الفارسة السرية
الحلال والحرام في الإسلام

موضوع الحلال والحرام ، هو قوام الإسلام ، ودليل الإيمان ، وميزان الصدق عند الواحد الديان ، فلا إيمان بلا عمل ، ولا عمل إلا على مقتضى الأمر والنهي ، ولا التزام بأمر آمر ، ولا نهي ناهٍ إلا عن حب ، والحب دون اتباع كذب ونفاق ، ومن هنا كانت خطورة موضوع الحلال والحرام في الإسلام ، الذي هو شريعة خاتمة ، لبناء حضارة أمة ، هي خير أمةٍ أخرجت للناس ، لقد كانت جميع الرسالات السابقة تدريباً للبشرية على تقبل تلك الشريعة الخاتمة ، وتمهيداً لاكتمال الوعي في تلك الأمة المختارة ، فما من أمة عدلت عن تشريع الله إلا أخذت بالدمار والهلاك ، وما من فرد ، أهمل الأمر والنهي ، إلا اختل قوامه ، واضطرب حاله ، قال تعالى :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاسْلامَ دِينًا
الشريعة رحمة كلها ، عدل كلها ، مصلحة كلها ، حكمة كلها ، إنها تعليمات الصانع الخبير ، ' ولا ينبئك مثل خبير ' .


لقد أراد الإسلام بناء شخصية المسلم ، متميزةً عن الشخصيات الأخرى ، من خلال الحلال والحرام ، وقد اتجه الإسلام بأهله إلى بناء مجتمع الجسد الواحد ، والأخوة الإسلامية الصادقة التي تنتهي إلى الأخوة الإنسانية ، على هدى الحلال والحرام ، لقد احترم الإسلام الإنسان ، وأعلى قدره حينما نظر إلى الاقتصاد من خلال الإنسان كرامةً وكفايةً وأمناً ، لا من خلال قهره واستغلاله ، فكان الحلال والحرام صوناً لكرامة الإنسان ، فشرائع الإسلام صالحةٌ لاستيعاب كل المعاملات والقضايا العصرية ، لتضعها في مكانها من الحلال والحرام .
الحلال والحرام يتصل بأعمال القلوب ، كما يتصل بأعمال الجوارح ، والصحابة الكرام على جلالة قدرهم ، وعمق إيمانهم ، وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أحرص الناس على رعاية أعمال القلوب ، حرصهم على رعاية أعمال الجوارح ، إن الإنسان لا يتحرك في أعماله سواءً أكانت فعلاً أو تركاً ، حركةً آليةً بلا دافع قلبي ، يدفعه إلى العمل ، وإلا كان جماداً لا روح فيه ، هذا الدافع القلبي هو الإرادة والنية ، وقد يدخله كثير من ألوان الخداع النفسي ، حتى يتحول عمل الطاعة إلى إثم ، ويتحول ترك الحرام إلى حرام .
إن أعمال القلوب دقيقة المأخذ ، تتقارب فيها حدود الحلال والحرام تقارباً لا يمكن التمييز بينها ، إلا بعد تأملٍ دقيق ، على هدى من علم شامل ، وفقه عميق ، كالنفاق المحرم ، والمباهاة المباحة ، كيف نميز بينهما ؟ .. وكالخوف من الله ، واليأس من رحمته .. كيف نفرق بينهما ؟ .. وكرجاء رحمته ، والغِرة به ، كإضمار ما يجب ستره ، بنية الدعوة إلى العمل بالقدوة ، ونية الإعجاب بالعمل والرغبة في ثناء الناس ، كيف نفرق بينهما ؟ .. وكالعجب والكبر ، والمهابة والوقار ..
إن الأعمال تحتاج إلى شروط صحةٍ من زاوية الأحكام الفقهية التي تتعلق بالجوارح ، وهذه الشروط موجودة في كتب الفقه ، وتحتاج أعمال الإنسان إلى شروط صحةٍ أخرى من زاوية قبوله عند الله ، وهذه تتعلق بمعرفة النفس وأحوالها مع ربها .
فالعمل مطلقاً ، والعمل الصالح بخاصة لا يُقبل عند الله إلا إذا كان خالصاً وصواباً ؛ خالصاً ما ابتُغي به وجه الله ، وهذا من عمل القلب ، وصواباً ما وافق السنة ، وهذا من عمل الجوارح ، وكل منهما شرط لازم غير كاف .

القاعدة الأولى : الأصل في الأشياء الإباحة .
إن أول مبدأ قرره الإسلام ، أن الأصل فيما خلق الله من أشياء ومنافع هو الحلُّ والإباحة ، ولا حرام إلا ما ورد فيه نص صحيح وصريح بتحريمه ، من الله في كتابه ، أو من رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، فإذا لم يكن النص صحيحاً ، أو لم يكن صريحاً في الدلالة على الحرمة ، بقي الأمر على أصل الإباحة ، قال تعالى :

وما كان الله سبحانه وتعالى ، ليخلق هذه الأشياء ، ويسخرها للإنسان ، ويمنََّ عليه بها ، ثم يحرمه منها ، بتحريمها عليه ، كيف وقد خلقها ، وسخرها له ، وأنعم بها عليه ، والذي حرمه جل جلاله ، جزئيات منها بسبب وحكمة بالغة ، ومن هنا ضاقت دائرة المحرَّمات في شريعة الإسلام ضيقاً شديداً ، واتسعت دائرة الحلال اتساعاً بالغاً .
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
' ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً .. وتلا قوله تعالى : ' وما كان ربك نسياً ' .
[ الحديث حسن أخرجه الحاكم ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى البزار والطبراني في الكبير وأشار إلى حسنه0 >
إن أصل الإباحة تشمل الأفعال والتصرفات التي ليست من أمور العبادة ، ففي الأشياء والأفعال ، الأصل أنها مباحة ، ولا يُحرم شيئاً منها إلا بنص ، وفي العبادات الأصل هو الحظر ، ولا تُشَّرع عبادة إلا بنصٍ .
القاعدة الثانية : التحليل والتحريم ؛ من حق الله تعالى وحده .
التحليل والتحريم ، من حق الله تعالى وحده ، وليس من حق أحدٍ من خلقه ، أياً كانت درجته في دين الله ، أو دنيا الناس ، فمن فعل ذلك من بني البشر ، فقد تجاوز حدّه ، واعتدى على حق الربوبية في التشريع للخلق ، ومن رضي بعمله هذا واتبعه فقد جعله شريكاً لله ، وعُدَّ اتباعه هذا شركاً ، قال تعالى :


*
وكان السلف الصالح ، لا يصف شيئاً بأنه حرام ، مالم يكن في كتاب الله ، أو في سنة رسوله ، بيناً بلا تفسير ، وكانوا لا يطلقون الحرام إلا على ما عُلم تحريمه بالضرورة قطعاً يقيناً ، وكان أحمد ابن حنبل يقول حين يُسأل : ' أكرهه ، لا يُعجبني ، لا أحبه ، لا أستحسنه ' .
القاعدة الثالثة : تحليل الحرام ، وتحريم الحلال من أكبر الكبائر .
تحليل الحرام ، وتحريم الحلال يقترن بالشرك ، يقول عليه الصلاة والسلام ، فيما يرويه عن ربه : ' إني خلقت عبادي حُنفاء ، وإنهم أتتهم الشياطين ، فاجتالتهم عن دينهم ، وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرَتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً '
[ أخرجه مسلم في صحيحه 8 - 151 ، وأحمد في مسنده 4-162 من حديث عياض بن صحار المجاشعي>
، وقد حارب النبي صلى الله عليه وسلم نزعة التنطع والتشدد ، من دون موجب ، وذمها ، وأخبر بهلاك أصحابها ، فقال عليه الصلاة والسلام :
' ألا هلك المتنطعون ، ألا هلك المتنطعون ، ألا هلك المتنطعون
[ أخرجه مسلم في صحيحه ( 6 /58 ) ورواه أبو داود (3992 ) وأحمد (3473) واللفظ لأبي داود وهو صحيح >
والتحريم يستطيعه كل إنسان ، حتى الجاهل ، لكن العلماء المتمكنين العاملين بعلمهم ، المخلصين في عملهم ، هم الذين يبينون للناس ما هو حلال وما هو حرام ، بالدليل والتعليل ، فالتبليغ مهمة الأنبياء والرسل ، والتبيين مهمة العلماء من بعدهم .

القاعدة الرابعة : الحلال طيب ، والحرام خبيث .
من حق الله تعالى ، لكونه خالقاً ومربياً ومسيراً ، ومنعماً على خلقه بنعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، من حقه أن يُحل لهم ، وأن يُحرّم عليهم ما يشاء ، كما له أن يتعبدهم بالتكاليف والشعائر بما يشاء ، فهو حق ربوبيته لهم ، ومقتضى عبوديتهم له ؛ ولكنه تعالى ، رحمة منه بعباده ، جعل التحليل والتحريم ، لأسباب معقولة ، راجعةٍ لمصلحة البشر أنفسهم ، فلم يحل سبحانه إلا طيباً ، ولم يحرم إلا خبيثاً ، قال تعالى :
يُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ
والطيبات هي الأشياء التي تستطيبها النفوس المعتدلة المتوازنة، ويستحسنها مجموع الناس ، ذوي الفطر السليمة ، استحساناً غير ناشئ عن أثر العادة ، فالعلاقة بين الحلال ونتائجه علاقة علمية ، أي علاقة سبب بنتيجة ، والعلاقة بين الحرام ونتائجة علاقة عليمة ، أي علاقة سبب بنتيجة .

القاعدة الخامسة : في الحلال ما يُغني عن الحرام .

من محاسن الشريعة الإسلامية ، أنها لم تُحرم شيئاً إلا عوضت خيراً منه ، مما يسد مسده ، ويغني عنه ، فالله تعالى ، لم يضيق على عباده من جانب ، إلا وسَّع عليهم من جانب آخر ، من جنسه ، فإنه سبحانه وتعالى ، لا يُريد بعباده عنتاً ، ولا إرهاقاً ، بل يُريد بهم اليُسرَ والخير والهداية والرحمة ، قال أحد العلماء : حرم الله عباده ، الاستقسام بالأزلام ، وعوضهم عنه دعاء الاستخارة ، حرم عليهم الربا ، وعوضهم التجارة الرابحة ، حرم عليهم القمار ، وأعاضهم عنه المسابقة في الدين ، حرم عليهم الحرير ، وأعاضهم عنه الملابس الفاخرة ، حرم عليهم الزنا ، وأعاضهم عنه الزواج الحلال ، حرم عليهم شرب المسكرات ، وأعاضهم عنها بالأشربة اللذيذة ، حرم عليهم الخبائث من المطعومات ، وأعاضهم عنها بالمطاعم الطيبات .
ليس في الدين حرمان ، كما يتوهم الجهلة ، فكل شهوة أودعها الله في الإنسان ، جعل لها قناةً نظيفةً تتحرك من خلالها ، وكل حاجة ، ألجأ الله إليها عباده ، جعل لهم ، أكثر من سبب لتحقيقها ، فالحلال يُغني عن الحرام ، أيما غناء .

القاعدة السادسة : ما أدى إلى حرام فهو حرام .

ومن المبادئ التي قررها الإسلام ، أنه إذا حرَّم شيئاً حرم ما يُفضي إليه من وسائل ، وسد الذرائع الموصلة إليه ، فإذا حرَّم الزنا ، حرم كل مقدماته ودواعيه ، من تبرج جاهلي ، وخلوة آثمة ، واختلاط عابث ، وصور فاضحة ، وأدب مكشوف ، وغناء فاحش فما أدى إلى حرام فهو حرام .
وقرر أيضاً أن إثم الحرام لا يقتصر على فاعله المباشر وحده ، بل تتسع الدائرة لتشمل كل من شارك فيه بجهد مادي أو أدبي ، كل يناله من الإثم على قدر مشاركته ، ففي الخمر لعن معها عشرة شاربها ، وعاصرها وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها 000

القاعدة السابعة : التحايل على الحرام حرام .

وكما حرَّم الإسلام ، كل ما يفضي إلى المحرمات من وسائل ظاهرة ، حرم أيضاً التحايل على ارتكابها بالوسائل الخفية ، والحيل الشيطانية ، ومن الحيل الآثمة تسمية الشيء الحرام بغير اسمه ، وتغيير صورته مع بقاء حقيقته ، ولا ريب أنه لا عبرةَ بتغيير الاسم إذا بقي المسمى ، ولا بتغيير الصورة إذا بقيت الحقيقة ، فمن باع سلعةً ديناً لستة أشهر بمئة ، ثم اشتراها نقداً بثمانين ، وادعى أن هذا بيع وشراء ، نجيبه : بأنه لا عبرة لصورة البيع والشراء ، إنه أقرض ثمانين ليستردها مئة ، وهذا هو الربا بعينه .

القاعدة الثامنة : النية الحسنة ، لا تبرر الحرام .

الإسلام يقدر الباعث الكريم ، والقصد الشريف ، والنية الطيبة ، في تشريعاته ، وتوجيهاته كلها ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
' إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل مرئ ما نوى ' .
[وراه البخاري برقم 1 ، وأبو داود برق1882، وابن ماجه برقم 4217>
وبالنية الطيبة ، تصبح المباحات والعادات ، طاعات وعبادات ، فمن تناول غذاءه بنية حفظ الحياة ، وتقوية الجسد على طاعة الله ، وأداء واجبه نحو ربه وأمته ، كان طعامه وشرابه عبادة وقربة ، قال عليه الصلاة والسلام : ' 000 وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أليس إن وضعها في حرام كان عليه وزر ؟ فكذلك إن وضعها في حلال كان له أجر '
[هو جزء من حديث طويل أوله : ذهب أهل الدثور بالأجور000 أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد >

وهكذا كل عمل مباح ، يقوم به المؤمن ، يدخل فيه عنصر النية ، فتحيله إلى عبادة .
أما الحرام فشيء آخر .. الحرام هو حرام ، مهما حسنت نية فاعله ، وشرف قصده ، ومهما كان هدفه نبيلاً ، لا يرضى الإسلام أبداً أن يُتخذ الحرام وسيلةً إلى غاية محمودة ، لأن الإسلام يحرص على شرف الغاية ، وطهر الوسيلة معاً ، ولا تقر شريعة الإسلام بحال مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، أو مبدأ الوصول إلى الحق بالخوض في كثير من الباطل ، بل توجب شريعة الإسلام ، الوصول إلى الحق عن طريق الحق وحده ، فمن جمع مالاً من ربا ، أو سحت ، أو لهوٍ حرام ، ليبني مسجداً ، أو يُقيم مشروعاً خيرياً ، لم يشفع له نبل قصده ، لأن الحرام في الإسلام ، لا تؤثر فيه المقاصد والنيات ، فالله طيب ولا يقبل إلا طيباً .

القاعدة التاسعة : اتقاء الشبهات أولى .

من رحمة الله تعالى بالناس ، أنه لم يذرهم في ظلمة من أمر الحلال والحرام ، لقد بيَّن الحلال ، وفصل الحرام ، قال تعالى :
وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ
فأما الحلال البين فلا حرج في فعله ، وأما الحرام البين فلا رخصة في اتباعه ، وهناك منطقة بين الحلال البين والحرام البين ، هي منطقة الشبهات ، التي يلتبس بها أمر الحل بالحرمة على بعض الناس ، لا على جميعهم ، إما لاشتباهٍ في الأدلة عليه ، أو لاشتباه في تطبيق النص على الواقعة ، وقد جعل الإسلام من الورع أن يتجنب المسلم هذه الشبهات ، حتى لا يجرّه الوقوع فيها إلى مواقعة الحرام الصرف ، قال عليه الصلاة والسلام :
' الحلال بيِّن والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يدري كثير من الناس ، أمن الحلال هي أم من الحرام ، فمن تركها استبراءً لدينه وعرضه ، فقد سلم ، ومن واقع شيئاً منها يوشك أن يُواقع الحرام ' .
[رواه البخاري برقم 50 ، ومسلم برقم 2996 ، والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي >

القاعدة العاشرة : الحرام حرام على الجميع .

الحرام في شريعة الإسلام يتسم بالشمول والاضطراد ، فليس هناك شيء حرام على الأعجمي ، حلال على العربي ، وليس هناك شيء محظور على الملون ، مباح للأبيض ، وليس هناك جواز أو ترخيص ، ممنوح لفئة من الناس ، تقترف باسمه ما طوع لها الهوى ، بل ليس للمسلم خصوصية تجعل الحرام على غيره حلالاً له ، كلا إن الله رب الجميع ، والشرع سيد الجميع ، فما أحل الله بشريعته فهو حلال للناس كافة ، وما حرَّم فهو حرام على الجميع كافة إلى يوم القيامة .
السرقة مثلاً حرام ، سواء أكان السارق ينتمي إلى المسلمين ، أو لا ينتمي ، وسواء أكان المسروق ينتمي إلى المسلمين ، أو لا ينتمي، والجزاء لازم للسارق ، أياً كان نسبه أو مركزه ، وهذا ما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنه حينما قال :
' إنما أهلك الذين من قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله ؛ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ' .
[رواه مسلم في الحدود برقم 3197 ، والترمذي برقم 1350 ، وأحمد برقم 7797>

القاعدة الحادية عشرة : حول ضابط الكسب الحلال 0

وهي قاعدة مهمة جداً في الكسب ، إن الإسلام لا يُبيح لأبنائه أن يكتسبوا المال كيفما شاؤوا ، وبأي طرق أرادوا ، بل هو يفرِّق بين الطرق المشروعة ، باكتساب المعاش ـ نظراً إلى المصلحة الجماعية ـ وبين الطرق غير المشروعة ، وهذا التفريق ، يقوم على المبدأ الكلي وهو : إن جميع الطرق لاكتساب المال التي لا تحصل فيها المنفعة للفرد إلا بخسارة فرد غيره ، غير مشروعة .. وإن الطرق التي يتبادل فيها الأفراد المنفعة فيما بينهم بالعدل والتراضي مشروعة .. هذا المبدأ يبينه قوله تعالى :

لقد أشارت كلمة لا تأكلوا أموالكم ، ولم يقل الله عز وجل لا تأكلوا أموال غيركم ، لقد أشارت كلمة ' لا تأكلوا أموالكم ' في الآية إلى حقيقة أساسية ، وهي ما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون من أخوة صادقة ، ومشاركة وجدانية حانية ، يجسدها شعور المؤمن الحق أن مال أخيه هو ماله ، من زاوية واحدة ، وهي وجوب الحفاظ عليه ، وصونه من التلف والضياع ، فلأن يمتنع عن أكله بالباطل من باب أولى ، وأن مال أخيه هو ماله ، من زاوية ثانية ، وهي أن المؤمن إذا أكل مال أخيه أضعفه ، وفي إضعافه إضعاف لذاته ، فالمؤمن إذا أكل ما أخيه فكأنما أكل ماله ، لذلك ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم :
' كل المسلم على المسلم حرام ، ماله ودمه وعرضه
[رواه مسلم في البر والصلة برقم 4650، والترمذي برقم 1850، وأبو داود في الأدب برقم 4238 ، وابن ماجه في
الفتن برقم 3923 ، وأحمد 7402>
* * *

أهمية هذه القواعد :

هناك في الدين حقائق ، يجب أن تُعلم بالضرورة ، وهي فرض عين على كل مسلم ، ذكراً كان أو أنثى ، بصرف النظر عن اختصاصه العلمي ، وعمله المهني ، ودوره الاجتماعي ، وحاله النفسي ، فإن لم يعلمها شقي ، وهلك في الدنيا والآخرة ، حقائق يجب أن تعلم بالضرورة .. نضرب على هذا مثلاً ، حينما يهبط إنسان من طائرة بالمظلة ، هناك حقائقُ كثيرة عن المظلة ، نوع قماشها ، مساحته ، شكله ، لونه ، نوع حبالها ، أطوالها ، أقطارها ، ألوانها ، وطريقة فتح المظلة ، فقد يجهل الذي يستخدم المظلة للهبوط من الطائرة نوع قماشها ، ومساحته ، وشكله ، ولونه ، ونوع حبالها وأطوالها ، وأقطارها ، وألوانها ، ويهبط سالماً .. أما إذا جهل طريقة فتح المظلة فلا بد من أن يصل إلى الأرض ميتاً ، طريقة فتح المظلة يجب أن تُعلم بالضرورة لأي مظلي ، والحلال والحرام جزء من الدين ، وهو من أخطر أجزائه ، وهو الذي ينبغي أن يُعلم بالضرورة لكل مسلم ، وحاجة المسلم إلى معرفة الحلال والحرام ، كحاجة المظلي إلى معرفة طريقة فتح المظلة .

* * *

قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد فتح خيبر الحجاج بن علاط السلمي ، فأسلم ، وكان غنياً كثير المال ، فقال يا رسول الله : إن مالي عند امرأتي أم شيبة بمكة ، ومتفرق في تجار مكة ، فاذن لي يا رسول الله ، أن آتي مكة ، لآخذ مالي ، قبل أن يعلموا بإسلامي ، عندئذ لا أقدر على أخذ شيء منه ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال الحجاج يا رسول الله : لا بد من أن أقول [ أي أتقول ، أذكر ما هو خلاف الواقع > حتى أحتال به لأخذ ماله ، فقال عليه الصلاة والسلام ، كمالاً منه ، ورحمة بالحجاج : قل ما شئت ، قال الحجاج فخرجت حتى إذا قدمت مكة ، وجدت بثنية البيضاء رجالاً من قريش يستمعون الأخبار ، ويسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد بلغهم أنه سار إلى خيبر ، وهي من أقوى قرى الحجاز ، وهم يتجسسون الأخبار من الركبان ، وكان بينهم تراهن عظيم على مئة بعير حول من سيغلب ، أهل خيبر أم رسول الله ، فلما رأوا الحجاج ولم يكونوا علموا بإسلامه ، قالوا : الحجاج والله عنده الخبر اليقين ؛ يا حجاج ، إنه قد بلغنا أن القاطع [يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم > قد سار إلى خيبر ، فقال الحجاج : عندي من الخبر ما يسركم ، فاجتمعوا عليه يقولون إيه يا حجاج ، قال الحجاج : فقلت لهم : لم يلق محمد وأصحابه قوماً يحسنون القتل مثلهم ، فهزم هزيمةً لم يُسمع بمثلها ، وأسر محمد ، وقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة ، فنقتله بين أظهرهم ، بمن كان أصاب من رجالهم ، فانطلق هؤلاء الرجال فرحين أشد الفرح إلى أهل مكة ، فقيل لهم قد جاءكم الخبر ، هذا محمد ، إنما تنتظرون أن يُقدم به عليكم فيُقتل بين أظهركم ، ثم قال لهم الحجاج ، أعينوني على غرمائي أريد أن أقدم فأصيب من غنائم محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى هناك ، فجمعوا إليّ مالي على أحسن ما يكون ، ففشا ذلك بمكة ، وأظهر المشركون الفرح والسرور ، وانكسر من كان بمكة من المسلمين ، وسمع بذلك العباس بن عبد المطلب ، فجعل لا يستطيع أن يقوم ، من شدة حزنه من هذا الخبر ، ثم بعث العباس إلى الحجاج غلاماً ليقول له يا حجاج : الله أعلى وأجل من أن يكون الذي جئت به حقاً ، فقال الحجاج للغلام : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له : ليُخِلِ لي بعض بيوته ، لآتيه بالخبر على ما يسره ، واكتم عني ، فأقبل الغلام فقال : أبشر أبا الفضل ، فوثب العباس فرحاً كأن لم يمسه شيء ، وأخبره بذلك ، فأعتقه العباس رضي الله عنه لوجه الله : وقال لله علي عتق عشر رقاب على هذا الخبر السار ، فلما كان الظهر ، جاءه الحجاج ، فناشد العباس أن يكتم عنه ثلاثة أيام ، وقال إني أخشى الطلب ، فإذا مَضَتْ ثلاثٌ فأظهر أمرك ، وطالت على العباس تلك الأيام الثلاث ، وبعد مضي هذه الأيام الثلاث عمد العباس رضي الله عنه إلى حُلة فلبسها ، وتخلق بخلوقٍ [ أي تطيب بنوع من الطيب > وأخذ بيده قضيباً ، ثم أقبل يخطر حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون ـ إذا مر بهم لا يصيبك ـ إلا الخير يا أبا الفضل ، هذا والله من التجلد بحرّ المصيبة ، قال : كلا والله الذي حلفتم به ، لم يصبني إلا خير ، بحمد الله ، أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على يد رسوله صلى الله عليه وسلم ، وجرت فيها سهام الله وسهام رسوله ، وتزوج رسول الله ، صلى الله عليه وسلم صفية بنت ملكهم ، وإنما قال لكم ذلك ليخلص ماله منكم ، وإلا فهو ممن أسلم ، فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين ، على المشركين فقال المشركون : ألا يا عباد الله ، انفلت عدو الله [ يعنون حجاجاً > أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن ، ولم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك .
[وقد ذكر هذه القصة ابن سعد في طبقاته >
تتصل هذه القصة ، من زاوية واحدة من زواياها ، بموضوع الحلال والحرام ، ويستنبط منها ثلاث حقائق 0
الحقيقة الأولى : تتعلق بسنة من سنن الله في خلقه ، وهي أن الله جل جلاله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد 0
والحقيقة الثانية : تتعلق بخلق عظيم من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رحمته بأصحابه ، وحرصه على مصالحهم 0
والحقيقة الثالثة : تتعلق بحكم فقهي في المال ، وهو أن حقوق العباد مبنية عل المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة 0

* * *

تطبيقاً لقول الله عز وجل : ' يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ' 0 هذه الشجرة المباركة ، الزيتونة ، تعد ثمرتها غذاء ووقاء ودواء ، فقد أهمل الطب الحديث البحث عما في غذاء الإنسان من فوائد وقائية ، وعلاجية ، وغذائية ، لكن في عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين ، ظهرت أول دراسة موضوعية عن أثر زيت الزيتون في تخفيض شحوم الدم ، ثم أظهرت دراسة أخرى تبعتها ، أن أمراض شرايين القلب ، واحتشاء العضلة القلبية ، كانت نادرةً بل شبه معدومة في جزيرة كريت ، بسب أن أهل هذه الجزيرة يأكلون زيت الزيتون بكميات كبيرة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :
' كلوا الزيت وادهنوا به ، فإنه يخرج من شجرة مباركة ' .
[رواه الترمذي في الأطعمة برقم 1774، وابن ماجه في الأطعمة برقم 3311 ، وأحمد في مسند المكيين برقم15475 وهو صحيح 0>
يقول العلماء : زيت الزيتون أسهل أنواع الزيوت هضماً ، وفيه قيمة وقائية وعلاجية وغذائية ، وقد أجمع الأطباء على أن هذا الزيت له تأثير علاجي عجيب ، من هذا التأثير ، أنه يمكن أن نستخدمه ، لخفض الكولسترول ، الضار في الإنسان ، ورفع الكولسترول النافع ، ويستخدم أيضاً ، لخفض الضغط المرتفع ، ويُستخدم أيضاً لمرضى السكر، ويستخدم لوقاية الشرايين والأوعية من تصلبها ، وفيه مادة تمنع تخثرالدم ، وتقي الشرايين من ترسب المواد الدهنية على جدرانها ، ومن التحليلات الدقيقة أن مئة غرام من زيت الزيتون فيه غرام بروتينات ، وأحد عشر غراماً من الدسم ، وفيه البوتاسيوم ، والكالسيوم ، والمنغنيزيوم ، والفوسفور، والحديد والنحاس، والكبريت ، وفيه ألياف ، وهو غني بأهم الفيتامينات المتعلقة بتركيب الخلايا ونشاطها ، والمتعلقة بالتناسل وبالعظام ، وهو غذاء للدماغ جيد ، وغذاء للأطفال ، وله تأثير في تفتيت الحصيات ؛ حصيات المرارة والمثاني ، وله أثر ملطفٌ للالتهابات والأمراض الجلدية ، هذا الزيت له أثر طيب ، ونافع حتى في الاستعمال الخارجي ، والنبي عليه الصلاة والسلام ، لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يُوحى . فهناك أحاديث كثير عن الزيت ، من أبرزها هذا الحديث :
' كلوا الزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة '
ويكاد بلدنا الطيب بفضل الله تعالى ، أن يصل إلى المرتبة الأولى في العالم في زراعة شجرة الزيتون .

ختاماً لهذا الموضوع ، أضع بين أيديكم ، الحقيقة التالية ، يتفوق الإنسان في الدين ، لا بحجم ثقافته الدينية ، ولا بحجم عواطفه الجياشة ، نحو الإسلام والمسلمين ، ولا بحجم المظاهر الدينية التي يحيط بها نفسه ، ولكن يتفوق في الدين بمدى استقامته على منهج ربه ، قال تعالى :
' إن أكرمكم عند الله أتقاكم '
ويتفوق أيضاً ، بحجم عمله الصالح ، الذي يعود نفعه على المسلمين بخاصة ، وعلى الإنسانية بعامة ، قال تعالى :
' ولكل درجات مما عملوا '
هذه الاستقامة ، وهذا العمل الصالح ، لا يُقبلان عند الله في الآخرة إلا إذا بُنيا على معرفة بالله صحيحة ومتينة ، قال تعالى :

قيل لأحد العارفين ، من هو الولي ، أهو الذي يمشي على وجه الماء ، قال : لا ، قالوا أهو الذي يطير في الهواء ، قال : لا ، قال : الولي كل الولي ، الذي تجده عند الحرام والحلال ' أن يجدك حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك '
الفارسة السرية
مــــرض الســـكري
تعريف السكري:

داء السكري مرض أيضي مزمن يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم. وهناك نوعان من السكري، النوع الأول هو السكري المعتمد على الأنسولين ويتطلب العلاج بالأنسولين، يصاب به عادة صغار السن والمراهقين، وهؤلاء يصبحون معتمدين على الأنسولين طوال حياتهم. والنوع الثاني هو السكري غير المعتمد على الأنسولين وهو لا يتطلب العلاج بالأنسولين، ويحدث عادة بعد سن الأربعين وتستخدم الحمية الغذائية في علاجه وأحياناً يستعمل الأنسولين بالإضافة إلى الحمية.
وللمحافظة على مستويات السكر تقوم غدة البنكرياس بإفراز هرمون الأنسولين الذي يستطيع خفض مستوى السكر في الدم بسبب قدرته على إحداث تغييرات تسهل عبور ونفاذ جزيئات السكر إلى داخل الخلايا ومن ثم حرقها وتوليد الطاقة منها. ولأسباب غير محدده يتوقف البنكرياس كلياً أو جزئياً عن إنتاج الأنسولين، وهنا يتراكم السكر في الدم دون احتراق مما يدفع الكبد إلى حرق مخزونه من السكر لإمداد الجسم بالطاقة. وتمتد عملية الاحتراق إلى أنسجة وخلايا العضلات ومنها إلى الشحوم المترسبة تحت الجلد، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.

ما هي أنواع مرض السكري؟

هناك نوعان لمرض السكري:

النوع الأول: سكري الأطفال أو الشباب وهو النوع المعتمد في علاجه على الأنسولين.

النوع الثاني: سكري البالغين، وهو النوع الغير معتمد في علاجه على الأنسولين


أعراض السكري:
تتلخص أعراض المرض في الشعور بالعطش الشديد بسبب خروج كميات كبيرة من الماء مع البول. ويزداد إدرار البول عند المريض بشكل غير طبيعي، فيخرج البول بكميات كبيرة ويصاب المريض بالإعياء ونقص في القدرة والكفاءة البدنية مع خمول. وقد لا تظهر هذه الأعراض عند مرضى السكري من النوع الثاني، وتظهر أعراض إضافية لمرضى النوع الأول.

مضاعفات السكري:
المشكلة في داء السكري هي مضاعفاته خاصة لمرضى السكري الذين يهملون العلاج. ومضاعفات داء السكري على الأمد الطويل هي تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وأمراض العين مثل الماء الأبيض والتهابات الكلى والقصور الكلوي وتلف الأعصاب، وبالأخص أعصاب العين والعضو التناسلي الذكري والأطراف، والتشوه الخلقي في أجنة الحوامل المصابات بالسكري، وقد تحدث الغيبوبة السكرية نتيجة ارتفاع مفاجئ لمستوى السكر في الدم لدرجة لا يستطيع الدماغ تحملها، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأسيتون. وقد تحدث الغيبوبة أيضاً نتيجة انخفاض سكر الدم بشدة تحت معدله الطبيعي، مما يعطل وظائف المخ.


مسببات السكري :

1-الوراثة: للوراثة دور هام في الإصابة بالسكري، فالأفراد المنحدرين من أبوين قد أصيب أحدهما بالسكري هم أكثر عرضة للإصابة به من غيرهم. أو أن يكون منحدراً من أسرة ذات تاريخ عائلي بالإصابات بهذا المرض

2-السمنة: يعتقد أن النوع الثاني من السكري (غير المعتمد على الأنسولين) مرتبط بالسمنة، حيث تقلل السمنة من فعالية الأنسولين. وتشير بعض الدراسات إلى أن المصابين بالسمنة الذين تخزن الدهون في القسم الأعلى من أجسامهم، أكثر عرضة للإصابة بالسكري من الذين تتجمع الدهون لديهم في الطرفين السفليين. ويمكن القول بصفة عامة أن مرض السكري شائع بين جميع الفئات البدينة التي لا تمارس نشاطاً بدنياً، ومن النادر أن نجده في النحفاء.

3-العمر: تزيد الإصابة بداء السكري مع تقدم العمر وتكون أعلى معدلاتهما في الأعمار المتقدمة. وبصفة عامة تزداد الإصابة عند الأشخاص الذين تعدوا الأربعين عاماً وخاصة النساء.

4-النشاط البدني: إن قلة النشاط البدني عامل مهم لحدوث السكري غير المعتمد على الأنسولين، فانعدام النشاط البدني يؤثر على التفاعل بين الأنسولين ومستقبلاته وبالتالي يؤدي إلى ظهور داء السكري

5-التغير في نمط الحياة والغذاء: إن أفراد المجتمعات التي تغيرت سريعاً في نمط الحياة والغذاء فصارت الحياة أقل نشاطاً بدنياً وزاد المتناول من الغذاء تكون أكثر عرضة للإصابة بداء السكري. ويعتقد أن التحسن في مستوى المعيشة وطول فترة الحياة وتحسن التغذية والسيطرة على الأمراض المعدية، ساهم في زيادة تشخيص داء السكري.

6-الحمل: من المعتقد أن الحمل يزيد من خطر الإصابة بداء السكري. رغم أن المرض أثناء الحمل، يكون مؤقتاً عادة.

7-الالتهابات: تدل الدراسات الوبائية على أن الالتهابات الفيروسية أو البكتيرية تلعب دوراً في الإصابة بالنوع الأول من داء السكري.


السكري وهبوط سكر الدم

متى تكون نسبة السكر في الدم منخفضة؟

يعد السكر منخفضا عندما تكون نسبته في الدم أقل من 50 ملغم / ديسيليتر مع ظهور بعض الأعراض أو غيابها.

ماهي علامات هبوط (انخفاض) نسبة السكر في الدم؟

هناك علامات اولية مثل:

الرجفة
تصبب العرق من الجسم
تسارع نبضات القلب
قلة التركيز
الجوع الشديد
العصبية وتصرفات غريبة غير مألوفة
يجب أخذ هذه العلامات بجدية كبيرة وعدم اهمالها لان استمرار انخفاض نسبة السكر في الدم من الممكن أن تؤدي الى ظهور أعراض أكثر خطورة مثل:

تشنجات عصبية
فقدان الوعي
فاذا كان هناك ادنى شك من أن ظهور أحد تلك الأعراض هو ناتج عن نقص السكر في الدم فعليك التأكد بفحص نسبة السكر في دمك أثناء ظهور الأعراض ولا تتردد في أخذ القليل من السكر المذاب بالماء أو أي طعام أو عصير محلى اذا لم يتوفر لديك جهاز الفحص.

ما هي اسباب انخفاض نسبة السكر في الدم؟

زيادة النشاط الجسماني
زيادة جرعة الانسولين
عدم أخذ كمية كافية من الطعام بعد تناول علاج السكري
كيف يمكن التصرف في حال حصول هبوط في سكر الدم؟

العلاج السريع في هذه الحالة اذا كان المريض قادرا على البلع :

تناول قطعتين أو ملعقتين كبيرتين من السكر مذابتان في الماء
تناول نصف كوب من عصير الفواكه
ثلث كوب من أي عصير محلى، واذا لم تزول هذه الأعراض خلال 10-15 دقيقة فعلى المريض اعادة شرب الكمية نفسها لحين انتهاء الأعراض
اما اذا كان المريض فاقدا للوعي فيجب عدم المحاولة في اعطائه أي مشروب عن طريق الفم وذلك تفاديا لحدوث الاختناق ونقله فورا الى المستشفى

هل يصوم مريض السكري


يستطيع معظم مرضى السكري الصيام بأمان عند اتباع ارشادات معينة ... وبعضهم لا ينصح لهم بالصيام.

ويمكن تصنيف مرضى السكري الى ثلاثة اقسام حسب طبيعة العلاج:

أ- اذا كان العلاج يعتمد فقط على تنظيم الغذاء:



هؤلاء المرضى يمكنهم الصيام بأمان بل قد يفيدهم خاصة ان كانوا من اصحاب الوزن الزائد لأن الصيام سيساعد على تقليل الوزن ولكن عليهم الالتزام بكميات ونوعيات الأكل المسموح بها اثناء الأيام العادية مع مراعاة تقسيم الفترة ما بين الافطار والسحور ليتم تناول ثلاث وجبات خلالها على فترات متساوية على أن تكون وجبة السحور متأخرة ومتكاملة غذائيا


ب- اذا كان العلاج يعتمد على تنظيم الغذاء وتناول الأقراص المساعدة لتخفيض نسبة السكر بالدم:

عدد كبير من هؤلاء المرضى يمكنهم الصيام باتباع النظام الغذائي السابق على ان يتم تناول الأقراص بالطرق التالية:

اذا كان يتناول الأقراص مرة واحدة صباحا ، عليه أن يتناولها في رمضان مع وجبة الأفطار.
اذا كان يتناول الأقراص مرتين يوميا ، عليه أن يتناولها مع وجبتي الأفطار والسحور ولكن اذا أحس بأعراض نقص السكر أثناء النهار فعليه تقليل أو منع جرعة السحور.
اذا كان يتناول الحبوب ثلاث مرات يوميا فعليه تناول جرعة الصباح والظهر أثناء الافطار أما جرعة المساء فيتناولها مع السحور. ويجب على هؤلاء المرضى مراجعة الطبيب قبل البدء في الصيام أو تغيير نظام أخذ الدواء.


ج- اذا كان العلاج يعتمد على الأنسولين:
المريض الذي يحتاج حقنة واحدة يستطيع الصيام بحيث يأخذها قبل الافطار.
المريض الذي يحتاج الى حقنتين صباحا ومساء يستحسن ألا يصوم، ولكن اذا اراد الصيام فعليه تعديل الجرعات باستشارة الطبيب، وأخذ حقنة الصباح قبل الافطار وحقنة المساء قبل السحور مع مراعاة الآتي:
ضرورة فحص نسبة السكر بالدم خاصة خلال الأيام الأولى من الصيام.
تأخير فترة السحور الى ما قبل الفجر بقليل.
تقليل كمية الأنسولين سريع المفعول في جرعة ما قبل السحور.
تناول كميات كافية من السوائل عند السحور.
عدم الاستمرار بالصيام اذا حدث هبوط في السكر في اي وقت خلال فترة الصيام.

يستطيع مريض السكري الصائم ممارسة الرياضة خلال شهر رمضان المبارك؟


يمكنه ممارسة الرياضة أثناء فترة ما بين الافطار والسحور على ألا تكون رياضة عنيفة، ولا ينصح المريض بممارسة الرياضة أثناء فترة الصوم أو في الجو الحار ولكن يمكنه القيام بأعماله العادية أثناء فترة الصوم.


الوقاية من السكري


1-تناول 5 إلى 6 وجبات صغيرة في اليوم بدلاً من وجبتين أو ثلاث وجبات كبيرة، ويعتبر هذا مهماً للأشخاص المصابين بالسكري المعتمد على الأنسولين.
2-الإقلال من تناول الأغذية التي تحتوي على السكريات بما في ذلك الموجودة في الفواكه مثل التمر والعنب وكذلك العسل.
3-ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، كالمشي والجري الخفيف لمدة نصف ساعة في اليوم وبمعدل 3 – 4 مرات في الأسبوع، وهذا يساعد على تخفيض الاحتياج من الأنسولين.
4-أن تتناسب السعرات المتناولة مع الوزن والنشاط، فإذا كان المصاب سميناً فيجب أن يتبع نظاماً غذائياً خاصاً لإنزال الوزن.
5-الإقلال من تناول الدهون (وخاصة الكوليسترول والدهون المشبعة) بحيث لا تزيد عن 30% من مجموع الطاقة الحرارية.
6-تناول أغذية غنية بالألياف لتساعد على تخفيض نسبة السكر في الدم، مثل الخضروات والحبوب الكاملة ونخالة القمح.
7-أن تكون كمية الأغذية الغنية بالبروتين معتدلة، بحيث لا تزيد كمية السعرات الناتجة عنها عن 15% من مجموع السعرات التي يتناولها المريض

مرض السكري والقدمين

تعتبر اصابة القدمين من أهم المضاعفات المزمنة لمرضى السكري، وقد يعاني مريض السكري من مشاكل عديدة في القدمين، وحتى البسيط منها يمكن ان يتحول الى خطير.

الحالات المؤدية الى اصابة القدمين:

ضعف الدورة الدموية
اعتلال الأعصاب وضعف الاحساس بالألم والحرارة والبرودة.
قروح القدم التي قد تنتج عن الجروح او البثور او الأحذية غير الملائمة
عوامل الخطورة لاصابة القدمين:

حدوث بتر سابق بالساق.
حدوث تقرحات متكررة بالقدم.
الأمراض المزمنة لعشر سنوات أو أكثر كأمراض القلب وأمراض الدورة الدموية.
العمر 40 سنة أو أكثر.
التدخين.
الفشل في ضبط السكر في الدم.
عدم القدرة على العناية بالقدمين بسبب مرض جسماني أو عقلي.
عدم نظافة القدمين وعدم الأهتمام بهما.
وجود تشوهات بالقدمين.
كيف تعتني بقدميك؟

افحص قدميك جيدا كل يوم بحثا عن الخدوش، الجروح، التقرحات، الاحمرار، أو اي تغير في الجلد
افحص دائما ما بين اصابع القدم.
اذا كانت رؤيتك ضعيفة فاستعن بأحد افراد العائلة لفحص قدميك.
اغسل قدميك يوميا بالماء الدافىء والصابون ونشفها جيدا.
تجنب استخدام الماء الحار جدا أو البارد جدا.
تجنب غمر الأقدام في الماء لمدة طويلة.
قلم أظافر قدميك بعناية على شكل مستقيم عرضي، وتجنب ترك حافة حادة.
احرص على تدليك القدمين والساقين من وقت لآخر.
لا تستخدم المواد الكيماوية لازالة القرون (الثفن).
لا تستخدم رباطا لاصقا على قدميك.
استخدم الكريم المطري لتنعيم مناطق البشرة الصلبة والخشنة.
تجنب المشي حافي القدمين
استخدم الأحذية المريحة للقدمين وتأكد بأن تكون مصنوعة من مادة طرية وأكبر من الحجم المعتاد استعماله.
يفضل استخدام الجوارب القطنية أو الصوفية ويجب ان لا تكون ضاغطة.
عدم الجلوس قريبا من مصادر الحرارة لفترات طويلة أو تعريضها للبرودة الشديدة
الفارسة السرية
الديناميكا الحرارية Thermodynamics





مقدمة للموضوع :
يتناول موضوع الديناميكا الحرارية العلاقة بين الحرارة heat والشغل work ويبنى على قانونين اساسيين من قوانين الفيزياء هما القانون الاول والقانون الثاني في الديناميكا الحرارية . وعبر هذين القانونين العامين يمكن الربط بين كثير من خواص المادة أمثال معاملات التمدد والانضغاط والحرارة النوعية والضغط والحرارة اللازمة لتحول المادة من طور لاخر .

ولا تقدم الديناميكا الحرارية أي فرضية بخصوص الطبيعة الجزيئية أو الذرية للمادة وإنما هي علم تجريبي أوشبه تجريبي تتحدد صلاحية الصيغ المطبقة أو المستعملة فيه بمدى صلاحية وشمول القانونين الاول والثاني .

ورغم أن الديناميكا الحرارية تستطيع الربط بين كثير من الكميات المقيسية أو التي تقع تحت الحس المباشر ،إلا أنها لا تستطيع اعطاء قيم مطلقة لتلك الكميات . وإذا ما أريد دراسة المواد بعمق أكثر لزم الربط بين الديناميكا الحرارية والنظرية الجزيئية أو الذرية للمواد . وينتج من التزاوج بين هذين الموضوعين ما يعرف بالميكانيك الاحصائي أو الفيزياء الاحصائي

هناك نقطة اخرى هي أن مبادئ الديناميكا الحرارية قد تدلنا على اتجاه التفاعل الذي يجري في الجملة أو الكيان (سيأتي تعريف لذلك المصطلح) مثلاً هل ستزداد درجة حرارة الجملة أم ستنقص أو هل سيتحول الكيان من طور غازي إلى سائل أو إلى جامد أو العكس ، لكنها لا تستطيع أن تدلنا على سرعة هذا التفاعل أو معدل حدوثه مع الزمن . وإذا ما اريد معرفة ذلك لزم أن تؤخذ الطبيعة الجزيئية أو الذرية وحركية تلك الجسيمات بعين الاعتبار .











مفاهيم وتعريفات :



في موضوع الديناميكا الحرارية يتكرر ورود ذكر بعض المفاهيم والمصطلحات وفيما يلي تعط تعريفاً لبعض منها :

جملة أو كيان system :

يقصد به جزء محدد من المادة له حدود معينة سواء كانت حقيقة أم وهمية ينصب الاهتمام عليه .



الوسط المحيط surrounding :

يقصد به الوسط المحيط بالجملة أو الكيان من فراغ أو مادة سواء تفاعل مع الجملة أم لم يتفاعل .



الجملة المفتوحة open system :

وهي الجملة التي يمكن أن تتبادل المادة مع الأوساط المحيطة بها .



الجملة المغلقة closed system :

وهي الجملة لا تتبادل المادة مع الأوساط المحيطة بها فلا ينتقل منها ولا إليها مادة مما يحيط بها .

الجملة المعزولة isolated system :

وهي الجملة التي لا تتبادل أي نوع من انواع الطاقة بما فيها الكتلة والحرارة والشغل مع الاوساط المحيطة بها .



الكون universe :

وتعني الجملة مضافاً إليها ماله تعلق بها مما يحيط بها .



عملية أو إجراء a process :

ويقصد بها أي تحول ينقل الجملة أو الكيان من وضع اتزان إلى وضع اتزان آخر خلال فترة زمنية معينة . وخلال العملية أو الإجراء قد يطرأ تغير على حرارة الكيان وقد يؤدي شغلاً أو يعطى له شغل .



مسار العملية أو الأجراء The path of a process :

ويقصد به سلسلة حالات الاتزان التي يمر من خلالها الكيان أثناء تعرضه للعملية أو الإجراء .











وصف الكيان أو الجملة Description of the system



للتعرف على الجملة يلزم اعطاء وصف دقيق لها ، وهناك طريقتان لوصف الجملة بالكامل هما :

الطريقة المجهرية (الميكروسكوبية ) microscopic

الطريقة الجهرية أو الكلية ( الماكروسكوبية ) macroscopic



ولتبيين المراد بهاتين الطريقتين دعنا نحاول وصف مادة متجانسة substance homogeneous ونقصد بالمادة المتجانسة كل مادة تتماثل أجزاؤها المحتلة من وجهة نظر كيميائية وفيزيائية مثل كمية من الماء أو مثل غاز الهيدروجين .



الوصف بالطريقة المجهرية : يمكن تصور المادة المتجانسة على أنها مكونة من عدد هائل من الدقائق أو الجسيمات (ذرات أو جزيئات) لها نفس الكتلة . لكي نعطي وصفاً كاملاً يلزم تحديد موقع وسرعة كل جسيمة . ففي الحداثيات الكارتزية مثلاً يلزم تحديد x , y , z لكل جسيمة وكذلك معرفة Vx ، Vy ، Vz لكل جسيمة . فإذا كانت المادة مكونة من N من الجسيمات ازم معرفة 6N من القيم لتحديد حالة الجملة . يعرف هذا الوصف بالوصف المجهري . وحيث أن الجسيمات قد تكون في حالة حركة دائبة فواضح أن هذا الوصف إنما يصف حالة المادة في لحظة من اللحظات فقط ، وفي لحظة تالية يلزم اعطاء وصف جديد وهكذا .

الوصف بالطريقة الجهرية أو الكلية : لوصف الجملة بهذه الطريقة يكفي معرفة بعض خواصها التي تقع تحت الحس المباشر مثل الكتلة M والضغط P والحجم V ودرجة الحرارة T ..... إلخ . يلاحظ أن هذه الخواص بجانب وقوعها تحت الحس المباشر فإنه يمكن من ناحية نظرية تعيينها من معرفة لحالة المادة المجهرية . فمثلاً الضغط ماهو إلا محصلة أو متوسط القوة التي تؤثر بها الجزيئات على وحدة المساحة عند اصطدامها بجدار الوعاء الحاوي للمادة وبتعبير آخر هي متوسط معدل التغير في


زخم الجسيمات المصطدمة بوحدة المساحة . إن كل حالة لجملة أو كيان يمكن وصفها بكميات قابلة للقياس تسمى حالة عيانية أو جهرية macrostate .

مقارنة بين الطريقتين :

لطريقة الوسط المجهرية سلبيات منها :

1 – يفترض فيها المعرفة التامة بطبيعة المادة المدروسة مثل أن نفترض أن الجملة تتكون من جزيئات .

2 – يتطلب وصف الجملة معرفة عدد هائل (في الغالب) من القيم هي (6N)

3 – الكميات المطلوب معرفتها عند وصف الجملة مثل مكان الجزيئات وسرعتها لا يمكن قياسها بسهولة هذا إذا لم يكن مستحيلاً .

4 – أن الوصف فيما إذا أمكن الحصول عليه فهو حقيقي عند لحظة من اللحظات فقط .



أما ميزة هذه الطريقة فهي أنه لا يمكن الغوص والتعمق في وصف الكيان وتكوين تصور دقيق (جزيئي أو ذري) بدون هذه الطريقة .



أما ميزات الطريقة الجهرية فهي :

1 – لا يلزم افتراض أي شيء عن التركيب الدقيق لمادة الكيان .

2 – يكفي لوصف الكيان معرفة عدد قليل جداً من الكميات مقارنة بالطريقة المجهرية .

3 – أن الكميات المطلوبة للوصف مما يمكن قياسه بسهولة مثل الحجم والكتلة ودرجة الحرارة والضغط...الخ (M,V,P,T,….).



وإذا ما أمكن وصف الكيان بالطريقتين معاً فمن البديهي أن يتوجب الحصول على نفس النتيجة في كلا الحالتين.











موضوع ومجال الديناميكا الحرارية : Scope of thermodynamic



لقد سبقت الاشارة إلى أن وصف جملة أو كيان عن طريق تحديد بعض خواصه الواقعة تحت الحس المباشر والقابلة للقياس بيسر وسهولة تشكل الطريقة الجهرية للوصف . وتعتبر تلك الطريقة هي نقطة البداية في مختلف الدراسات الفيزيائية . فمثلاً عند دراسة ميكاميكية جسم جامد متماسك rigid body نلجأ للطريقة الجهرية ذلك أننا لا نهتم إلا بمظاهره الخارجية . حيث حيث يجري تحديد موقع مركز كتلته بالنسبة لمحاور مختارة عند لحظة معينة . فتحديد الموقع والزمن أو ما يتركب منهما مثل السرعة تؤلف مع بعض الكميات الجهرية المستخدمة في الميكانيك وتسمى بالاحداثيات الميكانيكية mechanical coordinates . وعن طريق هذه الاحداثيات الميكانيكية نتمكن من معرفة طاقة حركة وطاقة وضع الجسم الجامد بالنسبة لمحاور معينة . ويمثل هذان النوعان من الطاقة الطاقة الخارجية external أو الطاقة الميكانيكية للجسم الجامد أو الجاسئ . إن من أهداف الميكانيكا أن توجد العلاقات المناسبة بين احداثيات الموقع والزمن بما يتفق من الميكانيكا النيوتونية أي قوانين الحركة لنيوتن . أما في الديناميكا الحرارية فإن الانتباه ينصب على داخل الكيان . وتتبع الطريقة الجهرية للوصف ويتم التأكيد على الكميات الجهرية التي ترتبط بحالة الكيان أو الملة الداخلية . ويتحتم عن طريق التجربة والمشاهدة أن نعين الكميات الضرورية والكافية لوصف الحالة الداخلية للكيان بالاحداثيات الثيرموديناميكا Thermodynamic coordinates . تمكن معرفة هذه الاحداثيات من تحديد الطاقة الداخلية للكيان internal energy . إن من أهداف الثيرموديناميكا أو الديناميكا الحرارية أن توجد العلاقات المناسبة بين مختلف الاحداثيات الثيرموديناميكا وبما يتفق مع قوانين الديناميكا الحرارية .

يسمى الكيان الذي يوصف بالاحداثيات الثرموديناميكية بكيان ثيرموديناميكي . وفي الهندسة ربما أن أهم الكيانات الثيرمودينامية هي الغازات مثل الهواء وبخار المادة ومخاليط تلك مثل بخار الوقود السائل مع الهواء وبخار المادة الملامس لسائلها مثل الامونيا وبخارها . وتهتم الديناميكا الحرارية الكيميائية بالكيانات السابقة مضافاً إليها الجوامد solids والاغشية السطحية والاعمدة أو الخلايا الكهربائية eelectic cells. وتهتم الديناميكا الحرارية الفيزيائية بكل ما سبق بالاضافة لكيانات اخرى مثل الاسلاك المشدودة والمكثفات الكهربائية electric capacitors والازدواجات الحرارية والمواد المغناطيسية thermocouples and magnetic substaces .













دوال أو توابع الحالة Functions of State



توصف المادة المتجانسة بالطريقة الجهرية كما سبق الاشارة إلى ذلك بلالة خواصها المقيسة مثل كتلتها M وحجمها V وضغطها P ودرجة حرارتها T وكثافتها ولزوجتها أو معامل انكسارها.... الخ . تسمى هذه الكميات بتوابع الحالة ويقال عن الجملة بأنها في حالة اتزان equilibrium stat إذا بقيت توابع الحالة فيها (خواصها) ثابة مع الزمن .

ويمكن بشكل عام تقسيم خواص الجملة إلى نوعين :

خواص تركيزية intensive

خواص امتدادية Extensive

لنتصور أن جملة ما جزئت إلى جزئين متماثلين . تسمى الخواص التي لم تتغير من جراء التجزيئ بالخواص التركيزية مثل : الضغط ، الحرارة ، الكثافة ، اللزوجة . أما تلك التي تجزأت فتسمى بالامتدادية مثل : الكتلة ، الحجم ، الطاقة U ، والشحنة Q .

ولذلك فيمكن القول بأن الخواص التركيزية intensive هي تلك التي لا تعتمد على كمية المادة في الجملة بخلاف الخواص الامتدادية Extensive فهي ترتبط بكمية المادة الموجودة في الجملة . ومن الخواص الثيرموديناميكية الامتدادية التي ستمر معنا في هذا المقرر : الطاقة الداخلية U والانثالبي H والانتروبية S ودالة هيلموتز A ودالة جبس G

ومع ذلك فإن لكل خاصية امتدادية مماثلاً تركيزياً ، تلك هي الخواص النوعية أو المولية specific or molar properties مثل حجم وحدة الكتل v أو حجم مول من المادة ، والطاقة الداخلية لمول من المادة u ، وانثالبية مول من المادة h ، وانتروبية مول من المادة s .
الفارسة السرية
الصخور
مقدمة

القشرة الأرضية ... ذلك الجزء من الأرض ، الذي يغلف كتلتها الصلبة ويمتد لعمق عدة أميال من سطحها ، والذي يرتفع في بعض المناطق بانيا جبالا شاهقة ، أو ينخفض في مناطق أخرى ليكون الأغوار وأعمق البحار ... القشرة الأرضية تتكون من الصخور النارية والتي ينتج عن تعرضها لعوامل مختلفة تكون الصخور الرسوبية والمتحولة .
ومن ذلك يمكن أن نعرف الصخر بأنه : كل مادة صلبة تكون جزءا من القشرة الأرضية وتتكون من معدن أو عدة معادن أو من مادة عضوية .



دورة الصخر في الطبيعة







ويمكن تقسيم الصخور حسب نشأتها إلى ثلاثة أقسام هي :




الصخور النارية
هي تلك الصخور التي تكونت نتيجة تصلب المادة المنصهرة، اما في اعماق سحيقة مكوتة الصخور النارية الجوفية، او عند اعماق ضحلة فتتكون الصخور تحت السطحية او على سطح الارض مباشرة فتتكون الصخور البركانية.
الخصائص العامة للصخور النارية:
1- توجد على هيئة كتل لها اشكال مختلفة
2- تتكون في معظم الاحوال من مغادن متبلورة
3- وجود خامات معدنية
4- لا تحوي حفريات

أشكال الصخور النارية
1- السد: يتكون بتداخل السائل الصهاري موازيا لاسطح الطبقات
2- القاطع: ينشاء بتداخل السائل الصهاري في شكل الواح رآسية قاطعة اسطح الطبقات
3- الكتل العميقة: كتل ضخمة تشكل جذور سلاسل الجبال و تمتد لمئات الكيلومترات
4- الدعامة: كتل عميقة تعتبر اجزاء من الكتل العميقة
5- البراكين: ينشأ بتخارج الصهارى على سطح الارض مكونة اشكال قمعية





التركيب المعدني للصخور النارية: و تقسم الى نوعين:
1: معادن ابتدائية: تتكون مباشرة من السائل الصهاري اثناء برودتة:
1- معادن اساسية:معادن فلسية(الكوارتز، الفلسبارات، الفلسباثويد)، مافية(اوليفين، البيروكسين، الامفيبول، الميكا)
2- معادن اضافية (اباتيت، زركون)
2: معادن ثانوية: ناتجة من تغير او تحول المعادن الابتدائية مثل كاولين و كلوريت
نسيج الصخور النارية : الشكل الناتج عن تراص الحبيبات المكونة للصخر و تقسم الى
خشن التحبب جدا، خشن التحبب، متوسط التحبب، دقيق التحبب




تصنيف الصخور النارية
نسبة المعادن المافية(اللون) فاتح اللون ( <30 %) متوسط اللون (30-60%) قاتمة اللون (60-90%) فوق قاتمة اللون(>90%)
نسبة السلكا حامضية(>66%) متوسطة (52-66%) مافية (42-52%) فوق مافية ( < 42%)
مكان التكوين و درجة التحبب صخور بركانية (دقيقة التحبب) ريوليت انديزيت بازلت
صخور جوفية (خشنة التحبب) جرانيت ديوريت جابرو بريدوتيت، دونيت




الصخور الرسوبية
تنشأالصخور الرسوبية من ترسيب المواد المفتتة أو الذائبة في الماء والتي تنتج من تعرض الصخور المختلفة لعوامل التجوية وتؤدي التعرية الطبيعية الى التفتت المكانيكي للصخور.

الخصائص العامة للصخور الرسوبية:
1- صخور هشة
2- الطبقات
3- وجود حفريات
4- تتكون من حبيبات مستديرة او من بلورات معدنية
5- تحوي كثير من الخامات المعدنية
6- ألوان فاتحة
7- لها تراكيب خاصة : علامات النيم، شقوق الطين

تصنيف الصخور الرسوبية
1- صخور رسوبية ميكانيكية التكوين: تتكون من حبيبات المعادن الناتجة من التفتت الميكانيكي لجميع أنواع الصخور، و نقل المواد المفتتة بفعل المياه أو الهواء أو الجليد الى احواض الترسيب.و تقسم على اساس حجم الحبيبات:

الكونجلمرات: و حجم حبيباتها يتراوح بين 2 مم و 250 مم، و منها البريشيا (حبيباتها ذات اجزاء مدببة)

الحجر الرملي: و قطر حبيباتها بين 2 و 1/16 مم

الجر الغريني : و قطر حبيباتها بين 1/16 و 1/256

الحجر الطيني: حبيباتها اقل من 1/256 ، و اذا تشكل الحجر الطيني على شكل رقائق متوازية تولدت بالضغط الواقع عليها سمي (طفلة)

2- صخور رسوبية كيميائية التكوين: تتكون نتيجة ترسيب بعض المركبات الذائبة في المحاليل المائية بعمليات التبخر، او نتيجة تغير الوسط الكيميائي الحاوي لها:

الصخور الرسوبية الجيرية: الحجر الجيري و الدولوميت

الصخور الرسوبية الملحية:مثل ملح الطعام و الجبس(كبريتات الكالسيوم و الانهدريت (كبريتات الكالسيوم اللامائية)

الصخور الرسوبية السليكية: ترسيب مادة السليكا من المحاليل الغروية مثل حجر الصوان (الفلنت)
3- الصخور الرسوبية الكيميائية-المكانيكية التكوين: مزيج من مواد كيميائية النشأة (كربونات الكالسيوم) مع مواد ميكانيكية النشأة(الغرين)، مثل(المارل)
4- صخور رسوبية عضوية التكوين: تراكم بقايا المواد العضوية التي خلفتها الحيوانات أو النباتات التي تعيش في البحار أو اليابسة، و كذلك عمليات التحلل( تفحم النباتات و تحلل بقايا الهياكل الحيوانية). ومن هذه الصخور:

الحجر الجيري العضوي او المرجاني: هياكل الحيوانات البحرية المكونة من كربونات الكالسيوم

الفوسفات: تراكم و تحلل الهياكل الحيوانية البحرية (فوسفات الكالسيوم)

الفحم: ينتج عن تفحم النباتات التي تتعرض للدفن السريع فيمنع من تفاعلها مع الاكسجين الجوي و بالتالي يتم الاحتفاظ بالكربون.
تراكيب الصخور الرسوبية:
1- التطبق: ميل مكونات الصخور ان تأخذ وضع افقي في شكل طبقات
2- التطبق المتدرج: الحبيبات الكبيرة تكون لأسفل ثم تعلوها الاصغر حجما
3- التطبق المتقاطع: تقاطع مستويات التطبق مع مستوى الترسيب(مع اتجاه التيار)
4- التصفح: وجود الصخر على شكل رقائق متوازية بسماكة تقل عن 2 مم
5- علامات النيم: تموجات على سطح الرسوبيات نتيجة تعرضها للرياح او الماء
6- شقوق الطين: عند تعرض الرسوبيات الطينية لفترة جفاف بعد فترة بلل









الصخور المتحولة
هي صخور كانت في الاصل نارية أو رسوبية، حدث لها تغير في الشكل او التركيب المعدني او كليهما- صخور متحولة- وذلك نتيجة تأثير الضغط العالي او الحرارة الشديدة او كلاهما او تاثير المحاليل الكيميائية، عمليات التحول تحدث للصخر و هو في حالته الصلبة.

الخصائص العامة:
1- تحمل بعض الخصائص و التراكيب الاصلية قبل التحول (التطبق، الحفريات)
2- ظهور معادن جديدة
3- التورق : اعادة تشكيل و ترتيب المعادن (المسطحة)بحيث تكون اكثر توازيا
4- تتواجد في الاماكن النشطة تكتونيا
5- اشكال والوان متعددة

عوامل التحول:
1- الحرارة
2- الضغط
3- المحاليل النشطة كيميائيا

أنواع التحول:
1- التحول الحراري:مثل تحول الرخام من الدلومايت و تحول الهورنفلس من الصخور الجيرية، وهو محدود الانتشار
2- التحول الديناميكي: ناتج عن الضغط الذي يؤدي الى تكسير او تراص الصخور مثل الميلونيت
3- التحول الدناميكي- الحراري( الاقليمي): يحدث بتأثير مشترك لكل من الضغط و الحرارة مثل النيس و االشيست، ويكون واسع الانتشار
4- التحول الذاتي: ينتج بفعل النشاط الكيميائي للسوائل الحارة و الغازات مثل صخور السربنتبنبت

نسيج التحول: الشكل الناتج عن وجود الحبيبات او البلورات المطونة للصخر بطريقة خاصة بجانب بعضها، و للصخور المتحولة 3 أنسجة رئيسية:

1- النسيج الغير متورق: ينتج من التحول الحراري الذي يؤدي الى اعادة تبلور المكونات المعدنية للصخر الاصلي قبل التحول دون تغير شكل الحبيبات
2- النسيج المتورق: ينتج من التحوب الاقليمي، يتميز بوجود صفوف من بلورات تتراص على هيئة رقائق او احزمة متوازية، الشستوزي –النيسوزي
3- نسيج الضغط الديناميكي: ينتج من تاثير الضغط الموجه، و نظرا لعدم تجانس التركيب الصخري، ينتج من ذلك نسيج فتاتي دقيق او خشن او نسيج على شكل عدسات طولية عامود على اتجاه الضغط.
الفارسة السرية
الورق
مادة على شكل صفحات رقيقة تصنع بنسج الألياف السليولوزية للخضروات. وتستخدم مادة تلك الصفحات في الكتابة والطباعة والتغليف والتعبئة وفي الوفاء بالعديد من الأغراض التي تتراوح بين ترشيح الرواسب من المحاليل وصناعة أنواع معينة من مواد البناء.
وفي حضارة القرن العشرين، أصبح الورق عنصرا أساسيا وأصبح تطوير الآلات من أجل إنتاجها السريع مسئولا عن زيادة التعليم وارتفاع المستويات التعليمية لدى الناس عبر أنحاء العالم.
تاريخ صناعة الورق
يعود اختراع الورق إلى الألف الثالث قبل الميلاد (حوالي 2700 ق.م) فقد اخترع المصريون القدماء مادة صالحة للكتابة، مع سهولة الحصول على هذه المادة بثمن في متناول الأيدي، وهي ورق البردي. وكان ذلك من أعظم الاختراعات في تاريخ البشرية وقبل ذلك كانت الكتابة (التي ظهرت في الألف الرابع) مقصورة على الحجر أو اللوحات الطينية والتي استخدمها السومريون وفضلوا الكتابة عليها ووجدوها أقرب إلى التداول، وأيسر في التكلفة من قطع الحجر، وهي لوحات مكونة من طمي نقي ناعم، ويصب في قوالب ذات أشكال متعارف عليها، فتخرج اللوحة على هيئة القرص مسطحة الوجهين، أو على هيئة ربع الدائرة مستوية السطح محدبة الظهر، أو على هيئة المستطيل. وقد تكون اللوحة على هيئة المخروط، وتترك على حالها، بعد الكتابة أو تجفف في حرارة عادية بحيث تكتسب صلابة مناسبة.
وكانت الألواح المستطيلة أكثر شيوعا، وكانت تحرق في أفران، وتحفظ في أغلفة طينية بعد أن ينثر عليها قليل من مسحوق الطمي الجاف ليمنع التصاقها بغلافها، ثم يكسر هذا الغلاف قبل قراءة لوحته الداخلية.
ثم صنع المصريون الورق من سيقان نبات البردي، وحل مكان الكتب الحجرية والطينية. وكان البردي أوفر ثمنا وأيسر إذ كان ينمو بكثرة في مستنقعات الدلتا. وكان الورق يصنع بتقطيع اللب إلى شرائح طولية توضع متعارضة في طبقتين أو ثلاث فوق بعضها ثم تبلل بالماء وتضغط. وكان يصنع كصفحات منفصلة، ثم تلصق هذه الصفحات الواحدة في ذيل الأخرى، وبذلك أمكن عمل أشرطة بأطوال مختلفة تضم نصوصا طويلة. أما عرض شرائط البردي فقد تراوح من ثلاث أقدام إلى (18) قدما. وأطول بردية معروفة هي بردية هاريس وصل طولها (133) قدما وعرضها (16) قدما. ولقد ظل ورق البردي مستخدما في الكتابة في م نطقة البحر الأبيض المتوسط حتى القرن الحادي عشر الميلادي.
أما الورق المعروف حاليا، فيعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي. ففي عام 105 بعد الميلاد صنع الصيني تسي آي لون ورقا من لحاء الشجر وشباك الأسماك. ثم توصل الصينيون إلى صنع الورق من عجائن لباب الشجر، فحلت بذلك مكان الحرير غالي الثمن، والغاب ثقيل الوزن اللذين قنع بهما الصينيون زمنا طويلا. وبعد ذلك طور الصينيون هذه الصنعة باستخدام مادة ماسكة من الغراء أو الجيلاتين مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها الألياف ويجعلوا الورق سريع الامتصاص للحبر.
ولكن الورق الصيني كان محدود الانتشار ولم يذع خبره في العالم القديم أو الوسيط حتى القرن الثامن الميلادي، حين عرف العرب أسرار صناعة الورق الصيني بعد فتح سمرقند عام 93هـ / 712 م. وأسس أول مصنع للورق في بغداد عام 178هـ / 794 م. وأسسه الفضل بن يحيى في عصر هارون الرشيد. ثم انتشرت صناعة الورق بسرعة فائقة في كل أنحاء العالم الإسلامي، فدخلت سوريا ومصر وشمال أفريقيا وأسبانيا، وكان الناس يكتبون حتى ذلك الوقت على الرق و العسب و اللخاف ، ثم أمر هارون الرشيد، بعد أن كثر الورق، ألا يكتب الناس إلا في الكاغد .
وطور المسلمون صناعة الكاغد وأنتجت المصانع الإسلامية أنواعا ممتازة منه. ومن أشهر طرق صناعة الكاغد في العصور الإسلامية ما ورد في كتاب 'عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب' وفيه يذكر مؤلفه الأمير المعز بن باديسي طريقة صناعة الكاغد من مادة القنب الأبيض وطريقته: 'أن ينقع القنب ويسرح حتى يلين ثم ينقع بماء الجير ويفرك باليد ويجفف وتكرر هذه العملية ثلاثة أيام ويبدل الماء في كل مرة حتى يصبح أبيض ثم يقطع بالمقراض وينقع بالماء حتى يزول الجير منه ثم يدق في هاون وهو ندي حتى لا تبقى فيه عقد ثم يحلل في الماء ويصبح مثل الحرير ويصب في قوالب حسب الحجم المراد وتكون قطع الورق مفتوحة الخيطان فيرجع إلى القنب ويضرب شديدا ويغلى في قالب كبير بالماء ويحرك على وجهيه شديدا ويغلى في قالب كبير بالماء ويحرك على وجهيه حتى يكون ثخينا ثم يصب في قالب ويقلب على لوح ويلصق على الحائط حتى يجف ويسقط وي ؤخذ له دقيق ناعم ونشاء في الماء البارد ويغلى حتى يفور ويصب على الدقيق ويحرك حتى يروق فيطلى به الورق ثم تلف الورقة على قصبة حتى تجف من الوجهين ثم يرش بالماء ويجفف ويصقل'.
وخلال عشرة قرون متتالية، وحتى تاريخ اختراع أول ماكينة ورق في القرن الثامن عشر الميلادي لم تتغير العمليات الأساسية المستخدمة في صناعة الورق. فكانت المادة الخام توضع في حوض كبير ثم تصحن بمدقة أو مطرقة ثقيلة لفصل الألياف. ثم يتم غسل هذه المادة بماء جار للتخلص من القاذورات، وبعد فصل الألياف تحفظ بدون تغيير الماء الموجود في الحوض. وفي هذه المرحلة، تكون المادة السائلة جاهزة لعملية صناعة الورق الفعلية.
وتعتبر الآلة الرئيسية في صناعة الورق هي القالب. ويوضع هذا القالب داخل إطار خشبي متحرك وهو إطار منخفض حول حافته. ويقوم صانع الورق بغمس القالب والإطار في الحوض الذي يحتوي على المادة السائلة، وعندما يخرجان من الحوض، يكون سطح القالب مغطى بطبقة رقيقة من خليط الألياف والماء. ثم يتم هز الآلة إلى الأمام والخلف ومن جانب لآخر. وتساعد هذه العملية على توزيع الخليط بالتساوي على سطح القالب وتجعل الألياف المفردة تتشابك مع الألياف الأخرى القريبة منها مما يجعل فرخ الورق قويا. وأثناء ذلك يترشح جزء كبير من الماء الموجود في الخليط عبر الشبكة الموجودة في القالب. ثم تترك الآلة وفرخ الورق المبتل بعض الوقت حتى يصبح الورق متماسكا بما فيه الكفاية بحيث يمكن التخلص من الإطار الخشبي الموجود حول القالب.
وبعد نزع الإطار الخشبي من القالب، يوضع القالب في وضع معكوس ويوضع فرخ الورق على نسيج صوفي منسوج يسمى لبادة، ثم توضع لبادة أخرى على فرخ الورق وتكرر العملية.
وبعد وضع لبادات بين عدد من أفراخ الورق، توضع الكومة كلها في مكبس وتعرض لضغط تصل درجته إلى 100 طن أو أكثر حيث يتم التخلص من معظم المياه المتبقية في الورق. ثم تفصل أفراخ الورق عن اللبادات وتكدس وتضغط. وتكرر عملية ضغط كومة الورق عدة مرات وفي كل مرة توضع الكومة في نسق مختلف حيث تكون أفراخ الورق المفردة في أوضاع مختلفة بالنسبة للأفراخ الأخرى. وتسمى هذه العملية بالتبادل ويؤدي تكرارها إلى تحسين سطح الأوراق التي تم الانتهاء من تصنيعها. وآخر مرحلة في صناعة الورق هي مرحلة التجفيف، حيث يعلق الورق ف ي مجموعات مكونة من أربع أو خمس أفراخ على حبال في غرفة تجفيف خاصة حتى تتبخر الرطوبة الموجودة به تماما.
وبالنسبة للورق الذي يستخدم فيه الحبر لأغراض الكتابة أو الطباعة، فإنه يتطلب معالجة إضافية بعد التجفيف، لأنه بدون هذه المعالجة، سوف يمتص الورق الحبر وستظهر الخطوط مشوهة. وتشمل عملية المعالجة تغطية الورق بطبقة من الغراء من خلال غمسه في محلول من الغراء الحيواني ثم تجفيف الورق الذي تعرض لهذه العملية ثم الانتهاء من إعداد الورق عن طريق ضغط أفراخ الورق بين صفائح معدنية أو كرتون أملس. ويحدد مدى قوة الضغط ملمس الورق. وتضغط الأوراق ذات الملمس الخشن ضغطا خفيفا لمدة قصيرة نسبيا، بينما تضغط الأوراق ذات الملمس الناعم ضغطا شديدا لفترة أطول نسبيا.
ولقد تعددت أنواع الورق في بقاع الدولة الإسلامية فكان هناك الطلحي، والنوحي، والجعفري، والفرعوني، والطاهري، نسبة إلى أسماء صانعيه. وأدى ذلك إلى تسهيل إنتاج الكتب بطريقة كبيرة. وفي أقل من قرن من الزمان، أنتج المسلمون مئات الآلاف من نسخ الكتب التي ازدانت بها مئات المكتبات العامة والخاصة في كل أرجاء العالم من الصين شرقا إلى الأندلس غربا.
ومن الأندلس أدخل المسلمون الورق إلى أوروبا، وكان الأوروبيون في ذلك الوقت يكتبون على رقوق من جلود الحيوانات بل اعتاد الرهبان على حك مؤلفات عظماء اليونان المدونة على الرق ليكتبوا بدلا منها مواعظهم الدينية، مما أدى إلى ضياع الكثير من تراث اليونان العلمي والثقافي.
ثم انتشرت حرفة صناعة الورق في أوروبا، فأنشئ أول مصنع ورق في أسبانيا حوالي عام 544هـ / 1150 م، ثم تدهورت هذه الصناعة في أسبانيا، وانتقلت إلى إيطاليا، وتأسس أول مصنع لهذا الغرض في مدينة فيريانو عام 674هـ / 1276 م، وأنشئ مصنع أخر في بادوا عام 833هـ / 1340 م، ثم قامت مصانع أخرى عديدة في تريفير وفلورنسا وبولونيا وبارما وميلانو والبندقية. أما أول مصنع للورق أنشئ في ألمانيا فكان في مدينة ماينز عام 719هـ / 1320 م، وتبعه مصنع آخر في نورمبرج عام 792هـ / 1390 م، أما إنجلترا فلقد تأخرت صناعة الورق فيها عن بقية الدول الأوربية قرابة مائة عام وكان إنشاء أول مصنع فيها للورق عام 1495م. وخلال القرن الخامس عشر الميلادي حل الورق محل الرقوق الجلدية في الكتابة في أوروبا. بينما دخلت صناعة الورق إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن السابع عشر حيث أنشأ أول مصنع في أمريكا عام 1690م.
ولقد أدى الاستخدام المتزايد للورق في القرنين السابع عشر والثامن عشر إلى وجود نقص في لحاء الخشب الذي كان المادة الخام الكافية الوحيدة المعروفة لصانعي الورق الأوربيين. وفي الوقت ذاته، جرت محاولات لتقليل تكلفة الورق عن طريق اختراع ماكينة تحل محل عملية الصب اليدوية المستخدمة في صناعة الورق. وقد صنعت أول ماكينة عملية عام 1203هـ / 1789 م وقد اخترعها المخترع الفرنسي نيكولاس لويس روبرت. وقد تطور ماكينة روبرت هذه الأخوان هنري فوردينير ووسيلي فوردينير عام 1217هـ / 1803 م. كما حلت مشكلة صناعة الورق من مواد خام رخيصة من خلال التوصل إلى عملية تصنيع لب الورق حوالي عام 1840م، كما تم التوصل إلى عمليات إنتاج اللب كيميائيا بعد ذلك بحوالي عشر سنوات.
وحاليا يصنع أكثر من 95% من الورق من سلولوز الخشب. حيث يستخدم لب الخشب فقط في صناعة الأنواع الرخيصة من الورق مثل ذلك المستخدم في ورق الجرائد، أما الأنواع الأرقى فيستخدم فيها الخشب المعالج كيميائيا واللب وخليط من اللب وألياف اللحاء. . وتعد أفضل أنواع الورق - مثل تلك المستخدمة في الكتابة - تلك المصنوعة من ألياف اللحاء فقط.


صناعة الورق آليا
عند صناعة الورق آليا ينظف اللحاء المستخدم باستخدام الماكينة من أجل التخلص من الغبار أو الرماد والمواد الغريبة. وبعد عملية التنظيف هذه، يوضع اللحاء في غلاية دائرية كبيرة حيث يغلي اللحاء والجير تحت ضغط البخار لمدة تصل إلى عدة ساعات. ويتحد الجير مع الدهون والمواد الغريبة الأخرى الموجودة في اللحاء ليكون صابونا غير قابل للذوبان، ويمكن التخلص من هذا الصابون فيما بعد، كما أن هذا الجير يقلل أية صبغة ملونة موجودة في المركبات الملونة. ثم يحول اللحاء إلى ماكينة تسمى هولاندر وهي عبارة عن حوض مقسم طوليا بحيث تشكل سلسلة متصلة حول الحوض. وفي أحد نصفي الحوض، توجد أسطوانة أفقية تحمل سلسلة من السكاكين التي تدور بسرعة بالقرب من لوح قاعدة منحني وهو الآخر مزود بسكاكين. ويمر الخليط المكون من اللحاء والمياه بين الأسطوانة ولوح القاعدة ويتحول اللحاء إلى ألياف. وفي النصف الآخر من الحوض، توجد أسطوانة غسيل مجوفة مغطاة بطبقة عبارة عن شبكة رقيقة منظمة بطريقة معينة بحيث تمتص المياه من الحوض تاركة اللحاء والألياف خلفها. وأثناء تدفق خليط اللحاء والمياه حول الهولاندر، يتم التخلص من القاذورات وينقع اللحاء تدريجيا حتى يتحلل تماما إلى ألياف مفردة. وبعد ذلك يتم إدخال اللحاء المبتل في ماكينة هولاندر فرعية من أجل فصل الألياف مرة أخرى. وعند هذه النقطة، تضاف مواد تلوين ومواد غراء كالصمغ أو نوع من الراتينج ومواد حشو مثل كبريتات الجير أو الصلصال النقي، وذلك لزيادة وزن وحجم الورق.