!!شُُمــٌوَخْ!!
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
اش فكره عامه وخلاصـــــــــه



انا اقــــرأ وفيه الكثيــر راح يقرأ



ننتظركــ اختي .... اكملي
roo7a
roo7a
شكرا لكل من شرف الموضوع ووضع بصمة فيه

وهذا اخر جزء " الجزء الرابع "




المكان : ترهونة ليبيا
الزمان: 1946 – الحرب العالمية الثانية

هرعت اليهودية وطفلها الرضيع إلى أسقف الكنيسة الكاثوليكية الإيطالي بترهونة واستنجدت به في أن يجد لها حلاً... قلقد أنجبت سفاحاً من خطيبها الضابط الإيطالي والذي رحل بعد تلقيه اوامر بالانسحاب ... توسلت إليه أن يغيثها وابنها... فقد رحل ذاك الأب الإيطالي الوسيم ... وتركها لوحدها تجر ذيول الخيبة ورائها والطفل من بين يديها... إنها غريبة عن هذه المضارب... وطرابلس مدينة بعيدة عنها ... ، ثم نظر، ليس أمامها إلا هذا الأسقف... الذي فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر... ثم نظر وقال سنختار له اسم آخر "

"جاليليو" ...

تظاهرت الأم بالرضا وهى تعرف أنها أسرت له بإسم آخر وهو

"اشكالون" ...

وكبف لا؟ أنه يهودي مثلها إنه يشبهها..وسيشبهها ....
وقام الأسقف بتسليم هذا الرضيع إلى بستاني طاعن في السن وزوجه ليتكفلا به ريثما يرجع الضابط الإيطالى إلى الديار...
ولكنه لم يرجع...
مرت السنوات... واشتد عود ذلك الطفل وكانت النسوة تعرف قصته وتتهامس بها... وكان أشد ما يخجله معايرة أقرانه له (يا ولد الإيهودية) ... كان يحاول جاهداً أن يقرن نفسه بالعائلة التي تكفلت به... وان ينصهر في هذه البادية الصحراوية ... كان يعيش صراع اثبات وجود... الهروب من الهوية الضائعة... العار الملازم له... لقد أفرزت تلك الخطيئة ثلاث وجوه متضاربة..."جاليلو الإيطالي" ..... " اشكالون اليهودي" ... و و لاحقا...

" مدمر ليبيا"

ولم تيأس زعفرانة ولم تنقطع مراسلاتها لـ" جاسيا" أخت ذاك الضابط وخطيبها.. كانت تستعين من آن إلى آخر بذاك الأسقف ليكتب لها فضفضاتها .. وعن معاناتها ومعاناة "جو" او " جاليليو"... صورهما النادرة والقليلة... سعادتهما لو عاد الأب لهما من جديد...
وانتهت الحرب العالمية الثانية... أيقنت أنه لن يعود ... إنه خرج ولم يعد... لقد مات...
داهم المرض زعفرانة .. وأحست بدنو أجلها.. فشدت علي يد اشكالون .... وهمست له... " أريدك أن تبقى هنا ... ابقى هنا ... ليبيا مكانك... لا أريدك أن تكون اشكالون اليهودي التائه.. و جاليليو الإيطالي اللقيط... لاأريد منك إلا أن تكون كيفما اطلق عليك ذاك البستاني الليبي ... إنك من اليوم فصاعدا "......" لقد أيقنت انه قد انقطعت كل السبل أمامه ... وليس لديه الا أن يكون ليبي.. " كن منهم مهما كلفك الأمر.. هكذا سأنام قريرة العين تحت التراب.. وما عاد ذلك فهو سراب... نظر إليها ذاك الفتى ... كم كان يحس بالحنق من تلك الكلمات " برا يا ولد الإيهودية" كيف له أن ينسى تشرده ... احساسه بالنقص امام أقرانه الأطفال الليبيين... يشعر بالحقد حيال ترابطهم ... توادهم...وانتمائهم..
ودع اشكالون أمه بعد ما فارقت الحياة بهدوء... تاركة إياه يصارع عواصف الصحراء الليبية... عواصف الحياة.. واستعجب لماذا من الحكمة أن أبقى هنا؟؟!!!
أنه دهاء... دهاء الأم... المتوراث...
لقد اصبح اشكالون يعاني نوع من الإضطراب ناتج من عقدة نقص.. ولكنه كان يحاول بإستماتة ترميم هذا النقص.. كان يحلو له أن يتفاخر بين الليبيين ببطولات وأمجاد وهمية ليس لها واقع.. ولبس لباس المناضل والثائر وابن البادية...... وانتقل وعاش تارة في بنغازي وتارة في مصراتة وتارة في سبها لقد حضنته هذه المدن وتعلم فيها... أما طرابلس تحديدا فلم يجد لنفسه مكانا فيها أنذاك ...كانت مدينة عصرية .. وهو سيكون محط سخرية بالنسبة لهم .. فهو ليس بالنسبة لهم الا شخص متخلف... يتحدث بطريقة متخلفة.. ولم يجد لنفسه مكان فيها... وأصر على تعلم ركوب الخيل والفروسية... انها ملامح الليبي البدوي...لقد أصبح كما أرادت أمه أن يصبح...
ولكن


ولكن....

العرق دساس!!!!

___________________

:

الزمان: شهر رمضان 18-8-20011
المكان: طرابلس

فتحت عينيي بصعوبة كان نور الشمس ذاك الصباح المشرق تقشع عيناي .. رمقت بعيني لأجد ستائر حجرة الأطفال الرقيقة المزركشة تتطاير جيئة وذهاباً .. بنسمات عليلة ... لقد أفقت وأحتجت للأقل من ثانية لكي أتذكر أين ولماذا أنا هنا على الأرض ومرتدية بدلة الصلاة ؟... ... آه تذكرت.. يالها من ليلة هوجاء... حرب النجوم فوقنا أعلى السماء.. حرب صواريخ الحلف الأطلسي الذي جاء ليحم مدنيين مثلي وأطفالي ... وصواريخ السكود المتراصة بين أحيائنا و التابعة لذاك الأخطبوط الذي أراد أن يدمر طرابلس فوق رؤوسنا... وقفت فجاءة على قدمي.. الحمد لله استطعت ان أقف ... إلتفت إلى أطفالي أنهما على ما يبدو قد أفاقا قبلي من النوم وهاهم منهمكون في تركيب قطع من "الليقو" المتناثرة على أمامهم حيث يجلسون... الحمد لله .. لم يسمعوا شيئا... الحمد لله على سلامة أطفالي وسلامتي... إنها أعجوبة.. يوم جديد...

وقفت أمام النافذة... استنشقت الهواء العليل... ما أجمل صباحك يا طرابلس... إنها نسمة بحرية ترد الروح.. لقد نصحني زوجي أن أبقي على النوافذ مفتوحة ليلا وذلك لتفادي تحطم البيت جراء ضغط الإنفجارات خارجه... ظللت واقفة.. وأذناي تطربهما زقزقة العصافير ... ما أجملك يا طرابلس... إنك مختطفة منذ 42 سنة والآن أنتي محاصرة... ان الأخطبوط يخنقكي ... انك رهينته يا عروس البحر الأبيض ... كما كانوا يسمونك...

لقد عرف جمالك عظماء العالم.. الرومان... الأغريق... الفتوحات الإسلامية...العثمانيون... الهبتيهم بجمالك ... حتى وقعت في يده ... فخنقك وطمس تاريخك وحضارتك وشوهنا... سرح خيالي بعيد... ولم أرجع إلا على سؤال ابني:

" ماما.... ماما.... شنو بنفطروا؟"

توجهت إلى هاتفي المحمول لأجد عشرات من المكالمات الفائتة ... إنه زوجي الذي اضطره استشهاد أحد أصدقائه للمبيت في مدينة أخرى لحضور جنازته.. حاولت الإتصال به... ولكن لا فائدة فالخطوط صعبة...

إنه يوم جديد ولكن شاق بالتأكيد... سيارتي مركونة في الجراج منذ أسابيع.. بعد أن بات أمر الحصول على وقود شئ مستحيل... وكانت دقائق عودة التيار الكهربائي من حين إلى آخر... دقائق مصيرية بالنسبة لنا... فمنا من يهرع لتعبئة قوارير الماء... ومنا من يجري للمطبخ للتنظيف والجلي والطبخ... اننا نسابق الزمن ونحاول فعل كل شئ قبل انقطاعه من جديد... ولا يفوتنا فتح التلفزيون لمشاهدة آخر التطورات...

أما المنتدى فقد كنت في أشد حالات الإشتياق له ... النت كان مقطوعا...والهواتف مراقبة و لاسبيل للفضفضة ابداً...



ظهور جاسيا مرة أخرى... إن من الوفاء ما قتل!

الزمان: 1984
المكان: السفارة الليبية بروما

لم تكن السفارة لليبية مزدحمة كعادتها... عندما وقعت عينا السكرتير على عجوز تدخل السفارة تطلب مقابلة السفير ذاته.... كان شعرها ابيض مختلط بشعيرات شقراء وتتحدث الايطالية بطلاقة وفي يدها محفظة جلدية... انها جاءت ليس لطلب تأشيرة ولكن لأمر جلل ... لا يتحمل الا مقابلة السفير شخصيا... وافق السفير الليبي على مقابلتها... ودخلت وكانت المفاجأة ... أخرجت العجوز كل ما تحويه تلك المحفظة من أسرار... إنها...
رسائل زوما القديمة.... الصور القليلة لذاك الفتى في ليبيا... إنه ابن أخيها الضابط الإيطالي المتوفى... احتفظت بكل شئ... ولم تكن تعرف ان الزمان دوار وستلتجئ إليها في يوم ما.... كانت تطالب السفير بمساعدات ومعونات مالية... ووساطات.. قد تتجاوز حدود صلاحياته. قالت له بكل ثقة أنا لست شخص عادي ... إنها... " عمة القائد"...

وقعت الحقيقة على رأسه كوقع السيف...لقد كانت تلك الشائعات تترد خفية بين الليبيين... ولكن لا دليل ملموس... وها هو الدليل الدامغ بين يديه... جاء برجليه إليه..العمة بشحمها ولحمها... وذكريات احتفظت بها حوالى اربعة عقود...

طلب السفير حجز اول رحلة له متوجها الى طرابلس ... مصطحبا معه تلك الوثائق... لم يدر ماذا يفعل... أسر لزوجته عن تلك المقابلة.. وسكرتيره الأول... قيل له إنها ربما تكون لعبة استخباراتية لكشف مدى وفائه واخلاصه... وإن من الوفاء ما قتل!!!
اتجه فورا إلى طرابلس وطلب موعدا مستعجلا لمقابلة "القائد"...
وقابله... وسلم إليه كل ما في جعبته... من حيثيات تلك المقابلة... الرسائل... الصور... كل شئ... نظر اليه القائد نظرة زجاجية باردة جامدة.. ولكنها ثاقبة... انها لا تقل حدة عن نظرة سمك القرش الأبيض... هذه النظرة تقول الكثير... إنك قد تجاوزت حدوك ... وعرفت اكثر مما يجوز لك ان تعرف!...
إذا إنها النهاية...

كانت التصفية الجسدية سمة لصيقة بهذا النظام... فرجاله يجوبون عواصم العالم...مرتديين ارقى البدل ويرافقهم مسدس كاتم للصوت.... وشيك مفتوح ... إنهم مدرسة من مدارس الجريمة المنظمة... على طريقة المافيا... ولكن هؤلاء أكدى...عشرات وعشرات من الليبيين... تعرضوا لما اسموه بالتصفية الجسدية في الخارج... روما ...بيروت... لندن... و...و... إنها الجريمة الكاملة...
أمر "القائد" ذاك السفير بصرف النظر كليا عن هذا الموضوع... انها ليست الا ألاعيب "الأعداء"... وأمره بالعودة فوراً إلى روما واستئناف مهامه كأن شيئا لم يكن...

وكذلك فعل... وماهي إلا ثلاثة أيام... ليتفأجأ به الجميع مضرجاً بدمائه جراء رصاصة من مسدس كاتم للصوت... اخترقت جسده...
لقد تجاوز حدوده,,, لقد عرف أكثر مما يجوز له أن يعرف.......

فتح معقل باب العزيزية واقتحام سجن ابوسليم... المعجزة الألهية... سبحانه الذي لا يعجزه شئ...

لن يعلم أحد ماذا يعني دك وفتح معقل باب العزيزية بالنسبة لنا نحن كاليبيين... الا إذا عرف ماذا هى...

إنها مقر القيادة... مقر "القائد" إنها مستعمرة تلك العائلة التي من خلالها يستعمرون المستعمرة الأكبر ليبيا.. انه معقل منيع عسكري سكني... ذي أسوار خرسانية عالية... ليست سور واحد ...بل ثلاثة أسوار متتابعة وملتفة على شكل دهليز عجيب ... يشمل مقر إقامته وحراسه البالغ عددهم 3600 حارس... يقومون بمراقبة المعقل المترامي الأطراف على مساحة تبلغ حوالى 3 هكتار ... فيها مدارسهم ومراكزهم الصحية... وتحوي على أعقد غرف سيطرة وقيادة في العالم ... منظومات استخباراتية كبيرة وسراديب مجهزة بالكامل تحت الأرض... تربط هذا المعقل بأجزاء حيوية من طرابلس... يكفي أن نعلم أن صرف على تشييد هذه المستعمرة حوالى 47 مليار دولار...أما من اسوارها الخارجية.. فتجد غرف خراسانية معلقة ذات نوافذ تطل على شوارع طرابلس.. موزع عليها أعداد من الحراس المدججين بالأسلحة مصوبة على المارة في الشوارع وأجهزة تصنت ومراقبة... لقد تعودنا منذ الصغر أن لا نشيع بأنظارنا إليهم.. كنا نتجنب حتى استراق البصر... إنها مدينتهم المتكاملة... التي من خلالها قمعوا الليبيين واغتالو حرياتهم واغتصبوا ثرواتهم منذ عقود...

هل عرفتم لماذا كان فتح هذا المعقل وفرار طواغيته انتصارا بالنسبة لنا؟ إنها معجزة ألهية وهبها الله لنا.. فتح مبين...
وبعدها أراد الثوار اقتحام سجن ابوسليم... ذاك المكان المرعب... الذي يسجن فيه الليبين بدون محاكمة ولا جناية... قد يمكث أحدهم 18 سنة ولا يعرف لماذا والى متى... انه أسوأ من سجن الباستيل الفرنسي..
توجه الثوار بالمطارق... ومعهم افواج من الأهالي والسكان... واقتحموا ذاك السجن... اقتلعوا اقفاله وحطموا سلاسله... وتعالت تكبيرات السجناء وكذلك الثوار... وخرج المساجين... لم يستطيعوا فتح أجفانهم ... فإنهم لأول مرة منذ زمن يخرجوا للنور ... نقلوا جميعا الى اماكن ليستحموا وليحلقوا رؤسهم وليا:لوا جيدا و ليرجعوا لذويهم... كان اغلبهم من بنغازي وما جاورها من مدن... انهم من الشرق الليبي... الكابوس الذي اقلق مضجع ذاك الأخطبوط يوما...

وتم ابلاغ اهالي ينغازي وتبشريهم بقرب وصول من تبقى من سجن ابوسليم... انهم حوالي 1500 سجين... وفي يوم مهيب... اجتمعت 1500 اسرة ... من ذوي اولئك السجناء... وازدحم الساحل الليبي ببنغازي بجميع الأهالي... لإستقبالهم...
ياليتني كنت معهم.... لم استطع ان امسك دمعتي وانا اسمع دعاء ذلك الموكب المهيب من النسوة والعائلات... وهم ينادون في صوت جهوري واحد:

(الله واحد صمد إيهد المدمر هد) (الله واحد صمد إيهد المدمر هد) (الله واحد صمد إيهد المدمر هد)

ووصل المساجين 1500 ورأينا احتضان الأمهات لأبنائهم غير مصدقات... ورأينا صبر من استشهد ابنها في هذا السجن من قبل...
ترى كيف ستكون نهايتك يا مدمر... كيف لك ان تفلت من دعاء المظلومين والمظلومات...


وتحررت طرابلس وانكشف المستور...

لقد كشف تحرير العاصمة عموما وفتح باب العزيزية الكثير من الخبايا ... أظهر المستور... وأعطانا الكثير من الإجابات عن ألغاز غامضة ألجمتنا لمدة 4 عقود...
- مقابر جماعية..أبرزها التي تحوي رفاث ضحايا مجزرة ابوسليم البالغ عددهم 1670 وجدت عظامهم النخرة بملابسهم في حفرة واحدة عميقة...
- وثائق وتسجيلات صوتية " للقائد الأممي" يأمر المرتزقة بالإغتصاب..
- حاويات معدنية مخصصة لشحن البضائع... محكمة الإغلاق ... بها الشباب الذين تم اعتقالهم يوم 25-2-2011 ... وجدوا جميعهم جثثت هامدة متعفنة... جراء الإختناق...
- وثائق استيراد الفياجرا بكميات ضخمة من اسبانيا وتوزيعها على كتائبه ... هذا غير كميات من الكوكايين في بيوتهم ...
- المصحف الشريف... وبها تحريف بخط يده وبقلمه وشطبه لعنه الله...لبعض الآيات وكلمة " قل" ..
- وكر سري مخصص لإغتصاب الفتيات مخصص له شخصيا ... موجود تحت مدرج يسمونه المدرج الاخضر خاص باللجان الثورية..في الجامعة .. وملحق به وحدة طبية مجهزة بالكامل بأجهزة النساء والولادة لإجراء عمليات الإجهاض والترقيع... والعياذ بالله...
- مقتنيات وأدوات وقاذورات ونجاساات ومخلفات آدمية كان يستخدمها للسحر والشعوذة ...

- وثائق تبين تضييعه للثروات الليبية لطالما حرم الليبيون منها... مثل صرف 90 مليار دولار لدول افريقيا....ومقابل دعم عسكري لقمع الليبيين...
-






لم أكذب عندما كنت أخبرتكن في مناشدتي عن طبيعة حياتنا... نعم ... ولكن ثورتنا لم تكن مادة ولا خبز... إنها ثورة لحريتنا... ثورة لديننا ... ثورة لسنتنا... لم أكذب عندما قلت أنه قال ان القرآن شريعة المجتمع.. فذلك ما كان يقوله لنا و هو مكتوب في كتابه الاخضر... ولكني أخطأت عندما نسبت الأشياء الجميلة في حياتنا له... لقد كان يظهر لنا عكس ما يضمر... عشنا تحت وطأة إعلامه... ومقولاته... علينا أن نكرر وأن نحفظ صما كل مقولاته في الطوابير في الأناشيد في الكتب الدراسية في الجرائد... كل شئ ... صحيح كنا شبه مفصولين عنه... لا يهمنا ماذا يقول... نعيش حياتنا واستثماراتنا ونحاول ان نكون بمنأئ عنه... فشره مستطير... ومعاداته لا تحمد عقباه... إنه كان قدرنا المحتوم... صبرنا حتى نفذ الصبر...




فلا تلومونا إن ثرنا أو أصحبنا قساة يوما... ..لقد تصالحنا مع أنفسنا ولم نعد نطيق التعايش مع تناقضاتك... أنت الفاتح... وقد أغلقت امامنا كل ابواب الابداع والتقدم... انت امام المسلمين... وتهيننا في أحب من نحب... وتنكر سنته وتحرف كتابنا.. لم نعد نطيق عارك الذي يلاحقنا حيثما سافرنا... كفاك... سئمنا من تلميعك... من تبرير جنونك... سئمن مقتك لنا وحربك البطيئة علينا...



وتمنينا لك الموت بإيدينا.. لنشفى صدورنا ...



أنها مصالحة مع أنفسنا وداعا لتناقضاتك والتي انعكست علينا فعشنا التناقض...





يوم القبض...



المكان: طرابلس
الزمان: 22-10-2011




قمت من النوم صباحا كالعادة... لقد تحررت طرابلس منذ شهر تقريبا.. ورجعت الكهرباء والمياه والوقود... ولكن الحدث الأكبر ان هواتفنا لم تعد مراقبة كما كانت عليه منذ عقود... بتنا نتكلم بحرية نعبر بحرية... نكتب بحرية... ولكن مع هذا لن نرتاح ... ولن يهنأ بالنا .. حتى يموت ويواريه التراب... فدسائسه لن تنتهي وتدميره لن يتوقف... حتى تتوقف أنفاسه....



فتحت التلفزيون وبالتحديد على احد القنوات الإخبارية... واستأنفت روتين حياتي... الإعتيادية من إعداد للطعام وترتيب المنزل... الخ... كانت ليبيا تقريبا محرة بالكامل وبأيدي الثوار... إلا مدينة سرت...



كنت منهمكة في أعمال البيت... وأجهز نفسي للذهاب مساءاً إلى بزار خيري سنشارك فيه لصالح الجرحى والعائلات النازحة...



وولكن لفت نظري العاجل المتكرر على احدى هذه القنوات وبالبنط العريض... القبض على شخصية كبيرة... لم أسمع منذ مدة عن أخبار كتلك.. تركت كل شئ وجلست أمام الشاشة... ربما أحد ابنائه ... حراسه... معاونيه... هذا او ذاك ... ثم فجاءة... كانت الصاعقة... كاد ان يغمى علي... إنه إنه... هو بذاته...



لقد امسك ثوار مصراتة به شخصيا... لم اتمالك نفسي... صرخت مكن هول المفاجأة... كنت انتظر التأكيدات لن اصدق حتى ارى فيديو... صورة ... تسجيل... حتى اصدق... تخبطت... من جهة أردت ان اواصل المشاهدة ومن جهة اردت ان اتصل باالجميع بالجيران بالصديقات... بالأخوة... بأمي وأبي... الجميع ... لأسألهم هل يرون ماأراه... هل يسمعون ماأسمعه.. اتصلت... وانا مرتبكة... لأجد أن أرقام كل من اتصل بهم مشغولة... تركت الهاتف وواصلت متابعتي... زوجي في العمل وأطفالي بجانبي... قالوا لي



(خيرك ماما؟ شن فيه؟ )



و أجبتهم بدون ان التفت اليهم



(اضني شدوا ابوشفشوفة)




كنت انتقل بالريموت في صفحة المفضلات من قناة الى اخرى... العالم كله يتابع... حدث جلل...



فجأة شهقت... وتعالى صوتي...



(هو يا ناس هو شدوه) ...



جريت الى الدرج ارتدت ان انزل للحديقة واخرج الى جارتي لأبشرها ولكنني سمعت نفس الصيحات في الخارج...فعرفت أنهم عرفوا ما عرفت ... فرجعت ... رأيته بأم عيني في ثوار مصراتة... لمن لا يعرف ما حدث في مصراتة ... انسوا طرابلس وانسوا ماحدث في بنغازي وووو وفي كل ليبيا ...ولكن ابحثن عن ما فعله بمصراتة... اعجز عن ان اتكلم عما فعل فيها ... تحتاج الى اجزاء واجزاء... انها المدينة التي حظنته ايام تشرده ... االأهالي الذين فتحوا له ابوابهم... وبيوتهم منذ 1963 عندما جاءها عاريا جائعا ضائعا...



لقد دمرها!... انه ترتيب الهي ان يقع بين ايديهم... لقد استجاب الله لدعاء الأرامل والثكالى والأطفال الذين بترت اطفالهم... للأباء الذين للملموا اشلاء اطفالهم المحترقة...وواجلوا عائلاتهم عن طريق البحر الى بنغازي بعد ما دمر بيوتهم وسمم مياههم...انه هو.. بشحمه ولحمه ... وهو مستمتع بالأمنا... يلعب الشطرنج... ويأمر مرتزقته بالرقص والغناء والمرح... على جثت الليبيين... إنه هو...



لقد تعود 42 سنة ان يكون الطرف الذي يهين ويقتل ويغتصب ويندد ويسجن ويقمع ويحرق ويضرب ويحرف... لم يتحرك العالم لنا ساكنا... صبرنا وابتهلنا وبلعنا... عانينا في صمت ...





وعندما جاء الدور لنأخذ حقنا لأنفسنا ولنشفى غليلنا.... وقف العالم وقال... حقوق الإنسان!... انه ليس أنسان... انه ليس آدمي.. حقوق الأسير! انه ليس بأسير انه مجرم حرب... وكافر أعلن العلماء خروجه عن الملة واهدار دمه...



امعنت في النظر انه هو ... هو بذاته... تعالت زغاريدي ...




( الله اكبر ... نهايتك يا طاغي)




( الله اكبر ... نهايتك يا طاغي)




ألم أقل لكم في الجزء الأول أن حياة الطغاة بداية بسيطة ولكن غريبة ... أما نهايتهم دائما مفزعة وغريبة ايضا... إنها حكمة الله سبحانه وتعالى ... ربما ليتيقن الناس من قدرته عز وجل...
تم دفن جثثهم في مكان نائي في الصحراء لا يعلم به أحد بعد أن طلب من اثنان من مفتيه الذين باعوا ذمتهم تغسيلهم والصلاه عليهم




قال الله تعالى( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)



(كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنّاتٍ وَعُيُونٍ*
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السّمَآءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ )





___________________________




هذه الحلقة الأخيرة من سنوات الضياع الليبي... وأهدى هذه المذكرات التي كتبتها بقلمي الى أرواح شهداء ليبيا..



لقد أخذت على عاتقي أن اخدم ليبيا وبلدي لأخرج صوتنا للعالم ... بدون مواربة وبدون خوف وبدون تلميع... لأولئك الذين شككوا فينا وأرادوا تشويه ثورتنا..والتجارة بالآمنا... فقط انظروا للبسمة على وجوه شهدائنا وستعلموا الحقيقة.... ولأقول لاولئك الفتيان الذين دخلوا الميدان بصدور عارية وأياد خاوية وخرجوا منها أسوداً.. لقد تعلمتم خلال هذه الفترة ما لا يتعلمه من جلسوا في مقاعد الكليات العسكرية..... لن ننساكم ما حيينا... لقد رميتم بأنفسكم للموت لنعيش... اخترتم الخلود في الاخرة. لنبقى.. رحمكم الله جميعا...



دم الشهداء ما يمشيش هباء...







شكرا لكم ...
roo7a
roo7a
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
اختي هي معاناة شعب باكمله .. كيف اختصرهااا بسطر او سطرين !!!

على العموم مشكورة على مرورج
المشغوولة
المشغوولة
رووووووووعة قرأتها حرفا حرفا
الله يبدلهم خيرا منه
roo7a
roo7a
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم