تغريد حائل

تغريد حائل @tghryd_hayl

عضوة شرف في عالم حواء

بَصَماتُ قُلوبٍ على جِدارِ الزّمَنْ ~ ملف القصص الواقعية

الأسرة والمجتمع





كتاب الحياة أوراقه فصول العمر..
يمر على بعضها الزمن بطيئاً شاحباً ينتظر أمنية ربما لن تأتي
فيمتص رونقه عقم الانتظار..
ومنها وريقات من ربيع لم يكتمل فيه تفتح نوّارة القلب..
موسمه قصير كعمر زهورٍ سرعان ماذوت..
كظلّ قصيدة فرح ماتت على الشفاه قبل أن تتهجاها
ومنها ما اكتحل بحروف نهاية سعيدة
بعد صبر الانتظار..!
حياتنا ماضيها أرشفة ذكريات
وحاضرها مراوغة أمنيات
وآتيها المجهول الذي يلد الغد..!
حياتنا كتعاقب الليل والنهار
يختلط آخر الظلام .. بأول الضياء..
ثم ينفصلان..
هكذا نحن في فصول العمر
بياضاً وعتمة.. ومزيجاً من الإثنين..
جزراً ومداً يتعاقبان
ونحن نتقلب بينهما..
وهنا في هذا الملاذ
وضعنا متكئاً من نمارق أملٍ مصفوفة
تستريح عنده القلوب وتبوح..
فصولاً من واقع حياتها
كما شهدتها وعاشتها
وكما جرت وتجري مقاديرها عليها..!
هنا مكان كل القلوب :
المرهقة..
الصابرة..
الآملة..
الحائرة..
والتي رست على ضفة الأمان..
تقرؤنا سطورها
ونقرؤها سطورنا..
نكون فيها لبعضنا بلسماً وشفاءً
ودروساً وعبراً.. نقتبس منها لنا..!
هنا نتساقى كؤوس أفراحنا وأتراحنا
ونلهم الآخرين من خلال حكايات قلوبنا..
وهل الحياة إلا قصص قلوب ؟!
غاليتي ورفيقة الدرب :
أتيتكِ وأنا أحمل زهرة مودة..
تهمس دعوة.. وتنثر عطر نداء
لتفتحي قلبكِ هنا في أحضان الاجتماعية الدافئ
وتدوني مواسم ذاتكِ..
وتنثري أبجديات حياتكِ في رحابها
وتلقي عن كاهلكِ ماينوء به من الهموم
وما يخامر أيامكِ من فصول المشاعر
وما يطرق أعوامكِ من تلون الأحداث..
فأقبلي بلون مدادكِ علينا هنا..
فأبوابنا مشرعة لكِ
وأرواحنا تصغي لصوت قوافيكِ
وتلملم تنهدات حروفكِ المتساقطة
وتشارككِ لحظات الفرح والأسى
هنا ملاذكِ الحنون..
يعبر إليكِ بطيف حب
ويحتويكِ بالقرب الودود..!


كلمة عرفان لإدارة عالم حواء ~
نبارك الأيادي البيضاء
التي بسطت لنا رقعة هذا المتسع الجديد
ليكون متنفساً لأرواحنا..
ونافذة نطل منها على قصصاً إنسانية واقعية
تسطرها القلوب التي سكنت هنا..!
فلقد منحتنا بارقة أمل بافتتاح قسم جديد بين أروقة الحياة الاجتماعية
يضم القصص الواقعية والإنسانية
وسيكون سخاء المشاركات، وغيث التفاعل، ونجاح الفكرة
هم المقياس والفيصل لقرار إدارتنا الموقرة بافتتاح القسم الجديد..!
فجودي يامعطاءة..
وازرعي خمائل هذا الملف بالقصص الواقعية ذات المغزى والعبرة؛

ليكون الأمل قريباً.. حقيقةً ساطعةً بين أقسام منتدانا الشامخ..
واحرصي أن لا تكون القصص المطروحة منقولة،
أو تعانق عباب الخيال ونسجه الروائي.!


مشرفات قسم الحياة الاجتماعية



بَصَماتُ قُلوبٍ على جِدارِ الزّمَنْ ~ حصاد ملف القصص الواقعية ‏~ روابط







101
14K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تغريد حائل
تغريد حائل
تتوالى فصول الغياب..
والذكرى تعبر الروح كنسائم فجر تمزق أوشحة الليل..
أي وجع يقض مضجع الذاكرة؟!
وأي حزن يسكن تجاعيد غربتي؟!
وأي فراق مكتوب فوق صحيفة قدري؟!
الموت.. أجتث ابتسامتي
وأخذ نبض شرياني وأعز البشر
وأحتضرت أفراحي على مقصلة الغياب
في يومٍ.. كحلم استفاق..!
أمي ياجسداً تحت الثرى
وفي الروح سكن الاشتياق وتوارى خلفه الصدى..
هاهي روحي تنزف من دواة الأيام مشاعر ثكلى
عنوانها:
ومضت أعوام.. ومازالت جمرة الغياب ~
أحبتي:
كيف أفتح كينونتي الظامئة
في هذا الفراغ الكبير
وقد رحل الحضن الفسيح؟!
شحت ينابيع الري
وتضاءلت قلوب الحب
وكان السؤال..
كيف أستنير بشهقة غياب
وأنا تائهة بين مدارات السراب
والوقت كالسكين
يمزق أحلامي الهزيلة بلا شفقة؟
فكلما جلستُ في بقعة ضوء
حيث لفظت الفرحة آخر أنفاسها
لا يسعفني الكلام
ولا يمدني بغيمة
تروي جفاف وجودي
فتتساقط أفواج الدموع من أقاصي المحاجر،
وتلوذ روحي في محراب الدعاء..!
فـــــ حينما يمتلئ وعاء القلب بالذكريات الحزينة ..
ويفيض وسعه .. عن الاحتمال
يندفع كشلال فوق صدر الحجارة الجرداء
ليروي ذاكرة الألم القاسية ..
ويعري أرصفة الماضي المختبئة خلف الأسرار
يوقظنا من غفوة الحاضر .. إلى صحوة الماضي ..
بفنجان به طعم الحنين ومزاج الفاقدين ..
يحرك أشواقاً لاتنكفي.. وقبس تذكار لاينطفيء
وهكذا.. أخذتْ أشواقي المسافرة للماضي
قلبي في حميّا حزنها ورحلت بي
إلى حيث أغدقت عليّ الحياة .. ثم سلبتني ..
تركتني والوجع يتكدس في داخلي ..
لتموت بعدها .. بعد رحيلها
أشيائي ... بالتدريج .
هي أمي
أغلى من امتلك ناصية القلب ..
كانت تسير كسائر الأمهات .. على رمضاء الشقاء
قرباناً لسعادة الأبناء..
تبكي بحرقة الملتاع
حينما تتنازع الهموم صدور فضائهم السندسي
تستيقظ في جوف الليل الحالك
طارقة أبواب من لاتنام عيناه ..
تبثه نجوى قلبها
كصيب نور مارق في أفق السماء..!
وتأبطت المحن أنفاس الأيام
وبين جدران العناية المركزة
يرقد جسد أمي الطاهر
أثر جلطة دماغية..
آه.. في تلك اللحظات المريرة خارت قواي
وشعرتُ بأن الكون أصبح كثقب الإبرة،
وأن روحي تاهت دروب الاحتواء..!
غيبوبة.. أجهزة صماء
وعقارب الساعة في حداد
وصوت الأذان يوقظ هدير الابتهال
ويغرس فسائل الإيمان في روحي الوجلة..
منابرها.. تعلو بنبرة " لا إله إلا الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله"
وبين مدّ الذهول وجزّر الحزن
أخذت أمواج الخوف تتقاذفني ،
وتغرز في قلبي أشواك الفقد البكّر..
وأفقتُ على تسابيح واستغفار
من روح أختي الراضية بالقضاء والقدر
ولسانها لايفتر من ذكر الله..!
وخلال ساعات قلائل
قرورا إخوتي نقل أمي للعلاج في مدينة الرياض
حيث يسكن أخي من أمي هناك..
وتم نقلها على متن طائرة إخلاء طبي
فحالتها خطيرة
وحالتي يُرثى لها
كـــ يتيم فقد حضن أمه..!
عدتُ لمنزلي
وخطاي ثقيلة..
ولأول مرة شعرتُ بالوحدة تدثرني
وتسكن زوايا المكان
وكل شبر يبكي معيَّ فقد شمعتهُ..
فلقد كانت حبيبتي تسكن معيَّ
ولم أفارقها قط
وبدأ هاجس الفقد يلوكني،
واللحظات تمر عليّ بطيئة بدونها..
أخذتُ أعدُ حقيبتي للّحاق بها
وحولي صغيرتي تُحيك من السؤال أسئلة،
وملامحها يكسوها الترقب لقدوم جدتها الحنونة
وهي محملة بالألعاب وقطع الحلوى كعادتها..!
لملمتُ شتات روحي
وأستعذتُ بالله من الشيطان الرجيم،
وسافرتُ بقلبٍ مؤمن يملؤه التوكل على الله،
ودعواتي لاتفتر بالشفاء العاجل لنور عيني..!
وبينما كان الأمل يبعث رسائله المنبثقة من ثقتي بخالقي
كان الطيب في الوقت نفسه ينفي تحسن صحتها
وأنه لا يعلم متى تفيق من غيبوبتها.. فالأمر كله بيد الله.
وبعد ثلاثة أسابيع من الترقب والمعاناة.. كانت البشارة
وأفاقت والدتي من غيبوبتها، وزال الخطر..
فحمدنا الله وشكرناه
وعاد لنا الأمل بشفاءها،
ولكن.. أمي لم تعد تعرفنا
ولا تذكر شيئاً من تفاصيل حياتها،
وليس على لسانها سوى سؤال يتيم:
من أنتم؟ وأين ابنائي؟
لحظات قاسية أعتصرت قلوبنا..
سنين عجاف توارت خلف خاصرة النسيان
ذوت وريقاتها، وفقدت هوية الانتماء،
وبعثرت شظايا وجع سكنت أوردتنا..!
وكلما شعرت بالاشتياق لنّا تبكي
وتنادي.. أين ابنائي؟
وفاض حزننا لقلة حيلتنا
فنتسابق لتنشيط ذاكرتها
تارةً نذكرها بأسمائنا
وبــــــ هويتنا التي باتت مجهولة لديها،
وتارة بسرد ذكرياتنا ولحظات أُنسنا معها..
ولكن..
استجابتها للعلاج كانت ضئيلة
ونفسيتها بتدهور بسبب شعورها المرير
بإننا تخلينا عنها ، ولم نعد نسأل عن صحتها..
وطال بعدي عن بيتي
فأضطررتُ للرجوع إلى مدينتي جسداً بلا روح
أستودعتُ الله والدتي
وعدتُ أحمل حقائب أحزاني،
وتفاقمت رقعة الاشتياق
ولكن ليس كل مايتمناهالمرء يدركه
فليس أمامي سوى الدعاء، والصدقة الجارية،
والاطمئنان عليها عبر أثير الهاتف..!
وفي ذات يوم
زفت ليّ أختي خبر تحسنها،
ومنحها إذن خروج من المستشفى..
فحمدتُ الله كثيراً
وتفاءلتُ بعودتها قريباً
فذاكرتها بدأت تعود لبرهة من الزمن ثم تنتكس.. وهكذا
وبدأت الغالية تسأل عنيّ بالاسم
وتطلب أن تسمع صوت صغيرتي
وما أن أغرق ببشائر الفرح والسعادة
حتى تفأجاني بسؤالها: من أنتِ؟
فلا يسعني إلا أن ألوذ بالصمت،
ودموعي تتقمص الثبات..!
ومرت الأيام وقرر الطبيب مراجعتها للمستشفى كل شهر
فأصبحت فرصة عودتها إليّ كبيرة.. هكذا يقول ليّ قلبي
فطلبتُ من أخي أن أقوم بعنايتها وخدمتها في مرضها،
وأن أتعهد باحضارها لموعدها المحدد قبل ثلاثة أيام،
ولكنه رفض فكرة رجوعها نهائياً
بحجة أنه الأحق بخدمتها في هذه الظروف..!
ضاقت بيّ الدنيا بما رحبت
وأصبحت دمعتي لا تجف
وابنتي لاتكف عن السؤال متى تعود جدتها..
حاولتُ أن أعتاد بعدها
وأزرع في نفسي افتراضات
وأقول: لو فرقنا المكان
فلن استسلم..
فوسائل النقل موجودة
تُقرب البعيد، وتُلغي المسافات
وكل ما أشتقتُ لها سافرتُ لرؤيتها..
ولكنها للأسف بقيت أحاديث نفسٍ تسكن الضلوع..
فالظروف حالت من تحقيق هاجس فكري،
وكلما أشتقتُ لها توجهتُ لغرفتها
وشممتُ رائحتها، واسترجعتُ شريط ذكريات الأمس القريب..!
وبدأ الشيطان يدس سمومه في عقلي
يقول: تخيلي لو أمكِ ماتت ماذا ستفعلين؟
فلا أستطيع أن أتحمل الفكرة وأجهش بالبكاء،
وما ألبثُ إلا أن أستعيذ بالله من الشيطان،
وأتوجه لسجادتي وأبثُ خالقي شكواي..!
بدأت صحة أمي في تحسن
وبالتدريج بدأت ذاكرتها تتنشط..
فطالبت أخواتي أخي بأن تمكث أمي كل مدة عند إحدنا؛
لنقوم بخدمتها
فلن تكون الخادمة أحنُ عليها منّا
فوافق على طلبنا
وطرتُ من الفرح
وكأن يوم عودتها.. يوم العيد
حتى لو لم يكن قريباً
يكفيني أملاً بتنويرها قلبي قبل زوايا بيتي..
وبعد مضي شهرين عادت أمي كما أتفقنا
وأستبشر أحبتها بعودتها
وأكتظ بيتي بالزوار للإطمئنان على صحتها،
وأنا وصغيرتي عادت لنّا ابتسامتنا
وشعرنا بفيض الحنان الذي أفتقدناه منذُ شهور..!
ودارت الأيام
ومرت سنة
وبينما أمي في زيارة أختي الكبرى
أنتكست صحتها، وتم نقلها للمستشفى،
ولم يخبروني
فكلما أتصلتُ لــــــ محادثتها أجد الحجج من أختي
وبينما كنتُ في قمة قلقي.. طُرق الباب
وكان وجه زوجي مخطوفاً
كأنه يترقب حضور شخص ما
وكان يسابقني لاستقبال الطارق
وفي لحظة احتضار..
ذبلت زهرة الأمل
وأنزوت بين خلايا الشفق،
ورماد الغياب..!
ماتت أمي
وداهمت قلبي شظايا الانكسار
تمور بين فجوات الروح الظامئة،
وبين زفرات الوداع..!
ماتت أمي
ورذاذ الذكريات عالقاً في طيات المكان
سجادتها..ماء زمام
ومشطها المكتنز بوقار الشيب وشذى الحناء،
وبقايا دهن العود يُثير عنفوان الفراق..!
أمّي ..!
ربيعي بعدكِ ترك أرضي للخريف ..
يافيئ الذي كنتُ ألوذ بظلاله ..
فيردّ عنّي الهجير ..
بمن الآن ألوذ ...؟
فراقكِ ترك بي غصة دائمة ..
تسكن بين قلبي والضلوع ..
يوماً ما ..
أضعتُ دربي وعضني الألم بناجذه
فهمتُ على وجهي في حلمي أبحث عنكِ..
لتؤويني..
وتردي عني غائلة أيامي ..
طرقتُ كل الدروب ..
فلم أجد الباب التي تعودت طرقها ..
أدركُ أنكِ رحلتِ دون عودة ..
وغيبكِ الموت ..
ولكن ياحبيبتي ..
مهما امتدت الأيام...
فلا الزمان .. ولا المكان ..
يتغيران عليكِ ..
في قلبي الذي أحبكِ..!
لأنكِ حيّة فيه..!
هذه فصول كتابي معكِ أمي ..!
كان رحيلكِ فيها ... هو الفصل الأخير
وأغلق الكتاب ..!

" إلهي أغفر لأمي وأكرم نزلها، ووسّع مدخلها،
وأغسلها بالماء والثلج والبرد،
ونقِّها من الخطايا كما ينقِّى الثوب الأبيض من الدنس
وجميع موتى المسلمين والمسلمات "
تغريد حائل
تغريد حائل
في جلسة بين صديقتين..
تشعب الحديث وأخذ منحى آخر...

وذلك بكشف جوانب من حياة كل واحدة منّا لم تعرف عنها الأخرى شيئاً
بغية إلقاء الضوء على الدروس التي خرجنّا بها من تلكم الأحداث
كان دور صديقتي ( ضحى ) لتقص عليّ حكايتها..
قالت : كنتُ واحدة من بين خمس بنات ، أعيش في أسرة متواضعة ..
أحلم بفارس نبيل يتقدم لي ، وبيت جميل يضمني ..
حلمي كان كحلم كل الفتيات في مثل سني ..
مرّت الأيام وتقدّم لخطبتي شاب ناضج يكبرني بعشر سنوات
يشغل منصب موظف .. متوسط الحال .. لايملك بيتا خاصاً به
ولكن يملك طموحاً وأحلاماً ..
أعجبني أسلوبه ووسامته وشخصيته الهادئة .. فرضيته ..
وضمّنا بيتٍ مؤجر عشنا فيه حياة هادئه قنوعة ..
وعاملني زوجي بحب ورعاية ..وأحببته بمنتهى الشغف
وتفانيت من أجل راحته ..
كيف لا ..وهو رب أسرة بحق.. يدرك واجباته،
وتعلم من خلال نشأته بين والدين كريمين كيف يقدس الحياة الزوجية
لذا أختصنا نحن أسرته
بالجانب الأكبر من حياته..
أما أصحابه فقد خصص لهم وقتاً يسيراً
لايتجاوزه على حساب بيته ..
أصبح هو محور حياتي .. يمثل لي كل شيء أتمناه ..
وتوّج حبنا بطفلين جميلين بنت وولد .. فزادت سعادتنا .
كان هنالك حلمٌ يراودني في بيتٍ جميلٍ نملكه أجمع به أطراف سعادتي ..
كثيراً مابحتُ به لزوجي ونحن جالسين نتبادل الأحاديث والأمنيات
وصفت له البيت الذي .. كل شبر فيه حتى حفظه وأضاف عليه تفاصيل أخرى
لونه .. غُرفه .. تصميمه ..الحديقة الصغيرة الخلفية ..حتى أننا فرشناه بالأثاث..
وفي نهاية حديثنا عن حلمي .. لانلبث أن نصحو على الواقع
فنضحك .. ونحمد الله على ماأعطانا ..
وكان ينهي كلامه دائماً بــــــ : إن شاء الله ..!
مرت ست سنوات على عمر زواجي ..
والتحق طفليّ بالروضة ..
وحصل زوجي على ترقية .. فزادت مساحة سعادتنا،
ولكن بعد الترقية بدأ زوجي يخرج كل يوم بعد الظهر ..
سألته عما يجري فقال إنه حصل على عملٍ إضافي،
وأننا بحاجة لتحسين مستوانا
والتفكير في مستقبل الأطفال ... وتقبلتُ على مضض..
لكنني كنتُ أراه يعود ظهراً فيتناول غداءه معنا يبتسم ويلقي بكلمتين
ثم يذهب لينام قليلاً .. ويخرج لعمله ولا يعود إلا في ساعة متأخرة تعباً
ليستسلم لنوم عميق ..
أختفت جلساتنا الجميلة، واشتاقه الأطفال .. وتقتُ لحديثه وروحه المرحة
ثلاث أعوام مرت .. وأنا أتقلب على جمر الشك ..
ورجحتُ كثرة غيابه لخيانة .. أو ربما لزواج ..لاأدري ..
كاد نبع عواطفي كاد أن ينضب .. وافتقدتُ زوجي
بكينونته .. بعاطفته .. بحنانه ..
وكنتُ كلما فتحتُ حديثاً آملة أن يفضي إليّ بسره
أغلقه بكلمات قصار، أتبعها بابتسامة غامضة ..
وفي أحد الايام .. وأنا أحس بأني أصبحتُ امرأة فارغة تماماً من الداخل
دق جوالي رددتُ .. من ؟
وكان على الطرف الآخر صوت رجل يقول : العفو أخطأتُ الرقم ..
ولكن لم يلبث قليلاً إلا وعاود الاتصال.. ثم اعتذر .. ثم عاود ..
تركته ولم أرد . طوال اليوم .. وهو يدق دون كلل ..!
لكنه لم ييأس .. ولبث أياماً على ذلك ..
حتى قلتُ لنفسي أخيراً:
لم لا أستمع إليه وأرى ماذا يريد .. وأفرغ من هذا الإزعاج ..؟
ووجدتني أستمع إليه ..إلى كلماته المعسولة .. التي تصاعدت
فيها حدة العاطفة يوماً بعد يوم .. ونمت حتى صارحني
بأنه أصبح متيماً بي ولا غنى له عن الحديث معيّ
وكان يضرب على وتر العواطف بحرارة ..
كنتُ أستمع إليه في البداية .. ولم أبادله الحديث ..
وأصبحت حياتي مضطربة .. وحديثه صار يشوقني ويشدني إليه
ثم لا ألبث أن أصحو على صوت ضميري يؤنبني..
فأتركه يتصل عدة أيام .. وأنا أنازع نفسي بين الرد وعدمه
وتتمثل نصب عيني صورة زوجي ، وأتذكر كيف كان يحبني ..
ويسمعني سائغ الكلام ثم أتحسر ولسان حالي يقول :
وأين هو زوجي الذي أحببته الآن ؟!
كيف أستعيد رفيق روحي الذي فقدته ؟
هذا الذي يعيش معي ليس هو غائب عني لايشعر بي وبما أعانيه .
وبمرور الايام توثقت الصلة هاتفياً بذلك الغريب ..
وبدأت كلماته تحرك مشاعري
وبدأتُ أستجيب لكلماته وأبادله الحديث
وأصبح الوقت يمضي ونحن نتحدث...
وأدمنتُ الحديث فأصبح لاغنى لي عنه
وجاء اليوم الذي لم يعد يكفيه تبادل الحديث
و بدأ يطلب مني أن نتقابل حتى يرى كل منّا الاخر
لكنني رفضتُ تلك الفكرة رفضاً تاماً
وما زال كل يوم يعيد أسطوانة اللقاء ..
وعندما كنتُ أرفض كان ينقطع عن الحديث عنيّ
فأفتقده بشدة ..ثم لايلبث أن يعود ... وهكذا ..
حتى أتى اليوم الذي تقبلتُ به فكرة اللقاء ..
وحدده من جانبه.. ولكني لم أقطع له وعداً ..
بل كنتُ مترددة .. أحس بالذنب والخطأ
لكني في صراع أتخبط بين دواعي الخير .. ووساوس الشر ..
فقدتُ راحة نفسي وضميري .. وأدركتُ قيمة مافقدته ..
وعظم مااكتسبته من الذنوب لأجل أن أرضي عواطفي ..
وقررتُ بحزم أن أقطع الخط على هذا الطريق المردي ..
كانت تلك صحوة أعادتني إلى جادة الصواب..
وفي صبيحة اليوم التالي أنبعث رنين الجوال ..
ونظرتُ فإذا هو المتصل ..
وكنتُ عازمة على الرد الحازم الذي أنهي به طريق المعصية..
وقبل أن أُجيب رن جرس البيت رنيناً متواصلاً .. أرتبكتُ
من هذا ياترى ..؟! أطفأتُ الجوال ..
وسمعتُ صوت زوجي من خلف الباب ينادي : أين أنتِ ياضحى ؟
أحسستُ بأطرافي ترتعد أطرافها ..وحملتُ نفسي بصعوبه إلى الباب
وأنا خائفة ومضطربة أتساءل : ماذا حدث ؟ ولم أتى زوجي الآن ..
أليس من المفروض أن يكون في عمله ؟
هل أنا ضحية لعبة مدبرة ؟! هل أنكشف أمري ؟!
جررتُ قدماً متثاقلة ، وانتابتني رعشة ..و فتحتُ الباب..
دخل زوجي قائلاً بلهجة مستعجلة :
ارتدي عباءتكِ بسرعة و تعالي معي..!
هتفتُ : إلى أين ؟ وبعد ساعتين سيحضر الأطفال من المدرسة ..و..
قاطعني : وأنا استأذنتُ من العمل أيضاً لن نأخذ وقتاً طويلاً .. هيا
كان وجهه يرتدي قناع الجدية .. ركبتُ معه سيارته المتواضعة ..
وموج الأفكار تارة يلقي بي إلى الشاطئ وتارة يغرقني ..
وزوجي ساكت طوال الطريق .. كأنه ليس معي
لاأدري كم من الزمن سرنا ولكن السيارة توقفت أخيراً في منطقة حديثة
لم أرها من قبل ...
- انزلي بسرعه ..!! قالها لي زوجي
فنزلت مستغربة أجر خطواتي جرّاً ...
سار بي عدة أمتار .. ثم أوقفني أمام بيت حديث البناء ...
جميل ..كما رسمته أحلامي ..!
نظرتُ إلى زوجي متساءلة عن نهاية اللغز .. فوجدته وقد افترت ملامحه
ثم مالبث أن أطلق ضحكة مجللة وأشار إلي قائلاً :
لقد كنتُ أغالب نفسي عن الضحك
وأنا أراكِ قلقة واجمة توشكين على البكاء مشوشة لاتدرين ما الحكاية
ونجحتُ في كتمان شعوري حتى وصلنا هاهنا عند مرسى أحلامنا وموضع استقرارنا ..
واستطرد ...
أعذري كثرة غيابي وانشغالي عنكِ وعن الصغار
طوال تلك الأعوام كنتُ أجاهد لأحقق أمنيتكِ..
أعمل بدوامين ..
وأشرف على البناء ..
بذلتُ قصارى جهدي ..
وهاهو بيت أحلامكِ.. بيتنا وبيت أولادنا مجسداً أمامكِ ..
هيا .. تقدمي وافتحيه ..!
ومد يده إلى جيبه وأخرج سلسلة جميلة يتدلي منها مفتاح سلمني إياها
وهو يدفعني برفق أمامه لأفتح باب بيت الأحلام ..
لم أدرِ بم أجيب ..
وتركت الحديث للدموع تغرقني ..
ويالها من دموع ..!
امتزج فيها الألم لظنوني السيئة
بالفرحة لهذه المفاجأة..
الندم على مطاوعة دواعي الشر والضعف في نفسي
بالعرفان لتضحيات زوجي وحبه..
الشعور بالذنب .. بطلب المغفرة
كرهتُ نفسي تلك اللحظة .. ووجدتني صغيرة تافهة..
مقارنة بنبل وكرم زوجي وحبه الكبير الذي ترجمه لي على أرض الواقع..!

نهاية ~
وتركتها- والكلام لي أنا صديقتها - تترجم امتنانها وحبها
و ماذا عساها تقول أمام روعة هذا الزوج وتضحياته..
وتتحدث عن شعورها باستصغار نفسها لأنانيتها
وندمها الشديد لاتباع نوازع نفسها ..
واستسلامها للغواية والكلمات المعسولة
التي كادت أن تقوّض استقرارها وتهدم حياتها
و تفضي بها إلى سوء العاقبة في الدنيا والأخرة
حمدتُ الله كثيراً لأنها أفاقت في الوقت المناسب ..
كانت ضحى لاتزال تثني وتعيد الحديث .. ولم تتوقف ..!
أما أنا فقد كنت أتأمل في جوهر القصة
وخلاصة الدرس..
وخاتمة الحكاية..

وأتساءل :
ترى ماالذي كان سيحدث لو أن زوج ضحى لم يأت في الزمن المناسب .. ؟!
ماذا لو طال عهد إهماله لمشاعر زوجته ؟!
ماذا لو أنه كان قد تغير فعلاً ولم يكن مكترثاً بها ؟!
ماذا لو أنه كان يضمر نية أخرى غير تحقيق أحلام زوجته ؟!
ماذا لو أنها لم تعد تحتمل ... واستمرت في الخطأ ؟!



لكل ماذا جواب ... اتركه للقارئ ..
أما صديقتي فقد تعلمت درساً لن تنساه ..
وظفرت بحبٍ لامثيل له .. يندر بين الرجال ..
وأفاقت قبل فوات الأوان مدركة قيمة النعمة التي كانت غافلة عنها .

ورديات 88
ورديات 88
الله يرحمها ويغفر لها ويجعل الفردوس الأعلى لها منزلا
دمعة غلآ
دمعة غلآ
إلهي أغفر لأمي وأكرم نزلها، ووسّع مدخلها،
وأغسلها بالماء والثلج والبرد،
ونقِّها من الخطايا كما ينقِّى الثوب الأبيض من الدنس
وجميع موتى المسلمين والمسلمات




اامين يارب الله يغفرلها ويرحمها ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة
ويجمعك بها في جنات النعيم
& أم أنوسي &
& أم أنوسي &
الله الله ماشاء الله يا تغريد
ان أردت ان أصف شعوري فحقا لا أستطيع
إلا إني عشت معك اللحظات و أبكي
عشت معك روحك الصغيرة النقية و حياتك في ربيع والدتك
و الألم الذي شعرتي به و قت مرضها و محاولتك احتوائها
و سمعت صوت الدموع و النحيب
و شعرت بألم الفقد معك و ودت لو كنت بجوارك
أخذك في حضني اطبطب عليك
اكفكف دموعك اسليك بكلمات و اشد من أزرك
كنت ابكي لبكائك ففقد الحبيبة ليس هينا بل هو مصيبة
و ما يجبرنا إلا ثقتنا بأن ما لدينا إلا وديعة و أستردها الله تعالى
و سيعطينا هي في الجنة و سيكون بها اللقاء الأبدي و
ستكون السعادة الحقيقية ★
لله درك حبيبتي فكم تحملتي من الم

و عذاب لفراق القلب فأسأله تعالى أن يصبرك
و يجبر قلبك و يجعل

الخير في اخواتك و ابنائك و تكونوا وحدة واحدة و بقرب بعضكم
رحم الله قلبا احببته و اسكنه فسيح جنانه و رضاك بمصابك
و عوضك بالجنة على صبرك و احتسابك ★


☆★☆★☆★☆★





كنت انصت لحديث الصديقتان
و عشت الأحداث مع ضحى و بدأت أضع يداي على قلبي
و أردد لا يا ضحى لا تكملي فصول قصتك لأنني عرفتها
أعرف أن فقد الحب و الفراغ لا يجتمعان إلا و قد يحصل شرا
فالفراغ لا يعقب إلا رغبة و رغبة جامحة في تعويض شيئا ما ينقصنا
و ها قد صدق ظني و بدأت تمليء ذلك الفراغ بشيئ تحتاجه
تتمناه هو الحب و الاهتمام
و لكن الحمدلله قد اتى زوجها في الوقت المناسب هنا تغيرت
خارطة تفكيري الحمدلله لم يسبقه الشيطان و لم تستجب لرنين الجوال
نعم حقق احلامها و لكنه كان سيكون سببا فيما آلت إليه
فتحقيق الأحلام لا يكون على حساب إنسان
بل نوازن نعطي هذا الاهتمام و ذاك الاهتمام نفسه
لا نهمل و نضيع من هم أهم فالحب و المشاعر أساس كل شيء
الحمدلله أن ثبتها فهو من أختار لها و كان معها و الحمدلله أن وفق
زوجها و سخره ليأتيها في الوقت المناسب


☆★☆★☆★☆★☆


يا لجمالك يا تغريد قد أخذتني معك لحديقتان
عشت معك في حديقة بيتك و زرع والدتك الذي أثمر
أروع مخلوق هنا معنا قد شاركنا ألما مختبئا بين ضلوعه
و قد ادمع عيناي و احزن قلبي على مصابه و احسست فعلا
بروحه المتألمة و رأيت دموعا سكبت و هي تخط القصة
أنا معك تغريد أمسح دموعك و أسمعك و أدعو لك و ابنائك
هم أبنائي و كلما اردتي الحديث تكلمي و سأسمعك بقلبي
أنا معك يا غاليه و سأمسك بكفاك بين كفاي و اردد
" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "
ثم أخذتني لحديقة أخرى كنت أستمع بها لقصة
صديقتان قد اخلصتا العهد و المحبة شعارهما الصدق و الوفاء
و لولا هذه المشاعر لما فتح القلب ليظهر ما به من هم
فما أعجبني بالقصة هي الحديث بصراحة و الثقة في الطرف الأخر
فالثقة أساس كل شيء بين الاصدقاء و الأزواج و في المعاملات
و دمتي بخير يا حبيبة