اموله دوم فرحانه
لقد أرسلت الملكة الهدية والتي هي عبارة عن الجواهر والذهب وأشياء ثمينة جداً، ولكن الهدهد سمع قول الملكة ورجع إلى سليمان وأبلغه بذلك وقال: إن الملكة سترسل إليك هدية.
وعندما جاءت الهدية لسليمان، رفض الهدية، وقال: أتعطونني مالاً؟ لقد أعطاني الله أشياء أفضل مما عندكم، إنكم أنتم تفرحون بالهدية أما أنا فلا أفرح إلا بهدية الله تعالى وكَرَمه ورحمته.
ثم قال سليمان عليه السلام: ارجع إليهم فسوف نأتيهم بجنود لا يستطيعون مقاومتهم، وسوف نخرجهم من قريتهم وهم أذلّة. ويرجع الجنود بالهدية إلى ملكتهم ويخبرونها بما حدث ويقولون إن الملك سليمان سوف يرسل إلينا جنوداً ليخرجونا من قريتنا، فماذا تأمريننا أن نفعل؟ وكيف نتصرّف في هذا الموقف؟
لقد كانت هذه الملكة حكيمة وذكية جداً، وأدركت أن هذا الملك ليس كبقية الملوك، ولا يطمع بالمال، بل هو يدعو للإيمان بالله دون مقابل ودون أجر، ولذلك فلا بدّ أنه صادق. وإنني سأذهب إلى هذا الملك للتفاهم معه.
وتذهب الملكة مع بعض جنودها باتجاه الملك سليمان عليه السلام. ثم اجتمع سليمان بوزرائه ورجاله وكان مجلسه يحوي بعض العفاريت من الجنّ، وهم قد سخَّرهم الله لخدمته، وهذا عطاء من الله لسيدنا سليمان لم يعطه لأحدٍ من بعده.
قال لهم سليمان: إنني أريد منكم أن تحضروا لي عرش هذه الملكة، لأنهم سوف يأتون مسلمين، فمن يستطيع منكم أن يحضر هذا العرش قبل أن يأتوا؟ فيقول عفريت من الجنّ: أنا أستطيع أن أحضر لك هذا العرش وذلك قبل أن تغادر هذا المجلس. وأنا أمين وقوي ومطيع لك أيها الملك.
ثم يقول أحد المؤمنين الذين أعطاهم الله تعالى علماً من عنده، وكان هذا المؤمن يقرأ الزبور وهو الكتاب الذي أنزله الله على داود وسليمان، وقد تعلّم علوماً كثيرة.
يقول هذا الرجل الصالح: أنا أستطيع أن أحضر لك هذا العرش في طرفة عين!!! ويقوم هذا الرجل المؤمن بإحضار العرش من سبأ، ولم يكد سليمان عليه السلام يغمض عينيه حتى رأى العرش أمامه! فسارع إلى شكر الله تعالى على ما أعطاه من نِعَم. وهذا هو المؤمن الحقيقي، كلما منّ الله عليه بنعمة فإنه يسرع ويشكر الله تعالى ويحمده على نعمه.
وبعد ذلك قال سليمان عليه السلام لجنوده خذوا هذا العرش وغيّروا فيه بعض الأشياء كي لا تعرفه ملكة سبأ عندما تأتي. وذلك لنتأكد هل تستطيع التعرف على عرشها أم أنها لا تستطيع ذلك. ففعلوا ذلك وقاموا بتغيير شكل العرش. وهذا يدلّ على أن الله تعالى يختبر المؤمن دائماً، ليرى هل يؤثر ذلك على إيمانه أم أنه سيزداد إيماناً.
ولما جاءت ملكة سبأ وهي بلقيس دخلت إلى مملكة سليمان وقابلت الملك سليمان عليه السلام، فأخذها وعرض علها العرش والذي هو عرشها، وقال لها: هل هذا هو عرشكِ؟ تقول ملكة سبأ: لا أعرف، كأنه مثل العرش الذي أملكه لأنه يشبهه كثيراً.
لقد استغربت بلقيس من هذا المشهد، وتساءلت كثيراً عن سرّ وجود هذا العرش، ولكنها أُعجبت بمُلك سليمان وكيف أتى بعرشها من سبأ، أو كيف استطاع أن يصنع مثله!!
وعلى الرغم من ذلك حاولت أن تعلن إسلامها، ولكنها تردّدت لأنها كانت كافرة وكانت تسجد للشمس وهذا ما منعها من الإيمان بالله تعالى. وقد أدرك سيدنا سليمان عليه السلام ذلك.
ولذلك فقد أخذها الملك سليمان عليه السلام إلى بناء ضخم في داخله ساحة رائعة مصنوعة من الزجاج، فقالت إن هذه بحيرة من الماء! فأخبرها سليمان عليه السلام بأن هذه عبارة عن صرح مصنوع من الزجاج الشفاف وأن الله تعالى قد سخّر له من يصنع له هذه التُّحف والعجائب.
وهنا وأمام هذا الموقف وقفت الملكة بلقيس واقتنعت بالإسلام، فأعلنت إسلامها أمام سليمان، وفرح سليمان بهذه النهاية لامرأة كانت كافرة!!
.




التطبيق العملي للحفظ
والآن لنكتب الجزء الأول من هذه السورة (من الآية 1 وحتى الآية 44) ونقوم بتجزئته إلى سبعة مقاطع يبدأ المقطع الأول بالحديث عن القرآن وعن صفات المؤمنين، وهو بمثابة مقدمة للسورة.
ثم يأتي المقطع الثاني حيث يحدثنا الله تعالى عن قصة سيدنا موسى باختصار عندما ناداه الله في الوادي المقدس وأعطاه معجزات ليذهب بها إلى فرعون ويدعوه إلى الإيمان بالله تعالى، ولكن فرعون رفض دعوة موسى واتهمه بالسحر، ولذلك أخذه الله فأغرقه في البحر، ونصر سيدنا موسى ومن آمن معه.
والآن لنكتب هذه المقاطع:
المقطع الأول:
مقدمة السورة والحديث عن القرآن

اموله دوم فرحانه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ





طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)



المقطع الثاني:
الحديث عن قصة موسى عليه السلام
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)
المقطع الثالث:
الحديث عن قصة سليمان عليه السلام والنمل
وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)
المقطع الرابع:
سليمان والطير
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)
المقطع الخامس:
سليمان والملكة بلقيس
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)
اموله دوم فرحانه
المقطع السادس:
سليمان والعرش
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)
المقطع السابع:
نهاية القصة
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)
يمكن للقارئ الكريم اتباع الخطوات السابقة من حفظ المقاطع مقطعاً مقطعاً، ثم ربطها وحفظها مقطعين مقطعين وهكذا نفعل مع بقية سور القرآن.
ولا تنسوا أن تحاولوا فهم معاني الآيات ولماذا جاءت هذه الكلمة في هذا الموضع ولم تأت في موضع آخر، كذلك الرجوع إلى التفاسير وكتب قصص الأنبياء...
نصائح ذهبية
- اختر أفضل أوقاتك لحفظ القرآن، ولا تجعل هذا المشروع على هامش حياتك، لأن القرآن لن يعطيك شيئاً إذا لم تقدم له كل شيء!
- اعلم أن المهمة الكبرى للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام كانت حفظ القرآن وتبليغه لأمته، فأفضل عمل يمكن أن تقوم به هو حفظ القرآن، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه). يجب أن تنوي حفظ القرآن وتعليمه للآخرين.
- حاول أن تقرأ أي بحث أو مقالة لها علاقة بالقرآن، مثل أبحاث الإعجاز العلمي، فإن هذه العملية تقوي ارتباطك بالقرآن.
- حاول دائماً أن تبحث عن معنى أي كلمة تسمعها ولا تفهم معناها من خلال تفسير أو موقع إنترنت أو السؤال لأحد العلماء. إن هذه العملية ستزيد رصيدك من المعلومات بشكل كبير مع الزمن.
تساؤلات...
تردنا الكثير من التساؤلات حول حفظ القرآن الكريم والصعوبات التي يعاني منها كثيرون في بداية حفظهم لكتاب الله تعالى، ولذلك تجدهم يتركون الحفظ بعد فترة. وسوف نجيب عن بعض هذه التساؤلات، ونؤكد بأن الطريقة المثالية للحفظ هي أن تلجأ إلى الله بقلب صادق ونيَّة خالصة وسوف يختار لك الله الطريقة المناسبة.
هل تعتبر هذه الطريقة هي المثالية؟
لكل إنسان طريقة تعود عليها، فقد سألت أحد حفاظ القرآن عن الطريقة التي حفظ بها فأخبرني على الفور أنه إذا لم يوجد من يقرأ أمامه فإنه لا يحفظ شيئاً، وهنالك شخص آخر يحفظ من خلال تصوير الآيات في ذاكرته بفتح القرآن والنظر إليه طويلاً، وشخص ثالث تعود أن يحفظ القرآن بالتكرار، فهو يكرر الآية مئات المرات حتى يحفظها... وهكذا لكل طريقة تعود عليها، فما هي الطريقة المثالية.
يجب عليك أن تعتقد أنه لا توجد طريقة واحدة أو أن طريقتك هي الأفضل لأنك تعودت عليها، يجب عليك أن تجرب الطرق الأخرى وتستفيد منها. وأنا من خلال هذه الدروس أقدم لإخوتي القراء طريقة الحفظ السمعي بواسطة الاستماع إلى التلاوات المرتلة المسجلة، ولهذه الطريقة ميزات ذكرنا بعضاً منها، أهمها أنها لا تحتاج لمعلم أو لمكان أو زمان، أي هي طريقة مفتوحة.
ولذلك في البداية قد لا يألف بعض القراء هذه الطريقة، ولكن بعد فترة سيجدون لذة وحلاوة عظيمة بل سيتفاعلون مع الاستماع إلى القرآن حتى يجدون أنفسهم يبكون من خشية الله كلما استمعوا إلى القرآن. لذلك حاول أن تندمج مع كلمات القرآن وتعيش معها وتتصور الأحداث كما تسمعها.

اموله دوم فرحانه
هل تحتاج طريقة حفظ القرآن إلى معلم أو شيخ؟
يمكنني أن أخبرك أخي الحبيب بتجربتي في الحفظ، والتي كانت من دون أي معلم، كنتُ أعتمد على سماع القرآن فقط، وهذا كان يسهل عملية الحفظ، إذ أنني بهذا الأسلوب لم أتقيد بموعد أو مكان محدد للحفظ، بل كانت جميع الأوقات والأمكنة مفتوحة، وهذا ما ساعدني على استغلال كل دقيقة من وقتي.
ولكن هنالك اعتقاد عند كثير أو جميع العلماء يؤكدون فيه على ضرورة وجود شيخ للحفظ، وأنك لن تستطيع أن تحفظ شيئاً من دون شيخ، أو أنك لن تستطيع أن تتقن أحكام التجويد إذا لم يسمعها منك أحد ويصححها لك.
وأقول بأن هذا الكلام صحيح وغير صحيح! صحيح في أن المؤمن بحاجة للقدوة الحسنة ولمن يصحح له أخطاءه، وغير صحيح في أن أجعل اعتمادي كله على الشيخ! فإذا كان وجود شيخ حافظ لكتاب الله تعالى أمر سهل فهذا شيء طيب، ولكن إذا كانت ظروف الذي يريد أن يحفظ القرآن غير مناسبة لاتباع حلقات التحفيظ فهل يترك القرآن وينساه؟
لذلك أنت يمكنك أن تعتمد على الله أولاً ثم على نفسك في الحفظ ومحاولة تقليد ما تسمعه من الأشرطة، بل وتحاول أن تسجل صوتك وأنت تقرأ القرآن بترتيل ثم تستمع إليه وتحاول أن تكتشف أخطاءك بنفسك.
ثم كلما وجدت ظرفاً مناسباً للالتقاء بشيخ حافظ فيمكنك أن تعرض عليه شيئاً مما حفظته وتطلب منه أن يصحح لك الأخطاء التجويدية، أما الأخطاء اللغوية فهذا الأمر يجب ألا يحدث، لأنك عندما تستمع لصوت قارئ القرآن من شريط مسجل فأنت تستمع إلى القراءة الصحيحة وينبغي عليك أن تصغي جيداً وتلتقط كل ذبذبة صوتيه وتحاول أن تقلدها.
ولذلك ومن هنا ندرك معنى قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) . أي يجب عليك أن تدقق وتفكر بكل حرف ينطقه القارئ، ويفضل أن تسخر كل أحاسيسك ومشاعرك وتتفاعل مع القرآن ومع المعاني القرآنية.
كيف يمكن أن تفيدنا البرمجة اللغوية العصبية فى حفظالقرآن الكريم؟
يمكن أن نستفيد من علوم العصر ونسخّر ما اكتشفه علماء الغرب لخدمة كتاب الله تعالى، فهم يستخدمون قوة التركيز والتحكم بالذات للنجاح في جمع المال والشهرة، ونحن نستخدم قوة التركيز في فهم القرآن وحفظه والنجاح في رضا الله تعالى وجمع الحسنات!
علماء البرمجة العصبية يؤكدون على أهمية الإصرار على الوصول إلى الهدف، وأن تجعل هذا الهدف في كل حياتك وتعطيه كل وقتك حتى تحققه، وأنت أخي الحبيب يمكنك أن تجعل القرآن هو هدفك في الدنيا والآخرة.
تخيل نفسك وأنت قد حفظت القرآن، وسوف تعيش حياتك كلها مع كتاب الله تعالى، فهو الشفاء، وهو الدواء وهو الطمأنينة وهو القوة، وتخيل أنك تلقى الله تعالى وأنت حافظ لكلامه أليس هذا شيئاً عظيماً ....وهكذا يمكنك أن تبرمج دماغك وحياتك لحفظ كتاب الله تعالى.
ما هي الكتب التي يمكن أن تكون مفيدة في حفظ القرآن؟
إن الكتب المتوافرة حالياً هي عبارة عن طرق وتجارب يقترحها أصحابها من أجل تسهيل الحفظ، ولكن لا يوجد كتاب يجعلك تحفظ، إنما هي الإرادة والنية الصادقة والتي هي أهم من أي كتاب.
نصائح
- حاول أن تحفظ كل يوم ولو القليل من القرآن، لا تهجر القرآن.
- اقرأ ما حفظته في الصلاة، وكرر ذلك فسوف تجد متعة في أن تكون صلاتك طويلة.
- حاول أن تفكر بمعاني الآيات التي حفظتها قبل أن تنام، وحين تستيقظ من النوم، لأن العقل الباطن في هذين الوقتين يكون متصلاً مع العقل الظاهر. وسوف تتحول أحلامك وأنت نائم إلى أحلام جميلة وسوف تشاهد نفسك تتلو القرآن، فهل هنالك أروع من ذلك؟!
- اعتقد بشدة أنك تستطيع أن تحفظ القرآن، وسوف تحفظ القرآن بإذن الله تعالى.
كيف تعمل ذاكرة الإنسان؟
سوف ننتقل إلى فقرة مهمة حول آلية عمل الذاكرة لنتمكن من خلال هذه المعلومة من السيطرة على ذاكرتنا وجعلها خاضعة للإرادة وهذه الطريقة ستقضي على النسيان نهائياً.
ربما يكون أكثر الأجزاء تعقيداً في جسم الإنسان ذلك الدماغ المسؤول عن التذكر واسترجاع المعلومات، وهذه نعمة من الله تعالى ينبغي علينا أن نقدرها ونعتني بها. يمكن النظر إلى الذاكرة على أنها عبارة عن كمبيوتر يحتاج للعناية والصيانة والتغذية اللازمة.
هنالك أمر مهم ألا وهو أن نراعي طريقة التخزين للمعلومات، لكي تكون سهلة الاسترجاع. فإذا اقترن التخزين بالفهم يكون أكثر فعالية أثناء الاسترجاع. ولذلك لا بد من فهم ما نحفظه، وذلك من خلال التفاسير المتيسرة.
أيضاً فإن تأمل الآيات أثناء حفظها يزيد في فعالية تخزينها واسترجاعها. وإذا علمنا بأن الذاكرة تقوم بالحفظ من خلال ربط المعلومات بعضها ببعض، إذن فعلينا أن نربط الآيات بالتدبر والفهم ونوسع خيالنا.
فمثلاً عندما أريد أن أحفظ سورة يوسف عليه السلام يجب أن أهيئ نفسي فأتعرف على هذه القصة أولاً وأحاول معرفة الحكمة من وجودها في القرآن، ولماذا أنزلها الله على حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم، وما هي العِبَر التي نستنتجها من هذه القصة، وبذلك نكون قد هيَّأنا الذاكرة للعمل والتخزين بشكل جيد، تماماً كما نهيئ الكمبيوتر ليكون صالحاً للاستعمال.



يتبع
اموله دوم فرحانه
ما هي طريقة المراجعة الصحيحة لما قد تم حفظه من قبل، أي كيف يمكن استرجاع أشياء نظن أننا قد نسيناها؟
يجب أن نعلم بأن العقل الباطن للإنسان هو نعمة كبرى أنعم الله بها علينا، ولكن بشرط أن نستغله في الخير وفي مرضاة الله تعالى. كذلك يجب أن نعلم أن كل الأشياء التي نحفظها فإنها تنطبع في هذا العقل الباطن، وتبقى موجودة لفترات طويلة جداً.
وهكذا نستطيع أن نستنتج أن الاعتناء بالعقل الباطن وتدريبه باستمرار يؤدي إلى الاستفادة من قدراته في الحفظ، لأن العقل الظاهر سريع النسيان. وتكون الاستفادة من العقل الباطن عندما نتدرب على الاتصال به، وأفضل الأوقات لذلك في الليل، وقبل النوم، ولذلك ذكر تعالى الليل بعد ذكر القول الثقيل وهو القرآن فقال: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) . أي أن الليل هو الوقت المثالي للتدبر والتفكر وتثبيت الحفظ.
لذلك لا بد من الاستيقاظ ولو لساعة أو نصف ساعة في الليل ومراجعة ما حفظته من القرآن وستكون النتيجة مبهرة، ويمكنني أن أخبرك عزيزي القارئ أنني قد حفظت سوراً وراجعتها بهذه الطريقة، وقد تمضي سنوات أو أشهر بسبب انشغالي بعلوم الإعجاز، ثم أسترجع هذه السور فأجدني أتذكرها وكأنني حفظتها البارحة!
هنالك سؤال يتعلق بنهايات الآيات، حيث تختلط هذه النهايات على كثير من الإخوة الذين يودون حفظ القرآن، فما هي الطريقة التي تضمن عدم الخلط بين هذه النهايات، أي كيف نميز نهاية آية عن غيرها؟
يجب ربط معنى نهاية كل آية بمعنى الآية ذاتها، فعلى سبيل المثال وفي قوله تعالى:
1- (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
هذا نص كريم يتألف من 3 آيات، وكل آية لها نهاية تختلف عن الأخرى، فكيف نضمن أن يكون حفظنا صحيحاً ولا نخطئ؟ يجب علينا أن نتأمل هذا النص الكريم ونتأمل كل آية وما تعنيه، ونتساءل لماذا انتهت الآية الأولى بقوله (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، والثانية بقوله (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والثالثة بقوله (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وكيف نميز بينها؟
1- الآية الأولى تتحدث عن عقوبة السارق: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) ولذلك فمن الطبيعي أن تنتهي بعبارة تدل على أن الله عزيز والعزّة تعني القوة والتكبر والقدرة، فالله قادر على معاقبة كل من يعصي أمره، وهو حكيم لا يظلم أحداً، والحكمة تتطلب أن تُقطع يد السارق، وليس كما يدّعي أعداء الإسلام أن ديننا هو دين العنف. ولذلك وبما أن هذه الآية تتحدث عن السرقة وعقوبتها، فكان من الضروري أن تنتهي بقوله تعالى (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
2- الآية الثانية تتحدث عن التوبة من هذه الذنوب (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ)، فمن تاب من السرقة وأصلح فسوف يغفر له الله ويرحمه، ولذلك انتهت الآية بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وتأمل معي أن الله لم يقل (والله غفور رحيم) بل قال: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي استخدم وسيلة تأكيد هي (إن) للتأكيد على رحمة الله ومغفرته، ولكي لا نفقد الأمل من رحمة الله ومغفرته، فأكد لنا الله هذه الحقيقة أي حقيقة المغفرة بكلمة (إن) التي تستخدم للتأكيد..
3- أما في الآية الثالثة فإننا نجد حديثاً عن ملك الله وقدرته على العذاب والمغفرة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، ولذلك كان من الضروري أن تنتهي هذه الآية بعبارة تدل على قدرة الله وملكوته وأنه لا يعجزه شيء في مُلكه، ولذلك انتهت الآية الكريمة بقوله جل وعلا: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
لذلك يمكنني أن أخبرك أخي القارئ بأن قليلاً من التأمل يوفر عليك كثيراً من الوقت، وسوف تحصل على نتائج مبهرة في حفظ كتاب الله تبارك وتعالى.