نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
مساء عابقٌ بطاعة الرحمن
مساؤكم عود وعنبر يامشرفات وعضوات الإجتماعية
عندما نقول قصص واقعية يبدأ معها نزف الجراح ووجع الذكريات
رحم الله والدتك وأسكنها فسيح جناته وجمعك بها في الفردوس الأعلى بعد عمر مديد إن شاء الله
عندما تُروى حكايا الفقد بمداد تغريد يكون طعم الألم مختلفاً وكأن كل كلمة طعنة في القلب
نقرأ سطورك وتسيل دموعنا وتنزف قلوبنا
لكنها الحياة ..
الكل عنها راحل وكل شئ فيها فان ويبقى وجهه ربك ذو الجلال والإكرام
أما ضحى وقصتها ففيها الكثير من العبر لكل حوائية تريد العبرة والفائدة
لكل أنثى يجرها الشيطان إلى منزلق وعر وقذر
ومن زاوية أخرى رأيت وفاء زوج ومحبةٍ قلما نراها في هذا الزمان
غالباً ما تكون صورة الزوج في الاجتماعية أو الأسرية صورة للزوج الخائن المستبد
ولكن هنا ومع زوج صديقتك ضحى تجلت أسمى معاني الحب والعشق الحلال..
أدام الله عليهما الحب والسكينة
دموعي قريبه وطبوعي
غدا بإذن الله تعالى ارسل قصة بيت الحمد
طويلة جداً اعذروني لأنني لم أستطيع تجاهل أو تجاوز بعض المواقف
توقعت أن انتهى منها سريعاً لكن للأسف وجدت نفسي ضعيفة أمام الأحداث
دموعي قريبه وطبوعي
بيت الحمد
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
قصتي اكتبها لا تضجر ولا إعتراض
في القرآن الكريم ذكر الله تعالى القصص للاعتبار والتذكير والتسلية وفوائد القصص القرآني كثيرة لا مجال لحصرها هنا
كنت ادرس في معهد إعداد معلمات القرآن الكريم
المستوى الثاني من أصل أربع مستويات
وقبل تغيير الاجازة للجمعة والسبت
كان يوم الأحد من ايام شهر ذو القعدة عادت صغيرتي ذات الثمانية أعوام في الصف الثاني الابتدائي عادت من مدرستها دخلت وهي مُتعبة الشكل مرهقة سألتها ما بك يا صغيرتي قالت لي ضربتني بنت على راسي في المدرسه
سألتها تعرفينها قالت لا
قلت غداً إن شاء الله اذهب معك وتخبريني من هي....
مع أنني اتوقع ان الامر لم يحدث وإن حدث فقد تكون لعب أطفال...
كنت أصلي الظهر عند باب المدخل حتى لو طرقت الباب تدخل مباشرة بدون تأخير وحتى لا يخرج أخواتها الصغار
كنت صائمة ذاك اليوم من الأيام البيض
دخلت صغيرتي وأكملت صلاتي في الصالة
وهي سقطت أرضا انتهيت وذهبت إليها وجدتها سقطت إرهاق وتعب
سألتها تريد أن تنام ولم تكن تنام النهار ابدا
قالت نعم
تركتها تبدل ملابسها وطلبت مني لبس ملابس تحبها جدا قلت لا بأس مع انها لا تناسب النوم
نامت صغيرتي ونمت بعد الغداء
تأخرنا في الاستيقاظ لصلاة العصر ايقظتها وإذا بها طبيعية الحمد لله على كل حال
سألتها تريد شي قالت اتروش( تتسبح)
قلت لا بأس.. وكررت الطلب أن تلبس نفس اللبس بعد الإستحمام قلت طيب
دخلت صغيرتي وأغلقت الباب
اتجهت لمجلس الرجال أصلي العصر هناك ووجدت والدها موجود قد صلى العصر لأنه تأخر عن المسجد
تحدثنا مكاننا قليلاً وفجأة أتى اخوتها الأكبر منها بنت في الصف السادس الابتدائي والابن في الصف الخامس
مسرعين يقولون نطرق الباب ولا أحد يجيب..
عادة أبنائي من يدخل للاستحمام يزعجونه بطرق الباب للضحك...
طرقوا الباب كثيراً ولم يسمعوا صوتاً أو رداً..
قمت مسرعة فتحت الباب لأنه تأمين يفتح من الخارج وهنا حتى الدم يقف مكانه.......................
صغيرتي ملقاة على وجهها في البانيو.. الماء لا يتجاوز ارتفاعه ثلاثة سنتيمتر.... مكان سدادة البانيو استخدمت غطاء علبة شامبوا بانتين والذي لا أستطيع استخدامه حتى اليوم او حتى رؤيته أشعر بالتعب.... الرغوة تخرج من انفها وفمها...
كل شي توقف داخلي.. وهنا كانت معية الله تعالى حاضرة بأقوى معانيها
دخلت وحملت الصغيرة وسترتها بسرعة وحاولت انعاشها ريثما يجهزون عبايتي
لبستها مسرعة وتوجهنا لأقرب مستشفى وكان للأسف خاص
استقبلونا وحاولوا اسعافها ومن وقتها اخبرونا أن الوضع صعب.. هنا كان الأمل في الله وحده..
المؤلم أنهم خلفنا يسألون الدفع كاش أو على الحساب.. يالله ليس المال أغلى من قلب بين أيديكم ولكن يبقى حقهم
فتح والدها ملف لها وارتحنا من الملاحقة
أخبرنا الدكتور المناوب أن الحالة صعبة جدا وإمكانيات المستشفى لا تسمح ببقاء الطفلة
وأن استقبال الحالة مدة أقصاها ثلاثة أشهر تكلفتها قرابة النصف مليون ريال
وفي نفس الوقت كان والدها يطلب منهم مراسلة مستشفيات الحكومية والعسكرية في المنطقة لنقلها
عدنا للمنزل بعد المغرب استقبلتني جارتي التي لن استطيع ان اوفيها رد جميلها معي وذهب زوجي مع صديقه لمتابعة استقبال طلب النقل
عاد متأخراً وعدت وقد أنهكنا التعب
رغبت في الغياب عن المعهد لكن رفض
زوجي أن أبقى لوحدي لأنه سيذهب لمتابعة الأمر
داومت وأملي في الله يحلق في سمائي
لا يوجد من أهلي وأهله أحد ابدا
فالحمد لله الذي جعل حاجتنا عنده وحده
اليوم التالي يوم الاثنين هاتفني والدها يخبرني انه وجد سرير في المستشفى العسكري وسينشغل بنقلها مع الإسعاف ولن أتمكن من زيارتها اليوم
الحمد لله مضى يوم ثقيل ولكن وفقني الله بمصاحبة اخت فاضلة وصتني وصية قيمة
قالت لي لن تعيشي مع الله مثل هذه الأيام فاستغليها
زادت علاقتي بالله الحمد لله. فوضت أمري إليه
عاد زوجي في المساء منهك يقول الأمل في الله والدكتور يقول هي حقيقة أخطر حالة وتوكلوا على الله
الثلاثاء داومت معهدي وعدت البيت
بحثت عن من يمسك أطفالي الباقين لاذهب للزيارة لدي طفلتان ثلاث سنوات ونصف والأخرى سنتين تقريباً غير سادس وخامس
ذهبت للزيارة رأيتها يالله منظر محزن العناية المركزة دار الآخرة في الدنيا هكذا شعرت
الدكتور يهمس لزوجي بحديث ويصمت سألته قلت انا امها ومن حقي اخباري بالحال وتطمن يادكتور فقلبي مؤمن بأي قضاء
أخبرني أن الأمر لله حكمة ولكن وظائفها مختلة جميعا
درجة الحرارة 33
القلب نبضاته غير منتظمة الكلى لاتعمل بشكل جيد
بإختصار هذا تمهيد من الله لكم لتتقبلوا الأمر
حمدت الله واسترجعت
عدت للمنزل وأملي في الله أن يرزقني الصبر والرضا
الأربعاء ذهبت للزيارة يالله صغيرتي تتدهور حالتها لاتستجيب للرقية ولا أنفاس ولا نبضات قلب
جسد بلا روح
مجرد أجهزة تشتغل على جسد نحيل
إبر الأطباء تسحب الدم تحاليل يبذلون ما استطاعوا
عدت للمنزل دعوت الله أن يريحها من التعب وانا اعلم انها متوفاة دماغيا وجسديا
الخميس جهزت أبنائي وذهبت لقريبة زوجي من بعيد لاترك أبنائي عندها واذهب للزيارة
توجهنا على بركة الله واتصل أحد الرقاة بزوجي يخبره أنه موافق للذهاب معه لرقيتها.. الراقي في مسجده لا يذهب الى أحد ولكن سخره الله لنا.....
أخبرني زوجي انه لايرغب أن يكون الراقي معه بوجودي فإما أن يوصلني المستشفى والمسافة تقريباً نصف ساعة ويعود لإحضار الرجل ثم يعيده مسجده ويعود للمستشفى لاخذي للمنزل فقلت لا يكفي ذهابكما وغدا ازورها إن شاء الله
عدت للمرأة وكنا نتحدث كثيراً عن أصحاب الابتلاء وكيف صبروا حتى عاد زوجي من الزيارة وسألني ترغبين بالبقاء ام العودة للمنزل ولاحظت انه لا يرغب العودة للمنزل حتى يغلبه النوم
قلت امكث هنا حتى تتصل بي
الساعة الحادية عشر مساء عدت للمنزل
نام زوجي وابنائي وانا لم أستطع النوم
شئ داخلي يتحرك إحساس غريب لم أفهم معناه وقتها
سعادة مع خوف لحظات لا تصفها كلمات...
كنت متواصلة مع اخواتي في الواتس اب واخبرهم أنني قلقه حاولن تلطيف الجو لكن اعتذرت بلطف وخرجت من المجموعة
تواصلت مع جارتي القديمة قبل سبع سنوات وكانت العلاقة عادية تواصل عام
اخبرتها بكل شي.... اخترتها لأنها فقدت طفلها غرقا💔....
وكأن الله دلني عليها جرعة صبر...
كانت تقول إحساسك في محله فلا تضيعي بيت الحمد مثلي واعطتني قصص لمن توفاهم الله بلا علة واضحة ومن عاشوا والموت كان متوقع لهم
وفجأة...........................
الساعة الثانية بعد منتصف الليل
رن هاتف زوجي لم يسمعه وتركته لعله مخطئ... ثم رن هاتف المنزل لم ارفع الهاتف انتظرت مرة أخرى لعله لا يتكرر.. رن مرة أخرى أسرعت لزوجي ايقظته اطلب منه الرد
اللحظات ثواني قليلة ولكنها لحظات انتظار أصبحت طويلة ثقيلة
رد السلام وقال نعم والدها
تغيرت نبرة الصوت وقال خلاص ما يحتاج نتأكد انزعوها ... يالله رحمتك.. كان الإتصال يخبرونه انها ماتت هل يحضر للتأكد ام ينزعوا الأجهزة عنها.. الحمد لله حتى يرضى الله
مباشرة شعرت بقلبي في السماء ووجدت نفسي ساجدة وزوجي بعدي سجد شكراً لله على ما قضى
والله ما وجدت السعادة في حياتي كتلك اللحظات
كنت أشعر أن قلبي انشق وامتلاء ضحك ليست بسمة لا إنما ضحك وسعادة فالحمد لله دائما وابدا
أخبرت الاهل في مجموعة الواتس اب واخبرتهم اننا صابرون لا يضيعنا الله
الجمعة الصباح
حضرت قريبة زوجي للمكوث مع أبنائي واتجهت للمستشفى لاستلام الجثة وسبحان الله تأخرت الإجراءات كان والدها يتمنى الصلاة عليها صلاة الجمعة ولكن لم يشأ الله ذلك
استلمنا الجثة وسارت سيارة نقل الموتى أمامنا حتى وصلت الجامع وهنا كنت وحدي
يالله كل شي صامت مغسلة الموتى عبرة لمن لا يعتبر
انتظرت قليلاً ثم دخلت عليها وحيدة مكفنة جاهزة ... المكيف بارد جداً متجه عليها أسرعت لرفعه عنها... قلب أم يالله.. خشيت عليها من البرد
رأيت وجها كالشمس بارد كالثلج تمنيت أن أحملها في احضاني ولكن وحيدة مشاعر مختلطة مكان موحش..
صليت الظهر وحضرت المُغسلات وبدأ العمل
يالله اعتادوا استقبال الجنائز لا أعلم ماهي مشاعرهن أو أي قلوب سخرها الله لاكرام عباده
بدأنا في الغسيل واستبشرت المُغسلة بالطفلة
وأنها خير قدمه الله لنا..
أثناء التكفين وربط الكفن ونحن نجمع الأيدي للف قسم بالله العظيم أن يدها تحركت بقدرة الله تعالى لتستر عورتها مع اننا حريصات على سترها ولكن كانت رحمها الله تحب الستر بمعنى الكلمة...
ودعتها من هناك وجزء من قلبي قد كفنته معها
صلينا عليها العصر والحمد لله الذي ربط على قلبي وجعل قضاءه وقدره بوفاتها أحب إلى نفسي من حياتها.......
أما بيت الحمد فبعد وفاتها بأشهر قليلة رأت صديقة لي منام بشرتني فيه
تقول رأيت أنني أريد زيارتك في شقتك وعندما أخذت الوصف وجدت قصراً كبيراً مكتوب عليه بيت الحمد
فاخبرت من أعطاني الوصف أن منزلك شقة صغيرة
قال لها. لا هذا منزلها
فالحمد لله حتى يرضى الله
ورأتها صديقة أخرى تقرأ القرآن الكريم في السماء معي وباقي اخوتها معنا في درجة أقل
ورأيتها في منام أننا نزورها يوم الجمعة فخرجت من الجنة وحدثتنا واخبرتنا أنها لا ترغب بالعودة معنا
انتهت القصة وما زال الحنين في قلبي لها كل يوم
مضت ثلاثة أعوام وشهران على وفاتها وكأنها بالأمس القريب
زائرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الام غاليه الام منبع الحنان مهما كبرنا نرجع الى الام الام هي اللي تمنحنا التربية الصالحة رحم الله والدتك واسكنها فسيح جناته ووسع لها في قبرها والحمدلله على قضاء الله وقدره وسبحان الله قصة صديقتك فيها درس وعبرة لعدم التسرع في الحكم على الاشخاص وفيها رحمة الله انها انقذها من المهالك وستر الله عليها وتابت توبة نصوحآ لله درك ياتغريد حائل على سرد القصص التي ابدعتي في كتابته حروفها وكلماتها لتخرج لنا خيوطآ من الفن الرائع
تغريد حائل
تغريد حائل
قلوب كبيرة .. مازالت تعبر محيطات أشواقنا ... ويفعمُ وجودنا ... طيبُها .. وإن توارى أصحابها خلف الستار ، وإن غاب نجمهم عن الأفق .. وإن خلا منهم المكان ... وإن حملتهم رياح الفراق بعيداً ... خلف لجة الحياة .. ستظل نبضتهم حية بنا تذكرنا...! أن هناك قلوباً ... لاتموت ..! ***** من الواقــــــــع ~ (( قلوبٌ لاتموت )) كانت هي - يوم أن دارت بنا الأيام ثلاثمائة وستون درجة عكس رخاء الزمن - تبلغ السادسة عشر ربيعاً .. من عمر الزهور .. وتوشك أن تنهي مرحلتها الثانوية .. بكفاءة وامتياز دأبت عليهما .. هي أختي ذات القلب الكبير... الذي توقف نبضه قبل الأوان .. تاركاً بعضاً منه يتردد في قلوبنا .. وأثراً من نبل تضحياته موشوماًعلى صفحات أيامنا.. وذكرى كلما لاحت حملت شذى أعواماً قلّما تغيب عن أذهاننا ..! ***** فلأعد بكنّ إلى الوراء سنيناً .. وأدعوكن لتعشن معي بداية الحكاية .. حكاية هذا القلب الحنون .. .! ذات ليلة شتوية في يومٍ عاصف.. كانت الأيام تقف لنا بالمرصاد؛ لتغتال سعادتنا في أمسيته التي تقلب فيها الجو و تلبدت سماؤها بالغيوم ، وزمجرت .وأبرقت .. وأرعدت وهطل المطر غزيراً مدراراً.. وتبعتها رياحٌ أخرى عصفت بنا .. اجتثت جذور حياتنا ورمتنا بقسوة لنرتطم بجدار الواقع المرير .. الذي سرق منّا أغلى الناس .. وتركنا مذهولين .. في دوامة فقد لايوصف ألمه..! هويــــــتنا ~ نحن ثلاث بنات ... وأنا الوسطى بينهنّ ... أدركنا وعي الحياة ونحن لانعرف من الأهل سوى والدينا نذكر آخر عهدنا بالجد والجدة ونحن لازلنا صغاراً ولكن الحب المغدق في العطاء من أمنا وأبينا لم يترك في مساحة أيامنا بقعة خالية تشكو اقفراراً ولأ أرضاً ظمأى لارتواء .. لقد أحسنا غرسنا .. وأسبغا علينا رعاية وحباً.. حتى استوينا على سوقنا..! ذات صــباح شـــتوي ~ - شذى .. لقد وردنا الساعة خبر بأن ( فلانة ) قريبة والدة أبيك .. أدركتها المنية وهي في فراشها .. ومن الواجب أن نذهب للتعزية اليوم .. المسافة طويلة ، والمكان بعيد جداً عنّا، وعلينا أن نبكر في الذهاب اليوم عطلة كما تعلمين ياابنتي .. ونحن نعتمد عليك في الاهتمام بأختيك وإدارة شؤونكم ... حتى عودتنا مساءً إن شاء الله .. فهلا تفعلي ذلك من أجلنا ؟ ***** كان هذا أطول آخر حديث لأمي .. موجهة الخطاب لأختي الكبرى ذات الستة عشر ربيعاً .. وكلها ثقة بكفاءتها ***** ابتسمت شقيقتي مطمئنة والدتي.. - كل شيء سيكون بخير ياأمي فلا تقلقي - أدرك ذلك حبيبتي فأنت كالأم الرؤوم لأخواتك رغم تقاربكن في السن.. ولكن قلت ذلك فقط ليطمئن قلبي .. رعاكنّ الله ..! ***** ليطمئن قلبك أماه .. فلقد وصلت دعوتك إلى السماء وكنا في عين الله ورعايته ..! قرب الفجر .. ونحن بتنانقلب ليلتنا في القلق .. لتأخر والدينا في العودة وبعد أن هدأت العاصفة .. طرق الباب !! هرعنا لفتحه مسرعين .. فإذا برجل أمن يفاجئنا مرآه..! وجمنا ..! أصابنا الخرس ..! وجفت قلوبنا .. وتوقف الزمن بنا ..! لاأدري كيف أصف شعور الغائب عن وعي الحياة كنا نسمع ولانعي كأنا قد خرجنا من هيئة أجسادنا بم أخبرنـــــا الطّــارق ؟ ؟ - حدثت سلسلة اصطدامات .. بسبب ضبابية الرؤية في الطريق السريع ليلاً وبسبب ( نسّاف ) سريعٍ أفلت مقوده عن السيطرة .. حدثت تصادمات عدّة .. تبعتها سلسلة من حوادث انقلابٍ مفزعة.. وكان الموت بالمرصاد للبعض .. وأصيب البعض الآخر .. استدللنا على عنوانكم من الأوراق الثبوتية عظم الله أجركم .. ولا حول ولاقوة إلابالله ..! ***** كالصاعقة تصيب ماتمر به باحتراق .. احترق شيء فينا إلى الأبد ... تاركاً الرماد .! بعد عبــــــــور الصدمة ~ وتمر الأيام بنا بطيئة حزينة باردة موجعة .. .. وتترك كبيرتنا شذى دراستها لتتفرغ لنا .. تغدق علينا من نبع حنانها وحبها ورعايتها بلا حساب لتعوضنا ونفسها .. بعضاً من فراغ الفقد .. وكنا نبادلها الحب بمثله ، ونحرص على تزويدها برسائل السعادة بتفوقنا واجتهادنا في التحصيل .. ومساعدتها ماأمكن .. رغم رفضها.. ! كانت تردد دائماً : سعادة قلبي في نجاحكن .. تفرغن للدرس .. ولاتقصرن في تحقيق آمالي بكن .! القلب الكبيــــــــر ~ وتعود غاليتنا لممارسة هوايتها في الخياطة ولكن ..كمهنة . لكي تؤمن لنا كل مانحتاجه .. إلى جانب راتب والدنا الراحل التقاعدي .. كنت أرى تضحياتها وأحترق داخلياً .. فقد كنت أقاربها سنّاً .. وأشعر بما تعانيه وإن أخفته خلف ابتسامة كبيرة .. وتركت قلبها الموجوع يبكيها بصمت في عزلة انفرادها أحياناً كانت تفلت منها دمعة خائنة .. سرعان ماكانت تلقي باللوم على الحساسية التي أثارتها لم ترض أن نغيب يوماً عن دراستنا .. لم تأل جهداً في توفير مانحتاجه ... ولم يطرق بابها نصيب .. إلامرة واحدة .. ردته وأغلقت هذا الباب إلى الأبد .. وقطعت خيط الأمل برضاها . ..! ***** كانت تعيش لنا نحن أختيها ... تستمد السعادة من نجاحنا ... وتراه استمراراً لها ، وتحقيقاً لأمنياتها .. ولم ندخر وسعاً في بذل أقصى الجهد .. وفي مبادلة التضحيات بالحب والعرفان والتقدير .. أصبحت هي ساكنة قلوبنا .. تنبض بنبضها وكنا لها كذلك .. ! وأنهيت دراسة الطب بعد إصرارشقيقتي بالتمسك بتحقيق حلمي الذي جعلته جزءاً من حلمها . ونلــــــت الشـــــــهادة ~ - شذانا ..! ( هكذا كنا نناديها ) هذه شهادة تخرجي .. أهديها لك معقودة بشريط قلبي ياحبيبتي لولاك ماكنت أنا .. كما الآن أحمل شهادة تفوقي .. وأرى المستقبل أمامي مبتسماً يفتح لي ذراعيه ..! قسماً لاأدري أأفرح لي .. أم أحزن على مافاتك من أمنيات ؟ والله وددت لو أفيك بعض الحق .. ولكن كيف السبيل؟! تضحياتك تغمرني حد العجز والحيرة.. فقولي بالله كيف أرد لك بعض عطاء قلبك الكبير .. ؟؟ ***** أغرورقت عينا شقيقتي بالدموع .. ولمحت من خلالهما عتب يمتزج مع الفرحة والتأثر .. ورمقتني وأختنا بنظرة عطوفٍ تبعتهابابتسامة .. وقالت بامتنان وحب مشفوعين بقبلة : لقد أعطيتني الآن كل ماأتمنى .. وأكثر وقامت لبعض شأنها ....! ***** ياقيثارة ليلنا الحزين ... كم تجيدين العزف على أوتار القلب ..! ~ عندما أرخى الليل سدوله وانتهت مشاغل النهار .. أحاطتنا أختنا بذراعيها وبحنو وإشفاق .. أفضت ماكان يعتلج في فؤادها منذ شهور وما حرصت على إخفائه عنّا .. وكان وقع ذلك الخبر كطعنة في صميم القلب ..! ***** لاأقوى على إعادة ذلك الحديث النازف بكل تفاصيله.. رغم أن كل حرف فيه قد حفر في قلبي أثراً لن يمحى .. وفي ذهني ذكرى لاتنسى .. فلأعبر التفاصيل بكم .. إلى النتيجة التي زلزلتنا ... عرفت من ( شذانا ) أنها عانت من قبل شهور من أعراض كانت تنتابها بشدة .. صداعٌ شديد .. سخونة مفاجئة .. الآم شتى تروح وتجيء فقدان شهية .. ونحول ..! وكانت تظن ونحن أيضاً أنها نزلات برد .. أو ماأشبه ولكن الفحوصات كشفت بعد لأيٍ أنها مصابة بالمرض القاتل .. وأنه تفشى في جميع جسدها .. وباتت أيامها تعد بالشهور وأنها عاشت هذه الفترة على وصفات لتهدئة الألم ... وتحملت وأخفت حتى اطمأنت لمستقبلي ... وهنا أفلت الزمام .. وأفشت مكنونها خشية فوات الأوان .. لنكون على استعداد..! وصيّـــــــة ثميـــــنة ~ قالت في حديث مرير حزين ... لاتحزنا حبيبتاي ... أنا لاأشعر الآن بأي ألم ... وغاية ماأطلبه منكما أن تتعهدا برعاية بعضكما وأن لاتتركا للزمن الغادر ثغرة ليفرق بينكما مادمتما على قيد الحياة .. سأسلمك أنت الآن القياد .. لتصلي بأختك إلى بر الأمان لاتخافا .. إن توقف قلبي عن النبض .. فأنتما استمراراً لنبضه ... لاتنسيا دروس الحب والعطاء والبذل التي تعلمتماها وانقلاها لأبنائكما ... ***** سبحان الله ..!! بعد ليلتين من هذا الحديث المرير وقد أوشكت أن تهدأ نفوسنا وتخدعنا بأن لاشيء من هذا سيحدث وساهم في خداعنا نشاط وتحسن طرآ عليها إذا بصوتها في جوف الليل ينادينا أن : هلمّا إليّ أفقنا مفزوعتين وأسرعنا لاحتضانها .. أحسسنا بظل الموت يخيم فوق المكان .. وأحست ! وقبل أن ندرك أو نعي .. أو ننطق بغير الدموع .. أسلمت الروح والشهادة على لسانها وتوقف القلب الكبير عن النبض .. عـــــــودة إلى الحاضــــر ~ أفقت على لحظتي .. وعلى واقعي.. وعدت من رحلة كانت قد انتهت بها حياة شذى منذ خمسٍ من السنوات.. أنا الآن طبيبة أمارس مهنتي بإنسانية ونجاح .. شددت أزر شقيقتي حتى انهت تحصيلها العلمي .. سكنّا بيتين متلاصقين .. تزوجنا أخوين .. سبقتني هي وتبعتها بعد شهور .. رزقها الله بولد ورزقني ببنت جميلة .. ***** هي ذي لازالت تفترش حضني تلك الحبيبة طفلتي غارقة في سباتٍ بعد أن أرضعتها ... فرّت دمعة وفاء وذكرى من عيني ولامست جبين رضيعتي فتحت عينيها .. ! نظرت لي وابتسمت ...! رأيت شذى في نظرتها .. مجسدة ... ترمقني بهناءٍ وحب ..! هتـــــــفت بشـــــــــــــوق : واقلبي .. شذى .. أحبك ولن أنساك ! زادت الابتسامة اتّساعاً على المحيا الصغير .. وردت علي بـ ( آآآ آ) اختصار كلمة حب من حنجرة لم تدرك الكلام .. لكنها فهمت - ابنة الشهور - أني أناديها .. أليس اسمها شذى أيضاً ؟! بلى إنها شذى الأخرى.. قلب وليد ألمس في نبضه أختي الراحلة وأشعرها في قلبينا - أنا وشقيقتي - حية لاتموت ... مادام في عروقهما .. نبضٌ.! وكم من قلوب لاتموت .. وإن فارقت الحياة .. وأخرى .. تفارقنا .. وإن لم تغادر الحياة .. ونظل نذكر فيها الخير والعطاء .. والحب والتسامح .. والرحمة والغفران ... بغير حدود ..! قلوباً لو فرشت على أديم الأرض .. لكستها سندساً ، وألبستها ربيعاً رعى الله كل القلوب الخضراء التي تنبت في القلوب سنابل ذكرٍ لايموت ..!
قلوب كبيرة .. مازالت تعبر محيطات أشواقنا ... ويفعمُ وجودنا ... طيبُها .. وإن توارى أصحابها...
فيض الحبيبة:
قصتكِ عزفت على الجراح
فعندما تتسرب التضحية من ثقوب الإنسانية
تصبح الحياة بــــــــــــ نكهة الأمل والسعادة،
ولا ترى سوى سمة العطاء بلا حدود..!
كما هو حال بطلة قصتكِ شذى
من أجل الحب ووثاق الأخوة
دفنت كينونتها والسعادة تغمرها
والمسؤولية تسامر خطواتها الوعرة
من أجل أن تضمن حياة رغدة ومستقر لشقيقاتها..
وكانت النهاية موجعة
فقد مرير لـــــ زهرتين في ريعان العمر
لم يزدهما فراق شقيقتهما إلا لُحمةً وإصراراً على اجتياز الصعاب معاً..!
حكاية شذى..
فصول من الحب الخالد
ونقش عِبر على أديم ملفنا الوضاء..
وامضاءة صبر ستبقى نبراساً لأرواحاً أرهقها اليأس..!
أجدتِ فيضي في سرد القصة
التي تضخ بأسمى معاني التضحية والإيثار،
ورغم أن سطور الرحيل والموت كانت مؤلمة ليّ
إلا أنني وجدتُ بين طياتها عِبراً ودروساً قيّمةً..!
سلّم الله مدادكِ يافارسة البيان
وبانتظار تدفق محبرتكِ المميزة..!
ورحم الله شذى وأسكنها فسيح جناته..
فالموت حق
وكل من عليها فان
ولا يبقى إلا وجه ربنا ذو الجلال والإكرام..!
وزاد الله شقيقاتها رفعة وسعادة..!
حروف ساطعة أنارت صفحاتنا البيضاء
وغرست في أفق أرواحنا.. بذور حكمة..!
وفقكِ الله!!