيضة تحت الدجاجة فتشققت عن فروج، فإنّه يحيا له أمر ميت ويولد له ولد مؤمن، لقوله تعالى: " يخْرِجُ الحَيَّ من المَيّتِ " وربما يرزق بعدد كل فروج ابناً. فإن وضع بيضاً تحت ديك، فأخرج فراريج، فإنّه يحضر هناك معلم يعلم الصبيان. فإن كسر بيضة افتضِّ بكراً وإن لم يمكنه كسرها عجز عنها. فإن ضرب البيضة ضربة وكانت امرأته حاملاً، فإنّه يأمرها أن تسقط. فإن رأى غيره كسر بيضة وردها عليه، افتض ابنته رجل. ومن وطِىء كمه فخرج منه بيضة، فإنّه يطأ أمته ويولد له منها جارية. فإن رأى عنده بيضاً كثيراً، فإنّ عنده مالاً ومتاعاً كثيراً يخشى فساده. وهذا كله في البيض النيء.
ومن رأى بيضاً سليقاً، فإنّه يصلح له أمر قد تمادى عليه وتعسر، وينال بإصلاحه مالاً ويحيا له أمر ميت، فإن أكله بقشره، فهو نباش. فإن تجشأه، أكل مال امرأة وأسرف فيه. فإن أكله، فإنّه يتزوج امرأة عندها مال.
وبيض الكرِكي ولد مسكين. وبيض الببغا جارية ورعة، وقيل من رأى أنّه أُعطي بيضة، رزق ولداً شريفاً. فإن انكسرت البيضة مات الولد. وقيل: البيض للأطباء المزوقين ولمن كان معاشه منه دليل خير. وأما لسائر الناس. فإنّ البيض القليل، يدل على المنافع، لأنّه يؤكل. والبيض الكثير، فإنّه يدل على هموم وغموم، ويدل مراراً على الأشياء الخفية. وقيل الكبار من البيض، البنون. والصغار، بنات، وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني آكل قشوِر البيض فقال اتقِ الله فإنك نباش تسلب الموتى، ورأى رجل عزب كأنّه وجد بيضاً كثيراً، فقص رؤياه على معبر، فقال: هو للعزب امرأة، وللمتزوج أولاد. ورأى رجل كأنّه يقشر بيضاً مطبوخاً فقص رؤيا على معبر، فقال: تنال مالاً من جهة بعض الموالي. ورأى مملوك كأنّه أخذ من مولاته بيضة سليقاً، فرمى بقشرها، واستعمل ماليها، فولدت مولاته ابناً، فأخذ المملوك ذاك المولود اورباه وذلك بأمر زوج المرأة، فصار سبباً لمعاش ذلك المملوك.
وحبل الرجل: زيادة في دنياه، وقيل هو حزن بقتل مستور. وولادة الرجل جارية، إصابة خير وفرج قريب، ويخرج من نسله من يسود أهلِ بيته. وولادته غلاماً، يصيبه هم شديد، وحبل المرأة زيادة في المال، وولادتها غلاماً تلد جارية وربما كانت طبيعتها مخالفة لذلك، فيكون ممن إذا رأت أنّها ولدت جارية، كانت جارية، وإذا رأت أنها ولدت غلاماً، كان غلاماً. وكذلك لو رأى امرأته أو جاريته ولدت جارية، أصاب خيراً. فإن ولدت إحداهما غلاماً، ناله هم شديد. وكذلك لو رأى أنّه اشترى جارية، أصاب خيراً. فإن اشترى غلاماً، أصابه هم شديد.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الرابع والعشرون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في أصوات الحيوانات وكلامها
صهيل الفرس، نيل هيبة من رجل ذي شرف، وكلامه كما تكلم به، لأن البهائم لا تكذب، ونهيق الحمار، تشنيع من رجل عدو سفيه. وشحيح البغل صعوبة يراها من رجل صعب. وخوار الثور، وقوع في فتنة. ورغاء الجمل، سفرعظيم كالحج والجهاد وتجارة رابحة. وثغاء الشاة. بر من رجل كريم. وصياح الكبش والجدي، سرور وخصب، وزئير الأسد، خوف من سلطان ظلوم، وضغاء الهرة، تشنيع من خادم لص. وصوت الظبي، إصابة جارية جميلة عجمية وصياح الثعلب، كيد من رجل كاذب. ونباح الكلب، ندامة من ظلم. وصياح الخنزير، ظفر بأعداء جهال وأموالهم. وصوت الفأر، ضرر من رجل نقاب سارق فاسق. ووعوعة ابن آوى، صياح النساء والمحبوسين والفقراء. وصياح الفهد كلام رجل طماع. وصياح النعام، إصابة خادم شجاع، وهدير الحمامة امرأة قارئة مسلمة شريفة، وصوت الخطاف، موعظة واعظ. وقيل كلام الطير كلها صالح ودليل على ارتفاع شأن صاحب الرؤيا. وكشيش الحية، إبعاد من عدو كاتم للعداوة، ثم يظفر به، ونقيق الضفدع، دخول في عمل بعض الرؤساء والسلاطين أو العلماء.
وأتى ابن سيرين رجل، فقال: رأيت كأنّ دابة كلمتني. فقال له: إنك ميت. وتلا قوله تعالى: " وإذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَةَ مِنَ الأرض تُكَلِمُهُمْ " . فمات الرجل من يومه ذلك.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الخامس والعشرون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في رؤيا الأمراض والأوجاع والعاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان
قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: الحمى لا تحمد في التأويل، وهي نذير الموت ورسوله. فكل من تراه محموماً، فإنّه يشرع في أمر يؤدي إلى فساد دينه، ودوام الحمى اصرار على الذنوب. والحمى الغب،ذنب تاب منه بعد أن عوقب عليه. والنافض تهاون، والصالب تسارع إلى الباطل، وحمى الربع تدل على أنّه أصابه عقوبة الذنب، وتاب منه مراراً، ثم نكث توبته، وقيل إنّ من رأى كأنّه محموم، فإنّه يطول عمره، ويصح جسمه، ويكثر ماله. وأما البرص، فإنّه إصابة كسوة من غير زينة، وقيل هو مال. ومن رأى كأنّه أبلق أصابه برص، والثآليل مال نام بلا نهاية، يخشى ذهابه والجرب إذا لم يكن فيه ماء، فهو هم وتعب من قبل الأقرباء، وإن كان في الجرب ماء، فإنّه إصابة مال من كد. وقيل الجرب في الفقراء يدل على ثروة، وفي الأغنياء يدل على رياسة. وقيل إذا رأى الجرب أو البرص في نفسه، كان أحب في التأويل من أن يراه في غيره، فإنّه إن رآه في غيره، نفر عنه، وذلك لا يحمد في التأويل. والبثور إذا انشقت وسالت صديداً، دلت على الظفر والمدة. في البثور والجرب والجدري وغيرها، تدل على مال ممدود. والجدري زيادة في المال. وكذلك القروح. والحصبة اكتساب مال من سلطان مع هم وخشية هلاك. فأمّا الحكة. الجسد، فتفقد أحوال القرابات وافتقادهم، واحتمال التعب منهم. والدماميل مال بقدر ما فيها من المدة. والدرن على الجسد والوجه كثرة الذنوب. وذهاب شعر الجسد، ذهاب المال. والرعشة في الأعضاء عسر. فإن رأى الرعشة في رأسه. أصابه العسر قبل رئيسه. وفي اليمين، تدل على ضيق المعاش. وفي الفخذ، على العسر من قبل العشيرة، وفي الساقين، تدل على العسر في حياته. وفي الرجلين، تدل على العسر في ماله. ومن رأى كأنّه سقي سماً، فتورم وانتفخ وصار فيه القيح، فإنّه ينال بقدر ذلك مالاً. وإن لم ير القيح، نال غماً وكرباً. وقيل السموم القاتلة تدل على الموت. ومن رأى بجسده سلعة، نال مالاً. والشرى مال سريع في فرح، وتعجيل عقوبة. والطاعون يدل علىالحرب. وكذلك الحرب يدل على الطاعون. والعقر لا يحمد في النوم. ومن رأى أنه قد أُغشي عليه، فلا خير فيه ولا يحمد في التأويل والقوة، تدل على اطهار بدعة تحل به عقوبة الله تعالى، وقيل عامة الأمراض، في الدين، لقول الله تعالى: " في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " . إلا أنّها توجب صحة البدن. فإذا رأى هذه الرؤيا من كان في حرب، أصابه جراحة. لقوله تعالى: " أوْ كُنْتُم مَرْضَى أنْ تَضَعُوا أسلحتكم " .
يعني جرحى. فإن رأى أنه مريض مشرف على النزع، ثم مات وتزوجت امرأته فإنه يموت على كفرفإن رأى امرأته مريضة، حسن دينها ولا يستحب للمريض أن يرى نفسه مضمخاً بالدسم، ولا راكباً بعيراً ولا حماراً ولا خنزيراً لا جاموساً. ويستحب للمريض أن يرى نفسه سميناً أو طويلاً أو عريضاً، أو يرى الغنم والبقر من بعيد، أو يرى الاغتسال بالماء، فهذه كلها دليل الشفاء والعافية للمريض. وكذلك لو رأى كأنه شرب ماء عذباً، أو لبس أكليلاً، أو صعد شجرة مثمرة، أو ذروة جبل. فإن رأى فيسه نقصاناً من مرض، فهو قلة دين، وقيل أنّ رؤية المريض، دليل الفرج والظفر وإصابة مال لمن كان مكروباً. وأما في الأغنياء، فيدل على الحاجة، لأنّ العليل محتاج. ومن أراد سفراً، فرأى كأنه مريض، فإنه يعوقه في سفره عائق، لأن المرضى ممنوعون عن الحركة. ومن رأى نقصاناً في بعض جوارحه، فهو نقصان في المال والنعمة.
والورم في النوم، زيادة في ذات اليد، وحسن الحال، واقتباس العلم، وقيل هو مال بعد هم وكلام، وقيل هو حبس أو أذى من جهة سلطان.
والهزال هو نقص مال، وضعف الحال. وأما التخمة فدليل أكل الربا وأما الجذام، فمن رأى أنه مجذوم، فإنه يحبط عمله بتجرئه على الله تعالى، ويرمى بأمر قبيح. وهو بريء منه. فإن رأى كأن الجذام أظهر في جسده زيادة أو ورماً، فهو مال باق، وقيل هو كسوة من ميراث. ومن رأى كأنه في صلاته وهو مجذوم دلت رؤياه على أنه ينسى القرآن .
وحكي أن رجلاً أتى بان سيرين فقال: رأيت كأنّي مجذوم. فقال: أنت رجل يشار إليك بأمر قبيح وأنت منه بريء.
والقوباء: مال يخشى صاحبه على نفسه المطالبة من جهته.
وأما اختلاف الأمراض: فمن رأى كأنّه به أمراضاً باردة، فإنّه متهاون بالفرائض من الطاعات، والواجبات من الحقوق. وقد نزلت به عقوبة الله تعالْى. والأمرِاض الحارة في التأويل، هم من جهة السلطان. وأما اليبوِسة، فمن رأى به مرضاً من يبوسة، فقد أسرف في ماله من غير رضا الله، وأخذ ديوناً من الناس وأسرف فيها، ولم يقضها، فنزلت به العقوبة. وأما الرطوبة، فدليل العسر والعجز عن العمل. وأما الجنون فمال يصيبه صاحبه بقدر الجنون منه، إلا أنّه يعمل في إنفاقه، بقدر ما لا ينبغي من السرف فيه، مع قرين سوء، وقيل كسوة من ميراث، وقيل نيل سلطان لمن كان من أهله.
وجنون الصبي: غنى أبيه من ابنه، وجنون المرأة، خصب السنة. ومرض الرأسِ في الأصل، يرجع تأويله إلى الرئيس. وقيل الصداع ذنب يجب عليه التوبة منه، ويعمل عملاً من أعمال البر، لقوله تعالى " أوْ بِهِ أذَىً مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " .
ومن رأى شعر رأسه تناثر حتى صلع، فإنّه يخاف عليه ذهاب ماله وسقوط جاهه عند الناس. ومن رأى امرأة صلعاء، دل على أمر مع فتنة. ومن رأى كأنّه أجلح، ذهب بعض رأس مال رئيسه، وأصابه نقصان من سلطان أو جهة. وقيل إن كان صاحب هذه الرؤيا مديوناً، أدى دينه. ومن رأى كأنّه أقرع، فإنّه يلتمس مال رئيسه، لا ينتفع به لا يحصل منه إلا على العناء، والمرأة القرعاء سنة جدبة. والآفة في الصدغ تدل على الآفة في المال. والمرض في الجبهة، نقصان في الجاه.
وأما جدع الأنف، وفقء العينِ، فيدلان أنّ الجادع والقاضي يقضيان ديناً للمجدوع والمفقوء، ويجازيان قوماً على عمل سبق منهم. لقوله تعالى: " وِالأذْنِ بالأذن " . فإن رأى كأنّ شيخاً مجهولاً قطع أذنيه، فإنّه يصيب ديتين. ومن رأى كأنه صلى الله عليه وسلم جدع أذن رجل، فإنّه يخونه في أهله أو ولده، ويدل على زوال دولته. وقال بعضهم: من رأى كأنّ أذنيه جدعتا وكانت له امرأة حبلى، فإنّها تموت. وإن لم تكن له أمرأة، فإنّ امرأة من أهل بيته تموت.
وأما الصمم: فإنّه فساد في الدين.
وأما الرمد: فدليل على اعراض صاحبه عن الحق، ووقوع فساد في دينه على حسب الرمد، لأنّه يدل على العمى. وقد قال الله تعالى: " فإنّها لا تَعْمَى الأبصارُ ولَكِنْ تَعْمَى القًلُوبُ التي في الصُّدور " . وقد قيل إنّ الرمد دليل على أنّ صاحبه قد أشرف على الغنى، فإن لم ينقص الرمد من بصره شيئاً، فإنّه ينسب في دينه إلى ما هو بريء منه، وهو على ذلك مأجور. وكل نقصان في البصر، نقصان في الدين. وقيل: إنّ الرمد غم يصيبه من جهة الولد. وكذلك لو رأى أنّه يداوي عينه، فإنّه يصلح دينه. فإن رأى أنّه يكتحل، فإن كان ضميره في الكحل لإصلاحِ البصر، فإنّه يتعاهد دينه بصلاح. وإن كان ضميره للزينة، فإنّه يأتي في دينه أمراً يتزين به. فإن أُعطي كحلاً أصاب مالاً، وهو نظير الرقيق، فإن رأى أنّ بصره دون ما يظن الناس به، ويرى أنّه قد ضعف وكل، وليس يعلم الناس بذلك، فإنّ سريرته في دينه دون علانيته، وإن رأى أنّ بصرهِ أحد وأقوى مما يظن الناس به، فإنّ سريرته خير من علانيته. فإن رأى بجسده عيوناً كثيرة، فهو زيادة في الدين، فإن رأى لقلبه عيناً يبصر بها، فهو صالح في دينه، وقيل إنّ صلاح العين وفسادها فيما تقربه العين من مال أو ولد أو علم أو صحة جسم وأما العور، فإن رأى رجل مستور أنّه أعور، دل على أنّه رجل مؤمن صادق فيِ شهادته. وإن كان صاحب الرؤيا فاسقاً، فإنّه يذهب نصف دينه، أو يرتكب ذنباً عظيماً، أو يناله هم أو مرض يشرف منه على الموت، وربما يصاب في نفسه أو في إحدى يديه، أو فيِ ولد، أو في امرأته أو شريكه، أو زوال النعمة عنه لقوله تعالى: " ألمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْن " . فإذا ذهبت العين زالت النعمة. ومن رأى كأنّ عينيه فقئتا، فإنّه يصاب بشيء مما تقر به عينه وأما العمى فهو ضلال في الدينِ، وإصابة مال من جهة بعض العصبات. وقيل من رأى كأنّه أعمى، فإنّه إن كان فقيراً نالت الغنى، ويدل العمى على نسيان القرآن، لقوله تعالى: " قالَ ربِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعمى " الاية. فإن رأى كأنّ إنساناً أعماه، فإنّه يضله ويزيله عن رأيه. ورؤية الكافر العمى تدل على خسران يصيبه أو هم أو غم. وإن رأى كأنّه أعمى مكفوف في ثياب جدد، فإنه يموت. وإن رأى أعمى أنّ رجلاً داواه فأبصر، فإنّه يرشده إلى ما فيه له منافع، والحملة على التوبة. وربما دلت رؤية العمى على خمول الذكر. فإن رأى سواد العين بياضاً دل على غم وهم يصيبه.
وحكي أنّ رجلاً أتى جعفراً الصادق رضي الله عنه، فقال: رأيت كأنّ في عيني بياضاً. فقال: يصيبك نقص في مالك، ويفوتك أمر ترجوه.
ومن غاب عنه بعض أقربائه، فإن كان الغائب قد قدم وهو أعمى، فإنّ صاحب الرؤيا يموت لأنّ رؤياه تدل على أنّ القادم الأعمى زائر، وقيل انّ الغشاوة على العين من البياض غيره، تدل على حزن عظيم يصيب صاحب الرؤيا، ويصبر عليه، لقصة يعقوب عليه السلام. ومن رأى كأنّ الماء الأسود نزل من عينيه فلم يبصر شيئاً، دلت رؤياه على قلة حيائه، لأنّ العين موضع الحياء.
وأما العلة في الوجه من القبح والتشقق، فهي دالة على الحياء وقلته، كما أن حسن الوجه، دليل على الحياء في التأويل. وصفرة الوجه، دليل على حزن يصيب صاحب الرؤيا. والنمش في الوجه، دليل على كثرة الذنوب.
أما الأنف، فمن رأى أنّ إنساناً جدع أنفه، فإنّه يكلمه بكلام يرغم به أنفه. وقيل إنّ جدع الأنف من أصله، يدل على موت المجدوع، وقيل انّ ذلك يدل على موت امرأة المجدوع، إن كان بها حبل، وقيل جدع الأنف هو أن يصيبه خسارة فإنّ الوجه إذا أبين منه الأنف قبح، والتاجر إذا رأى كأنّ أنفه جدع، خسر في تجارته.
وأما اللسان، فهو ترجمان الإنسان، والقائم بحجته. فمن رأى لسانه شق ولا يقدر على الكلام، فإنّه يتكلمِ بكلام يكون عليه وبالاً، ويناله من ذلك ضرِر بقد ما رأى من الضرر. ويدل أيضاً على أنّه يكذب، وعلى أنّه إن كان تاجراً خسر في تجارته، وإن كان والياً عزل عن ولايته. ومن رأى كأنّ طرف لسانه قطع، فإنّه يعجز عن إقامة الحجة في المخاصمة. وإن كان من جملة الشهود لم يصدق في شهادته، أو لم تقبل شهادته. وقال بعضهم من رأى لسانه قطع، كان حليماً. ومن رأى كأنّ أمرأته قطعت لسانه، فإنّه يلاطفها ويبرها. ومن رأى كأنّ امرأة مقطوعة اللسان، دل عفتها وسترها. فإن رأى كأنّه قطع لسان فقير، فإنّه يعطي سفيهاً شيئاً، ومن التزق لسانه بحنكه، جحد ديناً عليه أو أمانة كانت عنده.
وأما الخرس: ففساد الدين، وقول البهتان. ويدل على سب الصحابة، وعيبة الأشرِاف، ومن رأى كأنّه منعقد اللسان، نال فصاحة وفقهاً، لقوله تعالى: " واحلل عقْدَةَ مِنْ لِسَاني يَفْقَهُوا قَوْلي " ورزق رياسة وظفراً بالأعداء.
وأما الشفة، فمن رأى أنّه مقطوع الشفتين، فإنّه غماز. فإن رأى شفته العليا قطعت، فإنّه ينقطع عنه من يعينه في أموره، وقيل انّ تأويل الشفتين أيضاً في المرأة.
وأما البخر فمن رأى كأنّ به بخراً، فإنّه يتكلم بكلام يثني به على نفسه وينكر ويقع منه في شدة وعذاب. فإن وجد البخر من غيره، فإنّه يسمع منه قولاً قبيحاً. فإن رأى كأنّه لم يزل أبخر، فإنّه رجل يكثر الخنا والفحش.
وأما الحلق، فمن رأى كأنّه يسعل، فإنّه يشكو إنساناً متصلاً بالسلطان. فإن رأى كأنّه سعل حتى شرق، فإنّه يموت. وقيل انّ السعال يدل على أنّه يهم بشكاية إنسان ولا يشكوه، ومن رأى كأنّه خرج من حلقه شعر أو خيط، فمده ولم ينقطع ولم يخرج بتمامه، فإنّه تطول محاجته ومخاصمته لرئيسه. فإن كان تاجراً، نفقت تجارته. وإن رأى كأنّه يخنق، فقد قهر على تقلد أمانة. فإن مات في الخناق، فإنّه يفتقر. فإن رأى كأنّه عاش بعدما مات، فإنّه يستغني بعد الإفتقار، وإن رأى كأنّه يخنق نفسه، فإنّه يلقي نفسه في هم وحزن.
وأما وجع الأضراس، فإن رأى أن بضرس من أضراسه أو سن من أسنانه وجعاً، فإنّه يسمع قبيحاً من قرابته الذي ينسب إليه ذلك الضرس في التأويل، ويعامله بمعاملة أشد عليه على مقدار الوجع الذي يجده.
وأما وجع العنق: فدليل على أنّ صاحبه أساء المعاشرة حتى تولدت منه شكاية. وربما دلت هذه الرؤيا على أنّ صاحبها خان أمانة فلم يؤدها، فنزلت به عقوبة من الله تعالى.
وأما الحدبة: فمن رأى أنّه أحدب، أصاب مالا كثيراً وملكاً من ظهر قوي من ذوي قراباته.
وأما الفواق: فمن رأى كأنّ به ذلك، فإنّه يغضب ويتكلم بما لا يليق به، ويمرض مرضاً شديداً.
وأما وجع المنكب: فمن رأى به ذلك، فإساءة الرجل في كده وكسب يده.
وأما آفات اليد: فإن الآفة في اليد تدل على محنة الأخوة. وفي أصابعها تدل على أولاد الأخوِة. ومنِ رأى كأنّ ليس له يدان، فإنّه يطلب ما لا يصل إليه. ومن رأى كأنّه صافح رجلاً مسلماً فخلع يده، فإنّه يدفع إليه أمانة فلا يؤديها. ومن رأى كأن يمينه لم تزل مقطوعة، فإنّه رجل حلاف، ومن رأى كأنّ يمينه مقطوعة موضوعة أمامه، فإنّه يصيب مالاً من كسب.
والنقص في اليد دليل على نقصان القوة والأعوان، وربما دل قطع اليد على ترك عمل هو بصدده. فإن رأى كأنّ يده قطعت من الكف، فهومال يصير إليه، فإن قطعت من المفصل، فإنّه يصيب جور حاكم، فإن قطعت من العضد وذهبت، مات أخوه، إن كان له أخ. لقوله تعالى: " سَنَشّدُّ عَضُدَكَ بِأخيكَ " . فإن لم يكن له أخ ولا من يقوم مقامه، قل ماله، فإن رأى كأنّ والياً قطع أيدي رعيته وأرجلهم، فإنّه يأخذ أموالهم ويفسد عليهم كسبهم ومعاشهم.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى كأنّ يده قطعت، فقال: هذا رجل يعمل عملاً فيتحول عنه إلى غيره. وكان نجاراً فتحول إلى عمل آخر.
وأتاه رجل آخر فقال: رأيت رجلاً قطعت يداه ورجلاه، وآخر صلب: فقال: إن صدقت رؤياك عزل هذا الأمير وولي غيره. فعزل من يومه فطن بن مدرك، وولي الجراح بن عبد اللهّ.
فإن رأى كأنّ حاكماً قطع يمينه، حلف عنوة يميناً كاذبة. فإن رأى كأنّه قطع يساره، فإنّ ذلك موت أخ أو أخت أو انقطاع الألفة بينه وبينهما، أو قطع رحم، أو مفارقة شريك، أو طلاق امرأة. فإن رأى كأنّ يده قطعت بباب السلطان، فارق ملك يده.
وأما قصر اليد، فدليل على فوت المراد والعجز عن المراد، وخذلان الأعوان والإخوان إياه.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى أنّ يمينه أطول من يساره، فقال: هذا رجل يبذل المعروف ويصل الرحم.
ومن رأى كأنّه قصير الساعدين والعضدين، دلت رؤياه على أنّه لص أو خائن أو ظالم. فإن رأى كأن ساعديه وعضديه أطول مما كان، فإنّه رجل محتال سخي شجاع. وأما الشلل في اليدين وأوصالهما، فمن رأى كأنّ يديه قد شلتا، فإنّه يذنب ذنباً عظيماً. فإن رأى كأنّ يمينه شلت، فإنّه يضرب بريئاً ويظلم ضعيفاً. فإن رأى كأنّ شماله شلت، مات أخوه أو أخته، وإن يبست ابهامه، مات والده، وإن يبست سبابته، ماتت أخته، وإن يبست وسطاه، مات أخوه. وإن يبست البنصر، أصيب بابنته. وإن يبست الخنصر، أصيب بأمه وأهله.
فإن رأى في يده اعوجاجاً إلى وراء، فإنّه يتجنب المعاصي. وقيل انّه يكسب إثماً عظيماً يعاقبه الله عليه. ومن رأى يديه ورجليه قطعت من خلاف، فإنّه يكثر الفساد أو يخرج على السلطان. لقوله تعالى: " إنّمَا جَزَاءُ الّذينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ " الآية. وقيل انّ من رأى يمينه قطعت، فإنّه يسرق، لقوله تعالى: " فاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا " .
ورأى رجل كأن يده مقطوعة، فقص رؤياه على معبر فقال: يقطع عنه أخ أو صديق أو شريك، فعرض له أنّه مات صديق له. ورأى رجل أن يده قطعها رجل معروف، فقال: تنال على يده خمسة آلاف درهم إن كنت مستوراً، وإلا فتنتهي عن منكر على يده.
والآفة في الأصابع: دليل على محنة الولد. فإن لم يكن له ولد فهو دليل على إضاعة الصلوات. وقيل من رأى كأن خنصره قطعت غاب عنه ولده. ومن رأى بنصره قطعت، فإنّه يولد له ولد. ومن رأى الوسطى قطعت، مات عالم بلده أو قاضيها، فإن رأى كأنّ أربع أصابعه قطعت، تزوج أربع نسوة فيمتن كلهن، وقيل من رأى كأنّه قطع اصبع إنسان، أصابه بمصيبة في ماله. وقيل ذهاب الأصابع فقدان الخدم ومص الأصابع زوال المال. وانقباض الأصابع يدل على ترك المحارم.
وأما الأظفار: فالآفة فيها تدل على ضعف المقدرة وفساد الدين والأمور وقيل انّ طول الأظفار غم، ومن رأى كأنّه لا ظفر له، فإنّه يفلس. فإن رأى كأنّ أظفاره مكسورة كلها، فإنّه يموت وكذلك إذا رآها مخضرة وهو يرقيها فلا ينفع، فإنّه يموت.
وأما الصدر: فمن رأى أنّه توجع صدره، فإنّه ينفق مالاً في إسراف من غير طاعة الله، وقد عوقب عليه.
والزكام: يدل على مرض يسير يتعقبه عافية وغبطة. والبرسام، فمن رأى أنّه مبرسم، فإنه رجل مجترىء على المعاصي، وقد نزل به عقوبة من السلطان.
ومن رأى أنّه مبطون: فإنّه قد أنفق ماله في معصية وهو نادم عليه، ويريد أن يتوب من ذلك، ومن رأى كأنّه أصابه القولنج، فقد قتر على أولاده وأهله القوت، ونزلت به العقوبة. وقيل انّ وجع البطن، يدل على صحة الأقرباء وأهل البيت. وأما وجع السرة، فإنّ رؤياه تدل على أنّ صاحبه يسيء معاملة امرأته.
ووجع القلب: دليل على سوء سيرته في أمور الدين. ومرض القلب، دليل على النفاق والشك. لقوله تعالى: " في قُلُوبِهِمْ مَرَض " . والكرب في القلب، دليل على التوبة.
وأما وجع الكبد: فهو في التأويل اساءة إلى الولد. فقد قال عليه السلام: " أولادنا أكبادنا " . وقطع الكبد موت الولد. وقرح الكبد غلبة الهوى والعشق.
وأما وجع الطحال: فدليل على إفساد صاحبه مالاً عظيماً، كان به قوامه وقوام أهله وأولاده، وأشرف معهم على الهلاك. فإن اشتد وجعه حتى خيف عليه الموت، دل ذلك على ذهاب الدين، نعوذ بالله منه.
وأما الرئة: فمن رأى أن رئته عفنة، دل على دنو أجله، لأنّ الرئة موضع الروح.
وأما وجع الظهر: فيدل على موت الأخ. فقد قيل موت الأخ قاصمة الظهر، وقيل وجع الظهر يرجع تأويله إلى من يتقوى به الرجل من ولد ووالد ورئيس وصديق، فإن رأى في ظهره انحناء من الوجع، فإنّه يدل على الافتقار والهرم.
وأما نقصان الفخذ: فدليل على قلة العشيرة والغربة عن الأهل والوحدة. ووجع الفخذ يدل على أنّ صاحبه مسيء إلى عشيرته. ووجع الرجل يدل على كثرة المال، وقطع الأخمص يدل على الزمانة. فإن رأى كأنّ رجليه قطعتا فبانتا منه، ذهب ماله أو مات. فإن رأى إحدى رجليه قطعت، ذهب نصف ماله أو ذهبت قوته وضعفت حيلته وعجز عن الحرِكة. فإن رأى كأنّ إنساناً قطع إبهام رجله، فإنّه يحبس عنه ديناً عليه، أو يقطع عليه مالاً كان يتكل عليه. فإن رأى كأنّه مقعد ضعفت قدرته في أمور الدنيا والدين. فإن رأى كأنّه يحبو على بطنه، فإنّه تصيبه علة تمنعه عن العمل وتحوجه إلى إنفاق ماله فيفتقر. فإن رأى أنّه لا يقدر على أن يحبو وقد ذهبت جلدة بطنه من الحبو، ويسأل الناس أن يحملوه، فإنّه يفتقر ويسأل الناس.
ومن رأى أنّ ذكره توجع: فقد اساء إلى قوم، وهم يذكرونه بالسوء ويدعون عليه. فإن رأى أنّه قطع ورمي به، فإنّه يدل على موته أو انقطاع نسله أو على موِت ابنه. فإن كانت له ابنة، ورأى كأنّ ذكره انقطع ووضع على أذنه، فإن ابنته تلد بنتاً لا من زوجها. وقطعه للوالي عزل، وللمحارب هزيمة.
ومن رأى كأنّه خصي أو خصى نفسه: أصابه ذل. فإن أراد أن يودع رجلاً وديعة، أو يفضي إليه بسر، فرأى في منامه خصياً، فليجتنب أن يودعه. وقيل من رأى كأنّه تحول خصياً، نال كرامة. وإن رأى خصياً مجهولاً، له سمت الصالحين وكلام الحكمة، فهو ملك من الملائكة ينذر أو يبشر. ومن رأى كأنّه مأسور، انسدت عليه أبواب المعيشة، كما إذا انسد احليله عنِ البول. ويدل على أنّ عليه ديناً لا يمكنه قضاؤه. ومن رأى كأنّ به ادرة، أصاب مالاً لا يأمن عليه أعداءه، ومن رأى كأنّ بعضو من أعضائه وجعاً لا صبر له عليه، فإنّه يسمع قبيحاً من قريبه الذي ينسب إليه ذلك العضو والوجع. فإن رأى كأنّ إنساناً خدش عضواً منِ أعضائه، فإنّه يضره في ماله وفي بعض أقربائه. فإن رأى في الخدشة قيحاً أو دماَ أو مدة، فإنّ الخادش يقول في المخدوش قولاً، وينال المخدوش بعد ذلك مالاً.
ومن رأى كأنّ جبهته خدشت: فإنّه يموت سريعاً. وكل أثر في الجسد فيه قيح أو مدة، فهو مال. وكل زيادة في الجسم إذا لم تضر صاحبها، فهي زيادة في النعمة.
وأما البرص والجذام والجدري: فقد تقدم القول عليه. والأفضل أن يرى الإنسان كأنّه هو الذي به البرص والجرب والجدري والبثر. فإن رآها في غيره فهي تدل على حزن ونقصان جاه لصاحب الرؤيا، لأنّ كل من كان منظره قبيحاً فإنّ نفس الذي يراه تنفر منه، وخصوصاً إذا رآها في مملوكه، فإنّه لا يصلح لخدمته على كل ما يفعله، فهو قبح وفضيحة، وكذلك كل من يعاشره. ومن رأى أنه جدر، فهو زيادة في ماله. وإن رأى أنّ ولده جدر، ففضل يصير إليه وإلى ابنه وكذلك القروح في الجسد، زيادة في المال. وإذا رأى في يده قروحاً تسيل منها مدة، فإنّه مال ينفعه ولا يضره ذلك.
والحصبة: اكتساب مال من سلطان، وقيل هي تهمة. وأما الرعشة، فإنّها عسر في الأمور التي تنسب إلى ذلك العضو المرتعش. ومن رأى يده اليمنى ترتعش تعسرت عليه معيشته. فإن رأى فخذه يرتعش، دخل عليه عسر من قبل عشيرته وارتعاش الرجلين عسر في المال.
وأما الطاعون: فهو الحزن، فمن رأى أنّه أصابه الطاعون أصابه حزن، كما لو رأى أنّه أصابه حزن أصابه الطاعون. ومن رأى كأنّ أعضاءه قطعت، فإنّه يسافر وتتفرق عشيرته. لقوله تعالى: " وَقَطّعْنَاهُمْ في الأرْض أُمَماً " .
وأما العنّة: فإنّه لا يزال صاحبها معصوماً زاهداً في الدنيا وما فيها، ولا يكون له ذكر البتة، فإن زالت عنه العنة، فإنّه ينال دولة وذكراً. وقيل من رأى أنّه تزوج بامرأة، أو اشترى جارية، فلم يقدر على مجامعتها لعنته، فإنّه يتجر تجارة بلا رأس مال تجلد.
وأما العقر: فإذا كان من عقر الخف، فإنّه يناله هم، ويصيبه من ذلك الهم نكبة، فإن عقره إنسان، فإنّ المعقور يناله من العاقر نكبة يصير ذلك حقداً عليه.
آفات الرَجل
ومن رأى رجله اليمنى اعتلت أو انكسرت أو انخلعت، فإن كان بها جرح فإن ابنه يمرض. فإن رأى ذلك في رجله اليسرى، وكان له ابنة، خطبت. وإن لم يكن له بنت، ولدت له بنت، وإن رأى انكسار رجله وهو يريد سفراً، فليُقمْ ولا يبرح. وإن خلعت. فإن امرأته تمرض. وإن طالت إحدى ساقيه على الأخرى، فإنّه يسافر سفراً. ومن رأى أنّه أعرج أو مقعد ولا تقله رجلاه، فذلك ضعف مقدرته عما يطلبه، وخذلان من ينتسب إليه ذلك العضو من أقاربه إياه. وقيل من رأى أنّه أعرج، حسن دينه وتفقا وإن حلف على يمين لم يكن عليه فيها بأس، هذا قول ابن سيرين.
والأعرج لا يحسن حرفة، ولا يتكل على مال ناقص يكون عيشه من ذلك، فإن رأى رجل امرأة عرجاء، فإنّه ينال أمراً ناقصاً. وإذا رأت امرأة رجلاً أعرج، نالت أمراً ناقصاً. والشيخ الأعرج جد الرجل أو صديقه، وفيه نقص. فإن رأى إنسان أنّه يمشي برجل واحدة وقد وضع إحداهما على الأخرى، فإنّه يخبىء نصف ماله ويعمل بالنصف الآخر.
وأما الكي: فله وجوه. فمن رأى به أثر كي عتيق أو حديث ناتىء عن الجلد فإنّه يصيب دنيا من كنز. فإن عمل بها في طاعة الله عزّ وجل، فاز. وإن عمل بها في معصية اللهّ، كوي بذلك الكنز الذي كان يجمع في الدنيا يوم القيامة، لقوله تعالى " فَتَكْوَى بها جِبَاهُهُم وَجنوبُهُم " . وقيل إنّ أثر الكي العتيق والجديد، إذا كان قد تقشرت القرفة منه، فلم تؤلمه، فهو أعظم الدواء وأبلغه وأقواه، فعند ذلك يجري مجرى الدواء. وقيل الكي كلام موجع، وقيل الكي المستدير، ثبات في أمر السلطان أو ملك بخلاف السنة. وقيل الكي يدل على التزويج أو على الولادة.
وروي أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول اللهّ، رأيت في المنام كأنّ في صدري كيتين. فقال صلى الله عليه وسلم: " يلي أمر الدنيا سنتين " .
وحكي أنّ امرأة رأت كأنّ بنيها قد مرضوا فرمدت عيناها.
ورأى رجل كأنّه مريض وليس له طبيب يعالجه، وكان له مع آخر خصومة 0 فعرض له أنّ خصمه غلبه، والمرض دليل خصم، والطبيب معوان عليه.
ورأى رجل كأنّ أباه قد مرض، فعرض له وجع في رأسه، وذلك أنّ الرأس تدل على الأب.
وأما قحل الوجه وتشققه، فهو قلة حيائه ومائه. فمن رأى أنّ وجهه طري صبيح، فإنّه صاحب حياء. والسماجة فيه عيب، والعيب سماجة. ورأى رجل كأنّ الوباء قد نزل بالناس والمواشي، فسأل المعبر عنه، فقال: إنّ ملك عصرنا يقصم رجالاً أو يحبسهم أو يؤذي المستورين.
وكان بعض الملوك ظالماً جباراً، فرأى رجل من الصالحين هذا الملك قد قبح، ورد وجهه على دبره، وقد عرج وقطعت يداه ورجلاه، وسمع تالياً يتلو: " ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبكَ بِعَادٍ. إرَمَ ذَاتِ العِمَاد " . فقص رؤياه على معبر، فقال: إن الملك سيهلك، كما أهلك عاد. فبعد عشرين يوماً ذهب ملكه وماله، وأهلكه الله تعالى وكفى الناس شره.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب السادس والعشرون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في المعالجات والأدوية والأشربة والحجامة والفصد
كل شراب أصفر: اللون في الرؤيا فهو دليل المرض، وكل دواء سهل المشرب والمأكل فهو دليل على شفاء المريض، وللصحيح اجتناب ما يضره. وأما الدواء الكريه الطعم الذي لا يكاد يسيغه، فهو مرض يسير يعقبه برء. وقيل انّ الأشربة الطيبة الطعم السهلة المشرب والماكل، صالحة للاغنياء بسبب التفسح، وأما للفقراء فهو رديء لأنّهم لا يمدون أعينهم إليه إلا بسبب مرض يعرض لهم ويِضطرهم إلى شربها. وأما السويق فحسن دين وسفر في بر لقوله تعالى: " وتَزَوّدوا فإنّ خَيْرَ الزَّادِ التّقْوى " ومن رأى كأنّه شرب دواء: فنفعه فهو صالح في دينه، وشرب الفقاع منفعته من قبل خادم، أو خدمة من قبل رجل شديد، وذهاب غم. وليس تأويل ما يخرج من الإنسان كتأويل ما يخرج بغير الدواء من الأحداث.
وأما الفصد: فمن رأى كأنّ شيخاً فصده فإنّه يسمع كلاماً من صديق. فإن خرج من عرق دم فإنّه يؤجر عليه. فإن لم يخرج منه دم، فإنه يقال فيه حق ويخرج الفاصل من الإثم. فإن فصده بالعرض فإنّه يقطع ذلك الكلام عنه، وإن فصده بالطول فإنّه يزيد الكلام ويضاعفه، فإن رأى كأنّ شاباً فصده بالطول فإنّه يسمع من عدوه طعناً فيه ويزد ماله. ومن رأى كأنّ الشاب فصده بالعرض فهو موت بعض أقاربه. فإن فصده الشاب بالطول وخرج منه دم فإنّه يصيبه نائبة من السلطان ويأخذ منه مالاً بقدر الدم الخارج منه، فإن فصده بالعرض لم يتعرض له السلطان. فإن فصده عالم وخرج منه دم كثير في طست أو طبق فإنّه يمرضِ ويذهب ماله على العيال والأطباء، لأنّ الطبق هو الطبيب. فإن فصده ولم ير دماً ولا خدشة، سمع كلاماً من أقربائه ممن ينسب إلى ذلك العضو، بقدر ما أصابه من الوجع. فإن افتصد وكره خروج الدم فإنّه يمرض ويصيبه ضرر في ماله، وإن كان في ضميرِه أنّ الفصد ينفعه وخرج الدم منه بقدر معلوم موافق، فإنّه يصح دينه ويصح جسمه أيضاً في تلك السنة.
والفصد في اليمنى زيادة في المال، وفي اليسرى زيادة في الأصدقاء، فإن كان له امرأة سمنت سمناً عظيماً واتسع في دنياه. فإن فصد عرق رأسه استفاد رئيساً آخر، وإن لم يخرج من عرقه دم، فإنّه يقال فيه حق، فإن رأى أنّه يفصد إنساناً فإنّ الفاصد يخرج من إثم. فإن رأى كأنّه سرح الدم بعد الفصد، فإنّه يتوب من ذنب، لأنّ خروج الدم توبة. فإن كان الدم أسوِد، فإنّه مصر على ذنب عظيم لأنّ الدم إثم وخروجه توبة. فإن رأى كأنّه أخذ مبضعاً ففصد به امرأته طولاً، فإنّها تلد بنتاً. وإن فصدها عرضاً، فإنّه يقطع بينها وبين قراباتها. فإن رأى كأنّه ينوي الفصد فإنّه ينوي أن يتوب.
وأما الحجامة: فمن رأى أنّه يحجم أو يحتجم ولي ولاية، أو قلد أمانة، أو كتب عليه كتاب شرط، أو تزوج، لأنّ العنق موضع الأمانة. فإن شرط، تزوج بجارية وطلبت منه النفقة وما لا يطيقه. وإن لم يشرط، لم تطلب منه النفقة. فإن كان الحجام شيخاً معروفاً فهو صديقه. وإن كان شاباً فهو عدو له يكتب عليه كتاب شرط أو دين. فإن حجم رجلاً شاباً ظفر بعدو له.
وقالوا الحجامة ذهاب المرض، وقالوا نقص المال. وقيل من رأى حجاماً حجمه فهو ذهاب مال عنه في منفعة. فإن كان ذا سلطان عزله. فإن احتجم ولم يخرج منه دم، فإنّه دفن مالاً ولا يهتدي إليه، أو دفع وديعة إلى من لا يؤديها إليه. فإن خرج منه دم صح جسمه في تلك السنة. فإن خرج بدل الدم حجر فإنّ امرأته تلد من غيره فلا يقبل ذلك الولد، فإن انكسرت المحجمة، فإنّه يطلق امرأته أو تموت. وقيل من رأى أنّه احتجم نال ربحاً ومالاً. وقيل إنّ الحجامة إصابة السنة وقيل هي نجاة من كربة. وحكي أنّ يزيد بن المهلب كان في حبس الحجاج، فرأى في منامه أنّه يحتجم فنجا من الحبس. ورأى معن بن زائدة كأنّه احتجم وتلطخ سرادقه من دمه، فلما أصبح دخل عليه أسودان يقتلانه.
ومن رأى أنّه يداوي عينه: فإنّه يصلح دينه. ومن رأى كأنّه يكتحل وكان ضميره في كحله إصلاح البصر، فإنّه يتفقد دينه بصلاح أو زينة. فإن كان ضميره الزينة، فإنّه بأتي أمراً يزين به دينه ودنياه.
وأما السعوط: فمن رأى أنّه يستعط.، فإنّه يبلغ الغضب منه ما تضيق منه الحيلة بقدر ما سعط به من دهن أوغيره.
وأما الحقنة: فمن رأى أنّه يحتقن من داء يجده في نفسه، فإنّه يرجع في أمر له فيه صلاح في دينه. وإن احتقن من غير داء يجده، فإنّه يرجع في عدة يعدها إنساناً أو نذر نذره على نفسه، أو في كلام تكلم به أو في غبطة خرجت منه ونحو ذلك وربما كان من غضب شديد يبتلى به.
والتمريخ بالدهن: الطيب ثناء حسن، وبالدهن المنتن ثناء قبيح، وقيل الدهن غم في الأصل، فإن رأى كأنّه له قارورة دهن وأخذ منها الدهن وأدهن به أو دهن به غيره، فإنّه مداهن أو حالف بالكذب أو نمام، لقوله تعالى: " ودّوا لو تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون " الاية. ومن رأى أنّه دهن رأسه، اغتم إذا جاوز المقدار وسال على الوجه. فإن لم يجاوز المقدار المعلوم، فهو زينة. والدهن الطيب الرائحة ثناء حسن، والدهن المنتن ثناء قبيح. وقيل الدهن النتن امرأة زانية أو رجل فاسق. وقالوا من دهن رأس رجل في موضع ينكر، فليحذر المفعول به من الفاعل مداهنة ومكراً. فإن رأى وجهه مدهوناً، فإنّه رجل يصوم الدهر.
ومن رأى أنّه قد رقي: أو سقاه غيره في قدح، فإنّه يدل على طول حياته.
وأما الكي: فاللدغ بالكلام الطيب الموجع لمن يكويه، فمن رأى أنّه يكوي بالنار إنساناً كياً موجعاً، فهو يلدغ المكوى بكلام سوء، وبأس من سلطان. فإن كان الكي مستديراً فهو ثبات في أمر السلطان في خلاف السنة، وقيل من رأى أنّه كوى عرقاً من عروقه، فإنّه تولد له جارية، أو يتزوج، أو يرى امرأته مع رجل غريب.
وأما الترياق: فقد رأيت ابن سيرين يكرهه.