إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب السابع
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل السلام والمصافحة
من رأى كأنّه يصافح عدواً ويعانقه، ارتفعت من بينهما العداوة، وثبتت الإلفة، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المصافحة تزيد في المودة " . ومن رأى أن عدوه يسلم عليه، فإنّه يطلب إليه الصلح.
ومن رأى أنّه سلم على من ليس بينه وبينه عداوة، أصاب المسلم عليه من المسلم فرحاً. وإن كانت بينهما عداوة، فإنّه يظفر بالمسلم، ويأمن بوائقه. ومن رأى كأنّه سلم على شيخ لا يعرفه، فإنّ ذلك أمان من عذاب الله عزّ وجلّ.
وإن رأى أنّه سلّم على شيخ يعرفه، فإنّه ينكح امرأة حسناء، وينال أنواع الفواكه لقوله تعالى: " لَهُمْ فِيَها فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدّعُون. سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَب رَحيمٍ " . فإن سلّم عليه شاب لا يعرفه فإنّه يسلم من شر أعدائه.
ومن كان يخطب إلى رجل، فرأى كأنّه يسلم على ذلك الرجل، فرد عليه جواب سلامه، فإنه يزوجه، فإن لم يرد سلامه لم يزوجه. وكذلك إن كان بينه وبين رجل تجارة في منامه كأنّه سلم عليه فرد جوابه، استقامت تلك التجارة بينهما، فإن لم يرد جوابه لم تستقم.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الثامن
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا الطهارة

قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: أولى الطهارات بتقديم الذكر الختان، وهي من الفطرة، فمن رأى كأنه اختتن، فقد عمل خيراً طهره الله به من الذنوب وأحسن القيام بأمر الله تعالى. ولو قالت قائل أنّه يخرج من الهموم لم يبعد.

فإن رأى كأنّه أقلف، فإن القلفة زيادة مال ووهن في الدين، وهذه الرؤيا تدل على أنّ صاحبها يترك الدين لأجل الدنيا.

فإن رأى أنّه اختتن فسالط منه دم كثير، خرج عن ذنوبه وأقبل على إقامة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والسواك من الفطرة أيضاً، وهذه رؤيا أهل السنة.

فمن رأى أنّه يستاك، فإنّه يكون محسناً إلى أقاربه، واصلاً لرحمه. فإن رأى أنّة يستاك بشيء نجس، فإنّه ينفق مالاً حراماً في طاعة.

ومن رأى أنّه يتوضأ وضؤه للصلاة، فإنّه أمان من الله تعالى.

ومن رأى أنّه جنب، فإنّه يسافر ويطلب حاجة لا سوى لها.

ومن رأى أنّه اغتسل فإنّه يقضي حاجة، والاخ خسال يطهر الذنوب، ويكشف الهموم.

ومن رأى أنّه اغتسل ولبس ثياباً جدداً، فإن كان معزولاً عن ولاية ردت إليه.

إن كان فقيراً أثرى وغني، وإن كان مسجوِناً خلي سبيله، وإن كان مريضاً عوفي، وإن كان تاجراً قد كسدت تجارته، أو صانعاَ قد تعذرت عليه صنعته، استقام أمرهما وتجدد لهما أمر في أتم دولة، وإن كان مصروراً حج، وإن كان مهموماً فرج الله همه، وإن كان مديوناً قضى الله دينه، لأنّ أيوب حين اغتسل لبس ثياباً جدداً، وهب الله له أهله ومثلهم معهم، وذهب همه وصح جسمه.

إن رأى أنّه اغتسل ولبسر ثياباً خلقاً، فإنّه يذهب همه ويفتقر.

من رأى أنّه يغتسل إلا أنّه لم يتم اغتساله، لم يتم أمره، ولم ينل ما يطلبه.

من رأى كأنّه يتوضأ أو يغتسل في سرب، فإنّه يظفر بشيء كان سرق له. ومن رأى كأنّه يتوضأ ودخل في الصلاة ،خرج من الهموم وشكر الله تعالى على الفرج.

من رأى كأنّه يتوضأ بما لا يجوز الوضوء به، فهو في هم ينتظر الفرج ولا يناله.

إن رأى تاجر أنّه يصلي بغير وضوء، فإنّه يتجر من غير رأس مال. وإن رأى أمير هذه الرؤيا فلا يجتمع له جند، وإن رآها محترف لم يستقر به قرار.

من رأى أنّه يصلي بغير وضوء في مكان لا تجوز الصلاة فيه، فإنّه متحير في أمر لا يجد منه خلاصاً. وقيل الوضوء في المنام أمانة يؤديها أو دين يقضيه أو شهادة يقيمها.
روى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت رجلاً من أُمتي قد بسط عليه العذاب في القبر، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك " .
ومن رأى أنّه يتيمم فقد دنا فرجه، وقربت راحته، لأنّ التيمم دليل الفرج القريب من الله تعالى.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب التاسع
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا الأذان والإقامه

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش، قال أخبرنا الحسن بن سفيان، أحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، قال حدثنا وهب بن جرير، قال حدثنا أبي، قال حدثنا محمد بن إسحاق، قال حدثني محمد بن أبراهيم بن الحرث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي رأيته من الأذان، فقال، إنّ هذه الرؤيا حق فقم فألقها على بلال فإنّه أندى صوتاً منك قال ففعلت. قال فجاء عمربن الخطاب رضي الله عنه لما سمع أذان بلال يجر ثوبه وقال: يا رسول الله رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد. قال: فقال: الحمد لله فذلك أثبت.
وأخبرنا أبو بكر، قال أخبرنا الحسن بن سفيان. عن إسماعيل بن عبيد الحراني عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فنمت، فرأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً، فملت يا عبد الله أتبيع الناقوس، قال وما تصنع به؟ قلت ننادي به للصلاة، قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت بلى. قال تقول الله أكبر، ثم لقنني كلمات الأذان، ثم مشى هنية ولقنني كلمات الإقامة. فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. فقال عليه السلام: أخاكم قد رأى رؤيا، فأخرج مع بلالط إلى المسجد، فألقها عليه، فليناد بها فإنّه أندى صوتاً منك، فخرجت معه فجعلت ألقيها وينادي بها بلال، فسمع عمربن الخطاب رضي الله عنه الصوت فخرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل رأى.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه.
من رأى أنّه أذن مرة أو مرتين، وأقام وصلى صلاة فريضة، رزق حجاً وعمرة، لقوله تعالى: " وأذِّنْ فِي النّاس بالَحجِّ " . ولأن بعرفات يؤذن ويقام مرتين مرتين. فإن رأى كأنّه يؤذن على منارة، فإنّه يكون داعيَاَ إلى الحق ويرجى له الحج. فإن رأى كأنّه يؤذن في بئر، فإنّه يحث الناس على سفر بعيد. فإن رأى كأنّه مؤذن وليس بمؤذن في اليقظة ولي ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلاً. فإن رأى كأنّه يؤذن على تل أصاب ولاية من رجل أعجمي، وإن لم يكن للولاية أهلاً فإنّه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة. فإن رأى أنّه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه، فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان. وإن أذن في شارع، فإن كان من أهل الخير فإنّه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان من أهل الفساد فإنّه يضرب، ومن رأى كأنّه يؤذن على حائط فإنّه يدعو رجلاً إلى الصلح، وإن أذن فوق بيتٍ فإنّه يموت أهله، فإن أذن فوق الكعبة فإنّه يظهر بدعة، والأذان في جوف الكعبة لا يحمد، ومن أذن على سطح جاره فإنّه يخون جاره في أهله. ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه فإنّه بين قوم ظلمة، لقوله تعالى: " فَأذَّنَ مُؤَذْن بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ الله عَلَى الظّالمينْ " .
ومن رأى أنّه أذن وأقام، فإنّه يقيم سنة ويميت بدعة. ومن رأى صبياً يؤذن فإنّه براءة لوالديه من كذب وبيتان، لقصة عيسى عليه السلام. والأذان في الحمام لا يحمد ديناً ولا دنيا، وقيل أنّه يقود. فإن أذن في البيت الحار، فإنه يحم حمى ناقض. فإن أذنٍ في البيت البارد، فإنّه يحم حمى حارة، ومن أذن على باب سلطان، فإنّه يقول حقاً.



وحكي عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: الأذان مفارقة شريك، لقوله تعالى: " وَأذَانٌ مِنَ الله وَرَسُولِهِ إلىَ النّاس يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَر " . الاية فإن أذن في قافلة فإنه يسرق، لقوله تعالى: " أيَّتُهَا العِيرُ إنّكُمْ لَسَارِقون " . والأذان في البرية أو المعسكر يكون جاسوساً للصوص ومن كان محبوساً فرأى كأنّه يقيم أو يصلي قائماً، فإنّه يطلق. لقوله تعالى: " فَإنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصلاة " . ومن رأى غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة، فإنّه يقوم له رفيع يحسن الثناء عليه فيه. ومن رأى كأنّه أقام على باب داره فوق سرير، فإنّه يموت. ومن رأى كأنّه يؤذن على سبيل اللهو واللعب، سلت عقله، لقوله تعالى: " وَإذَا نَادَيْتُمْ إلىَ الصَّلاة اتّخذُوهَا هُزْواً وَلَعِبَاً ذَلِكَ بأنّهمْ قَوْئم لا يَعْقِلُونَ " .
وحكي عن دانيال الصغير أنه قال: من رأى كأنّه أذن وأقام وصلى، فقد تم عمله، وهو دليل الموت. ومن سمع أذاناً في السوق، فإنّه موت رجل من أهل تلك السوق. ومن سمع أذاناً يكرهه، فإنه ينادي عليه في مكروه.
قال الأستاذ أبو سعد: الأصل في هذا الباب، أنّ الأذان إذا رآه من هو أهل كان محموداً إذا أذن في موضعه. وإذا رآه من ليس بأهل، أو رآه في غير موضعه، كان مكروهاً. فإن أذن في مزبلة فإنّه يدعو أحمق إلِى الصلح ولا يقبل منه، وإن أذن في بيت فإنّه يدعو امرآة إلى الصلح، فإن أذن مضطراً فإنّه يغشى امرأة.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال رأيت كأنّي أؤذن، فقال تحج. وأتاه آخر فقال رأيت كأنّي أؤذن فقال تقطع يدك، قيل له كيف فرقت بينهما؟ قال رأيت للأول سيماً حسنة، فأولت " وأذن في الناس بالحج " . ورأيت للثاني سيماً غير صالحة فأولت " فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون " .
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب العاشر
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا الصلاة وأركانها
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: الأصل في رؤيا الصلاة في المنام أنّها محمودة ديناً ودنيا، وتدل على إدراك ولاية ونيل رسالة، أو قضاء دين، أو اداء أمانة أو إقامة فريضة من فرائض الله تعالى. ثم هي على ثلاثة أضرب، فريضه وسنة وتطوع، فالفريضة منها تدل على ما قلنا، وأنّ صاحبها يرزق الحج ويجتلب الفواحش، لقوله تعالى: " إن الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ " .
والسنّة تدل على طهارة صاحبها وصبره على المكاره، وظهور اسم حسن له، لقوله تعالى: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " . وشفقة على خلق الله تعالى، وعلى أنّه يكرم عياله ومن تحت يده، ويحسن إليهم، فوق ما يلزمه ويجب عليه في الطعام والكسوة، ويسعى في أمور أصدقائه فيورثه ذلك عزاً. والتطوع يقتضي كمال المروءة وزوال الهموم.
فإن رأى كأنّه يصلي فريضة الظهر في يوم صحو، فإنّه يتوسط في أمر يورثه ذلك عزاً حسب صفاء ذلك اليوم، فإن كان يوم غميم، فإنّه يتضمن حمل غموم. فإن رأى أنّه يصلي العصر، فإنّه يدل على أنّ العمل الذي هوفيه لم يبق منه إلا أقله.
فإن رأى أنّه يصلي الظهر في وقت العصر، فإنّه يقضي دينه. فإن رأى إحدى الصلاتين انقطعت عليه، فإنّه يقضي نصف الدين أو نصف المهر، لقوله تعالى: " فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُم " .
فإن رأى كأنّه يصلي فريضة المغرب، فإنّه يقوم بما يلزمه من أمر عياله، فإن رأى أنّه يصلي العتمة، فإنّه يعامل عياله بما يفرحٍ به قلوبهم وتسكن إليه نفوسهم، فإن رأى كأنّه يصلي فريضة الفجر، فإنّه يبتدىء أمراً يرجع إلى إصلاح معاشه ومعاش عياله. فإن رأى كأنّه يصلي الظهر أو العصر أو العتمة ركعتينِ، فإنه يسافر. فإن رأت مثلها امرأة، حاضت من يومها. فإن رأى كأنه يصلي قاعداَ من غير عذر، لم يقبل عمله. فإن رأى كأنّه يصلي على جنبه مرض.
فإن رأى كأنّه يصلي راكباً أصابه خوف شديد، فإن رأى كأنّ الإمام يصلي بالناس وهو راكب وهم ركبان، فإن كانوا في حرب رزقوا الظفر. فإن رأى كأنّه يصلي في بستان، فإنّه يستغفر اللهّ، فإن رأى كأنّه صلى في أرض مزروعة قضى الله دينه منها.
فإن رأى كأنّه يصلي في مسلخ حمام، دل ذلك علىِ فساد يرتكبه، وقيل إنّه يلوط بغلام، فإن رأى كأنّ صلاة مفروضة فاتته ولا يجد موضعاَ يقضيها فيه، تعذر عليه نيل ما يطلبه، فإن رأى كأنّه يصلي في جماعة مستوية الصفوف، فإنّهم يكثرون التسبيح والتهليل، لقوله تعالى: " وإنّا لَنَحْنُ الصَّافّونَ وإنّا لَنَحْنُ المُسَبِّخون " . فإن رأى كأنّه ترك صلاة فريضة، فإنه يستخف ببعض الشرائع.
والسجدة في المنام دليل الظفر، ودليل التوبة من ذنب هو فيه، ودليل الفوز بمال، ودليل طول الحياة، ودليل النجاة من الأخطار. فإن رأى كأنه سجد للّه تعالى على جبل، فإنّه يظفر برجل منيع. فإن رأى أنّه سجد لغير الله تعالى، لم تقض حاجته، وقهر إن كان في حرب، وخسر إن كان تاجراً.
فإن رأى كأنّه قائم في الصلاة فلم يركع حتى ذهب وقتها، فإنّه يمنع الزكاة المفروضة، فلا يؤديها. فإن رأى كأنّه يصلي فيأكل العسل، فإنّه يأتي امرأته وهو صائم. فإن رأى كأنّه قاعد يتشهد، فرج عنه همه وقضيت حاجته. فإن رأى كأنه سلم وخرج من صلاته على تمامها، فإنّه يخرج من همومه، فإن سلّم عن يمينه دون يساره صلح بعض أموره، فإن سلّم عن يساره دون يمينه فإنّه يتشوش عليه بعض أحواله. فإن رأى أنّه يصلي نحو الكعبة، دل على استقامة دينه. فإن صلى نحو المغرب، دل على رداءة مذهبه وجراءته على المعاصي، لأنّه قبلة اليهود، وهم اجترؤوا على لمحذ الحيتان يوم سبتهم. فإن صلى نحو المشرق، دل على ابتداعه واشتغاله بالباطل، لأنه قبلة النصارى. فإن صلى وظهره للقبلة في الصلاة دل على نبذه الإسلام وراء ظهره بارتكاب بعض الكبائر. فإن رأى أنّه لا يهتدي إلى القبلة فإنّه متحيّر في أمره، فإن صلى إلى غير القبلة إلا أنّ عليه ثياباً بيضاً وهو يقرأ القران كما يجب، رزق الحج. لقوله تعالى: " فَأيْنَمَا تَوَلوا فَثمَّ وَجْهُ الله " .
فإن رأى مَنْ ليس بإمامِ في اليقظة كأنّه يؤم الناس في الصلاة، كان للولاية أهلاً، نال ولاية شريفة وصار مطاعاَ. فإن أم بهم إلى القبلة وصلى به صفة تاما عدل في ولايته. وإن رأى في صلاتهم ناقصاناً أو زيادة أو تغيراً جار في ولايته، وأصابه فقر ونكبة من جهة اللصوص، فإن صلى بهم قائماً وهمٍ جلوس، فإنّه لا يقصر في حقوقهم ويقصرون في حقه، أو تدل رؤياه أنّه يتعهد قوما مرضى. فإن صلّى بقوم قاعداً وهم عيام، فإنّه يقصر في أمر يتولاه.
فإن صلى بقوم قيام وقوم قعود، فإنّه يلي أمر الأغنياء وأمر الفقراء. فإن صلّى بهم قاعداً وهم قعود، فإنّهم يبتلون بغرق أو سرقة ثياب أو افتقار. فإن رأى أنّه يصلّي بالنساء فإنّه يلي أمور قوم ضعاف. فإن أمَّ بالناس على جنبه أو مضطجعاً وعليه ثياب بياض، وينكر موضعه ذلك، ولا يقرأ في صلاته، ولا يكبر، فإنّه يموت ويصلّي الناس عليه. وكذلك إن رأت امرأة كأنّها تؤم بالرجال ماتت، لأنّ المرأة لا تقدم الرجال إلا في الموت. فإن رأى الوالي أنّه يؤم بالناس عزل وذهب ماله.
ومن صلى بالرجال والنساء، نال القضاء بين الناس إن كان أهلاً لذلك، وإلا نال التوسط والإصلاح بين الناس. ومن رأى أنّه أتمّ الصلاة بالناس تمت ولايته.
فإن انقطعت عليه الصلاة انقطعت ولايته، ولم تنفذ أحكامه ولا كلامه. فإن صلى وحده والقوم يصلون فرادى، فإنّهم خوارج. فإن صلى بالناس صلاة نافلة دخل في ضمان لا يضره. فإن كان القوم جعلوه إماماً، فإنّه يرث ميراثاً، لقوله تعالى: " وَنْجَعَلَهُمْ أئمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ " . فإن رأى كأنّه أمَّ بالناس ولا يحسن أن يقرأ، فإنّه يطلب شيئاً لا يجده. ومن صلى بقوم فوق سطح، فإنه يحسن إلى أقوام يكون له بذلك صيت حسن، من جهة فرض أو صدقة.
فإن رأى أنّه يدعو دعاء معروفاً، فإنّه يصلي فريضة، فإن دعا دعاء ليس فيه اسم الله، فإنّه يصلي صلاة رياء. فإن رأى كأنّه يدعو لنفسه خاصية، رزق ولداً لقوله تعالى: " إذْ نَادى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " .
فإن كان يدعو ربه في ظلمة ينجو من غم، لقوله تعالى: " فَنَادى في الظُلَماتِ " . وحسن الدعاء دليل على حسن الدين، والقنوت دليل على الطاعة، وكثرة ذكر الله تعالى دليل على النصر، لقوله تعالى: " وَذَكَرُوا الله كَثِيراً واْنَتَصرُوا مِنْ بَعْد ما ظُلِموا " .
ومن رأى كأنّه يستغفر الله تعالى، رزق حلالاً وولداً، لقوله تعالى " اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إنّهُ كَانَ غَفّاراً " . فإن رأى كأنه فرغ من الصلاة واستغفر الله تعالى ووجهه إلى القبلة، فإنّه يستجاب دعاؤه، وإن كان وجهه إلى غير القبلة، فإنّه يذنب ذنباً ويموت منه، فإن سكت عن الاستغفار دل على نفاقه، لقوله تعالى: " وَإذْا قِيلَ لَهُمْ تَعَالُوْا يَسْتَغْفرْ لَكُمْ رَسُولُ الله " .
فإن رأت امرأة كأنّه يقال لها استغفري لذنبك فإنّها تتهم بذنب وفاحشة، لقصة زليخا، فإن رأى أنّه يقول سبحان الله، فرج عنه همومه من حيث لا يحتسب، فإن رأى كأنّه نسي التسبيح، أصابه حبس أو غم، لقوله تعالى: " فَلَولا أنّهُ كَانَ مِنَ المًسَبِّحِينَ " .
فإن رأى كأنه قال لا إله إلا الله: أتاه الفرج من غم هو فيه، وختم له بالشهادة.
فإن رأى كأنّه يكبر الله: أتى مناه ورزق الظفر بمن عاداه. فإن رأى كأنّه يحمد اللهّ، نال نوراً وهدى في دينه. ومن رأى كأنه يشكر الله تعالى، نال قوة وزيادة نعمة. وإن كان صاحب هذه الرؤيا والياً، ولي بلدة عامرة، لقوله تعالى " واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌ غفور " .
وقيل من رأى كأنّه يحمد الله، رزق ولداً لقوله تعالى: " الحمدُ للّه الذيِ وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إسْمَاعِيلَ " ، ومن رأى كأنّه صلّى يوم الجمعة، فإنّه يسافر سفراَ ممتنعاً ينال خيراً وبراً ورزقاً وفضلاً.
ومن رأى كأنّه صلى صلاة الجمعة يوم الجمعة، 1جتمعت له أموره المتفرقة وأصاب بعد العسر يسراً، وقيل من رأى هذه الرؤيا فإنّه يظن بأمر خيراً وليس كذلك.
ومن رأى كأنّه فرغ من الصلاة وقضاها، نال من الله فضلاً ورزقاً واسعاً. فإن رأى أنّ الناس يصلون الجمعة في الجامع وهو في بيته أو حانوته أو قرية يسمع التكبير والركوع والسجود والتشهد والتسليم، ويظن أنّ الناس قد رجعوا من الصلاة، فإن والي تلك الكورة يعزل. وإن رأى كأنّه يحفظ الصلاة، فإنّه ينال كرامة وعزاً، لقوله تعالى: " الذِينَ هُمْ عَلَىِ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظون " فإن رأى أنّه صلى وخرج من المسجد فإنه ينال خيراً ورزقاً، لقوله تعالى: " فإذا قُضِيَتِ الصلاةُ فَانْتَشِرُوا في الأرْض وَابتَغُوا مِنْ فَضْل الله واذْكُروا الله كَثِيرَاً لَعلّكُمْ تُفْلِحُون " .
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الحادي عشر
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا المسجد والمحراب والمنارة ومجالس الذكر

أخبرنا عبد الله بن حامد الفقيه، قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الهروي، قال أنبأنا أبو شاكر ميسرة بن عبداللهّ، عن أبي عبد الله العجلي، عن عمرو بن محمد، عن العزيز بن أبي داود، قال: كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجداً، فجعل في قلبه أحجار، فكان إذا قضى صلاته، قال يا أحجار أشهدكم أن لا إله إلا اللهّ. قال فمرض الرجلِ فمات، فعرج بروحه، قال فرأيت في منامي أنّه قال أُمر بي إلى النار، فرأيت حجراً من تلك الأحجار قد عظم، فسد عني باباً من أبواب جهنم، قال حتى سد بقية الأحجار أبواب جهنم.

قال الأستاذ أبو سعد: من رأى في منامه مسجداً محكماً عامراً، فإن المسجد رجل عالم يجتمعٍ الناس عنده في صلاحه وخير وذكر الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: " يذكر فِيها اسمُ الله كَثِيراً " . فإن رأى كأنّ المسجد انهدم، فإنّه يموت هناك رئيس صاحب دين، فإن رأى أنّه يبني مسجداً، فإنّه يصل رحمه ويجمعِ الناس على خير. وبناء المسجد يدل على الغلبة على الأعداء، لقوله تعالى: " قَال الّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أمرهم لَنَتَخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجداً " . فإن رأى كأن رجلاً مجهولأ أم بالناس في مسجد،وكان إمام ذلك المسجد مريضاً، فإنّه يموت. فإن رأى كأنّ مسجداً تحوِل حماماً، دل أنّ رجلاً مستوراً يرتكب الفسوق. ومن رأى كأن بيته تحول مسجداَ، أصاب شرفاً، داعياً للناس من الباطل إلى الحق. ومن رأى كأنّه دخل مع قوم مسجداً فحفر حفرة، فإنّه يتزوّج.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب: فإنّه بشارة، لقوله تعالى: " فَنَادَتْهُ المَلاَئكة وهو قَائِمٌ يُصلِّي فِي المَحْرابِ " . فإن كان صاحب الرؤيا امرأة ولدت ابناً.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب صلاة لغير وقتها، فإنّ ذلك خير يكون لعقبه بعده. فإن رأى أنّه بال في المحراب قطرة أو قطرتين أو ثلاثاً، فكل قطرة ابن بب وجيه يولد له. والمحراب في الأصل إمام رئيس.



وحكي أنّ رجلاً رأى في منامه كأنّه بال في المحراب، فسأل معبراً فقال: يولد، غلام يصير إماماً يقتدى به.
وأما المنارة: فهو رجل يجمع الناس على خير، وانهدام منارة المسجد موت ذلك الرجل، وخمول ذكره، وتفرق جماعة ذلك المسجد. ومنارة الجامع صاحب البريد أو رجل يدعو الناس إلى دين الله تعالى. ومن رأى كأنّه سقط من منارة في بئر، ذهبت دولته، ودلت رؤياه على أنّه يتزوج امرأة سليطة، وله امرأة دينة جميلة.
ورأى مهندس كأنّه ارتقى منارة عظيمة من خشب وأذن، فقص رؤياه على معبر، فقال يصيب ولاية وقوة ورفعة في إنفاق، فولي بلخ.
وقيل أنّ القعقاع ركبه دين عشرة آلاف درهم، وكان مغموماً، فرأى والده في منامه على شرف منارة يسبح الله ويهلل، فلما رآه دعاه واستيقظ، فسأل المعبر عنه، فقال إنّ المنارة علو ورفعة يصيبها أبوك. قال فإنّ أبي ميت، قال المعبر ألست ابنه؟ قال نعم. قال لعلك تكون عالماً أو أميراً، وأما تسبيحه فإنّك في غم وحزن ويفرجه الله عزّ وجل عنك، لقوله تعالى: " فَنَادىِ في الظُلُمَاتِ أنْ لا إله إلا أنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كنْتُ مِنَ الظّالِمين " . فلم يلبث إلا قليلاَ فإذا رجل قد أخذ بيده، وقال له أنت القعقاع؟ فقال في نفسه ليس هذا إلا غريم ملازم، فقال له سعدانة امرأة مريضة وهي توصي إتدعوك، قال فذهب معه فإذا جماعة من المشايخ وكتاب مكتوب أنّ سعدانة جعلت ئلث مالها للقعقاع، فأوصت له بثلث مالها وماتت بعد ثلاثة أيام.
ومن رأى كأنّه يصلي في بيت المقدس ورث ميراثاً أو تمسك ببر، وإن رأى أنّه على مصلى رزق الحج والأمن، لقوله تعالى: " واتّخِذوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيمَ مُصَلّى " . ومن رأى أنّه يصلي في بيت المقدس إلى غير القبلة، فإنّه يحج. فإن رأى كأنّه يتوضأ في بيت المقدس، فإنّه يصير فيه شيئاً من ماله. والخروج منه يدل على سفر وذهاب ميراث منه، إن كان في يده.
فإن رأى أنّه أسرج في بيت المقدس سراجاً أصيب في ولده، أو؟ إن عليه نذر في ولده يلزمه الوفاء به.
وأما الْعالْم فهو طبيب الدين، والمذكر ناصح، لقوله تعالى: " وَذَكّرْ فَإنً الذكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ " . فإن رأى كأنّه يذكر وليس من أهله، فإنه في همِ ومرض، وهو يدعو الله تعالى بالفرج. فإن تكلم بالخنا بالحكمة شفي وقضى ديناَ إن كان عليه، ونصر على من ظلمه. وإن تكلّم بالخنا تعسر عليه الأمر وصار ضحكة يستخف به. والْقاص رجل حسن المحضر، لقوله تعالى: " نَحْنُ نَقْص عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصَص " . فإن رأى كأنّه يقص، أمن من خوف، لقوله تعالى: " فَلَمّا تجاءَهُ وقصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قَالَ لآتخَفْ " . وإن رآه تاجر نجا من الخسران.
وإذا رأى في مكان مجلس ذكر: وقراءة قرآن ودعاء و****د أشعار زهدية، فإنّ ذلك الموضع يعمر عمارة محكمة على قدر صحة القراءة. وإن وقع في القرآن لحن لم يكمل ولم يتم، وإن أنشد أشعار الغزل فتلك ولاية باطلة.